... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله

 

  مقالات و حوارات

   
بموازاة (قلب الحدث) لمهند هادي

سهيل سامي نادر

تاريخ النشر       17/04/2010 06:00 AM


عرض صوتي
البداية عرض صوتي. هذا ادعى لليقظة. صخب وضوضاء : آلاف من اصوات محركات السيارات وابواقها ، أصوات باعة ، مرور همرات ، سيارات رباعية ، هليكوبترات . دوي. هدير. ليست هذه اصوات بغداد شبه الريفية. حتى في الشوارع المزدحمة التي عرفناها كنت تستطيع ان تميز شيئا. اليوم تحتضنك الاصوات وتعزلك وتتوغل في جسدك وتشعرك انك الآن ، في هذه اللحظة ، ستضرب بصاعقة لتبلغ صمتا يبدأ من تجويف ما ، من قعر ما ، من فراغ ما ، من انهيار ، الآن ، لنقل في شارع السعدون .. أمام الحلاق الذي كنت تحلق عنده ، لصق سينما ..
في المسرح لاشيء غير ما توحيه الاصوات : أهو شارع؟ شارع يمثل دور الشارع ،  ولأنه يمثل سيختزل ما هو آت حتى قبل ان تختزلك الاصوات الى صوت، أو شبح ، او مرور خاطف لا يرى. شارع بلا عمق ، مسدود بلون مأتمي . افراد قليلون مستعجلون يتلفتون . الضوضاء وحدها تغمرك وتندس الى عظامك وتطحنها طحنا. تطحن ما يمكن ان تفكر به عفو الخاطر ، ما تحسه ، ما تريده.
في عام 2005 كنت اخلف ورائي وانا في طريقي الى الصحيفة انفجارات. انها ليست معدة لي شخصيا بل لنا ، للجميع ، لعدم تحديد يضفي مجهولا على مجهول. بين الحين والآخر اسمع من يهمس في اذني: انت حي . اضحك. ما الحي؟ الحي هو من يضحك لأنه حي . ابطال مسرحية "قلب الحدث" سيضحكون لأنهم اموات. من دون حرص مني كان طريقي المعتاد يتغير بسبب انفجار او رتل عسكري او لا ادري : من النفق الى الباب الشرقي ثم الى شارع السعدون ، ومرة من شارع النضال الى السعدون . كان سير المركبات ابطأ من دبيب النمل. هذه واحدة من مظاهر التقدم . اول عرض للحرية في بغداد هو حرية استيراد السيارات. انها الليبرالية الوحيدة مع توصياتها: دعه يمر ولا تدعه يعمل. فجّره قبل ان يصل الى الموعد ، دعه يعمل لكن لا تدعه يمر. سوق حرة للسيارات والبانزين. لصوصية الشارع العام. سوف يتضاعف الهدير اذن . كان هذا عتبة التفخيخ القادم . فالارهاب الذي يحتقر الحداثة وما بعدها ضرب الرقم القياسي في استخدام الادوات الحديثة.. مع التعزيمات والشعائر .
عندما تسمع نفس الهدير في مسرحية " قلب الحدث " من تأليف واخراج مهند هادي ستتأكد من أن مدينتك مخيفة ، وأن مخاوفك لها الف دليل. 
في المشهد الصوتي يختفي الايقاع ويحل محله الدوار . من يخطم امامنا عابرون لا شأن لك بهم ، ولا شأن لهم بك. الاصوات التي لا بناء لها ولا ايقاع تفقدك صوابك. الاصوات نفسها افقدت صواب المشاة ، المستطرقين ، الابرياء ، الاغبياء، المرأة التي سنعرف انها زوجة سكير ، وزوجها الذي لا يعرف انه سكير حتى وهو ميت، وبائع الصحف  الجوّال الذي اعتقد انه يفهم بالسياسة لانه يبيع الاخبار والروايات الصحفية . ثم يظهر اكثر الممثلين خبثا : انيق ، ابيض ، ملابسه بيض ، قناع ابيض، يسحب حقيبة بيضاء (*)، صامت مبتسم ، ابو الهول ، معزول ، غير مرئي بسبب إعداد خاص لقوة تجريبية غاشمة متضافرة مع الضوضاء ، معرفة صامتة،  مشية رشيقة عزوم ، مكلل ببياض مسرحي ، متظاهر ، زرزور ضاحك عن يقين ، مؤمن يسيل الايمان منه ، يعرف اهدافه في مدينة ضيّع الناس اهدافهم فيها.
هذا هو الموت لثلاث مرات :
اولا: ابيض في مدينة سمراء ، اجنبي عليها ، او اجنبي يصنع منها مدينة سوداء ببياضه المشبوه البارد.
ثانيا: متنقل ، بحقيبة متنقلة ، كما الموت متنقل في مدننا الضائعة المنهارة .
ثالثا: هازل، يظهر ويغيب ، يغادر المكان لكي يظهر معززا بابتسامة المهرج . صامت في اختفائه  وظهوره، يسحب الامكنة الى ميزان قوى امسكت يده بقوة عليه مائلا الى جهة الموت ، بثقالته، بغموضه، وضحكته النافذة.
لنقل انه يقطع شارع السعدون متجها الى الكرادة ، في الطريق يشاهد صيداً آخر . لا بأس بكسر المخطط . المهمة معبأة بيقين أخرس وبتعليمات حرة . تعمل الحرية على جهتين . الجهة الرابحة هي جهة التفخيخ والطائفية والرعونة .
لست تجريديا في السياسة كما اعتقد عملاء الواقعية، لكن السياسة هي التجربة وليس الضياع بالافكار. الحرية منوطة بميزان القوى . كم مرة غررت بنا الحرية؟ ما اسرع ما يتغير ميزان القوى لمصلحة الاوغاد ونظل نحن من صدّق بالحرية وحدنا في ساحة الرماية والاهوال.. ثم بم ! 
 بعد دقيقة من انعطافي الى الشارع الفرعي المؤدي الى الصحيفة ، متطلعا الى فتاتين شابتين مخدرتين تجلسان في مقهى خربة . سمعت البم المهولة .. سمعت آه .. سمعت ضجة ابتلعها فراغ . طيور مذعورة رأيتها ترمي نفسها في الفضاء.. ثم توقف الزمن . توقفت المدينة. توقف العالم. صمت .. صمت فارغ يسقط امام عينيك ، وترى، من دون ادراك انك رأيت، أن الفتاتين تنهضان وتتوقفان في نهوضهما.
في مسرحية " قلب الحدث" يجر الموت حقيبة الموت خلفه الى وسط المسرح ثم نسمع البم ، ويتوقف الصوت، تتوقف الحركة ، لتبدأ المسرحية في عرضها البصري واللغوي في اعادة بناء جسديات وذكريات وصور، ويا للمفارقة ، يقوم بها الاموات. 
   
