... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله

 

  في السياسة

   
دلالات مهمة في لقاء الحكيم مع واشنطن بوست !

مهند حبيب السماوي

تاريخ النشر       13/12/2009 06:00 AM


قامت صحيفة الواشطن بوست الامريكية بأجراء لقاء مع رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي السيد عمار الحكيم نشرُ، الخميس 10-12-2009 ، تحت عنوان رئيسي يقول" شخصية شيعية رفيعة تدعم عراق علماني ديمقراطي" ، وأخر فرعي هو"  الحكيم ينشد الموازنة بين القوانين المدنية والدين " .
الحوار لم يُنشر بصيغة الأسئلة والأجوبة، كما هو معروف تقليديا،  بل نُشر على شكل مقال للصحفي أيلي ليك تضمن في ثناياه الأقول والعبارات التي ذكرها السيد عمار بالإضافة الى تعليقات أيلي حول ما يقوله الحكيم وما يمكن أن يستنتجه من مضامين تترتب على تلك الأقوال ناهيك عن مقارنات بين ما يراه الحكيم وما تراه القيادات الإيرانية، وكيف يتميز المجلس برؤية مغايرة لمنهج ايران في التعامل مع العلاقة بين الدين والدولة وملف القضية الفلسطينية.
وقد تضمنت المقالة محاور عديدة لم يأت ايلي ، لكل أسف، على الحديث عنها بصورة متدرجة ومبوبة ضمن فقرات معينة، وإنما انتقل من موضوع لأخر بصورة عشوائية غير صحيحة مما جعل المقالة مفتقرة للمنهجية والتسلسل السليم في العرض والذي سأحاول هنا تفاديه واجتناب الأخطاء المنهجية التي وقع فيها .
المقالة تضمنت عدة محاور ، بعثرها أيلي كما أشرت أعلاه ، وقد وجدت أن خمسة منها مهمة جدا وتستحق التعرض لها ومعرفة ما قاله عنها الحكيم ، وهي:
- الدولة الديمقراطية في العراق وعلاقتها بالدين
- أيران وعلاقتها بالعراق
- القضية الفلسطينية
- التعامل مع حزب البعث 
- الاتفاقية العراقية الأمريكية
الدولة الديمقراطية في العراق وعلاقتها بالدين
بدأت المقالة "وأفضل أن أسميها مقالة وليست حوارا تقليديا " في القول بان مقولة " أمريكا تأمل بان يكون العراق بلدا علمانيا ديمقراطيا يمارس التسامح الديني بين مختلف
أطيافه "،هذه العبارة وجدت دعما لها لدى السيد عمار الحكيم صاحب ال 38 سنة الذي ترأس المجلس الأعلى الأسلامي بعد رحيل والده ، وهو احد اكبر الحركات الشيعية في العراق التي تتهيأ للمشاركة بقوة في الانتخابات البرلمانية التي ستجري في أوائل اذار المقبل ، والتي من المؤمل ان يلعب المجلس، كما يعتقد ايلي ، دورا مهما في تشكيل الحكومة المقبلة واختيار رئيس الوزراء.
الدستور العراقي، كما يقول الحكيم " منع  تشريع أي قانون يتعارض مع مبادئ الإسلام لكنه لم يؤسس مجلس او هيئة دينية لمراجعة القوانين"، وهو قد أكد أيضا على أن " الحرية الدينية يجب ان تكون محترمة ".
وقد اشار الحكيم الى  التوازن الدقيق بين القوانين المدنية واحترام السلطات الدينية التي طُرحت في الدستور العراقي، وهو يرى أن " العراق يُدار ويحكم الآن  كبلد مدني لكنه يحترم الهوية الإسلامية لهذا البلد " .
وهنا يلتقط أيلي هذا القول ليعقب بالقول بان رأي الحكيم يتعارض مع القوانين الرسمية المعمول بها أيران مما يشير الى خلاف واضح في الرؤية بينه وبينهم .
