... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله

 

  في السياسة

   
فرصة الناخب في تحقيق التغيير في العراق

حميد الكفائي

تاريخ النشر       17/11/2009 06:00 AM


بإعلان رئيس الوزراء العراقي السابق إياد علاوي تحالفه مع زعيم جبهة الحوار الوطني، صالح المطلق، ليشكلا معاً «الحركة الوطنية العراقية»، اتضحت خطوط المعركة الانتخابية العراقية المقبلة وبرز أطرافها الرئيسيون. فتحالف المطلق - علاوي يقدم خياراً حقيقياً لأنه يمتلك سياسات مختلفة تماماً عما هو مطروح من قبل الأطراف المشاركة في الحكومة. ومن هذه المميزات التي تفتقر إليها الكتل الأخرى هو تجاوزه للحدود الطائفية في شكل حقيقي وليس تجميلياً، كما فعل الآخرون. ثم إن هذا التجمع علماني حقيقي ولا يستخدم الدين للوصول إلى السلطة وهذه هي أهم ميزة فيه، لأن الآخرين يتعكزون على الدين أو المذهب أو المنطقة.
فهل يستطيع العلمانيون العراقيون، بشتى مكوناتهم، أن يتجاوزوا هذا التجمع في الانتخابات المقبلة، حتى وإن اختلفوا مع بعض قادته؟ لا أعتقد ذلك لأن المسألة تتجاوز الخلافات الشخصية والحزبية بل أصبحت مصيرية يتوقف عليها وجود العراق ومستقبله. والمميز الثالث هو المصالحة الوطنية، فهذا التجمع يمتلك رؤية واضحة تعتمد على إلغاء كل القوانين التي تميز بين أبناء الوطن الواحد على أسس سياسية.
وهــــذه الرؤية أصبحــــت سائدة الآن ويعترف بضرورتهـــا حتى خصومه السياسيون، لكنهم مع ذلك أبقوا على قوانين التمييز وتعزيزها. المميز الرابع هو نقل العراق إلى موقعه الطبيعي بين البلدان العربية التي لا تزال غير مطمئنة إليه بسبب تقارب بعض الأطراف السياسية مع أطراف إقليمية لا تثق الدول العربية بسياساتها وتوجهاتها.
أما الكتل الرئيسة الأخرى فلا تزال تعاني من غياب الرؤى الواضحة وعدم القدرة على التخلص من سلبيات الماضي. «الإئتلاف الوطني العراقي»، الذي يجمع شتات الأحزاب والشخصيات الإسلامية الشيعية، لا يزال يعاني من عدم التجانس وتناقض توجهات مكوناته، خصوصاً مع سعيه لإشراك شخصيات علمانية سنية في صفوفه كي يبعد عنه صفة الطائفية. وهو يتحمل أيضاً وزر الكثير من المشاكل والأخطاء التي وقعت فيها الحكومة باعتباره هو الذي شكلها. أما الائتلاف الكبير الآخر فهو «ائتلاف دولة القانون» الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي ويمثل حزب الدعوة الإسلامية والمجموعات المنضوية تحت لوائه، وهو سيدعو لنفسه من دون شك كل الانجازات التي تحققت خلال السنوات الأربع الماضية، والتي لا بد من أنه يمتلك قائمة طويلة بها، وسيرمي بالسلبيات على آخرين بينهم شركاؤه السابقون في الائتلاف الوطني. لكنه سيستفيد حتماً من الإمكانات التي توفرها له السلطة. لقد ضعف هذا الائتلاف كثيراً أخيراً بسبب التفجيرات التي طالت الوزارات وراح ضحيتها مئات العراقيين. فهي جردته من إدعائه السابق بأنه حقق الأمن. كما أن الصراع الدائر بين وزير الداخلية، جواد البولاني، الذي أعلن هو الآخر عن تجمع انتخابي جديد، «ائتلاف وحدة العراق»، قد خلط الأوراق في ما يتعلق بالمسؤولية عن الإخفاق الأمني الأخير. لقد أضعف هذا الصراع الحكومة وأعطى انطباعاً أن رئيس الوزراء ووزير الداخلية يتنصلان من مسؤولياتهما الأمنية ويلقيان باللائمة على بعضهما البعض.
