... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله

 

  قضايا

   
الإنجيل الخامس . . . ح 2

د . عبد الحسين زيني

تاريخ النشر       22/07/2007 06:00 AM


                                    الفصل الثاني مضمون الأناجيل الأربعة

يتلخص ما جاء في الأناجيل الأربعة بما يلي :

كانت مريم أم السيد المسيح قد خطبت ليوسف النجار . وقبل أن يتزوجها وجدها حاملا . فاراد أن يطلقها سرا . فتراءى له ملاك الرب في الحلم واخبره : أن ما تحمله مريم هو من الروح القدس . وستلد ابنا فسمه يسوع . وهو الذي يخلص شعبه من خطاياهم , تحقيقا لنبوءة اشعياء : (وها إن العذراء تحمل فتلد ابنا , يسمى عمانوئيل , أي الله معنا (1) . فلما قام يوسف من النوم فعل كما أمر ملاك الرب , فأتى بامرأته مريم إلى بيته ولم يعرفها إلى إن ولدت يسوع , ثم تزوجها وانجب منها(2)

* * *

قبيل ذلك , في زمن هيرودس ملك اليهودية , كان الكاهن زكريا قد تقدم في السن , ولم يكن له ولد , لأن زوجته اليصابات كانت عاقرا . وبينما كان زكريا يؤدي خدمته الكهنوتية , ويحرق البخور داخل هيكل الرب , ظهر له ملاك الرب , وبشره بأن زوجته ستلد ابنا ويسمه يوحنا , ويرد كثيرا من بني إسرائيل إلى الرب إلههم . ولما خرج زكريا من الهيكل متأخرا بقى صامتا لا يستطيع الكلام , فعرف الشعب انه رأى رؤيا داخل الهيكل , وظل اخرس , حتى أتم أيام خدمته ورجع إلى بيته .

حبلت اليصابات وكتمت أمرها 5 أشهر , وفي شهرها السادس أرسل الله الملاك جبرائيل إلى الناصرة , وبشر مريم قائلا : أنت ستحبلين وتلد ين ابنا وتسميه يسوع , ولن يكون لملكه نهاية . فقالت مريم للملاك : كيف يحدث هذا وأنا لست أعرف رجلا . فأجابها الملاك : الروح القدس يأتي عليك . وها هي نسيبتك اليصابات قد حبلت أيضا في سنها المتقدم . فليس لدي الله مستحيل . ذهبت مريم إلى بيت زكريا واقامت عندها نحو 3أشهر , ثم رجعت إلى بيتها . أما اليصابات فأتمت زمانها وولدت يوحنا فأنفتح فم زكريا في الحال . وكان الطفل يكبر ويتقوى بالروح القدس . واقام في البراري إلى يوم ظهوره لإسرائيل .

* * *

أصدر القيصر أغسطس مرسوما يقتضي بإحصاء سكان الإمبراطورية , فذهب الجميع ليسجل كل واحد حسب بلدته . فذهب يوسف مع خطيبته مريم وهي حبلى من الناصرة في منطقة الجليل إلى بيت لحم ,بمنطقة اليهودية ليتسجل هناك . وبينما كان في بيت لحم وضعت مريم ابنها البكر , ولفته بقماط , وانامته في مذود(3) إذ لم يكن لهما متسع في المنزل .

وكان في تلك المنطقة رعاة يبيتون في العراء لحراسة قطيعهم في الليل , فظهر لهم ملاك الرب وبشرهم بولادة المسيح . فجاءوا ورأوا الطفل نائما في المذود فأخبروا الناس بما سمعوا ورأوا.

* * *

وكانت ولادة يسوع في بيت لحم أيام الملك هيرودس فجاء مجوس إلى أورشليم من المشرق يسألون عن المولود ملك اليهود ليسجدوا له لأنهم رأوا نجمة في المشرق . فلما سمع هيرودس اضطرب واستدعى المجوس سرا و أراد أن يعرف منهم مكان الطفل .ولكنهم بعد أن قدموا ليسوع الهدايا اوحي إليهم ألا يرجعوا إلى هيرودس , فانصرفوا إلى بلادهم , فاستشاط غيظا , وارسل فقتل كل طفل في بيت لحم , من ابن سنتين فما دون ذلك .

* * *

ولما تمت 8 أيام حان للطفل أن يختن وسمي يسوع . ولما جاء يوم طهرهما ( اليوم الأربعين بعد ولادة الطفل , والطهور للمرأة , واما الولد فينذر للرب ثم يفدى بقربان ) بحسب شريعة موسى , صعدا به إلى أورشليم ليقرباه إلى الرب . وكان في أورشليم رجل بار تقي اسمه سمعان , كان قد اوحي إليه انه لا يرى الموت قبل أن يعاين مسيح الرب . ولما دخل بالطفل أبواه حمله على ذراعيه , وبارك الله . وكانت هناك نبية طاعنة في السن , لا تفارق الهيكل , متعبدة بالصوم والصلاة ليل نهار , فحضرت في تلك الساعة , وأخذت تحمد الله . ولما أتما كل ذلك , رجع به أبواه إلى الناصرة

* * *

تراءى ملاك الرب ليوسف في الحلم وقال له : قم فخذ الطفل وأمه واهرب إلى مصر فذهب واقام هناك إلى أن توفي هيرودس فتراءى له الملاك في الحلم مرة أخرى , وأمره أن يعود إلى أرض إسرائيل , فجاء إلى الناصرة وسكن فيها .

