... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله

 

  مقالات و حوارات

   
أنطولوجيا بالانكليزية عن القصة العراقية القصيرة أعدها شاكر مصطفى

عدنان حسين احمد

تاريخ النشر       11/12/2008 06:00 AM


«القصة العراقية المعاصرة» أنطولوجيا صدرت حديثاً عن «منشورات جامعة سيراكوس» في الولايات المتحدة، للكاتب شاكر مصطفى، الأستاذ المساعد في جامعة بوسطن الأميركية. وتتضمن هذه الأنطولوجيا 33 نصاً نثرياً تتوزع بين القصة القصيرة ومقتطفات من أعمال روائية معروفة لستة عشر قاصاً وروائياً عراقياً يعيشون داخل العراق وخارجه. وترجم هذه القصص والمقتطفات الروائية الى الانكليزية شاكر مصطفى. وعزز الأنطولوجيا بمقدمة وافية جاءت بعنوان «القصة العراقية اليوم». وورد على الصفحة الداخلية للغلاف الأول «انها أول أنطولوجيا في الغرب تُترجم من العربية إلى الإنكليزية وهي تلقي ضوءاً ساطعاً على التنوّع الثري للتجربة القصصية العراقية». ثم يمضي في القول: «على رغم أن كل صوت مميز ومختلف على انفراد، الا أن ما يجمعها هو الكتابة عن الوطن الأم الذي عانى القمع والرقابة والحرب والاحتلال». وقد حرص معد هذه الأنطولوجيا ومترجمها على أن يلُمَّ بين دفتي هذا الكتاب قصاصين وروائيين من مختلف القوميات والأديان المتعايشة في العراق كالعرب والتركمان والكلدوآشوريين، ومع ذلك غاب القصاصون الكرد ربما لأن المترجم لا يتقن الحديث باللغة الكردية أو أنه لم يقع على قصص كردية مُترجمة الى العربية. وحرص المُعد على أن يشتمل كتابه على كُتّاب مسلمين ومسيحيين ويهود، وقد تحقق له ما أراد، لكنه مع ذلك لم يفلح في أن يختار كُتّاباً صابئة أو إيزيديين لمتن هذه الأنطولوجيا التي تظل قاصرة عن احتواء المشهد القصصي العراقي المتصف بالتنوع والتعدد والثراء. وكان للمعد والمترجم أن يتدارك هذا القصور لو أنه اكتفى بترجمة نص واحد لكل كاتب، خصوصاً أن هؤلاء الكُتاب محترفون ومعروفون في المشهد القصصي العربي، وأن أي نص من نصوصهم القصصية يعبِّر عنهم بدقة وأمانة، ويكشف عن آليتهم وتقنياتهم في التعاطي مع هذا الجنس السردي المميز.
وبحسب هذه المقاربة كان المعد والمترجم سيتيح فرصة لقصاصين عراقيين آخرين أن يجدوا نصوصهم مُترجمة ومنشورة بين دفتي هذه الأنطولوجيا التي تزدان بأسماء ابداعية مهمة مثل: محمد خضير، جليل القيسي، محمود سعيد، ابراهيم أحمد، عبدالرحمن مجيد الربيعي، عبد الستار ناصر، لطفية الدليمي، سالمة صالح، سميرة المانع، صموئيل شمعون، سمير نقاش، شموئيل موريه وبقية الأسماء المهمة التي احتفى بها الكتاب. أما المقدمة التي كتبها المُعد والمترجم فهي وافية وقد رصد من خلالها تطور القصة العراقية التي تخلصت من نَفَسها الواقعي، والتجأت الى الرمز والاستعارة تارة، والى الفنتازيا تارة أخرى. فالكتاب الذين يعيشون في الداخل أمثال محمد خضير ومهدي عيسى الصقر وجليل القيسي ولطفية الدليمي لجأوا الى الرمز والمجاز واللغة المقنّعة كي يهربوا من مقص الرقابة، وينجوا بأنفسهم من عيون الرقباء المتربصة بهم. أما الكُتاب الذين يتوزعون في المنافي الأوروبية والأميركية مثل سميرة المانع، سالمة صالح، محمود سعيد، صموئيل شمعون، ابراهيم أحمد، شموئيل موريه ونصرت مردان فلم يكونوا في حاجة الى الرموز والأقنعة بسبب الحرية المتاحة في الغرب وبُعدهم عن آلة القمع التي كان النظام السابق يستخدمها في كبح جماح الأقلام العراقية المتمردة أو المتململة أو التي تهدف الى قول الحقيقة. ورصد مصطفى النقلة النوعية التي حصلت في تاريخ القصة العراقية. فمعروف أن هذا النوع الأدبي انطلق من أرضية واقعية، لكنه سرعان ما غادرها على أيدي كتاب مهمين من جيل الستينات من القرن الماضي، وعلى أيدي قصاصين آخرين من الأجيال اللاحقة.
