... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله

 

  قصة قصيرة

   
رائحة الصندل

سعد البغدادي

تاريخ النشر       25/08/2007 06:00 AM


لم يكن عادل يعرف انه سيذهب الى الجبهة.ويقاتل هناك. لكن سبب رسوبه في المرحلة الاعدادية. قاده الى. معسكر النهروان ليتدرب ثلاثة اشهر وبعدها. الى منطقة ديزفول.

 

الليل موحشا.

 

ومخيفا

 

قال عادل وهو يخاطب جبار الجندي الذي سبقه الى ديزفول.

 

كيف قضيت كل هذه المدة هنا؟

 

ستتعلم كيف تعيش هنا؟

 

لم يكن صوت جبار واضحا. بسبب المرض الذي لازمه منذ ثلاثة اشهر.

 

حاولت ان اميز صوته لكن صوت المدفعية كان اقوى

 

حاولت ان اظهر شجاعة وتماسك. قلت له هل يستمر هذا الرمي طويلا.

 

تناولنا العشاء. قدم لي سيكارة من نوع سومر.

 

لو نجحت ما كان لك ان تصل الى هنا.

 

...................................................

 

لم تكن نضال سبب رسوبي. رغم اني قضيت الامتحانات بالقرب من مدرستها ونادر ماكنت اراجع دروسي

 

الا اني لااحب المدرسة. ولم اكن ارغب في مواصلة الدرس.

 

تعرفت على نضال منذ ثلاث سنوات. احببتها الى حد يفوق التصور

 

كنت اذا رغبت برؤيتها في اي وقت لم تمانع.

 

عطرها كان يغريني الى حد الهوس

 

عادل متى نتزوج.

 

كنت اقاطعها. ارجوك كفي عن هذا الكلام.

 

جزء كبير تشغله نضال من حياتي. لم اعتتقد اني افارقها. كنت احبها وعازم على الزواج منها.

 

نضال تعرف. هذا لكن الامور المادية والحرب,ورائحة الصندل التي اشمها من نضال تطفيء مني الرغبة بالزواج

 

...................................................

 

اهرب اهرب. لم اكن اسمع سوى صوت جبار

 

حاولت ان اركض . سقطت قريبا جبار. جبار

 

لم اكن اسمع صوت

 

سمعت اصوات عرفت انها لجنود ايرانيين. الجرح كان كبير لم استطع المسير.

 

استسلمت بسولة رفعت يدي الى الاعلى. اشهد ان عليا ولي الله. صرخت بها

 

كان جبار علمني اذا وقعت في الاسر ان اقول هذه الكلمات

 

...........................................

 

نضال اه يا رائحة الصندل... تم تنسيبي الى معسكر اسرى يسمى طريق القدس المعسكر, بعيد جدا يقع تقريبا كما عرفت فيما بعد قرب الحدود الروسية.

 

لم اتعود على برودة الطقس الجو بارد جدا. وزع لنا البسيج وهي مفردة تطلق على حرس الثورة الاسلامية السكائر و ملابس وبطانيات.

 

اسمع انت انا ., لا ليس معك

 

اذهب الى جمالون رقم 3

 

انا, نعم انت.

 

كان صوت البسيج حاد جدا, في البداية شعرت بالخوف.

 

حاولت التماسك لكن, شعرت برغبة في البكاء بكيت اول الامر بصمت . لحظات وانفجرت في البكاء,

 

التف حولي عشرات العراقيين .احدهم اعطاني سيكارة والاخر جلب لي قدح ماء.

 

نظرت حولي الى هذه الوجوه حاولت ابكي مرة اخرى.

 

لكني شعرت بالخجل.

 

سوف لن نبقى طويلا. اشهر وسنعود الى بلادنا.

 

اسمي محمد و هولاء اخوتك نهضت اسلم عليهم . تعانقنا. وشربنا السكائر

 

ساعمل لكم شاي يذكركم بشاي بغداد.

 

قدم محسن لنا اقداح الشاي الاصفر..

 

ضحكنا كثير سوف تموتون هنا ولن تشربو شاي بغداد.

 

استمرت حياتنا بهذا الروتين

 

النهوض في الساعة الخامسة صباحا. اجراء التمارين الصباحية ثم نتوجه الى المسجد للصلاة.

 

طبعا كان على الجميع ان يصلي.

 

ثم نتناول وجبة الفطور. نذهب بعدها لقاعة المحاضرات حيث نستمع الى درس يذكرنا بدروس التوجيه السياسي

 

ثم نذهب الى المحاضرة الدينية

 

في المساء نذهب الى مقر لجنة الصليب الاحمر لنبحث عن رسائلنا.

 

ارسلت ثلاث رسائل الى اهلي . بكيت كثيرا حينما وصلتني رسالة من ابي

 

نحن بخير ولا ينقصنا سوى فراقك. امك تقبل راسك شقيقاتك يقبلن قدمك

 

تسلسلي الخامس والاخير لي اربعة شقيقات وامي وابي. كانت امي تدللني كثيرا. لاتنام حتى تراني وحينما ادخل تقدم لي وجبة طعام. من افضل مالديها.

 

ابي لا يستطيع ان يرفض لي طلبا. كنت احب ان اشاغب على شقيقاتي لان امي معي.