* * *

كان الطفل يترعرع , ويشتد ممتلئا حكمة , كان أبواه يذهبان كل سنة إلى أورشليم في عيد الفصح . فلما بلغ 12سنة , صعدوا إليها جريا على السنة في العيد . فلما انقضت أيام العيد ورجعا , بقي الصبي يسوع في أورشليم من غير أن يعلم أبواه , وكانا يظنان انه في القافلة . فسارا مسيرة يوم , ثم أخذا يبحثان عنه عند الأقارب والمعارف . فلما لم يجداه رجعا إلى أورشليم يبحثان عنه , فوجداه بعد 3أيام في الهيكل , جالسا بين العلماء , يستمع إليهم ويسألهم , وكان جميع سامعيه معجبين بذكائه وجواباته . فلما أبصراه دهشا , فقالت له أمه : يابني ! لم صنعت بنا ذلك ؟ فأنا وأبوك نبحث عنك متلهفين.فقال لهما : ولم بحثتما عني؟ ألم تعلما انه يجب علي أن أكون عند أبي !؟ فلم يفهما ما قال لهما . ثم نزل معهما وعاد الىالناصره , وكان طائعا لهما (4) .

* * *

كبر يوحنا بن زكريا ( الذي عرف بالمعمدان ) وصار يعيش في برية اليهودية , يلبس من وبر الإبل , عليه زنار من جلد , ويأكل الجراد والعسل البري , ويدعوا الناس إلى التوبة , قائلا : قد اقترب ملكوت السماوات . فكانت تخرج إليه أورشليم وجميع اليهودية وناحية الأردن كلها , فيعتمدون عن يده في نهر الأردن , معترفين بخطاياهم , وإذا كان الشعب منتظرين المسيح , فكانوا يسألون أنفسهم عن يوحنا : هل هو المسيح؟ كان يوحنا يجيب : يأتي بعدي من هو أقوى مني , من لست أهلا لأن أفك رباط حذائه . أنا عمدتكم بالماء . واما هو فيعمدكم بالروح القدس .

كان يوحنا يدعو إلى مساعدة الفقراء ورفع الظلم , ونصح جباة الضرائب ألا يجبوا الكثير مما فرض لهم . عندما بدأ يسوع ( خدمته ) كان في الثلاثين من العمر تقريبا . فقد جاء من الناصرة واعتمد عن يد يوحنا في الأردن , خرج بعدها إلى البرية وأقام فيها 40يوما مع الوحوش رجع بعدها إلى الجليل يعلن بشارة الله . بعد اعتقال هيرود س ليوحنا لأنه وبخه لزواجه من هيروديا زوجة أخيه ولما عمل من سيئات .

انتشر خبر يسوع في النواحي كلها , واتى الناصرة حيث نشأ ودخل المجمع يوم السبت على عادته , وأقام يقرأ في سفر أشعياء , ثم ألقي موعظة في الحضور فلم ترق لهم فثارت ثائرتهم ودفعوه إلى خارج المدينة ,و أرادوا إلقاءه من الجبل , ولكنه مر من بينهم ومضى .

سار يسوع على شاطئ بحر الجليل , فرأى سمعان وأخاه اندراوس يلقيان الشبكة في البحر لأنهما كانا صيادين , فقال لهما : اتبعاني , فتركا الشباك وتبعاه . وتقدم قليلا فرأى يعقوب بن زبدي وأخاه يوحنا , وهما يصلحان الشباك في السفينة , فدعاهما فتركا أباهما زبدي مع الأجراء وتبعاه . ودخلوا كفر ناحوم . وفي السبت دخل المجمع وأخذ يعلم , فدهشوا لتعليمه . وكان في المجمع رجل فيه روح نجس فأخرجه منه , فذاع ذكره في ناحية الجليل بأسرها .

ولما خرجوا من المجمع جاءوا إلى بيت سمعان واندراوس ومعهم يعقوب ويوحنا . وكانت حماة سمعان محمومة في الفراش , فأخذ يسوع بيدها أنهضها , ففارقتها الحمى , واخذت تخدمهم , وعند المساء اخذ الناس يحملون إليه جميع المرضى , فشفى الكثير منهم . وقام عند الفجر مبكرا فخرج وذهب إلى مكان قفر واخذ يصلي هناك . فأنطلق سمعان واصحابه يبحثون عنه فوجدوه , وقالوا له : جميع الناس يطلبونك . فقال لهم : لنذهب إلى مكان آخر إلى القرى المجاورة لأبشر فيها أيضا , فأني لهذا خرجت . وسار في الجليل كله يبشر مجامعهم ويطرد الشياطين .

* * *

وفي اليوم الثالث كان في قانا الجليل (شمال الناصرة ) عرس فيه أم يسوع فدعي يسوع وتلاميذه إلى العرس .ونفذت الخمر , فأعلمته امه بذلك . وكان هناك 6 أجران من حجر يتطهر اليهود بمائها . فقال يسوع للخدم : املأوا الأجران بالماء , فملأوها فصار خمرا . فقال لهم : اغرفوا الآن , فصاروا يغرفون خمرا ويسقون جميع الناس . هذه أولي آيات يسوع أتى بها في قانا الجليل , فآمن به تلاميذه . فأنحدر بعد ذلك إلى كفر ناحوم ومعه امه واخوته وتلاميذه فأقاموا فيها بضعة أيام .

