... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله

 

  في السياسة

   
كلمة وفاء متأخرة لصديقي العراقي الارمني الرائع سركيس بدروسيان

ليث الحمداني

تاريخ النشر       10/09/2008 06:00 AM


يتداول العراقيون عبر ( مجاميع النت ) منذ اسابيع كلمة كتبها السيد واثق الغضنفري عن المهندس العراقي الارمني مهران آكوب كريكور (1) الذي توفى في العراق وحيدا مريضا في بيته المتواضع مصرا على عراقيته وعلى منح وطنه كل مايملكه من خبرة وكفاءة في مجال تخصصه الهندسي ، رغم كل فرص الهجرة التي اتيحت له كما يروي الكاتب عنه فأخته الكندية –العراقية حاولت معه  وقطعت خطوات متقدمة لسحبه ولكنه اصر على البقاء في العراق متمسكا بوطنه متشبثا بأرضه ، مهران لم يكن العراقي الارمني الوحيد الذي عشق عراقه  بهذه الصورة فأغلب أقرانه من الارمن الذين عرفتهم على مدى سنوات الستينات والسبعينات والثمانيات كانوا متمسكين بعراقيتهم وقدموا للعراق الكثير في مجالات السياسة والثقافة والاقتصاد ،  ومنهم المناضل العمالي الصلب آرا خاجادور و الموسيقار العبقري آرام يابوخيان والفنانة القديرة آزادوهي صموئيل والمبدعة الراحلة بياتريس اوهانسيان (2) .
 في الخمسينات تمركز العراقيون الارمن واغلبهم تعامل مع التيارات الديمقراطية في منطقة ( كمب الارمن ) و ( كمب سارة)  ثم توزعوا على مناطق بغداد بعد تمددها واتساعها أفقيا  ، مشاهد كثيرة اعادتني لها كلمة السيد الغضنفري.....الصور التي كانت تتصدر محل والد مهران المصور الفوتغرافي آكوب الذي  عشق الموصل وصور مرافقها الطبيعة بالاسود والابيض صورا تنبض  بالحياة مازلت اتذكرها بعد مرور نصف قرن ، كما اتذكر الفنان المبدع آرشاك وصوره التي تتصدر محله في شارع الرشيد   وجان صاحب ستوديو بابل ( مصور الرؤساء ) والمصور الرائد أمري سليم (3) ، واولئك الارمن  الطيبين الذين كانوا يمتلكون ( محلات صغيرة ) في شارع الرشيد منطقة (المربعة ) بجانبfسينما ( علاء الدين – برودواي) يبيعون فيها ( اجود انواع الباسطرمة ) وانواعا من  اللبن (الشنينة) وقطع الكيك المدورة ألمزينة بالكشمش ، كانوا يقابلونك ويودعونك بابتسامة متميزة واذا ماحدثتهم عن بغداد يروون لك من تاريخهم مالا تعرفه مهما كانت اهتماماتك وقراءآتك ، وقبل  هذا وذاك صديقي الارمني الرائع سركيس بدروسيان الذي انقطعت  اخبار اسرته عني منذ وفاته بنوبة قلبية مفاجئة في الثمانينات ، كان سركيس يبدأحواراته ويختتمها مع ألآخرين بعبارة مازات اصداؤها تتردد في اذني (انا عراقي أرمني وليس أرمني عراقي ) ويجب أن يكون هذا مفهوما للجميع ويستطرد.. اجدادي عاشوا في بابل  وعاصروا عراق نبوخذنصر الذهبي ، وهكذا كان سركيس طيلة سنوات معرفتي به  لم يغيره