... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله

 

  في السياسة

   
يا مكتب المالكي: لو كهرباء لو إباحية؟

سرمد الطائي

تاريخ النشر       03/08/2009 06:00 AM


علاقة صعبة تلك التي تربط محاولات الحكومة لحظر المواقع الاباحية، وتلكؤ الموقع الرسمي لنوري المالكي في بث المعلومات المهمة على الانترنت، الى جانب تلكؤ عقود الكهرباء العملاقة التي كشفت، أن أحزاب العراق تتفاخر بالنجاح في صعق "كهرباء لا تكهرب" بسبب انقطاعها شبه الكامل. فضلا عن شجاعة نادرة للحكومة، في معسكر أشرف افتقدناها في قلب بغداد أحيانا.
ولكن اسمحوا لي ان احاول رسم هذه الخارطة الصعبة.
لم اتحمس للسيد نوري المالكي قدر تحمسي لغضبه قبل يومين بشأن عقود الكهرباء التي فشل في توفير اموال لها بسبب خلافات سياسية تحولت الى ابتزاز داخل مجلس النواب. لأن الموضوع يتعلق بعصب الحياة اليوم وأهلي وأهلكم يتعرضون للشوي.
لكن حماسي يفتر ثم يفتر للسيد رئيس الوزراء كلما مر باختبار جديد هو وحكومته. هل يستحقون منا ان نتضامن مع طموحاتهم يا ترى؟ هل لديهم رغبة حقيقية بتنفيذ منجزات للعراق ام انها مجرد مزايدة على مشاعرنا وحاجاتنا في اجواء انتخابية مبكرة؟
بديهة الأشياء ان نبدأ بالسهل الضروري. لكن حكومة المالكي، تهرع إلى الصعب وغير الضروري وتقدم عرضا هو الأسوأ بين ممكنات السياسة والادارة.
لنبدأ مع وزارة الداخلية التي شغلتنا وشغلت الرأي العام بموضوع الانترنت والمواقع الاباحية التي يرى البعض ضرورة حظرها. ومساء اليوم الاحد اطلعت على بيان اصدره مكتب الوزير بهذا الشأن يدافع عن حق السلطة في حجب المواقع. وكأن كل الواجبات انجزت ولم يتبق من التهديدات سوى مواقع لا يعرفها سوى واحد في المائة من سكان مدن العراق.
فجأة اصبحت الاولوية اليوم هي اللحاق بالركب الايراني والسعودي والصيني الذي يفرض حظرا على تدفق المعلومات، فيبدأ بحجب موقع اباحي لينتهي بتقييد مواقع الاخبار والمعلومات، كأي خدعة مكررة ينفذها الخائفون من الحرية.
في نفس الوقت كنت ابحث بحماس تعرض لفتور لاحقا، عن خطاب المالكي يوم السبت والذي هاجم فيه معرقلي صفقات الكهرباء. لم اعثر على نص خطاب رئيس الحكومة، وحين اتصلت بموظف مرموق في مكتب المالكي مستفهما عن توقف المواقع الالكترونية الرسمية التي يفترض بها بث الخطاب، اجابني بأن السبت عطلة. هل للآلهة عطلتها أيضا؟ ولماذا اختار المالكي يوم العطلة لالقاء خطاب مهم يا ترى؟
وهكذا وبدل ان يكون الموقع الالكتروني لرئيس الوزراء، حريصا على نقل المعلومات الحكومية المهمة لحظة بلحظة، فإن الحكومة تريد أن تكرس جهدا ووقتا لحجب المواقع التي لا يهدأ لها بال ولا تتوقف لحظة عن تحديث نفسها مثل مواقع البورنوغرافيا التي ارجو ان تتعلم منها الحكومة سرعة تحديث المعلومات والبيانات.
اسرح نظري بين الموقع الالكتروني الجامد للمالكي، والاستقتال الحكومي لحجب المواقع "الخطيرة" وأتساءل: لو كان لدينا أموال زائدة وتقنيون بعدد وافر للقيام بمشروع عملاق للحجب هذا، فلماذا لا يبدأ المالكي بتوظيفهم في المواقع الالكترونية الحكومية البائسة هذه؟