* * *

وخرج ثانية إلي شاطئ بحيرة طبرية فـأتاه الجميع , فصعد أحد التلال المشرفة على البحيرة وشرع يعلمهم : طوبى لفقراء الروح فأن لهم ملكوت السماوات ......

لا تظنوا أنى جئت لأبطل الشريعة أوالأنبياء , بل لأكمل .....

سمعتم انه قيل للأولين : لا تقتل , فإن من يقتل يستوجب حكم القضاء , أما أنا فأقول لكم : من غضب على أخيه استوجب حكم القضاء .........

سمعتم انه قيل : لا تزن . أما أنا فأقول لكم : من نظر إلى امرأة بشهوة زنى بها في قلبه .......

من طلق امرأته , إلا في حالة الفحشاء , عرضها للزنى , ومن تزوج مطلقة فقد زنى .........

وسمعتم انه قيل : العين بالعين والسن بالسن . أما أنا فأقول لكم : لا تقاوموا الشرير , بل من لطمك على خدك الأيمن , فأعرض له الآخر .......

من سألك فأعطه , ومن استقرضك فلا تعرض عنه ......

إياكم أن تعملوا بركم بمرأى من الناس لكي ينظروا إليكم , فلا يكون لكم اجر عند أبيكم الذي في السماوات . فإذا تصدقت فلا ينفخ أمامك في البوق كما يفعل المراءون ... فإذا تصدقت فلا تعلم شمالك ما تفعل يمينك , لتكون صدقتك في الخفية , وأبوك الذي يرى في الخفية يجازيك .......

وإذا صليتم فلا تكونوا كالمرائين ... ليراهم الناس ... وإذا صليتم فلا تكرروا الكلام عبثا مثل الوثنيين فهم يظنون انهم إذا اكثروا الكلام يستجاب لهم . فلا تتشبهوا بهم , لأن أباكم يعلم ما تحتاجون إليه قبل أن تسألوه .......

وإذا صمتم فلا تعبسوا كالمرائين ... ليظهر للناس انهم صائمون (5) ......

هكذا كانت عظة يسوع الكبرى . ولما أتمها دهشت الجموع لتعليمه .

* * *

وبينما كانت الجموع تحتشد حوله ليسمعوا كلمة الله , على شاطئ البحيرة رأى قاربين راسيين على جانبها , وقد غادرهما الصيادون فركب أحد القاربين , وكان لسمعان , وطلب إليه أن يبتعد قليلا عن البر , وجلس يعلم الجموع من القارب . ثم قال لسمعان أن يعيدوا طرح شباكهم , رغم انهم جاهدوا طوال الليل فلم يفلحوا . ولما فعلوا صادوا سمكا كثيرا جدا حتى امتلأ القاربان . وبعد ما رجعوا بالقاربين إلى البر تركوا كل شيء وتبعوا يسوع

 

* * *

وإذ كان يسوع في أحد المدن , إذ إنسان يغطي البرص جسمه , فدنا منه وتوسل إليه أن يشفيه. فمد يسوع يده ولمسه , وفي الحال زال عنه المرض , فأمره أن يكتم الخبر , ولكنه أذاعه فصار الناس يجتمعون عليه . ودخل كفر ناحوم وشفى عبدا مقعدا لقائد مائة , كما شفى مرضى آخرين . كما جاءوا إليه بمشلول ودلوه من السطح لكثرة الزحام فشفاه .

* * *

وخرج بعد ذلك فرأى جابي ضرائب اسمه لاوي بن حلقي (متى العشار) في مكتب الجباية , فقال له أتبعني فتبعه وأقام له وليمة في بيته . فأنتقده اليهود والفريسيون على ذلك لأنه أكل وتلاميذه مع الجباة والخطائين , ورد على ذلك : ليس الأصحاء بمحتاجين إلي طبيب بل المرضى . ما جئت لأدعو الأبرار , بل الخطائين . كما انتقدوهم لعدم الصوم فأجابهم بأنهم سيصومون عندما يرفع من بينهم . وأنتقده الفريسيون لأن تلاميذه قلعوا السنبل يوم السبت . ورد عليهم بأن داود لما جاع دخل بيت الله واكل الخبز المقدس , بينما هولا يحل إلا للكهنة . وقال لهم : إن السبت جعل للأنسان وليس العكس . كما شفا مشلولا يوم السبت . كما شفى امرأة منزوفة وأحيا صبية اعتقدوا أنها ميتة , وأبرأ أعميين آمنا به , كما أتوه بأخرس ممسوس , فلما طرد الشيطان منه تكلم الأخرس . ومر بميت محمول , ابن وحيد لأمه الأرملة , فلمس النعش , وقال له : قم , فجلس الميت وبدأ يتكلم . و التقى بممسوسين تسكنهما الشياطين فأخرجهم منهما ودخلوا في الخنازير التي ألقت بنفسها إلى البحر فهلكت . فهرب الرعاة إلى المدينة واخبروا بما حدث , فخرجت المدينة كلها للقاء يسوع . ولما رأوه سألوه أن يغادر بلدهم . وتآمر عليه الفريسيون ليهلكونه .