وهذا الأمر لا يعود، وهذا الكلام يعود لي أنا ، الى رؤية الحكيم  فحسب بل ان التجربة السياسية العراقية بمجملها تختلف عن التجربة الايرانية ، وقد كُتبت الصحف الغربية في هذا الصدد عدة مقالات منها مقال " الصمت العراقي بشان نتائج الانتخابات الإيرانية " لجينا كون في صحيفة وول ستريت جورنل بتاريخ 18 من حزيران هذا العام ومقالة اليسا روبن في نيويورك تايمز في 23 حزيران من نفس العام والتي كانت تحمل عنوان" صمت المرجعية بشان الانتخابات المضطربة" ، بالإضافة الى مقالة الكاتب انطوني شديد في 17 من تموز الماضي في صحيفة واشنطن بوست والتي كانت بعنوان " الخلاف الشيعي حول الحكم
الديني " والتي تحدث فيه عن الفرق بين وجهة نظر علماء الدين في إيران لكيفية الحكم متمثلا بولاية الفقيه ورأي مرجعية النجف في هذا الأمر ، كما تعرضت الى ذلك  بالتحليل في مقالة لي نُشرت بتاريخ 21-7-2009.
إيران وعلاقتها بالعراق
يؤكد الحكيم، بادئ ذي بدء، ان العراق يجب أن لا يقع  تحت تأثير غير مبرر من قبل جارته إيران. فمن غير المنطقي أن " يرمي العراق نفسه في أحضان أي دولة مهما
كانت، لأننا نحن لسنا عملاء لأحد ".
ويضيف الحكيم " أن الائتلاف الشيعي الذي يشكل الغالبية في البرلمان " فخور بميراث العراق العربي ومن الممكن أن يكون جسرا بين الغالبية العربية المسلمة السنية وشيعة إيران "  .
وهنا يرى ايلي أن ملاحظة الحكيم لها مضامين تتعلق بالمنطقة كلها لان إيران لها تاريخ في استعمال القوى الحليفة لها، ومن ضمنها حركة حماس وحزب الله ، في التأثير على مجريات الإحداث في الدول الأخرى . كما أن مقولة الحكيم هذه تمثل أيضا ، رغبة متنامية من قبل حزبه لإزالة مخاوف الأقلية العربية السنية في هذه المرحلة التي يتهيأ  فيها العراق للانتخاب البرلمانية في بداية آذار المقبل .
ومن مصلحة العراق، كما يرى الحكيم، أن تكون له علاقة طيبة مع إيران التي تشارك العراق بروابط دينية وتاريخية بالإضافة إلى 870 كيلو متر من الحدود، وباستثناء لبنان وشيعة البحرين ، فان العراق هو البلد الوحيد ذو الغالبية الشيعية في الوطن العربي.
القضية الفلسطينية
يقول أيلي أن الحكيم ابرز شهادات حزبه العربية عبر تأكيده على  تاريخ دعم المجلس الأعلى للقضية الفلسطينية في صراعها مع إسرائيل، وفي هذا المجال يقول الحكيم "  نحن نعتبر أننا جزء من العالم العربي، ونحن لا نتوقع أن يكون للعراق موقفا مختلفا عن بقية الدول العربية فيما يتعلق بإسرائيل، فطالما شعب فلسطين يواجه باستمرار مختلف أنواع
الضغوط ...وطالما مبادرة السلام العربية لم يُنظر لها بجدية .... فانه من غير المتوقع أن تجد موقفا ايجابيا من العراق تجاه إسرائيل ".
وفي هذا الصدد تطرق الحديث عن الرئيس اوباما وموقفه من العالم الإسلامي والقضية الفلسطينية ، فيري أيلي أن الحكيم قد وافق رؤية اوباما حول علاقة أمريكا بالعالم الإسلامي واصفا إياها بأنها " متوازنة "، لكنه بالرغم من ذلك لم يخف خيبة أمله من عدم قدرة أمريكا على أجبار إسرائيل على تجميد بناء المستوطنات في القدس الشرقية والضفة
الغربية وهو " يجد أن اوباما قد تنصل من بعض الأشياء التي قالها سابقا ، لكنه لا يريد أن يُصدر حكما نهائيا الآن بل انه، على حد تعبيره،" سوف ينتظر ويرى ويراقب ما سوف يحدث في المستقبل".
وهان يلتقط أيلي عبارة الحكيم بشان القضية الفلسطينية، كما فعل فيما يتعلق بالعلاقة بين الدين والدولة، ليقارنها مع الموقف الإيراني من نفس القضية ويرى في تعليقه
