... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله

 

  قصة قصيرة

   
آلة الفرنجة

ميسلون هادي

تاريخ النشر       29/06/2009 06:00 AM


    المنصة الخشبية المديدة بنية اللون تتوسطها سلة كبيرة من الورد الأصفر والأبيض والأحمر، ويجلس خلفها أربعة باحثين وباحثة سادسهم رئيس الجلسة الذي كتبت خلفه لافتة تقول (ندوة العلاقة مع الغرب من منظور الانسانيات)، وكانت أصوات الطلاب خارج القاعة تتسلل خافتة إلى داخلها لتبدد صمت انتظار الميكروفون الذي تأخر في النطق.
- ألست ضجراً؟
- ...........
- كم أكره المؤتمرات!
- واضح.
- من الصعب أن تقول أين هي الحقيقة.
- إننا نتمرن فحسب.
- إنه يوم خريفي جميل ونحن جالسون في مؤتمر. المفروض أن نكون في رحلة. لايف از بيوتفل.
- ..... 
- ماذا تقرأ؟
- أنظر إلى أسماء المشاركين معنا في المؤتمر.
- بعد ما جرى في العالم، يجب أن نطلق النار لا أن نشارك في مؤتمرات.
- ولماذا لا ننظر إلى الغرب من منظور يوم خريفي جميل؟
- ها قد عاد المايك إلى العمل. انتباه!
    "تمثل الحروب الصليبية، أو حروب الفرنجة كما أطلقت عليها المصادر العربية والإسلامية حقبة هامة من حقب التاريخ وحلقة من حلقات الصراع الطوووووووووووووويل بين الشرق والغرب في العصور الوسسسسسسسسسسسطى"
    رئيس الجلسة مد يده الى عنق المايك، ولواه إلى اليمين، ونقر بأصابعه على الشبكة السوداء التي تغطي وجه الجهاز، ثم راح يضغط على الأزرار الموجودة في اللوح الكهربائي وهو يتمتم "واحد اثنان ثلاثة".
- أنا جاد.. اريد أن أطلق النار على الجميع.
- هل تستطيع؟
- ألا تلاحظ العالم المجنون؟
- هل العالم هو المجنون؟
- نعم.. انظر إليه ماذا يفعل بنا في العراق؟
- هل أنت عراقي؟
- نعم. ألم تلاحظ ذلك من رأسي الى القدمين؟
- ظننتك بحرينيا.. هذا هو ما مدون أمام اسمك في كتاب المشاركين في المؤتمر. 
- أتيت من البحرين ، فكتبوا أمام اسمي دولة البحرين. انظر إلى أسماء الباحثين الخمسة. ليث ومعمر وجعفر وضرغام وسكينة، ورئيس الجلسة خالد أبو الوليد. كأننا في معركة.
- ألسنا كذلك؟.. إننا على مبعدة أمتار من مؤتة، ومرمى حجر من حطين. وكيف حال بغداد؟
- لو كنتُ في بغداد ما كنت هنا.
- ولكن ماذا يحدث في بغداد؟
- الطيبون والأشرار. الأحياء والأموات . اليسار واليمين.
- انتباه رجاء.
    "أما أنا، فلا أرتاح للفكرة التي تقول إن الغرب يتآمر علينا، وأكره الشماعات التي تعلق عليها الأخطاء، و يجب ان لا نعتب على الغرب في اختراقاته وانتهاكاته حقوقنا، بل نعتب على أنفسنا المتقاعسة المتهالكة في فتح الثغرات أمام الغرب ليقوم هو بالاخترق والتآمر ورسم السينار..يو..هاااااااااات.. والتي هي معدة وجاهزة على الدوام لتطويع الوطن العربي وتركيعه واختراقه قه قه قه.
- المايك بدأ يزمجر من جديد.
- تفضل يا عزيزي.
    "إن الصراع أزلي وقديم ومتواصل عبر حقب التاريخ، وإن الأصل في هذه العداوة هو العلاقة بين الأمم القائمة على مبدأ الصراع لا من أجل البقاء المحض، وإنما من أجل البقاء على القمة، أو من أجل الوصول إليهاهاهاهاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا..
- أين الأخ الكهربائي؟
- تفضل يا دكتور.. بدون مايك.
"وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر،..
- الصوت رجاءً.
- عد إلى المايك.
    "وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، أسهمت وسائل الإعلام الغربية في الترويج لهذا العداء، وأعطته أبعاداً خطيرة قادت إلى مزيد من العنف والصراع. نحن إذن إزاء عقدة المركزية الغربية، وعقدة الحروب الصليبية، وعقدة الخوف من الإسلام، وعقدة التسلط والعنجهية".
- هل يلتقي الشرق والغرب أذن؟
- هل هي علاقة الغالب بالمغلوب؟
- من الذي ينادي بالعلاقة؟ الشرق ام الغرب؟
- جميع النظريات تهمنا.
- التوتر كان قائماً على الدوام.
- كتلتان متضاربتان.
- العصرنة.
- القودمة.
- المصالح.
- الأقدار.
- التقدم والازدهار.
- الديموقراطية.
- آيات شيطانية.
- العداء السافر للإسلام.
- التحريض.
- التآمر.
- التقاطب.
- التقابل.
- الصولبة.
- البلقنة.
- العثمنة.
- العولمة.
- العوربة.
- الأوْربة.
- الجوسسة.     
    وبدأ المايك يدمدم ويزمجر من جديد، ثم تحول صوته إلى صرير ممطوط يصم الأسماع،  فما كان من رئيس الجلسة إلا أن ضغط على الزر الاحمر الموجود في قاعدة الميكرفون ثم توجه بالكلام إلى العامل الأجنبي الذي قدم للتو وقال له:
- ما بال هذا المايك؟ تعال، يا مستر وأصلح لنا آلة الفرنجة.
(ضحك).
- إزِنتْ ات بيوتفل؟
- نعم؟
- أن نشتم الفرنجة بآلة الفرنجة.


رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  ميسلون هادي


 
 

ابحث في الموقع

Search Help

بحث عن الكتاب


انضموا الى قائمتنا البريدية

الاسم:

البريد الالكتروني:

 


دليل الفنانيين التشكيليين

Powered by IraqiArt.com 


 

 

 
 
 

Copyright © 2007 IraqWriters.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
Ali Zayni