... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله

 

  في السياسة

   
إيقاف الزحف التركي عن طريق الأمم المتحدة

إيهاب النقيب

تاريخ النشر       03/11/2007 06:00 AM


إن عواقب الدخول أو الغزو التركي لِشِمال العِراق خطيرة جداً و تحمل أبعاد كارثية على الوضع الأمني و السياسي في العراق عُموما و في إقليم شمال "كردستان" العراق خُصوصاً.

قدْ تدَّعي القيادة التُركية بِأن تَجَحفُلَها نَحو الحدود العراقية هو مِنْ أجل القضاءْ على مقاتلي حزب العُمال الكُردُستاني و لكن في تصوري ما هذا إلا ذريعة للتدخُل في الوضع العراقي و بالأخص الوضع الكردي و إن الأعداد الهائلة للجيش التركي المرابط على الحدود إلا إشارة لهذا التصور.

أنا هنا لا أنفي دور حزب العمال الكردستاني السلبي في المُعادلة فهُم بِكُل تَأكيد يلعبون دوراً أساسياً في تأزيم الموقف التركي و إن تجاوزاتهم و مناوشاتهم العسكرية أدت إلى تصاعد الموقف التركي بِصورة كبيرة مما دعى الأتراك للبحث عَن حُلول تَدعم أمنهم القومي و أيضاً تدعم توجههم السياسي داخِلْ العِراق.

و مِما عَزز مِن مخاوف الجانب التُركي هو وصول أكثر مِنْ سَبعين بالمئة مِن الأسلحة المفقودة في العراق إلى الأراضي التركية و هذا كان متزامناً مع بعض التصريحات النارية من قبل بعض القيادات الكردية.

هذه العوامل بدون شك ثُعَدْ مصدر مشروع للقلق عند الجانب التُركي و لكِنَها قطعا ً غير كافية و لا مُبِرِرة لِغزو و إجتياح عَسكري لدولة مستقلة ذات سيادة.

إن دخول الأتراك لشمال العراق سيولد بؤرة جديدة للصراع داخل العراق فهُم بِكل تأكيد سََيعملون على دَعم بَعض الأطراف القومية التي تقطن شَمَال العِراق على حِساب أُخرى و ذلك بِالإستفادة مِن القَلق الأمني الذي سيُحدِثه الإجتياح و بالأخص إذا دخلت قوات البيشمركة على الخط عندها لن نستغرب ظهور قوى و مليشيات جديدة حول و داخل كركوك داعمة للموقف التركي من ملف كركوك.

إن عدم الموافقة الأميركية العلنية على قرار الإجتياح هو السبب الوحيد الذي أجَل إجتياح الجيش التُركي للأراضي العِراقية بَل الأكثر و الأمَّر مِن ذلك هو تصريحات الجانِب التُركي التي رَبَطت قرارها النِهائي بالإجتياح باللقاء المُرتقب بين أردوغان رئيس وُزراء تُركيا و الرَئيس الأميركي جورج بوش و لم تضع إعتباراً للموقف العراقي حكومةً و شعباً.

من المحزن إن موقف الحكومة العراقية لم يكن على قدر المسؤولية و لم يرتقي إلى مستوى التحدي الكبير الذي عَبَّر عنهُ الأتراك مِنْ مُقدِمات لِغزو الأراضي العراقية, حقيقة من الصعب إدراك الخُمول الدُبلوماسي للحكومة العراقية فهل يكفي إستقبال و إرسال وفود من و إلى تركيا و خاصةً إن الجانب التركي لم يظهر أي ليونة بموقفهٍ المتزمت لدخول الأراضي العراقية و بالأخص إن البرلمان التركي قد صوت فعلاً بِإعطاء صلاحيات للجيش بإجتياح الحدود, لابُد على الحكومة العراقية التحرك و بصورة مكثفه من أجل منع أي إعتداء عسكري على العراق و لابد من إستعمال كل الأسلحة الدبلوماسية و السياسية الممكنة.

صحيح قد يَكون أحد أسباب ضُعف حُكومة المَركز في هذا الشأن هو التضارُب بِالمواقف معَ حُكومة إقليم كُردستان العِراق و أيضاً عَدَم وضُوح المَوقف مِن قِبَل الإقليم مِن دعمهم لمقاتلين حزب العمال الكردستاني من عدمه و هذا بدا واضحاً من تضارب التصريحات الصادرة من قبل مسؤولي الأقليم.