العرض البصري واللغوي
من لحظة نافذة للوعي ، ما بين اجراء يقوم به حي ، وحكاية يسردها ميت، ما بين مهمة احياء يلملمون اثاث ميت ، واموات يتذكرون انهم احياء ، يبقي مهند هادي على خط الحياة كمجموعة صور مفككة ممسوكة بسخرية حزينة. لم يعد الزمن يعمل وحده بل الصور ، الحكايات هي صور تنتظم بايقاعات سريعة عابثة. تنثال الصور مسرعة ابتداء من عملية رد الاموات الى عالم الاشياء وتحويل اجسادهم الثلاثة الى هيكل عاطل. يمثل الاموات أدوارهم من اللحظة التي تصبح فيها حياتهم شيئا من الاشياء ، اشكالا متوقفة، هيكلا تظهر تحديداته الجامدة المتوقفة تحت الضوء. سيكون هذا المشهد المتوقف، هذا الهيكل ، لازمة العرض.
عندما ينحل الهيكل ، وتمتلئ الفراغات ما بين جسدياته تبدأ ما كان اسمها حياة تقدم ثرثرتها. ليس مهما ما يقال على جه التحديد. ماذا يقول اموات عن حياتهم؟ الصناعة المسرحية لمهند تبقي القليل من فكر الكلمات والكثير والعبقري من فكر الصور والايقاع. عندما نتدبر الكلمات لا نجد في الحقيقة الا اشخاصا عطلتهم الحياة العراقية بفسادها ولؤمها وثرثرتها . إن الاصطلاحية تتسلل الى جسد الحكاية اللغوية. بيد أن علينا الاعتراف بأن هذا قديم، فالمهمشون والمقتلعون من جذورهم يملؤون قصصنا وحياتنا منذ الخمسينيات وحتى الآن. في عصر ليبرالية تجارة السيارات زاد هؤلاء اضعافا. تلك البنتان الجالستان في المقهى المخدرتان بالحبوب ، وما زلت اراهما مجمدتين بفعل الانفجار، عرفت انهما وجدا في هذه المقهى ملاذا آمنا بعد ان نهب الملجأ الذي آواهما بعد نيسان 2003 . فكروا معي في مستقبلهما: العهر ، الموت بجرعة زائدة ، الذبح بيد سافل يحاول ان يخفي شهوته بالتخفي خلف الاخلاق والدين. لماذا تذكرتهما؟ لعل عقلي ماثل بين انفجار في شارع وانفجار مجتمع.
عندما لا تنصلح حياتنا السياسية - الاجتماعية تتسلل اليها اصطلاحية السكير وامرأته التي تتمنى الموت، ولسوف تظهر الاخلاق مجلجلة ، والاخلاق تقترب من المركبات الرمزية التي يعتمدها الفن. لكن علينا الحذر فالنقد الاخلاقي المجرد يتحول بسهولة الى سيوف مشهرة بيد الذباحين ودعاة الفضيلة المنافقين. منذ سقوط الدولة المروع امسك سرّاق المال العام عصا الاخلاق للتمويه على انفسهم. عندما لا ينصلح المجتمع بسياسة مجتمعية وطنية رصينة تتصاعد الرمزية والاختزالية، ولنا ان نتوقع بدائل وتركيبات مقاربة بأطر متنوعة : ثرثار السياسة المضحك، الصحفي المتسلق، المجنون الذي يقول الحقيقة، المتعالي الفارغ ، الفقير الناقد ، المخبول الحكيم..الخ. إن مناهج التفكير الشعبية بقدر ما تحب فضح السياسيين والاغنياء المتنمرين عن طريق الغمز واللمز يعيد هؤلاء الاوغاد انفسهم باعادة شحنها بالامثلة عن طيب خاطر ، من هنا يحتاج المسرح دائما الى ترياق ضد التفاهة والاصطلاحية ، وخلخلة القيم واعادة فحصها، وعلى الجملة يحتاج الى عمق فكري.