 

ا ه يا امي متى اراك. لم اعد ان اتحمل لقد اشتقت اليك كثيرا. كانت هذه الكلمات ابعثها لامي.

 

..................................

 

لم يكن احد في اعدادية العروبة وهذا اسم مدرستي. يجاريني في لعبة الشطرنج. فقد كنت بطل مركز شباب الاسكان. كنت اقضي كل وقتي في هذه اللعبة. صديقي صلاح كان المنافس لي في هذه اللعبة وفي كل بطولة كان النهائي بيني وبين صلاح... بعد المباراة نذهب الى متنزه قريب من مركز الشباب كنا نواعد نضال واميرة صديقة صلاح. نبقى حتى الساعة التاسعة في المتنزه.

 

نتواعد للخروج في اليوم التالي

 

..........................................

 

لم تكن نضال كباقي النساء. فهي جميلة جدا طويلة وبيضاء قالت انها ولدت في اربيل وبقيت هناك اكثر من سبع سنوات مع عائلتها لكنها ليس كردية. هي من الجنوب.

 

علاقتي بنضال تعرف بها امي فقد ارادت ان تزوجني من اقربائنا رفضت . شعرت بالرفض عميق. امي تعرفني حينما ازعل .

 

لم اتناول الغذاء ذلك اليوم.

 

زعلت امي كثيرا قالت انس الامر لكن قلي هل تعرف بنت .

 

قلت لها نضال

 

بدات نضال تزور امي في البيت حينما يكون خلاف بيننا.

 

ومنذ ذلك الحين لم تحاول نضال ان تزعلني مرة واحدة فقط لانها بدات كما قالت لي تخاف من امي ومن حب امي لي.

 

......................................................................

 

مضت ست سنوات وانا في طريق القدس, الكثير من اصدقائنا الاسرى ذهبوا للقتال في الجبهة او التحقوا في فيلق 9 بدر.

 

لم اكن ارغب في هذه الفكرة. لان نضال كانت هاجسي.

 

.اميريان طهراني عريف البسيج. كان مثلي يحب االشطرنج, كنت ائما اتغلب عليه.

 

عادل انت لاعب بارع.

 

ساشترك في بطولة طهران للشطرنج هل لي ان اخذ عندك دروس لم امانع فقد كان اميريان شابا لطيفا معي ياتيني بالسكائر. ويبذل جهده في ايصال رسائلي الى الصليب الاحمر.

 

. الصداقة التي انشئت بيني وبين اميريان كانت حميمة.

 

طلب مني ان ازوره في طهران اذا انتهت الحرب.

 

فقد حدثت امي عنك كثيرا. وارسلت لك وجبة طعام فاخرة

 

من السفنجون.

 

شكرته كثيرا

 

.....................................................................................

 

الليل في معسكر طريق القدس موحش

 

سمعت صوته من بعيد عادل .. عادل..

 

لغط كبير في المعسكر جنود يركضون . لم اعرف شيء

 

عادل ابشرك..

 

خير كان اميريان يلهث من التعب عانقني عادل سترجع الى بغداد لقد انتهت الحرب.

 

ستعود .

 

صراخ في معسكر القدس شاهدت الايرانيين يطلقون الرصاص في الهواء نظرت الى اصدقائنا الاسرى لم ارى رجل لم يبكي:

 

...........................................................................

 

بغداد رائحة الصندل .. في طريق عودتي من مهران لم تفارقني صورة امي . حاولت ان اضيف الى ذاكرتي صورة نضال لكنها كانت بعيدة. امي هي التي امتلكت كل مخيلتي. من مهران الى بغداد خمس ساعات لحظة واحدة لم تفارقني لم تغمض عيناي. لااعرف كيف جالت ذاكرتي بعيدة الى ايام الطفولة . حيث امي تحملني الى الطبيب او تاخذني معها الى السوق تذكرت كيف امي ذهبت معي الى المدرسة وكنت ابكي لمدة شهر كامل وامي تجلس بالقرب من المدرسة. اخرج اجد امي جالسة عند باب المدرسة. تذكرت كيف كنت اتمارض من اجل ان تشتري لي اي شيء اريده

 

بكيت وانا اتذكر امي مسحت دموعي.

 

مرت السيارة بالقرب من بغداد الجديدة. تملكني الخوف اكثر اسمع دقات فلبي تتسارع. وضعت يدي على قلبي لاتاكد اني بخير.

 

امي لقد وصلت لم اسمع شي مما قاله الضابط في السيارة كان كل تفكيري متى اصل الى ساحة 14 رمضان حيث تنتظرنا عوائلنا هناك..... رايت من نافذة السيارة ابي عرفته رغم ان شعره صار ابيضا. رايت اخواتي الاربعة نضال اعرفها من طولها خالتي ام حسين بجانب والدي عماتي الثلاثة صلاح كان واقفا بالقرب من ليلى اختي, امي لم اشاهدها.... ركضت من المقعد اصرخ امي امي ........................

 

.saadkeion@hotmail.com

 

بغداد/


رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  سعد البغدادي


 
 

ابحث في الموقع

Search Help

بحث عن الكتاب


انضموا الى قائمتنا البريدية

الاسم:

البريد الالكتروني:

 


دليل الفنانيين التشكيليين

Powered by IraqiArt.com 


 

 

 
 
 

Copyright © 2007 IraqWriters.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
Ali Zayni