* * *

ركب يسوع السفينة وعبر البحيرة وجاء إلى مدينته , وتبعه جمع كبير وقد سمعوا بما يصنع فجاءوا إليه . فأمر تلاميذه بأن يجعلوا له زورقا يلازمه مخافة أن يضايقه الجمع لأنه شفى كثيرا من الناس . وصعد إلى الجبل ليصلي , واستدعى تلاميذه , وأختار منهم رسولا وهم سمعان (بطرس ) واندراوس أخوه , ويعقوب ويوحنا وفيلبس وبرثلماوس ومتى وتوما ويعقوب بن حلقي وسمعان الغيور , ويهوذا أخو يعقوب ويهوذا الأسخريوطي الذي خانه فيما بعد . وعلم تلاميذه أن يتفرغوا للحياة الرسولية , واوصاهم قائلا : لا تسلكوا طريقا الىا لوثنيين , ولا تدخلوا مدينة السامريين , بل اذهبوا إلى الخراف الضالة من آل إسرائيل ......

وجاء إلى البيت فعاد الجمع إلى الازدحام , حتى انهم لم يستطيعوا أن يتناولوا طعاما .

وبلغ الخبر ذويه فخرجوا ليمسكوه , لأنهم كانوا يقولون : إنه ضائع الرشد . وجاءت أمه وأخوته فوقفوا خارج الدار وأرسلوا إليه من يدعوه . وكان الجمع جالسا حوله . فقالوا له : إن أمك وأخوتك خارج الدار يطلبونك , فأجابهم : من أمي ومن أخوتي ؟ ثم أجال طرفه في الجالسين حوله وقال: هؤلاء هم أمي وأخوتي . لأن من يعمل بمشيئة الله هو أخي وأختي وأمي .

* * *

ولما أتى السبت أخذ يعلم في المجمع , فدهش كثير ممن سمعوه وقالوا : من أين له هذا ؟ وما هذه الحكمة التي أعطيها , حتى أن المعجزات تجري عن يديه ؟ أما هو ابن النجار ,ابن مريم , أخو يعقوب ويوسي ويهوذا وسمعان ؟ أو ليست أخوا ته عندنا هاهنا , وكان لهن حجر عثرة ؟

فقال لهم يسوع : لا يزدرى نبي إلا في وطنه وأقاربه وبنيه . ولم يستطع أن يجري هناك شيئا من المعجزات , سوى انه وضع يديه على بعض المرضى فشفاهم . وكان يتعجب من عدم إيمانهم . ثم سار في القرى المجاورة يعلم .

* * *

سمع يوحنا , وهو في السجن , بأعمال المسيح , فأرسل تلاميذه يسأله بلسانهم : أأنت الآتي أم آخر ننتظر ؟ فأجابهم يسوع : اذهبوا فأخبروا يوحنا بما تسمعون وترون : العميان يبصرون .... وطوبى لمن لا أكون له حجر عثرة ... طوبى لكل من لا يشك فيّ ....

فلما انصرفوا أخذ يسوع يقول للجموع : الحق أقول لكم : لم يظهر في أولاد النساء اكبر من يوحنا المعمدان .... فجميع الأنبياء قد تنبأوا وكذلك الشريعة حتى يوحنا . فأن شئتم أن تفهموا ,فهوايليا المنتظر رجوعه . من كان له أذنان فليسمع .

جاء يوحنا لا يأكل ولا يشرب , فقالوا : إن شيطانا يسكنه , وجاء ابن الإنسان يأكل ويشرب , فقالوا : هذا رجل أكول , شريب للخمر , صديق للعشارين والخاطئين . وسمع الملك هيرودس بأخباره , لأن أسمه اصبح مشهورا , قال : هذا يوحنا الذي قطعت أنا رأسه قد قام . وكان هيرود س قد قتل يوحنا وقدم رأسه في طبق إلى سالو مي أبنة زوجته التي رقصت في يوم ميلاده ووعدها بأن ينفذ لها ما تطلب . فطلبت رأس يوحنا بناءا على إيعاز من أمها هيروديا , التي كانت ناقمة على يوحنا بسبب معارضته زواجها من هيرودس لأنها كانت زوجة أخيه . وبلغ الخبر تلاميذ يوحنا فجاءوا وحملوا جثته ووضعوها في قبر

* * *

بعد ذلك أخذ يسوع يجول في كل مدينه وقرية , واعظا ومبشرا بملكوت الله . وكان يرافقه تلاميذه الأثنى عشر , وبعض النساء اللواتي كن قد شفين من أرواح شريرة وامراض , وهن : مريم المعروفة بالمجدليه التي طرد منها 7 شياطين , وغيرها كثيرات ممن كن يساعدنه بأموالهن , وجاءت امرأة خاطئة تحمل قارورة عطر , وقبلت قدميه بحرارة ودهنتهما بالعطر , فغفر لها خطاياها .

* * *

عندما أجتمع الرسل عند يسوع أخبروه بجميع ما عملوا وعلموا , فقال لهم : تعالوا إلي مكان قفر تعتزلون فيه لتستريحوا قليلا , لأن القادمين والذاهبين كانوا كثيرين حتى لم تكن هناك فرصة لتناول الطعام . فمضوا في السفينة إلى مكان قفر يعتزلون فيه , فرآهم الناس فأسرعوا سيرا على الأقدام من جميع المدن . فلما نزل إلى البر رأى جمعا كثيرا , فأشفق عليهم وأخذ يعلمهم أشياء كثيرة . ولما فات الوقت قال له تلاميذه أن يصرف الناس ليشتروا لهم طعاما . ولكنه قال لهم : انتم أطعموهم . وكان لديهم 5أرغفة وسمكتان . فصار يقطع الأرغفة والسمكتين ويطعم الناس حتى شبعوا جميعا وكان عددهم 5 آلاف رجل ,وبقى 12 قفة ممتلئة من الكسر وفضلات السمكتين (6) . واجبر تلاميذه أن يركبوا السفينة ويتقدموا إلى الشاطئ المقابل حتى يعرف الجميع . وبعد أن صلى , مشى على الماء ليصل إلى السفينة وهي في عرض البحر فدهشوا . وعندما نزلوا من السفينة طافوا بتلك الناحية فكان المرضى يلمسون طرف ردائه ويشفون .