  إن عمل مهند الذي يمرر في مسرحه تلك المناهج يوقف ملاعنها المثرثرة بتحليل الصور، بتغطية الكلام بالصورة ، بتجزئة المشهد الواحد الى احياز صغيرة ، وتقديمها بأزمان قصيرة متحركة ، تساعد الاضاءة على تبئيرها، ويقال فيها المعقول واللامعقول، هذا الذي جرى هنا والان، وذاك الذي بات ذكرى وعذاب معاش. إن جسديات "قلب الحدث" تقودنا الى جغرافيات اجتماعية صغيرة تكاد تشبه النوافذ ، مساحة صغيرة لعرض ما تبقى من الحياة. افضل ما في عمل مهند ان التقنية تتصرف اداة تحليل وليس للابهار والمبالغة. لكن الحالة العراقية هي من الاتساع بحيث تنط فوق الاحتراسات، من هنا تشق ثرثرات اللامعقول السياسي والاعلامي طريقها بجدليات كلامية على الطريقة العراقية، أي في تبادل الاتهامات. الضحايا انفسهم سيتبادلون الاتهامات بشأن من هو الانتحاري بينهم ، من مات معهم ويجب ان توضع عليه علامة ارهابي . عن هذا الطريق تتعزز انسانيتهم مقابل هامشيتهم الاجتماعية ، وسنتعرف مرة اخرى على ادوارهم الاجتماعية التي تشير الى البراءة. تعيد المسرحية ههنا انتاج ما هو معتاد في الدراما البغدادية : جميع الشخوص الشعبيين هم ابرياء. إن نزعة التسامح الاخلاقية وتوزيع البراءات رفعها الفنانون العراقيون منذ ان ظهر فن التمثيل في هذه المدينة سيئة الحظ ، الا ان للقادة والحكام موقفا آخر : الصمت واللامبالاة أو الويل والثبور.
الجديد الذي سيقدمه مهند هادي، برغم انه اصطلاحي ايضا بالمعنى الذي بات شائعا في حياة العراقيين في السنوات الماضية وما زال ، هو انعكاس الحالة العراقية على الاعلام . مرة اخرى سيملؤنا الضجيج : أصوات المذياعات، لعلعة المذيعين ، وشوشات الفضاء المملوء بالكهرباء ونشرات الاخبار ، ندوات الفضائيات التي تتعمد ادارة صراع ديكة ، صيحات مقطوعة ، كلام يغطي كلاما ، تداعي وتدافع الشارع الذي مزقه انفجار في افواه المذيعين ، بلل الافواه ، يباسها الانفعالي ، انتعاش السوق الخبري الحر والمقيد. إن صوتيات الاعلام الهائلة التي تقتحم عالم البراءة النائمة أو الميتة وتمزقها هي الصورة النظيرة للضجيج الصوتي الذي بدأت فيه المسرحية.
وفجأة هذا الخبر: الانفجار استهدف الامريكان!
يتساءل اموات "قلب الحدث" من منا امريكي؟ وسيقودون سؤالهم الى سحنهم وهوياتهم الاجتماعية الشعبية من جديد. سيتبادلون الشكوك والاتهامات ، بيد أنهم سيضحكون عندما يمارسون دوراً ناقدا.
هذا ما فعلته بعد الانفجار انا الاعلامي المضطرب العقل والفؤاد ، انا العراقي الذي يحمل في صدره طائر: خطوات ووصلت الصحيفة. في قلبي وجيف ، وفي عيني دموع . شربت قدحا من الشاي . قلبت الصحف امامي. لم أر سطورا بل رأيت طيورا مذعورة وحركة جامدة للشابتين في المقهى وخيّل لي أنني اسمع فراغا صامتا كأنه جدار. أغمضت عيني ورأيت في قعر عقلي سحابة بيضاء تمر بهدوء وساحلا يوشوش. أدركت ان عقلي يدافع عن نفسه ضد الموت. أبدا لم يعتد عقلي ولا جسمي هذا الحدث اليومي. كان عليّ ان اقرأ الكثير من المواد ، او ادفع نفسي للكتابة. شربت كأسا آخر من الشاي ، غادرت الى القسم الثقافي ورأيت "قاسم" يتمعن في وجهي ليعرف مزاجي . دخلت الى اقسام اخرى ، معوضا عن صورة الساحل التي ارتجلها عقلي بالحركة والرغبة بالاندماج بالعمل. فكرت بحفيدي علي ودمعت عيني، تخيلت حفيدي ثائر يناديني: سويل! سويل!

