... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله

 

  في السياسة

   
أيام في العراق : من المسؤول عن كل هذا الخراب؟

معد فياض

تاريخ النشر       08/04/2008 06:00 AM


 ما من عراقي يلتقي مواطنه، في أي مكان أو زمان، إلا وطرح عليه السؤال الأزلي «شكو.. ماكو». وحسب الباحث الآثاري العراقي فوزي رشيد فإن البابليين كانوا يتبادلون هذا السؤال بمثابة التحية. وفي العراق اليوم وبعد أكثر من أربع سنوات على غزو العراق وسقوط النظام السابق يتردد هذا السؤال أكثر من ذي قبل. «الشرق الأوسط» قامت بجولة في العراق وعايشت حياة العراقيين في بغداد والنجف وكركوك وكردستان عن قرب، وزارت مواقع ساخنة متحدثة إلى المواطنين وعدد من المسؤولين. وبدءاً من اليوم ننشر سلسلة حلقات عن الحياة اليومية للناس وعن أبرز القضايا، مع صور عدد من المدن والمواقع.

دخان أم غبار ذلك الذي يلف بغداد؟ بغداد التي انتجت آلاف الكتب العلمية والادبية والفنية تنام اليوم وسط طبقة داكنة لا تستطيع ان تعرف ان كانت غبارا أم دخانا.

دخان التفجيرات المتلاحقة التي تمزق جسد المدينة، التي ارادها ابو جعفر المنصور يوم بناها ان تكون واحدة من اجمل حواضر الدنيا، يغطي كل شيء، حتى ان تمثال بانيها (المنصور) لم يسلم من عبوة ناسفة مزقت جسده النحاسي بتهمة طائفية مقيتة. دخان يزكم الأنوف ويعمي العيون ويغشي العقول. دخان الصراعات السياسية والتمزق الطائفي والتناحر المذهبي يعصف ببغداد.

أم هو غبار الخراب الذي لا يتوقف، وغبار تهديم مجتمعات كانت متصاهرة ومتناغمة ومتحابة حتى أيقظت فيها الطائفية واندلعت فيها الحروب.

بالحذر والريبة تهبط الطائرة القادمة من عمان الى بغداد.. لا صباح في المدينة، ولا مساء ايضا.. لا وقت في المدينة التي اخترعت فيها اول الساعات التي تقيس الزمن، هنا الزمن مقسم حسب عدد التفجيرات والجثث المتناثرة والعيون الدامعة.. الساعة الآن 10 تفجيرات و45 جثة متناثرة و30 جريحا. في الانواء الجوية يقولون ان الشمس حمراء تعكس لون الدم في شوارع العاصمة العراقية، والرياح تسير بعكس ما يشتهيه شعب مدينة كان اسمها دار السلام.

طائرة متعبة مستأجرة من جنوب افريقيا للخطوط الجوية الاردنية نقلتنا عند الساعة الثامنة صباحا الى بغداد.. تدور الطائرة عدة مرات وبشكل حلزوني لتهبط ضمن مربع آمن في المطار الذي كان يحمل اسم «مطار صدام الدولي».

عندما يدخل المسافر الى قاعة المطار لا يسمع صوت نداءات تخبر المسافرين والمسقبلين بمواعيد الطيران او الهبوط. فالاجهزة الامنية، العراقية منها والاميركية، تمنع وصول أي عراقي الى المطار ما لم يحمل تذكرة وجواز سفر. المستقبلون ينتظرون عادة في ساحة تقع بالقرب من موتيل عباس بن فرناس، ونقطة الانتظار هذه كانت قد تعرضت للقصف مرات عديدة، وهي الساحة ذاتها التي يتعرض فيها المسافر لاجراءات تفتيش دقيقة للغاية.

عربات حمل الأمتعة مصنوعة محليا من حديد رخيص، ورغم ذلك فإنها معروضة للايجار بأسعار عالية قد تصل الى 5 دولارات، والعامل الذي تستأجر منه العربة لا يساعد بحمل او دفع العربة فهذا لا يدخل في صلب مهماته او اختصاصه،على المسافر نفسه ان يدفع العربة حتى بوابة القاعة.