* * *

و سأل يسوع تلاميذه : من تقول الجموع إني أنا ؟ فأجابوا يقول بعضهم : انك يوحنا المعمدان . وآخرون : انك إيليا . وآخرون : انك واحد من الأنبياء القدامى قد قام . فسألهم : وأنتم ؟ فأجاب بطرس : أنت مسيح الله . ولكنه حذرهم , موصيا ألا يخبروا أحدا بذلك . وقال لا بد أن يتألم ابن الأنسان كثيرا ويرفضه الشيوخ ورؤساء الكهنة والكنيسة ويقتل وفي الثالث يقام . ثم قال للجميع : إن أراد أحد أن يسير ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم ويتبعني .

وحدث بعد هذا الكلام ب8أيام تقريبا أن أخذ يسوع بطرس ويوحنا ويعقوب, وصعد الجبل ليصلي, وبينما هو يصلي تجلت هيئة وجهه وصارت ثيابه بيضاء لماعة .... ثم جاءت سحابة فخيمت عليهم . وانطلق صوت من السحابة يقول : هذا هو ابني الذي اخترته , له أسمعوا .

وقال لتلاميذه : من قبلني يقبل الذي أرسلني .

* * *

اجتمع لديه الفريسيون وبعض الكتبة الآتين من أورشليم , فرأوا بعض تلاميذه يتناولون الطعام بأيد نجسة , أي غير مغسولة (لأن الفريسيين واليهود عامة لا يأكلون إلا بعد أن يغسلوا أيديهم , تمسكا بسنة الشيوخ. وإذا رجعوا من السوق لا يأكلون إلا بعد أن يغتسلوا , وهناك أشياء أخرى كثيرة يتمسكون بها كغسل الكؤوس والجرار وآنية النحاس) فاعترضوا عليه , فأجابهم بأن تلك السنة إنما هي أحكام بشرية , وأنكم تحسنون نقض وصية الله لتقيموا سنتكم .

وتحدث يسوع عن الطاهر والنجس قائلا : إن ما يدخل الأنسان من الخارج لا ينجسه , لأنه لا يدخل إلى القلب , بل إلى الجوف , ثم يذهب إلى الخلاء . ومن قوله هذا جعل كل الأطعمة كلها طاهرة. وقال ما يخرج من الأنسان هو الذي ينجس الأنسان لأنه من باطن الناس , من قلوبهم تنبعث المقاصد السيئة والفحش والسرقة والقتل والزنى والطمع والخبث والغش والفجور والحسد والشتم والكبرياء والغباوة . جميع هذه المنكرات تخرج من باطن الأنسان فتنجسه .

* * *

ومضى من هناك إلى نواحي صور فشفى فتاة وثنية من أصل سوري فينيقي , ثم مر بصيدا قاصدا إلى بحر الجليل , فشفى أصم معقود اللسان فتكلم بلسان طليق . ثم ذهب إلى شاطئ بحر الجليل , صعد الجبل فأتت إليه جموع كثيرة , ومعهم عرج وعمي فشفاهم فمجدوا اله إسرائيل . كما أطعم الجموع الفقيرة خبزا وسمكا من 7 أرغفة وبعض سمكات صغار وبقيت 7 سلال ممتلئة . فكان الآكلون 4آلاف رجل ماعدا النساء والأولاد .

* * *

وبعد ذلك عين الرب أيضا 72 آخرين وأرسلهم أثنين أثنين ليسبقوه إلي مدينة أومكان كان على وشك الذهاب اليه , وقال لهم : أي بيت دخلتم فقولوا أولا : سلام لهذا البيت , وبعدئذ رجعوا فرحين , وقالوا يارب حتى الشياطين تخضع لنا باسمك . وبينما هم في الطريق , استقبلته امرأة أسمها مرتا في بيتها , وكان لها أخت أسمها مريم , جلست عند قدمي يسوع تسمع كلمته . أما مرتا فكانت منهمكة في شؤون الخدمه الكثيرة , وطلبت من يسوع أن يقول لأختها لتساعدها , فأجابها بأن الحاجة هي إلى واحد, وان أختها قد أختارت النصيب الصالح .

* * *

وكان يصلي في أحد الأماكن , فلما انتهى قال له أحد تلاميذه يارب علمنا أن نصلي كما علم يوحنا تلاميذه . فقال لهم : عندما تصلون . قولوا : أبانا الذي في السماوات , ليتقدس أسمك , ليأت ملكوتك . لتكن مشيئتك كما في السماء , كذلك على الأرض . خبزنا كفافنا اعطنا كل يوم . واغفر لنا خطايانا لأننا نحن أيضا نغفر لكل من يذنب إلينا . ولا تدخلنا في تجربة . لكن نجنا من الشرير .

