... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله

 

  نصوص شعرية

   
ثلاثُ قصائدَ مفخّخة

عواد ناصر

تاريخ النشر       15/06/2009 06:00 AM


عواد ناصر
1ـ مرثية مبكرة
سيموتُ
مثل بقيّة الناسِ،
متأكداً من أنه سيدخلُ الجنّة
لأنّه كتب قصائدَ قلقةً على العالم

سيسجّى نعشُهُ عند عتبةِ بيتهِ من دون أن يهتمّ أحدٌ من الجيران
وسيُنشرُ الخبرُ في صحفِ وطنِه
تلك التي نشر شعرَهُ فيها
وإذا ما حُمل جثمانُهُ إلى مسقطِ رأسه
سترف موجة قرب شاطئ الشارع النهري


حيث تلك الحانة، حانته الأثيرة، التي نسفتها سيّارةٌ مفخّخة
وسيشرب أحدهم، نخبه، سراً (الخمرةُ ممنوعةٌ)
والنساء اللواتي أحبّ، وقد صرْنَ عجائزَ، ممنوعاتٌ من الذاكرة
وقد يحضر بضعُ عشرات الأشخاص مراسيمَ التشييع
ويقرأ البعضُ خبرَ نعيهِ على الإنترنت
لكن من دون أن يقرأه أحدُهم كما يجب
وأمّهُ ستكون بانتظاره وقد خرجت من قبرها وهي تكرر تحذيرها:
أما قلت لك يا ولدي
إن الشعراء قرينو المنفى ولن يعودوا إلى مسقط الرأس
إلا بعد أن يكفّوا عن كتابة قصائد قلقة على العالم..
لندن 4 حزيران (يونيو) 2009

2- البصرة
قصيدةُ نثرٍ، أنا، تتوكأ على الوزنِ والقافيةْ
لها نصفُ قرنٍ ومنفى من العمرِ لكنّها لم تزلْ تتمتّع بالشغبِ المرّ
والعافيةْ
لها حارسٌ للفنارِ الذي اختارَ بئراً بعيداً عن الحشد
كي يصنعَ القطرةَ الصافيةْ
لها من أناشيد بدر رنينُ المطرْ
لها من جداريّة سعدي بن يوسف يحملها، في مداراتِ منفاه، مثل الصليبْ
لها من تعاليمِ أمّي تحذرني من مغبّة أحلامي الخطرةْ
لها مطر فوق كوخٍ من القصبِ السومريِّ، يعمّد محنتَنا الأبديةِ..
ومن ليلِ آشورَ أكثرُ من شرفةٍ لا تنام،
لها في المسلّة نقشُ المساميرِ تكتبنا منذ خمسةِ آلاف عامٍ سعاةَ بريدٍ
عنيدينَ من وإلى وطن لا يجيد سوى الرقص وفق أناشيدنا الظافرةْ
لها قبلة الطفل وهي تطيرُ كطيارة من ورقْ
وتهبطُ مقترحاً للغرامِ على وجنةِ البنتِ، لائبةً، في ليالي الأرقْ..
ومن ثورة الزنج تَشهر أحلامَها ضدّ قصرِ الخلافةْ
ومن كلكامشِ أسطورةُ العشبةِ المستحيلةْ
لها، من طباعِ العراقِ – الحصانُ يطيرُ عنيداً،
إلى سدرة المنتهى، منذ قبلِ الخليقةِ، بين سماءين،
في جنّة الأنبياءِ الميامينَ والشعراءِ المجانينَ حيثُ الضياءُ الإلهيُّ يُعشي البصرْ
ويصعد، ذاك العراقُ - الحصانُ، بعيداً، جناحاهُ ممتحنانِ بعاصفةٍ وبروقْ
جدائلُهُ حول عنقِ ترفُّ، وخوفٌ يلازمه، والدماءُ تؤرخه منذ ميلادِهِ الصعبِ..
-هل كان يقرأُ؟
-يقرأ أسفارَ أوروكَ ثم يعيدُ صناعةَ عشتارَ كيما يؤوّلُ صورتَها..
-هل يشكّ؟
-كثيراً! لأن اليقينَ عمى والحياة اختلافْ  
-يخافْ؟
-وهل بعد هذا الدمِ المتصاعدِ ثم قتيلٌ يخافْ؟
تجرّأ، واجترّ جرأتَهُ..غابَ، غُيِّبَ، ذابَ، تمرّدَ، ثارَ، أرادَ لهذا الشجرْ
غير حزنِ الشجرْ
قصيدةُ نثرٍ، أنا، أتوكأ على خوفي الأبدي من سلطة الشارع العامِ
أبحثُ عن لائي النافيةْ
وتحت ركام الزمان المفخخّ
أبحثُ عن جثّتي الحافيةْ....
لندن -  24 آذار (مارس) 2009

3- اللغم
بترت ساقه في الهجوم الأخيرْ
إنه لم يكن ضابط صف ولا ضابطاً مسلكياً
ولكنه جارنا الطالب الجامعي
الذي سيعرّس هذا الخميسْ...
أمه انتظرت لحظة العرس،
لكن لغماً أطاح سنابله
فبدا حقله أسود ثم عاد إلى رشده
حلماً ثم أيقظه اللغم ثالثة فاستحال دخاناً
ورابعة عاد نحو الجدارْ
غير أن الفتى ذو خيال مثير..
فبدا أسود الجلد، في البدء، ثم استحال سؤالاً:
ترى هل تحب العروسْ..
عريساً بلا ساقِ..
أم انها تتحرى بقية ألغامنا النائمةْ
في ثنايا الرؤوس؟
لندن – اذار (مارس)

رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  عواد ناصر


 
 

ابحث في الموقع

Search Help

بحث عن الكتاب


انضموا الى قائمتنا البريدية

الاسم:

البريد الالكتروني:

 


دليل الفنانيين التشكيليين

Powered by IraqiArt.com 


 

 

 
 
 

Copyright © 2007 IraqWriters.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
Ali Zayni