و إن الأمر الأكثر غرابةً هو ظهور تصريحات تدعو الجانب التركي للتحاور مباشرةً مع حكومة الإقليم!!! لا ندري كيف ترضى الحكومة المركزية بهكذا توجه و تكتفي بالصمت من دون أي تنديد أو على الأقل محاولة تصحيح لهذا التجاوز على الدستور العراقي و القفز على كل الأعراف الدولية و لو لا رفض الجانب التركي لهكذا نقاشات لحصلت فعلا بين الجانبين مما يترك حكومة العراق في موقع المتفرج الذي لا يملك سوى المتابعة و إما يصفق أو يشجب!!

أنا هُنا لا أنفي المعاناة الكبيرة و الظلم الكبير و الحيف الذي يلاقيه الشعب الكردي في تركيا من قبل الأنظمة الحاكمة التي تعامل الأكراد و كأنهم مواطن درجة عاشرة و لكن يجب على السياسيين الأكراد في العراق عدم الإنجرار وراء العاطفة و المشاعر القومية و وضع ما حققه الشعب الكردي في العراق من إنجازات عظيمة هي الأولى على مدى التأريخ و ما هذه الإنجازات التي نفتخر بها جميعا إلا نتاجات الدم الكردي و التضحيات الكبيرة التي قدمها هذا الشعب أمام فرعون العصر و نظامه القمعي.

صحيح إن الحكومة العراقية المنتخبة تواجه تحديات كبيرة على أكثر من مستوى داخل العراق و ما ملف التدخل التركي إلا جُزء بسيط من المَلفات التي تُواجه الحكومة العراقية و لكن على الحكومة فرض حضورها فوق الإختِلافات مَع حكومة الإقليم و عَدَم الإكتراث لبعض السياسيين الذينَ إبتهلوا للغزو التركي و كان حنينهم واضحاً لأيام الحكم العثماني و إلى المناصب و المخصصات الضائعة.

لابد الآن على الحكومة العراقية الأخذ بزمام المبادرة و التحرك بصورة "مكوكية" من أجل حل هذا الملف الذي سيزيد من عبئ العراق سياسياً و أمنياً و إذا لم تُوصِل الحوارات مع الجانب التركي إلى حَل مُقنِع فلا بُد للحكومة من نقل الملف للمجتمع الدولي ليتخذ مسؤولياته تجاه العراق.

و بالإمكان الإستفادة من تجارب الأمم و الدول الأخرى التي مرت بضروف مشابهه و إن الحل الأممي في جنوب لبنان قد يكون الحل الأنسب للخروج بحل دبلماسي يحقن دماء الشعب الكردي و يجنيب المنطقة ويلات الحروب.

بإمكان الحكومة العراقية الطلب من الأمم المتحدة بإرسال قوات مشابه لليونيفيل في جنوب لبنان إلى حدود شمال العراق حيث الأزمة لتعمل على حفظ السلم و تمنع أي نشاط معادي ينطلق من العراق إلى تركيا و أيضاً تمنع أي تدخل تركي تجاه الأراضي العراقية و يمكن الإستفادة من هذه القوات بصورة مؤقتة إلى حين التوصل إلى حل نهائي حول هذا الملف.

خطوة من هذا القبيل ستظهر للجانب التركي و للعالم جدية الحكومة العراقية لإيقاف هكذا نشاطات داخل العراق معادية للدول المجاورة و الاهم هو تدويل الموقف و إحراج الجانب التركي أمام المجتمع الدولي فإذا قام الأتراك بتصعيد الموقف و إتجهوا نحو الحل العسكري فسيكون موقفهم السياسي ضعيفاً جداً و قد تكون العواقب وخيمة على تركيا.


رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  إيهاب النقيب


 
 

ابحث في الموقع

Search Help

بحث عن الكتاب


انضموا الى قائمتنا البريدية

الاسم:

البريد الالكتروني:

 


دليل الفنانيين التشكيليين

Powered by IraqiArt.com 


 

 

 
 
 

Copyright © 2007 IraqWriters.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
Ali Zayni