لا يعلم السادة المعنيون ان السعودية والصين وإيران، تحتويان اكبر مؤسسات سيطرة على المعلومات في العالم، وكلها نماذج غير مشرفة. وهذا الأمر جعل من ابناء الشعوب الصينية والسعودية والايرانية، الاكثر خبرة في اختراق الحظر وكسر الحصار المعلوماتي. وما الاحتجاجات الايرانية الاخيرة إلا دليل على ذلك حيث عجزت طهران بجبروتها عن منع المعلومة والصورة المعارضة، من الوصول الى العالم.
دعونا نرجع الى موضوع الكهرباء لأتنازل ثانية عن المواقع الالكترونية وأزمة الطاقة الى مأساة القمامة المخزية، وأتساءل عن فشل الحكومة غير المبرر في التنظيف مقابل فشل قطاع الطاقة الذي يمكن ان افهمه.
أرى بتعجب زحمة العاملين في البلدية عند الصباح، لكن المزابل على حالها من العشار حتى طوز خورماتو.
تعالوا نسأل: هل يحتاج تنظيف المدن، الى تخصيص سندات حكومية تمول عقودا عملاقة شبيهة بعقود جنرال الكتريك؟ كي يعتذر المالكي بأن القمامة المنتشرة كالجبال، لا يمكن جمعها لان البرلمان يرفض ذلك ويقوم بابتزازه "بسبب صعوبات تشكيل الائتلاف الشيعي"؟
سأتنازل عن نظافة المدن كي أسأل عن نظافة المنطقة الخضراء ذاتها. زرتها آخر مرة وكانت حاراتها السكنية، واحدة من أقذر أحياء العراق. بل ان بحيرة جميلة تحولت الى ترعة آسنة تسبح فيها "بجعات رئاسية هولندية من زمن المرحوم" وتحول لونها الابيض الى اسود.
لن انسى المشهد هذا، وسيخف حماسي للانتخابات، طالما اشاهد كل يوم، تناقض الاولويات الصارخ في اداء السلطة، واندفاعها غير المبرر نحو مشاكل ثانوية.
ذلك لانها سلطة لم تفكر في توفير خطوط انترنت اصولية وصحيحة مثل البشر، بقدر ما سارعت الى التفكير في الهيمنة على هذه الشبكة.
ولأنها سلطة تشغلنا بالعقود الكهربائية المعقدة، وهي تتكاسل عن تنظيف حارات المنطقة الخضراء نفسها.
السلطة ذاتها جعلت العراق في موضع شك، حين استخدمت عربة الهمر الأميركي، في دهس عناصر مجاهدي خلق المتحالفين مع أميركا (هم أول من سرب أسرار المشروع النووي الإيراني لواشنطن)، ونحن نأمل في الوقت نفسه، أن تبيعنا واشنطن طائرات أف 16 التي لا تملكها الا السعودية واسرائيل.
لقد دهسنا مجاهدي خلق قبل ان تجرؤ سلطتنا هذه على مس شعرة من عناصر قالت إنهم كبار ومتورطون في سرقة مصارف وتفخيخ مناطق وسط بغداد.
انها تهرب من مواجهة الأقوياء. إنه الهرب ذاته من الصعب الى السهل.. من تنظيف القمامة وهو أمر يصعب تبريره، الى عقود الكهرباء التي يسهل تبرير العجز معها. هرب من تطوير الاتصالات الوطنية والنقال المشوش وتطوير مناهج التربية المدرسية، إلى شغل الرأي العام بالمواقع الاباحية المفترضة. وباختصار إنه الهرب من "عصابات الكرادة" نحو معسكر أشرف.
كيف ستجعلني أتحمس معك مرة اخرى يا رئيس الوزراء؟


رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  سرمد الطائي


 
 

ابحث في الموقع

Search Help

بحث عن الكتاب


انضموا الى قائمتنا البريدية

الاسم:

البريد الالكتروني:

 


دليل الفنانيين التشكيليين

Powered by IraqiArt.com 


 

 

 
 
 

Copyright © 2007 IraqWriters.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
Ali Zayni