... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله

 

  مقالات و حوارات

   
مثقفون يحاولون الاقتناع بتحسن الأحوال الأمنية

ماجد السامرائي

تاريخ النشر       10/10/2008 06:00 AM


 

إذا انتظرنا اليوم «موسماً ثقافياً جديداً» كما كنا ننتظر أن يعلن عنه في مثل هذه الأيام من كل عام فإن ما ينتظرنا هو «موسم افتراضي» اكثر من كونه حالة حقيقية تتمثل في أعمال وعروض (في ما يتصل بالمسرح)، ومعارض تشكيلية، ونشاطات أخرى تقيمها الجامعات، والمؤسسات الثقافية، بما فيها مؤسسات وزارة الثقافة.. فضلاً عما يقدمه ما نسميه بالقطاع الخاص، حيث الفرق المسرحية، وقاعات عرض الفنون التشكيلية، ما كان يجعل «الموسم الثقافي» موسماً حاشداً بالفعالية، والنشاط، والمشاهدة.
فما الذي بقي لنا اليوم من هذا كله في موسم يفترض أن يكون بدأ نشاطه وعمله ابتداءً من مثل هذه الأيام، استمراراً الى منتصف العام المقبل؟
يحاول قطاع المسرح (وما بقي منه في خلال سنوات الاحتلال الفائتة ما ينحصر في دائرة السينما والمسرح) أن يقنع نفسه بتحسن الأوضاع الأمنية في البلد فيضع برنامجاً «طموحاً» لما سيقدم (مسرحية كل شهر)، ولكنها من قبيل الأعمال التي أصبحت تسمى «مسرحية العرض الواحد» الذي لا يشاهده إلا العاملون في المسرح ، وأساتذة المسرح في أكاديمية الفنون والمعهد، وبعض طلبة أقسام المسرح فيهما.
والغاية والهدف من انتاج مثل هذه الاعمال ليسا تنشيط الواقع المسرحي (مع أن شهادة عديد العاملين فيه تشير الى ان هناك في عراق اليوم، مسرحيين بلا مسرح)، وانما تقديم عرض واحد هو بمثابة الاختبار الأول للعمل، استعداداً للمشاركة به في مهرجانات المسرح العربي التي تحرص «الدائرة» أن لا تغيب عنها.
أما الجمهور السابق للمسرح، والذي كان يضم الأدباء والفنانين وعشاق المسرح فقد انتهى، واختفى كلياً من آفاق الحياة المسرحية، إما بسبب الأوضاع الأمنية التي فرضت عليه العزلة، أو بفعل واقع الهجرة، حيث عوض هذا الجمهور عن مسرحه بما سمي «المسرح المهاجر»، أو لأن هذه العروض أضحت نهارية، ولا فسحة زمنية بينها وبين وقت المشاهد الذي لم يعد يتحكم به كما يريد ويرغب.
الى جانب هذا «النشاط المحدود» زماناً ومكاناً، يفكر بعض المسرحيين، في هذا الموسم، باستئناف ما عرف بالمسرح التجاري، وذلك بالتهيئة لتقديم الأعمال تقع هذا الموقع الفني، ولكن دون حساب مســـألة الـــجمــهور بدقة تتناسب والمــــرجوّ من قبلهم، من مثل هذا العرض: هل سيكون له الجمهور الذي كان في السابق؟ وهل حرية الحركة، بين قاطع وآخر، مكفولة أمنياً لهذا الجمهور إذا ما أراد الحركة والتحرك باتجاه المسرح؟ وهل هناك، في حال وجود مثل هذا الواقع، ما يضمن استمرار العرض الذي يعتمده مثل هذا المسرح أساساً لنجاحه؟ أم هي مجرد مغامرة من مسرحيين سئموا الاستكانة والاستسلام للظرف السائد على أرض الواقع؟
فإذا ما انتقلنا الى جانب آخر من الحياة الثقافية هذه، متمثلاً بالفن التشيكلي (رسماً، ونحتاً، وخزفاً) سنجد الإعلان عما سيقدم في خلال الموسم الجديد إعلاناً حيّاً، أو خجولاً، فهو يعبر عن تراجع واضح وكبير في واقع هذا الفن، وفي طبيعة الحضور الابداعي الذي يمثله تاريخياً.
 فالعدد الأكبر من الفنانين التشكيليين المكرسين أسماء وانجازات فنية يعيشون اليوم خارج العراق، وأصبحت معارض أعمالهم الجديدة تتوزع على ما يقيمون من معارض في عواصم عربية بعضها لا يدرك معنى الفن ومـــاله من أبعاد تاريخية في الواقع الثــــقافي للإنسانية، لتصبح صلة المثقف العراقي في الداخل، ومن بقي من الفنانين، صلة مبتورة، تعتمد، في الغالب، على ما تقرأ عما يقام هنا وهنالك، أو من خلال «الانترنيت» الذي أصبح وسيلة التواصل الأكبر أهمية بين الفنانين و «جمهورهم الافتراضي»، وبين المثقفين العراقيين الموزعين بين داخل محاصر، ومهاجر هي الشتات بعينه.
وكما اختفت المؤتمرات والملقتيات الأدبية والشعرية والفنية من أفق الحياة الثقافية، بما فيها مؤسسات وزارة الثقافة، والجامعات، والمجمع العلمي.. فإن «إتحاد الأدباء» يكاد يقتصر في نشاطه الثقافي على ما هو هامشي - يحكمه «عمل سياسي» في الحركة والتحرك في ما يتخذ من اتجاه وتوجه ذي بعد واحد.
وما يقدمه في «أصبوحاته الأسبوعية» غالباً ما ينحصر في موضوعات ليست جوهرية، بالنسبة للثقافة في بلد يعيش تحت الاحتلال، ولمثقف يعيش حصاراً فعلياً، مكاناً وزماناً.
هذا إضافة الى «الإهمال الرسمي» الذي يشكو منه «الاتحاديون» وهم لا يجدون أحداً، في مؤسسات الحكومة الرسمية، يعنيه أمــرهم، أو يعنى بأمورهم - وهو ما يكاد يسري على المؤسسات الثقافية كافة... الأمر الذي يثير السؤال بكلمات واضحة: الى أين تمضي الحياة الثقافية في عراق اليوم؟ وهو سؤال يواجه، أيضاً، من بقي في البلد من المثقفين ولم يهاجر هرباً من سوء الأوضاع بحثاً عن فضاء ثقافي آخر


رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  ماجد السامرائي


 
 

ابحث في الموقع

Search Help

بحث عن الكتاب


انضموا الى قائمتنا البريدية

الاسم:

البريد الالكتروني:

 


دليل الفنانيين التشكيليين

Powered by IraqiArt.com 


 

 

 
 
 

Copyright © 2007 IraqWriters.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
Ali Zayni