خارج المطار وجدت سائقا بدا في أواخر الاربعينات من عمره وكم استغربت عندما اخبرني فيما بعد بانه لم يتجاوز الخامسة والثلاثين، «ولكن الزمن الصعب هو الذي شيب شعرنا وارواحنا مبكرا».. هكذا علق. طرحت عليه السؤال الازلي العراقي «شكو، ماكو»، فاجاب وشبه ابتسامة فوق وجهه «كل شي أكو، سيارات مفخخة، عبوات ناسفة، انتحاريون، قناصة، انفجارات بالجملة، جثث في الشوارع كل يوم، الاسعار في ارتفاع». قلت: «كل هذا يوجد عندكم.. اذن ما هو الذي لا يوجد (بمعنى آخر اذا كان هذا هو الأكو، فماذا عن الماكو)» اجاب على الفور وكأنه توقع سؤالي مسبقا، فقال «ماكو حكومة، ماكو أمل، ماكو أمان، ماكو استقرار».

واضاف: «تصور نحن تحمسنا للانتخابات وخرجنا منذ الفجر مع عوائلنا لانتخاب ممثلينا في البرلمان. الذين انتخبناهم دافعوا اولا عن حقوقهم ورواتبهم وامتيازاتهم المادية والمعنوية واجازاتهم ونسوا الشعب الذي يمثلونه، عمليا نحن قمنا بتحويل مواطنين عاديين الى مواطنين من الدرجة الممتازة، المصيبة اننا لم نعد نرى هؤلاء النواب ولا نستطيع الاتصال بهم لايصال مشاكلنا لهم، ولا ندري كيف يمثلوننا. أغلب اعضاء مجلس النواب (البرلمان) يقيمون في مجمع القادسية ذات الفلل الراقية التي بناها صدام حسين لوزرائه وقادته السياسيين والعسكريين، وقسم آخر من ممثلي الشعب العراقي يقيمون في المنطقة الخضراء خلف جدران الكونكريت، اما القسم الثالث فقد اختاروا الاقامة في فندق الرشيد وذلك عندما يصلون الى بغداد قادمين من فللهم في عمان. اما القلة النادرة من النواب المقيمين في مناطق سكنية محمية ببغداد فهؤلاء احاطوا شوارعهم بعوارض كونكريتية وحواجز واسلاك شائكة وحمايات مخولين باطلاق النار في أي لحظة.. وهؤلاء من المستحيل ان يصلهم مواطنهم الذي انتخبهم».

السائق ذكر انه خريج معهد المهن الصحية واختصاصه معاون طبي وله اهتمامات موسيقية منذ طفولته حيث يعزف على القيثارة الغربية ويعرف اسماء غالبية المغنين في العالم، وكان يحمل ثلاث هويات شخصية، اثنتان منها مزورتين، ذلك ان اسمه الاصلي سامي، وهو مسيحي، لكنه يحمل هوية تحمل اسما شيعيا وأخرى تحمل اسما سنيا.

توقفت السيارة ثلاث مرات في الطريق الذي يربط المطار بمركز المدينة. فطريق المطار، والى فترة قريبة، كان يسمى بطريق الموت، وكان يعد واحدا من اكثر الشوارع خطورة في العاصمة العراقية، لكن القوات الأميركية دججته الآن بالدوريات المسلحة، وبدا آمنا بعض الشيء. وكان هذا الشارع في الماضي يعد واحدا من أجمل شوارع بغداد، واكثرها تحريما على العراقيين، بسبب الاستخدام المستمر له من قبل الرئيس السابق صدام حسين للذهاب والاياب من مجمع قصوره في منطقة الرضوانية القريبة من المطار.

لكن هذا الشارع يبدو اليوم كغيره من شوارع بغداد مهملا، تنتشر الحفر على اديمه مثل بثور الجدري فوق الوجه، بسبب الانفجارات التي خلفتها قنابل الهاون او العبوات الناسفة، وكذلك السيارات المفخخة، بينما تحولت الحدائق الى مستنقعات يستوطن بها البعوض وانواع لا تحصى من الحشرات وتزدحم بالقصب البردي، وتنبعث منها رائحة عفنة.

توقف السائق في انتظار مرور دورية اميركية مكونة من المدرعات وعربات همفي، حيث كانت كل عربة تحمل على مؤخرتها عبارات التحذير من الموت السريع، اذا غامر أحدهم واقترب لأقل من 200 متر (انتبه قوة مميتة لا تقترب اكثر من 200 متر وإلا سيطلق عليك النار).

«هؤلاء لا يمزحون ولا يعرفون معنى المزح»، علق السائق، وواصل قائلا «قبل ايام اطلقوا النار على جارنا (ابو محمد) وهو رجل كبير في نهاية الستين من عمره في نهاية شارع حيفا وبالقرب من ساحة الطلائع عندما كان في طريقه الى محل ابنه الخاص ببيع المواد الاحتياطية».