موقف السطة منه (4) ، ولم يغيره اضطراره لمشاركة شخص آخر لان تاريخه كان يمنع السلطة من منحه اجازة تاسيس مطبعة !! (كل هذا أكتشفته متأخرا ) ..... ألتقيت سركيس بدروسيان أول مرة  نهاية الستينات حين عرفني عليه صديق مهتم بشوؤن الطباعة وزرت مطبعته (ألمؤسسة العراقية) وكانت تقع في منطقة القصر الابيض في احد الشوارع الفرعية التي تؤدي الى مديرية الامن العامة ( فيما بعد اجبر سركيس وشريكه على الانتقال فقد اغلقت تلك الفروع وأستخدمت دورها من قبل الامن ) ، تكررت زياراتي لسركيس واتفقت معه على طبع غلاف مجلة ( عالم الصناعة) التي كنا نطبع صفحاتها الداخلية في ( مطبعة الزمان) التي يملكها المرحوم توفيق السمعاني  وفعلا انجز العمل بصورة رائعة جعلتنا  نواصل العمل معه ، وفي احدى زياراتي للمطبعة وكنت اذهب سيرا على الاقدام  كنت احمل معي كتابا عن تاريخ حزب الاستقلال اشتريته من مكتبة في الباب الشرقي سألني سركيس :هل قرأت هذا الكتاب ؟ فاخبرته بانني اشتريته توا  ولمست منه رغبة بقراءته فاخبرته بانني ساتيه به في الاسبوع القادم وهكذا كان ، وكانت هي البداية التي أكتشفت فيها سركيس قارئا مثقفا ومستوعبا لما يقرأه فقد ناقشني في جوانب هامة من تاريخ الحزب المذكور دون ان يشير لي الى اي اهتمام شخصي سابق له بالعمل الحزبي ، على مدى الشهور التالية تبادلت وسركيس بعض الكتب السياسية المتوفرة عن تاريخ العراق المعاصر واكتشفت فيه ميولا يسارية وتقدمية فقررت ان أغامر !! سالته مرة ان كان لديه الاستعداد لقراءة صحيفة شيوعية سرية أستطيع أن اؤمنها له فرحب بذلك وقدمت له بعد ايام نسخة من (طريق الشعب ) السرية فاعطاني (خمسة دنانير) ثمنا لها  وحين قدمتها لعبدالله هبالة (5) الذي كان يورد لي الجريدة مع تبرعاتي فوجيء بالامر  فلم يسبق لي ان قدمت له مثل هذا المبلغ وحدثته عن صديق جديد فطلب مني التعامل معه بحذر وتوطدت صداقتي مع سركيس  وكنا نلتقي بانتظام خارج العمل نذهب الى ناد قريب نحتسي البيرة ونتحاور في مختلف شوؤن الحياة ، حتى أعلن قيام الجبهة الوطنية بين حزب البعث الحاكم والشيوعيين وانتقلت للعمل في طريق الشعب العلنية  حيث بدأ سركيس يقدم لي ملاحظاته على الجريدة وطباعتها باستمرار وصودف ان تواعدنا مع صديق ثالث على لقاء مسائي واتفقنا ان يأتي سركيس لاصطحابي من ( مطبعة الرواد ) حيث اداوم مساء وكانت لاتبعد كثيرا عن مطبعته التي لم تكن قد انتقلت بعد  ، اخبرني موظف الاستعلامات ( ابو سرجون) ان شخصا اسمه سركيس ينتظرني في الاستعلامات فهبطت الى الاسفل لاصطحبه لغرفتي التي كنت اشغلها مع الفنان محمود حمد والفنان مصطفى احمد وكان يفصل بيننا وبين غرفة رئيس التحرير الخفر نصف حائط يعلوه حاجز زجاجي ، جلس سركيس بانتظار