وقد وجد هؤلاء الكتاب ضالتهم في التجريب كما هي الحال مع محمد خضير الذي كتب «بصرياثا: صورة مدينة» و «رؤيا خريف» وقد منحه الأسلوب الفنتازي قدراً كبيراً من الحرية، كما أنقذه من السقوط في الفخاخ التي كان ينصبها الرقباء والمتربصون للكُتاب العراقيين الذين يرومون قول الحقيقة أو ملامستها على أقل تقدير. وتأكيداً لهذا المنحى الفنتازي، قال الناقد البريطاني روبرت أروِن عن محمد خضير: «كاتب قصة قصيرة رائع، وفنتازياته البورخيسية عن مدينتة الأصلية البصرة، جديرة بالقراءة». ويشير شاكر الى أن القاصة ميسلون هادي استعانت بالواقعية السحرية في كتابة بعض نصوصها مثل «زينب على أرض الواقع» و «تقاويم». وركزت بعض القصص في هذه الأنطولوجيا على «الهوية والانتماء والجذور» كما في «هؤلاء الأولاد» لسالمة صالح، و «الروح» لسميرة المانع، و «البائع المتجول والسينما» لصموئيل شمعون، وهي للمناسبة جزء مقتطف من سيرته الذاتية - الروائية «عراقي في باريس». ولا أدري لماذا خلط معد الكتاب ومترجمه بين القصة القصيرة والرواية، علماً أن كلاً منهما فن أدبي بذاته؟ وقد تناول مقتبسات من أعمال روائية عدة مثل «بصرياثا: صورة مدينة» لمحمد خضير، و «حديقة حياة» للطفية الدليمي، و «الشاهدة والزنجي» لمهدي عيسى الصقر، و «الوشم» لعبدالرحمن مجيد الربيعي، و «عراقي في باريس» لصموئيل شمعون. ولو استبدل المعد والمترجم هذه المقتبسات الروائية بقصص قصيرة لاستطاعت هذه الأنطولوجيا أن تقترب من الصورة الحقيقية للمشهد القصصي العراقي الذي غابت فيه أسماء مهمة من بينها محمود جنداري، موسى كريدي، وارد بدر السالم، لؤي حمزة عباس، سعد محمد رحيم، صلاح زنكنة، هدية حسين، علي السوداني، حسين الموزاني، نجم والي، صلاح صلاح، نعيم شريف، محمود البياتي وعشرات الأسماء الأخرى التي لا يسع المجال لذكرها الآن. ركز شاكر مصطفى على الثيمات والموضوعات التي تمحورت عليها هذه الأنطولوجيا، وقسّمها الى خمسة أقسام هي: «الحُب والعلاقات الأسرية» كما في قصة «العودة» للصقر، و «التواطؤ في الجنس» لسميرة المانع، و «زليخة» لجليل القيسي، و «الحرب ونتائجها المروعة»، كما في قصة «الآخر في المرآة» لابتسام عبدالله، و «انقطاع» لميسلون هادي، و «تمارين صباحية» لمهدي عيسى الصقر، و «حديقة حياة» للطفية الدليمي، و «صباح مر» لمحمود سعيد.
أما المحور الثالث فيشتمل على ثيمة «القمع السياسي» وتداعياته المرعبة كما في «الطاء وبقية الحروف» لسميرة المانع،  و «وداعاً أيها الخرتيت» لعبدالستار ناصر، و «لاجئ عند الأسكيمو» لابراهيم أحمد، و «المُنسدح» لمحمود سعيد، و «حانة الأحلام السعيدة» لنصرت مردان. وتركز المحور الرابع على ثيمة «الطفولة والاستذكارات» وقد ضم قصصاً عدة من بينها «البستان» لابتسام عبدالله، و «الطنطل» لسمير نقاش، و «هؤلاء الأولاد» لسالمة صالح. أما المحور الخامس والأخير فهو العلاقات الاجتماعية والدينية وقد تمثل بقصص «البائع المتجول والسينما» لصموئيل شمعون، و «الطنطل» لسمير نقاش، و «راقصة من بغداد» لشموئيل موريه.
ولا بد من الإشارة ختاماً الى أن تقنية بعض القصص اعتمدت كلياً على آلية الروي والسرد كما في قصة «ما لم يقلهُ الرواة» للطفية الدليمي، وقصتي «حكايات يوسف» و «رؤيا خريف» لمحمد خضير، و «التواطؤ في الجنس» لسميرة المانع و «حانة الأحلام السعيدة» لنصرت مردان. والجدير ذكره أن شاكر مصطفى يحمل شهادتي البكالوريوس والماجستير من جامعة بغداد، أما الدكتوراه فحصل عليها من جامعة إنديانا عام 1999. ونشر عدداً من الكتب القيّمة من بينها «الأدب اليهودي الأميركي»، «الترجمة الأدبية» و«الدراما الإرلندية».


رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  عدنان حسين احمد


 
 

ابحث في الموقع

Search Help

بحث عن الكتاب


انضموا الى قائمتنا البريدية

الاسم:

البريد الالكتروني:

 


دليل الفنانيين التشكيليين

Powered by IraqiArt.com 


 

 

 
 
 

Copyright © 2007 IraqWriters.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
Ali Zayni