كان علينا ان نتأخر ثلاث مرات في طريق المطار بسبب مفاجآت الارتال الاميركية، حيث كلما مر رتل نتوقف ما بين 10 دقائق الى 15 دقيقة. كانت هناك عوائق اخرى هي نقاط التفتيش ومواكب المسؤولين الذين تنطلق سيارات حماياتهم في مقدمة الموكب لتقطع السير وسط زخات من الرصاص يرميها فريق الحماية لاجبار بقية السيارات على التوقف.

كانت هناك نقطة تفتيش في منطقة الحارثية مقابل معرض بغداد الدولي، توقفت السيارة في طابور طويل جدا قبل ان يصل دورنا، طلب الشرطي البطاقات الشخصية، تفرس في وجوهنا جيدا بينما انشغل زميله بتفتيش صندوق السيارة، اعاد الينا بطاقاتنا الشخصية وسمح للسيارة بالمرور، عندها سألت السائق اذا كانت هناك نقاط تفتيش تابعة للميليشيات المسلحة في شوارع بغداد، أجاب: الآن أقل من الماضي بكثير. الماضي يعني قبل تطبيق الخطة الامنية التي تحمل اسم «فرض القانون»، ثم تابع قائلا «في السابق كانت تتوزع نقاط التفتيش التابعة للميليشيات في جميع الشوارع من غير ان نميز بين هذه المجموعة او تلك، اما اليوم فان غالبية نقاط التفتيش حكومية اما نقاط الميليشيات فتتوزع في داخل الاحياء والشوارع الفرعية. اي انها اعادت توزيعها ولم تنسحب او تختفي».

عندما تتجول في شوارع بغداد وتسأل الناس عمن يقف وراء سوء الاوضاع الامنية تتباين الآراء وتتقاطع أحيانا. البعض يقول ان دول الجوار هي التي تتسبب بكل هذه الفوضى الامنية، ودول الجوار المعنية هنا وحسب مساهمتها في تردي الأوضاع الامنية هي ايران بالدرجة الاولى، وتجد في بغداد من يقسم بأغلظ الأيمان بانه تعرض للتحقيق على أيدي ضباط ايرانيين في معتقل ملجأ الجادرية الذي افتضح امره في عهد حكومة الجعفري، وانه عذب باقسى الاساليب على ايدي ضباط لا يجيدون اللغة العربية مثل اجادة اللغة الفارسية.

الى ابعد من ذلك يؤكد ضابط سابق في وزارة الداخلية العراقية يحمل لقب النعيمي انه طورد وفصل من الوزارة وتم اغتيال شقيقيه بعد تعذيبهما حيث وجدت جثتاهما مع 14 جثة اخرى عند تخوم بلدة زرباطية الواقعة عند الحدود العراقية الايرانية والسبب كان هو فضحه لوجود طابق كامل في الوزارة تعمل فيه عناصر ايرانية. كذلك يشير البعض إلى سورية ويقولون إن لها يدا في تمرير الارهاب والارهابيين الى الاراضي العراقية. وهناك أيضا بين العراقيين من يحمل القوات الاميركية مسؤولية كل ما جرى وما يجري بدءا بحل الجيش العراقي والقوات الامنية الاخرى وصولا الى تحميلهم مسؤولية التفجيرات والانهيار الأمني في بغداد وغيرها من المدن العراقية. اصحاب هذا التفسير او الاجابة يؤكدون ان «اميركا تريد ان تبقي العراق غارقا في الفوضى والخراب حتى تبقى فترة اطول فيه مستفيدة من النفط العراقي ومسيطرة على بقعة استراتيجية مهمة في المنطقة».

الدكتور العزاوي (فضل نشر لقبه دون اسمه لاسباب امنية) استاذ في جامعة يؤمن، ومعه عدد من المثقفين والاكاديميين العراقيين، بان «ما ارادت الولايات المتحدة تحقيقه قد تحقق»، ويقولون ان «اميركا جاءت ليس حبا في عيون العراقيين وانما للقضاء على العراقيين وتدمير البلد وتجزئته خشية من قوة وثراء هذا البلد وعقول اهله المبدعة». ويتساءل الدكتور العزاوي قائلا «لصالح من حملات قتل الاساتذة والاطباء وتهجير العقول العراقية وافراغ البلد من العلماء والمفكرين والمبدعين»، معتبرا ان كل ما يحدث ياتي «لصالح اسرائيل».