ان انجز عملي ونخرج معا وفوجئت بالصديق عبدالرزاق الصافي يدخل غرفتنا  ويحتضن سركيس ويغمره بالقبلات ، معرفة بدت لي عميقة وبعيدة لكنني حرصت على عدم الاستفسار من سركيس بعد خروجنا عن علاقته بالصافي منتظرا ان يخبرني هو ومرت الامسية وتفرقنا بعد سهرة حافلة بالمناقشات السياسية ، وفوجئت بعد أيام باتصال من المرحوم ( أبو حسان ) ثابت حبيب العاني يطلبني في مكتبه بمقر الحزب وذهبت الى هناك لافاجأ مرة اخرى فألرجل  يسالني عن سركيس ورقم هاتفه واسرته وعلمت بان الصافي قد أخبره بلقاءه به  ،وبعد لقائي بابي حسان بيومين وكان في ذهني تساؤلا واحدا هو مالحكاية؟  اتصل سركيس ليدعوني للعشاء في مطعم يملكه صديق له ، وكان العشاء يضمه مع ابوحسان ، في تلك الامسية كان سركيس يراقب نظراتي العاتبة ويبتسم  وانا اسمع الراحل ( ابو حسان ) يستذكر معه حكاية تسميته ب ( سركيس العاني ) ايام نفيه الى مدينة عانة مع  عدد من الشيوعيين في العهد الملكي ،بينما رويت انا لابي حسان في ختام السهرة (المقلب) الذي شربته من سركيس وحكاية التبرعات والشك الذي ملاْ قلب الرفيق عبدالله هبالة....
مضت السنوات وانهارت الجبهة وخرج من خرج من الشيوعيين  وبقي من بقي وشنت السلطة حملة توقيفات للعاملين في الجريدة  وأجبرنا على توقيع تعهد بعدم ممارسة العمل السياسي  ومنعنا من السفر بقرار من الرئاسة، وعدنا الى اعمالنا وعادت لقاءآتنا سركيس وانا تنتظم من جديد ولكن في شقتي بمنطقة الكرادة أو في المطبعة فقد كان الجلوس في مكان عام قضية غير واردة لنا نحن الاثنين معا ، كانت مطبعته ( ألمؤسسة العراقية ) قد استقرت في  ( الكرادة داخل)  منطقة البو جمعة في حين كنت اسكن في منطقة (السبع قصور)  على بعد مئات الامتار من المطبعة ، في تلك المرحلة كان سركيس يرفض كل مقترحات اولاده للهجرة كما كان يحدثني حين نلتقي ، وتمكنت بعد عدة سنوات من المنع  وبمساعدة  صديقي الصحفي الراحل شاكر علي التكريتي (6) من رفع منع السفر وقررت  السفر الى براغ لزيارة شقيقي بشار الذي كان يدرس هناك زرت سركيس في المطبعة واخبرته بالامر ، وحين علم بانني ساسافر عن طريق عبر النمسا سحب ورقة صغيرة ثم كتب رسالة من عدة سطور بحروف لم افهمها علمت بانها باللغة الارمنية واعطاني رقم هاتف في النمسا  واخبرني بانه لشقيقه صموئيل الذي يعيش هناك منذ عام 1964 ، وغادرت فعلا الى النمسا  واتصلت في اليوم التالي لوصولي وكانت معي زوجتي وطفلي الوحيد الذي يبلغ من العمر ست سنوات وجاء صموئيل الى الفندق ولم اكن اتوقع منه اكثر من دعوة لشرب فنجان قهوة فالرجل يعيش في الغرب منذ سنوات طويلة ولابد انه تاثر بمحيطه سلمته رسالة سركيس قرأها بسرعة ثم التفت لزوجتي ولي قائلا : أجلبوا حقائبكم ؟  