* * *

ثم تحدث عن آية يونان لأهل نينوى , وانهم تابوا لدى وعظه لهم , وأما هذا الجيل فأنه جيل شرير لأنه لم يستمع إلى وعظ ابن الأنسان رغم انه اعظم من يونان . وفي تلك الأثناء احتشد عشرات الألوف من الشعب , حتى داس بعضهم بعضا . ثم اخذ يحذر تلاميذه من الرياء والطمع , وعدم الاهتمام بالأكل والحاجات اليومية . وعن سبب مجيئه قال يسوع : جئت لألقي على الأرض نارا , أتظنون إني جئت لأرسي السلام على الأرض ؟ أقول لكم : لا , بل بالأحرى الانقسام . لماذا لا تميزون ما هو حق من تلقاء أنفسكم .

* * *

ومضى من هناك فجاء بلاد اليهودية , فسأله بعض الفريسيين ليحرجوه : هل يحل للزوج أن يطلق امرأته ؟ فأجابهم : بماذا أوصاكم موسى ؟ قالوا: إن موسى رخص أن يكتب لها كتاب طلاق وتسرح , فقال لهم يسوع : من أجل قساوة قلوبكم كتب لكم هذه الوصية . فمنذ بدء الخليقة جعلها الله ذكرا وأنثى . لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلزم امرأته . ويصير الاثنان جسدا واحدا . فما جمعه الله لا يفرقه الأنسان . من طلق امرأته وتزوج غيرها فقد زنى عليها . وإن طلقت المرأة زوجها وتزوجت غيره فقد زنت .

ووصلوا إلى أريحا , وبينما هو خارج منها شفى أعمى كان جالسا يستجدي على الطريق فتبعه , وفي أريحا أقام في بيت رئيس لجباة الضرائب أسمه زكا , وقال له : اليوم تم الخلاص لهذا البيت .

* * *

وأقترب فصح اليهود , فأراد الذهاب إلى أورشليم فأرسل أثنين من تلاميذه إلى القرية المقابلة لجلب جحش ليركبه إلى هناك , ولما دخل أورشليم ضجت المدينة كلها وسألت : من هذا ؟ فأجابت الجموع هذا النبي يسوع من ناصرة الجليل , ثم دخل الهيكل وطرد جميع الذين يبيعون ويشترون في الهيكل . فقلب طاولات الصيارفة ومقاعد باعة الحمام , وأخذ يعلمهم فيقول : ألم يكتب : بيتي يدعى بيت صلاة لجميع الأمم , وانتم جعلتموه مغارة لصوص . وشفا عميان وعرج من الهيكل .

ولما رأى الأحبار والكتبه ما أتى به اغتاظوا متسائلين عمن منحه السلطة ليفعل ما فعل ( بأي سلطان دخل أورشليم وطرد الباعة وعلم في الهيكل ؟) وأرادوا هلاكه . وعندما كان يعلم تعجب اليهود وقالوا : كيف يعرف هذا الكتب , ولم يتعلم , فأجابهم يسوع : ليس تعليمي من عندي بل من عند الذي أرسلني. وتساءل الناس فيما إذا كان يسوع هو المسيح !؟ ثم خرج من المدينة إلى بيت عنيا فبات فيها , وبينما هو راجع إلى المدينة عند الفجر أحس بالجوع , رأى تينة عند الطريق فذهب إليها , فلم يجد عليها غير الورق , فلعنها فيبست .

* * *

وجاء الكتبة والفريسيون بامرأة زانية فأقاموها في وسط الحلقة وارادوا رجمها حسب شريعة موسى , وأرادوا إحراجه , فسألوه : وأنت ماذا تقول ؟ فأجابهم يسوع بعد إطراقة : من كان منكم بلا خطيئة فليكن أول من يرميها بحجر . فلما سمعوا هذا الكلام انصرفوا واحدا بعد الآخر يتقدمهم كبارهم سنا . فقال لها : اذهبي ولا تعودي إلى الخطيئة . وكلمهم يسوع قال : أنا نور العالم , من يتبعني لا يمشي في الظلام بل يكون له نور الحياة . فقال له الفريسيون : أنت تشهد لنفسك فشهادتك لا تصح . فأجابهم يسوع : إني وإن شهدت لنفسي فشهادتي تصح . فأنا أعلم من أين أتيت , والى أين أذهب . أما انتم فلا . انتم تحكمون حكم البشر .

* * *

وكلم يسوع الجموع وتلاميذه بالأمثال مرة أخرى , وأراد الفريسيون إحراجه , فسألوه : هل يحل دفع الجزية لقيصر؟ فقال قوله المشهور : أدوا ما لقيصر لقيصر , وما لله لله .

أما وصيته الكبرى في الشريعة : أحب الرب إلهك بكل قلبك وكل نفسك وكل ذهنك . وأحب قريبك حبك لنفسك . وخاطب الجموع قائلا : أما انتم فلا تدعوا أحدا أبا لكم في الأرض , لأن لكم أبا واحدا هو الأب السماوي وان لكم مرشدا واحدا هوا لمسيح . وندد بأفعال الكتبة والفريسيين وقال : الويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراءون . أيها الحيات أولاد الأفاعي . كيف لكم أن تنجون من عقاب جهنم .