ومن الغريب ان تجد في الشارع العراقي عامة والشارع البغدادي خاصة كل هذا الخليط من الافكار ونقيضها في آن واحد، فمن يتهم ايران ويرفض تدخلها في الوضع الداخلي تجد من يناقضه ويناصر ايران معتبرا اياها الملاذ الآمن للشيعة. ومن يتهم سورية يقف بوجهه من يدافع عنها باعتبارها فتحت ابوابها لكل العراقيين الذين لجأوا اليها. ومن يلقي بمسؤولية ما حدث وما يحدث على اكتاف القوات الاميركية سيواجه من يعتبر القوات الاميركية محررة للعراق ولولاها لما تم تغيير نظام الحكم السابق.

إلا ان اشد ما يقلق العراقيين في بغداد هو غياب معالم الحكومة عن الشارع وغياب سيادتها وسيادة قوانينها عن الحياة العامة. وفي هذا الصدد تقول ايمان الشكرجي، وهي موظفة في وزارة المالية: «كيف نطمئن على حياتنا ونحن نخشى على انفسنا من اجهزة الدولة سواء من الشرطة او الحرس الوطني، وعندما يخاف المواطن على حياته من اجهزة الدولة الامنية او من الدولة ذاتها فكيف له ان يؤمن بالدولة او بالحكومة ويثق بها». وتضيف هذه الموظفة التي تسعى للحصول على تقاعدها قبيل ان تتم الخمسين من عمرها لتترك العراق مع عائلتها «عندما تكون الحكومة ذاتها تخشى الشعب وتنأى عنه خلف الجدران الكونكريتية بحراسة القوات الاميركية في المنطقة الخضراء، والشعب ينأى بنفسه عن الحكومة لانه لا يؤمن بها، فكيف سيكون الوضع الامني او وضع الشارع العراقي. انا شخصيا اخشى مراجعة مركز للشرطة حتى لو سرقوا كل ما في بيتي، والان لو تعرضت للاعتداء او للقتل في الشارع لما وجدت أي فرد يهب ولو للمساعدة البسيطة بمن فيهم الشرطة».

وليس غريبا أن تجد الناس في بغداد تحذرك من الذهاب إلى مركز الشرطة إذا واجهتك مشكلة، ويقولون لك: من سيضمن خروجك من مركز الشرطة؟ ستتحول الى سلعة تباع وتشترى ويقايضون بك مقابل فدية لا يعلم الله مقدارها، أو هل ستنتهي القصة عند حد دفع الفدية أم لا».

ويقر اللواء محمد نعمة مدير عمليات وزارة الداخلية في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «عمليات الخطف لم تنته لكنها قلت بشكل كبير وبنسبة تفوق النصف». ويقسّم نعمة المجموعات التي تقوم بعمليات الاختطاف الى «ثلاث مجموعات، الاولى يسميها الصداميين، والثانية التكفيريين والثالثة عصابات الجريمة المنظمة من اصحاب السوابق» خاصة اولئك الذين اطلق النظام السابق سراحهم قبيل دخول القوات الاميركية الى العراق وغالبيتهم كانوا محكومين بالاعدام او بالسجن المؤبد لاقترافهم جرائم بشعة، مشيرا الى ان «غالبية الجماعات التي تقوم بخطف الاشخاص تقتل ضحاياها بعد ان أخذ الفدية المالية، ذلك لانهم يتبعون طريقة اسهل في التخلص من الضحية او لان الضحية كان قد شاهد وجه احد الخاطفين وتعرف عليه».

وفي بغداد تستمع يوميا لقصص كثيرة من العراقيين عن حوادث الخطف التي يخطط لها والتي تعود باموال طائلة للخاطفين. المهندس سعد حسين، صاحب معمل اثاث في الكرادة، قال لي انه كان قد تعرض لمحاولة اختطاف لكنه قاوم بشدة وتمكن من الهرب بعد ان اصيب بطلق ناري في ساقه الايسر، لكن الامر لم ينته مع هذا المهندس عند هذا الحد، وكما يقول «لقد خطفوا شقيقي بعد يومين من حادث محاولة اختطافي وطالبوني بدفع مائة الف دولار، وهي فدية مضاعفة عني وعن شقيقي الذي اطلقوا سراحه بعد اسبوع بعد ان توصلنا الى حل مع العصابة ودفع مبلغ 75 الف دولار».

لكن الحظ لم يحفظ حياة زوج منتهى الرحماني، 40 سنة، ولها ثلاثة ابناء وبنت حيث دفعت مبلغ 35 الف دولار فدية من اجل اطلاق سراح زوجها لكن العصابة التي اختطفته قامت ببيعه الى احدى الجماعات المسلحة بعد ان وجدوا في جيبه بطاقة هوية اميركية تسمح له بدخول المنطقة الخضراء وهذا يعني انه يعمل مع القوات الاميركية، وعلى ما يبدو فان الجماعة الثانية قتلته اذ لم يعد منذ اكثر من عام على اختطافه.

