... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله

 

  أخبار و متابعات

   
أيام الثقافة العراقية في دمشق:فـــــــرح الألـــــوان الـــبـــــاهــتــة

عامر مطر

تاريخ النشر       27/05/2009 06:00 AM


بدأ العراقيون أيام ثقافتهم في دمشق بأغاني العراق، كحزن يُعالجون به أحزانهم، وبالكلمات الرسمية التي أضحكت بعض الحاضرين على رغم رسميتها.
جاء الجمهور العراقي إلى مسرح كلية الفنون الجميلة، حيث حفل الإفتتاح، لكن التفرقة هي التي رافقتهم إلى هذا المسرح ايضاً؛ قُسّمت الكراسي فيه بين قسم رسمي متقدم في المكان، بعدما اضطر البعض الى التخلي عن مكانه لمصلحة البدلات الرسمية، وقسم آخر للعائلات، وأخير للشبان، الأمر الذي فاجأ الجمهور السوري الذي لم يعتد تقسيمات من هذا النوع.
تكلّم وزير الثقافة السوري رياض نعسا آغا عن عروبة العراق من دون أن يذكر كلمة احتلال واحدة، مفتتحاً بكلمته النشاطات، أما وزير الثقافة العراقي ماهر الحديثي فتكلّم عن التنوع الثقافي في العراق...
بعد الكلمات الرسمية، جاء الغناء، بأصوات حرّضت العراقيين على ترديد اشتياقاتهم الى وطن يعيشون غربته.
غنى كلّ من سعدون جابر، وصلاح عبد الغفور، وأمل خضيّر، لذلك كان الحشد كبيراً. جاء ليستعيد عادة يومية كان يعيشها في وطنه. قال بعض من الحضور أنهم جاؤوا للإستماع إلى ذاكرتهم.
تُشكّل الاسماء الثلاثة أهمية كبيرة في مسيرة الغناء العراقي، فسعدون جابر مثلاً، له قرابة الخمسمئة أغنية، وثّق بها عشرة أساليب لغناء الريف العراقي، واختيرت اغنيته الشهيرة "يا طيور الطايرة" في استفتاء لإذاعة BBC البريطانية، كواحدة من أجمل مئة أغنية عربية في القرن العشرين.
الجابر ليس سفيراً للاغنية العراقية فحسب، إنما هو سفير سلام لبلد لا سلام فيه، كما قلّده أهل مدينة سيدني مفتاح مدينتهم، بعدما نفاه الظلم من وطنه.
أما صلاح عبد الغفور فمتخصص في قراءة المقام العراقي، إضافة الى غنائه التراث، وله أكثر من ثلاثين ألبوماً، ومن أكثر أغانيه شهرة "شلونك عيني شلونك". في حين تعتبر أمل خضيّر من نجمات  الموسيقى العراقية، ويذكر أنها تصدرت المساحة الغنائية النسائية العراقية فترة السبعينات. غنّت الفولكلور والمقام، إضافة الى العديد من الأغاني الخاصة بها.
كما شهد حفل الافتتاح، معرضاً فنياً في خان أسعد باشا العظم، لتشكيليين عراقيين يعيشون في دمشق، لكن غابت لوحات تشكيليين كبار يعيشون هم أيضاً في دمشق، مثل نوال السعدون، وجبر علوان، ومحمد مهر الدين.
تقول السعدون إنها رفضت المشاركة على رغم دعوتها، لأن "غالبية الأعمال المشاركة ركيكة فنياً، وسط قلة من الأعمال المميزة"، وأكدت أن المعرض لا يمثل التشكيل العراقي في المنفى.
لم تغب الأسماء الكبيرة عن المعرض فحسب، بل غاب واقع العراق الحالي عنه ايضاً؛ لا ملامح للموت والدمار في الاعمال التي ابتعد بعضها حتى عن حال فنانيها في غربتهم، فحاكت ماضيا لا لون للدماء فيه. يقول أحد الفنانين المشاركين أنه مع زملائه في المعرض لم يتناولوا اللون الأسود في العراق، بغية إظهار الألوان الجميلة فيه.
تفاوت المستوى من عمل الى آخر في المعرض الذي جمع ثلاثين لوحة، لثلاثين تشكيليا عراقيا، غالبيتهم من الشبان، ويمكن وصف قسم كبير منهم بالهواة.
لكن عند الإنتقال الى الشعر، يجوز القول إن العراق غاب حقاً في أيام ثقافته على أرض دمشق. الشعراء الذين ارتقوا المنبر كانوا بما قرأوه أصغر من تمثيل شعر العراق الذي يسكن بعض كباره في دمشق، كمظفر النواب، وعبد الرزاق عبد الواحد، وشعراء أخرين.
لم يتوقف الغياب عند هذا الحد، إذ شمل نجوم المسرح أيضاً، الذين سكنوا دمشق كجواد الأسدي، وباسم قهار الذي يرى أن المشاركات كانت ارتجالية، ولا تعبّر عن المسرح العراقي في المنفى.
مسرحيتان فقط، أولاهما باسم "الحفرة"، ألفها وأخرجها مهدي البابلي، وحملت نواحاً طويلاً، في محاولة لإلقاء الضوء على مصائب أكثر من مئة عام حلّت على أهل العراق، مما أدخل العمل في متاهة المحاور الكثيرة التي لم يستطع البابلي الإمساك بها، فشتت بها جمهوره.
لم ينسج الحوار في العمل أي رابط منطقي أو لغوي، إذ تنقلت الشخصيات من مناقشة الى أخرى، ومن جملة الى أخرى من دون مبررات لقطع الكلام السابق والدخول في آخر...
في العمل الثاني الذي حمل اسم "بقايا من حواء" للمخرج محسن العزاوي، طرحت مأساة المرأة العراقية قبل الإحتلال وبعده. اعتمد العرض على أسلوب المكاشفة الكلامية بين أختين، من خلال المونولوغات والحوارات المطولة وصولاً إلى ذروات ميلودرامية.
تمثل الأختان صراعا أزليا بين الخير والشر، فالأولى تعيش في مكبّ للقمامة،  بسبب ظروف الحياة التي جارت عليها، غير مبالية بالماديات، ساعية الى الحرية وإن في هذا المكب، برفقة دميتها فقط. الأخت الثانية تسعى إلى استغلال فرص الحياة واقتناصها على الرغم من كل المعوقات.
في السينما، لم يُعرض إلا فيلم واحد، "الحكاكة"، الذي أخذ المخرج العراقي أركان جهاد اسمه من كلمة عراقية عاميّة تعني "بقايا الرز العالقة في قدر الطهو". حاول الفيلم إيصال فكرة أن الأمل والحب وحدهما، يمكن أن يجلبا السلام في العراق.
في الختام، كان الغناء أيضاً، في محاولة ثانية لشفاء حزن منفيي العراق من حزنهم، بحزن أشد. جاء هذه المرة بصوت ياس خضر الذي كتب ولحّن أغانيه كبار شعراء العراق وملحنيه. لم يكن صوت خضر وحيداً، رافقته أصوات أحمد سلطان، ووحيد علي، وتيسير السفير.


رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  عامر مطر


 
 

ابحث في الموقع

Search Help

بحث عن الكتاب


انضموا الى قائمتنا البريدية

الاسم:

البريد الالكتروني:

 


دليل الفنانيين التشكيليين

Powered by IraqiArt.com 


 

 

 
 
 

Copyright © 2007 IraqWriters.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
Ali Zayni