أورشليم , أورشليم , يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها , كم مرة أردت أن اجمع أبناءك فلم يريدوا. وأنبأ يسوع بخراب الهيكل وسأل عن موعد ذلك ونهاية العالم فأجاب : بأنه سيزداد الفسق , وستعلن بشارة الملكوت هذه , وحينئذ تأتي نهاية العالم ويسبق ذلك زلازل كثيرة ومجاعات . وقال بأنه : سيظهر مسحاء ودجالون , وأنبياء كذابون , وسيأتي أبن الأنسان على غمام السحاب , في تمام العزة والجلال , تواكبه جميع الملائكة وتحشر لديه جميع الأمم , فيذهب المسيؤن إلى العذاب الأبدي والأبرار إلى الحياة الأبدية .

والحق أقول لكم : لن يزول هذا الجيل حتى تحدث هذه الأمور كلها . السماء والأرض تزولان وكلامي لن يزول . وما ذلك اليوم أو تلك الساعة فما من أحد يعلمها , لا الملائكة في السماء ولا الابن, إلا الأب , فأحذروا واسهروا , لأنكم لا تعلمون متى يحين الوقت . فقال أناس من الجمع الذين سمعوا كلامه : هذا هو النبي حقا . وقال غيرهم : هذا هو المسيح . ولكن آخرين تساءلوا : هل يأتي المسيح من الجليل ؟ ألم يقل الكتاب : إن المسيح هو من نسل داود , وانه من بيت لحم , القرية التي خرج منها داود , فوقع بين الجمع خلاف بشأنه , وأراد بعضهم الإمساك به فلم يفلحوا .

* * *

كان الفصح والفطير بعد يومين , وكان الأحبار والكتبة يبحثون كيف يمسكونه بحيلة فيقتلونه , ذهب يهوذا الأسخريوطي إلى الأحبار ليسلمه إليهم ووعدوه بأن يعطوه شيئا من الفضة . وفي مساء أول يوم من الفطير, وبينما هم جالسون إلى المائدة يأكلون أخبرهم يسوع بأن واحدا منهم سيسلمه , وهو يأكل معه , فحزنوا لذلك . ثم سبحوا وخرجوا إلى جبل الزيتون حيث أنبأ بطرس بأنه قبل أن يصيح الديك سينكره 3مرات .

ثم ذهب يسوع إلى ضيعه مع تلاميذه , ومضى ليصلي ورجع فوجدهم نائمين . وذهب ثانية وثالثة, ولما رجع قال لهم : قوموا ننطلق , ها إن الذي يسلمني قد اقترب . وبينما هو يتكلم إذ وصل يهوذا ومعه عصابة تحمل السيوف والعصي أرسلها الأحبار والكتبة والشيوخ , وكان يهوذا قد جعل علامة بأن الذي يقبله هو يسوع فأمسكوا به . وذهبوا بيسوع إلى عظيم الأحبار حيث عقد مع جميع الأحبار وشيوخ الشعب مجلس شورى , وكانوا يطلبون شهادة على يسوع للحكم عليه بالموت , فلم يجدوا , فسأله عظيم الأحبار أأنت المسيح أبن الله ؟ فقال يسوع : أنا هو , فأدانوه على قوله هذا لأنه يضلل الشعب , وأجمعوا على الحكم بأنه يستوجب الموت . وأخذ بعضهم يبصقون عليه , وأنهال الخدم عليه بالضرب , فلما رأى يهوذا أنه قد حكم عليه ندم ورد الفضة وشنق نفسه , وبتلك الفضة اشتريت مقبرة للغرباء , وقد سميت حقل الدم .

* * *

وفي فجر الجمعة أوثقوا يسوع وساقوه إلى بيلاطس , فسأله : أأنت ملك اليهود ؟ فأجابه : هو ما تقول . وكان بيلاطس في كل عيد يطلق لهم سجينا , أي واحد طلبوا , فخيرهم بأن يطلق لهم يسوع أو سجينا آخر , فطلبوا إطلاق السجين الآخر , وصلب يسوع . فقال بيلاطس : أنا برئ من هذا الدم . انتم وشأنكم منه , فجلد يسوع وأسلمه للصلب ساق الجنود يسوع إلى دار الحكم , وألبسوه لباسا قرمزيا , وكللوه بإكليل من الشوك , ووضعوا بيده قصبة ليسخروا منه , لأنه قال أنه ملك اليهود . ثم أخذوا منه القصبة , وصاروا يضربونه بها على رأسه , ونزعوا عنه الرداء وساقوه للصلب . ولما وصلوا إلى المكان المعروف بالجلجئه ( ألجمجمه ) ناولوه خمرا ممزوجة بمرارة , فذاقها وأبي أن يشربها , ثم صلبوه وأقتسموا ثيابه مقترعين عليها , وجلسوا هناك يحرسونه , ثم صلب معه لصان عن يمينه وشماله . وكان المارة والأحبار يشتمونه ويقولون : خلص نفسك أن كنت أبن الله , خلص غيره ولم يستطع أن يخلص نفسه . وكان اللصان المصلوبان معه هما أيضا يعيرانه بمثل ذلك , وكانت الساعة التاسعة حين صلبوه , وعند الظهر خيم ظلام على الأرض كلها حتى الساعة الثالثة , حين صرخ يسوع صرخة شديدة قائلا : إلهي , إلهي , لماذا تركتني ؟ ولفظ الروح .

وجاء يوسف الرامي , وهو عضو في المجلس الأعلى لليهود , وهو إنسان صالح وتلميذ في السر ليسوع , جاء إلى بيلاطس وطلب جثمان يسوع فسمح له بالجثة , فلفه بالكتان , ووضعه في قبر محفور في الصخر , ووضع حجرا كبيرا على باب القبر .