ساخذكم الى شقتي حاولنا ان نعتذر فأبلغنا بانه يملك شقة فارغة وأصر على ذلك وانتقلنا معه في سيارته في الطريق  قال لي : سركيس كتب لي انك اخوه وهذا يعني انك اخي وصلنا الى الشقة و حين دخلتها أحسست بانني انتقلت رأسا من اوربا الى بغداد فكل مافي الشقة يوحي لك بذلك الفرش الصور على الجدران المطبخ قال  صموئيل موضحا  :هذه الشقة اثثتها  من بغداد عدا المقاعد الكبيرة والاجهزة الكهربائية فأمي وشقيقتي يهربون اليها من حر بغداد كل عام  ويشعرون بالغربة بسرعة فاردت ان أخلق لهم الاجواء التي لايستطيعون العيش بعيدا عنها، ،كان مطبخ الشقة مجهزا بكل انواع البهارات والتوابل ومعدات الطبخ التي يستخدمها العراقيون ( قواري الشاي والاستكانات ) و ( السماور) . في اليوم التالي دعانا للعشاء  معا وكانت سهرة حدثني فيها عن تفاصيل حياته السياسية فقد كان هو الاخر مناضلا عماليا واعتقل بعد انقلاب 8شباط  وترك العراق بعد خروجه من المعتقل ليستقر في النمسا كان صوئيل خلال السهرة لاينفك عن سؤالي  عن بغداد وعن ( الكمب) وعن ( ابو نؤآس ) ويروي تفاصيل صغيرة مازالت في ذاكرته عن ( الوثبة) وعن تظاهرات الاحتجاج على العدوان الثلاثي  رغم كل سنوات الغربة كان حديثه عن العراق وبغداد مليئا بالدف هكذا هم العراقيون الارمن  ... بعد اسبوع حرص صوئيل على ان يصطحبنا الى محطة القطار وقبل ان يودعني حملني تحياته المفتوحة : سلم لي على من تراه من الرفاق من ابناء جيلي  سلم على عبدالرزاق الصافي و حسين سلطان وحميد بخش من تراه  منهم اسالهم متى سنرى الوطن الحر والشعب السعيد ؟ متى سنعود لبغداد .؟..
اليوم وانا اتسلم مقالة الغضنفري ( وليكن مهران مثلا لنا ) من أكثر من جهة  اتذكر أول مرة شاهدت فيها الفنانة الكبيرة آزادوهي صموئيل وهي تمثل مشاهد من فلم عراقي لم يكتب له النجاح اسمه ( حكمة الدنيا) اخرجه  العراقي الارمني سيمون مهران الذي قضى عمره امام الكاميرا .....اتذكر همزاز (7) الذي كان يسميه ياس علي الناصر ( حمزة ) وهو ينجز مونتاج فلم ( طريق الظلام ) ويعلوا صوته ( منو هذا الهمار اللي صور هزي المشاهد ) وحين يكذبون عليه قائلين نهاد علي يجيبهم ( ابدا نهاد تفتهم هذا شغل واحد همار !! ) اتذكر......واتذكر ... واتذكر ......وأتساءل هل يمتد بنا العمر ونعود لعراق محرر من الاحتلال ومن التخلف الطائفي والعنصري ، عراق ترتفع فيه النصب للشرفاء والمبدعين ...عراق نرى فيه تمثالا للطبيب العراقي الارمني اوهانيس مراديان اول من ادخل لقاح الجدري للبلد وللدكتورة آنة ستيان اول طبيبة عراقية هل نعيش لنرى شوارع تحمل اسماء هاكوب جوبانيان احد ابرز مؤسسي الكلية الطبية وللمبدعين العراقيين الارمن لازادوهي وآرام وبياتريس ولكل العراقيين المبدعين .