وقد دفعت الإخفاقات الأمنية الأخيرة، وإعلان تحالف علاوي - المطلـــق، برئيس الوزراء إلى التفكير جدياً بالتحالف مع حلفائه الســـابقين الذين تخلى عنهم قبل بضعة أشهر عندما شعر بأنه قادر على خوض المعركة منفرداً، إضافة إلى إدراكه لتقلص شعبيتهم الذي تجلى في هزيمتهم في الانتخابات المحلية. لكن مثل هذا التحالف، إن حصل، سيعيد العملية السياسية إلى المربع الأول، فكلا التجمعين إسلامي شيعي، على رغم محاولتيهما «تزيين» الائتلافين بشخصيات ليبرالية وسنية، وهذا من شأنه أن يحيي الطائفية السياسية التي ضعفت كثيراً في الآونة الأخيرة. وإحياء الطائفية لن يكون في مصلحة هذين الائتلافين لأن الكثيرين من الناخبين الشيعة أدركوا أن الطائفية السياسية لم تجلب لهم سوى الاحتراب والاقتتال والتقهقر، لذلك فإن الناخبين الذين نبذوا الطائفية قد يبتعدون عن التصويت لائتلاف ذي صبغة طائفية لم يتمكن خلال توليه الحكم لسنوات خمس أن يحقق لهم الأمن والخدمات الأساسية.
إن الائتلافين الشيعيين في أزمة حقيقية. إن اتحدا فسيشكلان تجمعاً طائفياً قد لا يحظى بالتأييد الذي يطمحان فيه، خصوصاً مع بقاء المرجعية الدينية على الحياد، بل قد يساهمان في دفع الكثيرين ممن سيصوتون للمالكي منفرداً، إلى التصويت لخصومه في الحركة الوطنية العراقية. وإن بقيا منفصلين فإنهما على الأرجح لن يتمكنا من تشكيل الحكومة المقبلة.
لكن اندماجهما قد يكون مفيداً حتى بالنسبة الى الخصوم لأنه سيجعل المعركة واضحة، لا لبس فيها، بين الإسلاميين والعلمانيين، الطائفيين والوطنيين، المجددين والتقليديين، وبين مسؤولين ارتكبوا أخطاء ومعارضين انتقدوا سياسات الحكومة وترفعوا عن المشاركة فيها لاعتقادهم أنها طائفية وغير كفوءة.
أما «الحركة الوطنية» فهي الأخرى في مأزق، لأنها من جهة تسعى لاستيعاب البعثيين وأتباع النظام السابق في الدولة، وهذا مسعى يحظى بتأييد الكثيرين، لكنها من جهة أخرى لا تستطيع أن ترشح من تريد في الانتخابات المقبلة لأن خصومها سيستخدمون قانون المساءلة والعدالة ضد المرشحين الذين تولوا مناصب حزبية أو أمنية في النظام السابق، لذلك فإن القائمين عليها بحاجة إلى الحذر، لا أن يصروا، كما فعلوا سابقاً، على تقديم مرشحين لهم علاقة بالنظام السابق، مما تسبب في حرمان عدد من أعضائها من عضوية البرلمان لتبقى مقاعدهم فارغة طوال 4 سنوات، وقد يكون هذا الأمر حاسماً في تجريد القائمة من حق تشكيل الحكومة إذا ما كان عدد المقاعد البرلمانية متقارباً بين الكتل. إن تبني خيار القائمة المفتوحة الذي سيتيح للناخبين، وليس قادة الأحزاب، اختيار النواب، سيكون فرصة ذهبية للكتل السياسية جميعاً كي تتنافس على تقديم أفضل المرشحين وأكثرهم كفاءة ونزاهة للناخب، ومن هنا فإن مهمة قادة الكتل والأحزاب ستكون عسيرة وستضطرهم لاختيار المرشحين القادرين على الفوز وليس بالضرورة المقربين منهم.


رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  حميد الكفائي


 
 

ابحث في الموقع

Search Help

بحث عن الكتاب


انضموا الى قائمتنا البريدية

الاسم:

البريد الالكتروني:

 


دليل الفنانيين التشكيليين

Powered by IraqiArt.com 


 

 

 
 
 

Copyright © 2007 IraqWriters.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
Ali Zayni