* * *

وفي فجر الأحد , اليوم الثالث لصلب يسوع , جاءت مريم المجدلية ثم بعض النساء يحملن الطيوب والحنوط لوضعه على جثمان يسوع , وكان الظلام لا يزال مخيما , فرأين الحجر قد رفع عن باب القبر , وجثمان يسوع غير موجود , فأسرعت مريم المجدلية إلى سمعان بطرس والتلميذ الآخر الذي كان يسوع يحبه (يوحنا ) وقالت لهما : أخذوا الرب من القبر , ولا ندري أين وضعوه , أسرع بطرس والتلميذ الآخر إلى القبر , فرأوا الأكفان ملقاة على الأرض , ورأى التلميذ فآمن , لأن التلاميذ لم يكونوا حتى ذلك الوقت قد فهموا أن الكتاب تنبأ بأنه لابد أن يقوم من بين الأموات , ثم رجع التلميذان إلى بيتهما , أما مريم فظلت تبكي عند القبر , وفيما هي تبكي رأت ملاكين بثياب بيض جالسين , حيث كان جثمان يسوع موضوعا . ورأت شخصا (7) اعتقدت أنه البستاني , فقالت له : يا سيد , إن كنت قد أخذته فقل لي أين وضعته لآخذه , ولما ناداها يا مريم , عرفت إنه يسوع ،فقال لها : لا تمسكي بي فإني لم أصعد بعد إلى الأب . بل اذهبي إلى إخوتي وقولي لهم : إني سأصعد إلى أبي وأبيكم , وإلهي وإلهكم , فرجعت مريم المجدلية وبشرت التلاميذ قائلة : إني رأيت الرب , وأخبرتهم بما قال لها فلم يصدقوها , واعتبروا ذلك نوعا من الهذيان . ثم ظهر يسوع مرة أخرى لتلاميذه الأحد عشر (8) وكلمهم ووصاهم ولامهم على عدم إيمانهم بقيامته , ثم أصعد إلى السماء (9) .

وتوجد إشارة إلى أن بعض تلاميذ يسوع قد شاهدوا أشخاصا اعتقدوا أنه يسوع , رغم إنهم لا يشبهون يسوع , في المرة الأولي عندما ذهب تلميذان إلى قرية عمواس فصاحبهم شخص في الطريق, ومرة ثانية عندما كان بعض التلاميذ , بينهم بطرس ويوحنا يصطادون السمك على بحيرة طبرية فشاهدوا شخصا دلهم على مكان الصيد ,و أطعمهم الخبز والسمك المشوي (10)

ما تقدم هو باختصار مضمون الأناجيل الأربعة أرجو أن أكون قد وفقت بإنجازه بأمانة , ومعذرة إن كنت قد هفوت أو سهوت , والله من وراء القصد .

 
------------------انتهى-----------------
 

الهوامش:

1-- انظر سفر أشعياء , ف7

2-- يوسف تزوج مريم وانجب منها أولادا ولكن لم يذكر عددهم . انظر مرقس : 3 / 31- 34وفي موضع آخر ذكر مرقس أن للمسيح 4أخوه هم : يعقوب ويوسي ويهوذا وسمعان . وله أخوات لم يذكر عددهن , انظر : مرقس 6 / 3

3-- المكان الذي يوضع فيه علف الحيوانات , وجمعه مذاود ومذاويد .

4-- بعد هذه السن , لم يتحدث أي من الأناجيل الأربعة عن حياة السيد المسيح , حتى بلغ الثلاثين , ولكن فهمنا من نص سابق أنه عمل نجارا, ربما مع زوج أمه . مرقس : 6/3

5-- النقاط الثلاث تدل على الفقرات المحذوفة من عظته .

6-- هذه الواقعة ذكرت مرة ثانية مع بعض الاختلاف في إنجيلي متى ومرقس .

7-- من الاختلافات الواردة في الأناجيل الأربعة عن رؤيا مريم المجدلية جعلتنا نعتقد أنه كان حلما في غفوة أثناء بكائها عند القبر .

8-- لقد اختلفت النصوص عن هذا الظهور زمانا ومكانا وكذلك ما تحدث به يسوع , وما فعله , ثم صعوده إلى السماء , مما يدفع إلى الاعتقاد أن هذا الظهور هو الآخر كان حلما , أو عدة أحلام رآها التلاميذ , دون بعضها , وربما لم يدون بعضها الآخر .

9-- إن الصعود إلى السماء لم يذكره شاهدا العيان متى ويوحنا وذكره الكاتبان الآخران مرقس ولوقا اللذين لم يكونا من التلاميذ ولم يشاهدا يسوع , مما يعزز الاعتقاد أن هذا الظهور كان في الأحلام , أوان الصعود أضيف إلى الخبر فيما بعد .

10-لا نجد مبررا لهذا الاعتقاد ما دام يسوع لم يظهر بشكله وشخصه الحقيقي أولا , ولم يكن هناك أي تفسير أو مبرر لظهوره ثانيا , ولم يقدم لهم أية توجيهات أو وصايا ثالثا إلا إذا كانت هذه الواقعة هي حلم آخر أيضا .


رجوع


 
 

ابحث في الموقع

Search Help

بحث عن الكتاب


انضموا الى قائمتنا البريدية

الاسم:

البريد الالكتروني:

 


دليل الفنانيين التشكيليين

Powered by IraqiArt.com 


 

 

 
 
 

Copyright © 2007 IraqWriters.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
Ali Zayni