هوامش :
(1) نص مقالة السيد واثق الغضنفري التي يتداولها العراقيون في الوطن والمهاجر على النت :
وليكن مهران مثلاَ لنا

كتابات- واثق الغضنفري

 توفي قبل أيام المهندس الارمني ( مهران اكوب كريكور)   والذي كان  موظفا في دائرة صحة نينوى ومن  مواليد 1951 ووالده المصور المشهور  –اكوب- توفي وحيدا مريضا في بيته  المتواضع وهذا خبر عادي جدا فكل
 يوم يموت العشرات من العراقيين  ولانكتب عنهم ولكن لدي أسبابي  التي سأوضحها لكم والتي جبرتني  على الكتابة عنه.
 مهران الارمني لديه أخت مقيمة في  كندا وأخ مقيم في السويد منذ زمن  طويل  مهران مهندس ذكي وعبقري وكفاءة  علميه نادرة حيث انه اشتهر بنصب  وتصليح الاجهزه الطبية وكان يجوب  العراق شمالا وجنوبا لتصليح  الاجهزه في زمن الحصار الظالم على  بلدنا والذي كنا في أمس الحاجة  لتصليح الاجهزه لأننا لانملك  غيرها وعندما أقول يجوب العراق  ليس ذلك تعبيرا مجازيا بل كان  مهران فعلا يذهب من الموصل إلى  البصرة لتصليح جهاز أشعه بل أن في احد سفراته إلى كركوك لتصليح احد الاجهزه تعرض لحادث سيارة بقي على أثره في المستشفى لثلاثة أشهر وكان الفنيون يأتون به هو والسرير إلى الجهاز ليصلحه .
 عمل مهران مع شركات أجنبيه كثيرة ومنها شركة ماروبيني اليابانية الشركة التي بنت مستشفيات صدام في حينها وكان عددها 18 عشر مستشفى في عموم العراق أعجبوا بكفاءته
 فعرضوا عليه العمل معهم مقابل اجر مجزي ويختار البلد الذي يعمل فيه ولكنه رفض رفضا قاطعا مع العلم أن هذا العرض لايمكن لأي إنسان أن يرفضه فكان يقول( انأ عراقي  وسأبقى لأخدم العراق ) . في فترة  الحصار أرسلت إليه أخته الساكنة في كندا  فيزا إلى كندا ليلتحق بها فخرج من العراق ووصل إلى قبرص ولكنه قفل راجعا إلى الموصل والتحق بدائرته وعاد إلى العمل رافضا ألهجرة وقال لااريد أن يقولوا عني ترك العراق وهرب وهو في هذه الظروف الصعبة وبعدها ذهب بإيفاد إلى عمان فأرسلت أخته الفيزا مره أخرى وبالفعل سافر وفي اليونان وتحديدا في مطار أثينا مزق البطاقة وعاد مرة أخرى إلى العراق . أما بعد الاحتلال أرسلت شركة ماروبيني بطلبه فذهب إلى عمان وقامت الشركة بعلاجه من آثار حادث السيارة السالف الذكر ويذكر أن الشركة أنفقت (25) ألف دولار على علاجه ليعمل في مكتبها في عمان فجلس هناك لفترة وجيزة ثم عاد إلى العراق وقال إن حالي ليس بأحسن من العراقيين وأطفالهم الذين عانوا
 ويلات الحصار ويعانون ألان ويلات الاحتلال .وعندما عاد سأله أصدقائه لماذا عدت فالناس تتمنى الذي أنت فيه من عمل مجزي وأقامه مترفة فقال إن العراق هو الذي رباني وجعلني مهندسا وأبي وأمي مدفونان في العراق أريد أن ادفن بقربهم محتضنا تراب العراق .
 قدم مهران طلبا للتقاعد مع انه مازال صغيرا على التقاعد فقبل طلبه وأحيل على التقاعد لأنه لم يستطيع العمل وسط هذه الظروف الصعبة ووسط التجاذبات السياسية التي هو بعيد عنها كل البعد .
 اعتكف في شقته المتواضعة وحيدا لايخرج إلا ليشتري حاجياته ومشروبه نسيت أن أقول لكم انه غير متزوج لشدة انهماكه بالعمل نسي الزواج . المهم بقي مهران وحيدا إلا من بعض الأصدقاء الذين يزورونه فهو كان مضيافا بطبعه اخذ يبيع أثاثه قطعة قطعه حتى لم يتبقى له سوا القنفه التي يجلس وينام ويأكل عليها فأصبحت هي غرفة استقباله وعيشه ونومه .أحب العراق بشكل جنوني واخلص له رغم كل المغريات ..