لكن مفاجآت الشارع البغدادي لا تتعلق فقط بقصص الاختطاف والقتل العشوائي والتفجيرات والسيارات المفخخة، بل هناك مفاجآت حياتية تشعرك بأن الحياة تجري في هذه المدينة كما تجري مياه نهر دجلة. بغداد لا يمكن ان تتخلى عن عاداتها الثقافية، هذا ما اكده الفنان التشكيلي المعروف نوري الراوي الذي ما يزال يرسم بغداد ونواعير راوة واحلام العراقيين في محترفه وبيته بحي الحارثية بجانب الكرخ بالرغم من كبر سنه ومتاعب الحياة البغدادية. الكثير من الرسامين لم يتخلوا عن صالات عرضهم ومحترفاتهم بالرغم من التفجيرات ومحاولات الاغتيال والاختطاف التي تستهدفهم، ومن بين ابرز هؤلاء الفنان التشكيلي فهمي القيسي الذي يعرض اعماله في محترفه بحي الكرادة مازجا ذاكرة التراث بألوان الحياة المعاصرة، كذلك الفنان قاسم سبتي في صالته حوار بحي الوزيرية والتي تحولت الى مركز ثقافي يجمع المثقفين العراقيين كل يوم، والفنان التشكيلي ضياء الخزاعي والفنان عبد القهار عبد الشداد واستاذ الخزف ماهر السامرائي.. اسماء كثيرة تؤكد اصرارها على الاستمرار في الحياة داخل العراق وعدم مغادرته رغم كل شيء.

والتقت «الشرق الأوسط» المسرحي العراقي يوسف العاني الذي بلغ الثمانين من عمره وهو اكثر التصاقا بالمدينة التي ولد وعاش فيها واستمد من حياة اهلها قصص مسرحياته التي قدمها لما يقرب من نصف قرن على مسرح بغداد ضمن فرقته «المسرح الفني الحديث»، والفنانة المسرحية شذى سالم التي تزاوج بين وقوفها فوق خشبة المسرح كممثلة متمكنة وبين قاعة المحاضرات في اكاديمية الفنون الجميلة كاستاذة تحمل شهادة الدكتوراة معبرة كشقيقتها الفنانة سهى سالم ووالدهما الفنان المسرحي الكبير طه سالم عن اصرارهم على ان تنتصر الحياة في بغداد وان لا يتركوها لاعداء الحياة.

إرادة الحياة يراها الزائر أيضا في طلبة المدارس والجامعات من الجنسين ومن مختلف الأعمار وهم يتحدون السيارات المفخخة والعبوات الناسفة والانتحاريين خلال توجههم كل صباح الى مدارسهم وجامعاتهم.

الدكتور عقيل مهدي، عميد اكاديمية الفنون الجميلة التي تقع في الضفة الشرقية قريبا من جسر الحديد الذي فجره انتحاري، تحدث لنا عن مصاعب العمل قائلا «التوجه الى الاكاديمية او الى أي كلية يعد مغامرة بطولية، العمل وسط مثل هذه الظروف حيث لا توجد اية ضمانات امنية ولا خدمات يعد مغامرة بطولية من قبل الاساتذة والطلبة في آن واحد، طلبتنا يصرون على ان ينجزوا دراستهم وتقديم اعمالهم الابداعية سواء فوق خشبة المسرح او في صالات العرض التشكيلي او في قسم السينما والتلفزيون بالرغم من كل المخاطر التي تحيط بهم».

كذلك تقول لمياء فاضل، وهي معلمة في مدرسة ابتدائية بجانب الكرخ، عن مدى استجابة الطلاب للحضور الى المدرسة واستيعاب المواد التعليمية «إن موضوع اصرار الطلبة على الحضور يثير استغرابنا حقا، ذلك ان اطفالا بعمر الست سنوات وحتى الثانية عشرة سنة نجدهم يقاومون كل المخاوف من اجل وصولهم الى المدرسة واستيعاب المواد التعليمية بجد وباجتهاد كبيرين».


رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  معد فياض


 
 

ابحث في الموقع

Search Help

بحث عن الكتاب


انضموا الى قائمتنا البريدية

الاسم:

البريد الالكتروني:

 


دليل الفنانيين التشكيليين

Powered by IraqiArt.com 


 

 

 
 
 

Copyright © 2007 IraqWriters.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
Ali Zayni