الاعلام والمجانية
   كره العراقيون الاعلام الذي اعتاش على آلامهم وأمواتهم . هذا يفسر خطابات عراقية ظهرت من اتجاهات سياسية مختلفة تهاجم الاعلام العربي . المسرحية تواصل هذا التقييم. لاشك في أن الذهاب الى الاموات وايقاظهم وجعلهم يتذاكرون امر موتهم المجاني في المسرح هو ضرب من خطاب سياسي. لكن ضعف هذا الخطاب في السياسة مؤكد فهو خطاب عاطفي يتوسل بالمستحيل من اجل الدفاع عن البداهة. اتذكر هنا قول هنريك ابسن - ربما وضعه في فم بيرجنت: (إن عالما يضطر المرء فيه الدفاع عن الحقيقة وهي واضحة كالشمس لهو عالم خرب سيء الارادة!) . انه صوت حكمة واحتجاج اذن. إن حجم المجانية في العراق مجاور لحجم الموت في اعداده اليومية المتكاثرة. لعل هذه المجانية تظهر على نحو رمزي من حجم الاعلام الذي يعتاش على الاحداث المأساوية، على الرغم من وجود وضعية تفسر هذا الحجم: عولمة وسّعت افقا مزدحما بالروح الطفيلية والتفاهة ونشر القلق واستخدام المال في السياسة والاعلام . بيد ان علينا ان لا ننسى ان حجم الحالة العراقية اعلاميا ناتج كذلك عن وجود موضوع صراع ورهان. هناك احتلال مارس الجرائم والتفاهة ونشر الفساد ، وهناك "مقاومة" لا تستحق هذا الاسم بسبب نذالتها وفقدانها للشرف. الاعلام ينفخ الحجم من موقع ، ويقلل الحجم من موقع آخر حسب معطيات وانحيازات سياسية. الاحتلال يقوي- موضوعيا- القتلة والمفخخين، مثلما يقوي السعار الاعلامي والفكري والاقتراحات السخيفة والتحليلات المضحكة والتنظيرات التي تستحق المزابل. رأسمال عابر للقارات قبالة ارهاب عابر للبحار. امية ثقافية ضاربة اطنابها قبالة امية سياسية وحضارية. انه امر معقد أن نربط هذا بذاك. إن استثمار الموت يحوّم فوق البؤس العراقي ، استثمار يدعم انتاج الموت ويواصل الصراخ. هذا ما يحدث في "تصنيع" الطلب الفعّال في عالم الصناعة والمال! 
  