 زار معظم دول العالم من اوروبا واسيا ولم يحب غير العراق فكان يقول قطرة من مياه دجله تساوي فرنسا وقطرة من مياه الفرات تساوي روسيا أما لترمن مياه شط العرب يساوي الدنيا ومافيها .!!!!
 قالوا عنه سكران ومجنون لأنه لايلتحق بأشقائه الذين توسلوا إليه ليلتحق بهم ونسوا بأنه عراقي خط ونخله وفسفوره . اخذ مهران يضعف شيئا فشيئا وبدأت تخور قواه لشدة حسرته وألمه على العراق وقبل أيام أغمي عليه اثر هبوط في الدورة الدموية فنقل على أثره إلى المستشفى وطلب الأطباء إعطاءه دما وما ان ذهب المتبرع ليتبرع له وكان احد جيرانه وعاد له بقنينة
 الدم فوجده قد فارق الحياة عن عمر يناهز ألسبعه وخمسين عاما قضاها في خدمة العراق العظيم. فارقد يامهران مطمئنا مرتاح البال مع والديك محتضنا تراب العراق .
 الحق أقول لكم هناك الآلاف من أمثال مهران يرفضون الهجرة خارج العراق وظروفهم صعبة ولكن حبهم للعراق يجعلهم يعيشون كالأمراء ولكن في أحلامهم .
 وأخيرا أقول :
 مهران اكوب كريكور ارمني عاش ومات في الموصل عفوا عاش ومات في العراق الذي أحبه واخلص له فهل كان مهران مخطئا في ذلك ؟ وان لم يكن الا يحق لي ان أقول ليكن مهران مثلا يحتذى لعراقيي الداخل والخارج.
(2) تعرفت على الراحلة بياتريس اوهانسيان  عن طريق زميلي وصديق العمر الصحفي الرائد سامي عاشور حين حضرنا لها حفلا عزفت فيه على البيانو في نادي العلوية حسبما اتذكر
 (3) زارني المصور أمري سليم في جريدة ( الاتحاد ) في الثمانينات بمعية الزميل الراحل رشيد الرماحي سكرتير تحرير الجريدة والزميل عادل العرداوي محرر الادب الشعبي فيها ، وكانوا ينادونه ( الحاج أمري ) وكان الرجل يمتلك ارشيفا فوتغرافيا نادرا للعهد الملكي وزودنا بالكثير من الصور لجريدة (الاتحاد) ومجلة ( الحضارة)
(4) بعدسنوات من العلاقة مع سركيس كنت أظن خلالها أنه مالك المطبعة أخبرني بأن الاجازة بأسم شريكه لان ألامن العامة وكانت معنية بأجازة ألمطابع ترفض منحها له بسبب تاريخه ألسياسي وسجنه لسنوات طويلة ، ولكني لم الحظ منه موقفا غير موضوعي من الاوضاع كان ينتقد بموضوعية عالية ومن منطلق حبه للعراق.
(5) كان عبدالله هبالة شيوعيا موصليا ترك مدينته أبان موجة الاغتيالات التي استهدفت الشيوعيين في الستينات وأستقر ببغداد وفتح محلا للقصابة ولم يترك العمل الحزبي في اسوأ واصعب الظروف رغم أعتقاله أكثر من مرة .
(6) شاكر علي التكريتي صحفي من الرواد عاصر العهد الملكي والعهود الجمهورية وقد تمكنت من اعادته للكتابة في جريدة (الاتحاد ) البغدادية حيث نشر الكثير من اوراقه التي جمعها فيما بعد بكتاب ، وكان يملك دالة كبيرة على اهالي تكريت مكنته من مساعدة العديد من الزملاء .
(7) همزاز فنان أرمني كان يملك معدات للتصوير السينمائي والمونتاج وقد قام بعلية المونتاج لعدد من الافلام العراقية وكان الممثل القديم ياس علي الناصر بطل الفلم الشهير ( فتنة وحسن) يسميه حمزة وقد لاحقه الاسم في اوساط العاملين في شوؤن السينما في ذلك الزمان أما نهاد علي فهو واحد من امهر وابرز المصوريين السينمائيين حينها .
*رئيس تحرير جريدة (البلاد)
laith@albilad.net


رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  ليث الحمداني


 
 

ابحث في الموقع

Search Help

بحث عن الكتاب


انضموا الى قائمتنا البريدية

الاسم:

البريد الالكتروني:

 


دليل الفنانيين التشكيليين

Powered by IraqiArt.com 


 

 

 
 
 

Copyright © 2007 IraqWriters.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
Ali Zayni