هذا أن موقف الحكيم " ألطف من رأي القادة في إيران الذي دعا رئيسهم إلى تدمير إسرائيل بالإضافة إلى موقف مقتدى الصدر المعروف بعدائه العلني للدولة اليهودية ". وهو في هذا الموقف اقرب للعقلانية والواقع والصواب من وجهة نظري الخاصة .
ملف التعامل بع حزب البعث
 يميز الحكيم ، كما يقول أيلي ، بين أغلب أعضاء حزب البعث الذين عملوا مع النظام السابق ولم يؤذوا الشعب العراقي ، وبين من يطلق عليهم الصداميين . حيث أن اغلب من التحقوا بحزب البعث كانوا مضللين ، فنحن نعتبرهم عراقيين ولا نرغب أن ندعوهم
بعثيين، فالبعث رحل إلى غير رجعة ، وهؤلاء لديهم الحق أن يعيشوا كبقية العراقيين.
إما بالنسبة للصداميين فيرى الحكيم بان " هؤلاء لديهم أجندة خاصة ولازالوا يعملون وفقا لمنطق المؤامرة ،وهم يحلمون بالعودة للسلطة ،والاستمرار في إيذاء الشعب العراقي، وهم أيضا متورطون في أعمال إرهابية ، و ليس لهم مكان في العراق، وسوف لن نسمح لهم بأي حضور في المؤسسات العراقية.
الاتفاقية العراقية الأمريكية
يرى أيلي أن الحكيم كان مرتاحا لخطوة الانسحاب الأمريكي من المدن ، حيث
يقول " بالتأكيد نحن نشعر بالارتياح لرؤية أميركا تطبق تنفيذ اتفاقية الانسحاب ونحن نتطلع لخروج هذا القوات من العراق ورجوعها إلى وطنها، ونحن لا نرغب أن تكون العلاقة الأمريكية العراقية مبنية على أساس عسكري فقط " .
وفيما يتعلق بالقواعد الأمريكية في العراق، يوضح الحكيم انه " لم يطرح بصورة علنية احد من القادة العراقيين أو من الإدارة الأمريكية أمكانية الاحتفاظ ببعض القواعد الأمريكية أو الجيوش في العراق بعد31-12- 2011، وهو الموعد الذي ينبغي على القوت الأمريكية الخروج  من العراق طبقا لاتفاقية وضع القوات الأمريكية التي وقعت نهاية السنة
الماضية .
ويقترح الحكيم، كما يقول أيلي، أن تستمر أمريكا في دعم العراق عبر التدريب وبيع الأسلحة وهذه الأمر متروك للخبراء العسكريين.
الدلالات المهمة التي ينبغي علينا الوقوف عليها في هذه المقالة هو أن التجربة العراقية تعتبر متميزة واستثنائية ولا يمكن أن تجد لها شبيه في المنطقة العربية التي تُحكم، أو تُحاكم لا فرق ، شعوبها من قبل أنظمة دكتاتورية شمولية طاعنة في السن وفي الفشل
أيضا .
كما انه لا يمكن أن يُقارن العراق بإيران المجاورة ، وان كان كلا البلديين ذا غالبية شيعية ، فنظام الحكم  في العراق ومقتضيات مصالحة السياسية لا يشبه نظيره الإيراني ومفترضاته التي يقوم عليها ، فالعراق له تجربة مختلفة ذات فرادة وأصالة ، خصوصا أذا استطاعت الحكومة استئصال شأفة الإرهاب وقطع وريده والقضاء عليه وبناء نموذج لعراق عصري ديمقراطي تعددي يحترم حقوق الإنسان والأقليات والكفاءات ،ويقوم على أساس المشاركة والتسامح والمصالحة، وهو ما أكده الحكيم في لقاءه الذي قمت بتفكيكه وتحليل ما جاء في ثناياه بصورة مبسطة .
 
رئيس مشروع وزارة السلام العالمي في العراق
alsemawee@gmail.com


رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  مهند حبيب السماوي


 
 

ابحث في الموقع

Search Help

بحث عن الكتاب


انضموا الى قائمتنا البريدية

الاسم:

البريد الالكتروني:

 


دليل الفنانيين التشكيليين

Powered by IraqiArt.com 


 

 

 
 
 

Copyright © 2007 IraqWriters.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
Ali Zayni