ما تبقى
ان جماعة "قلب الحدث " بأجساد وارواح مهند هادي ، آلاء ناجي، سمر قحطان ، فلاح ابراهيم،  أدركت أن من المستحيل مواصلة الجد حتى وهي تصوغ رسالة جادة. إن صخب الحياة نفسه يشاغب على الموت ولو بصمت. اقول اننا نصدق الموت، ومن يستطيع انكاره ، بيد أن شكوانا من الحياة ، وتمردنا عليها، وزعلنا وانسحابنا منها ، ورمي الف حجارة عليها، هو ضرب من النضال من اجلها ، من اجل الاقتراب من احلامنا فيها ، اقرب الى وشوشات ساحل، ومطر ناعم ، وحب ، وصداقات ، وشرب شاي مع اصدقاء ، وخبرات جديدة. إن مهند هادي الذي مثل دور الموت او الارهابي، الاملس مثل افعى، يدرك الضحكة المجلجلة لشرطنا البشري ، الخط المتقطع الذي يربط الموت الحقيقي بتمثيل الموت ، الموت على الاسرة والموت العنيف الذي يصنعه لنا المتآمرون على حياتنا. ولكي يقوم بعرض الهول ، والموت المجاني الشائع  امام الحياة الحية للمشاهدين ، والتأثير بهم ، تبنى موقفا مرحاً، كلبياً بعض الشيء، يتوقع استجاباتهم الآنية لكلمات ومواقف بعينها من مسرحه السريع النابض بالحياة.
لقد ابقت "قلب الحدث" على المرح . هذا دليل قوة. لا يتوجه المسرح للاموات . حتى فن القبور في الحضارات القديمة يخاطب الاحياء او ما يعتقد انهم في سبات مؤقت ينهضون بعده من جديد.
3 نيسان 2008
---------------------------------------------------------
(*) كنت قد ارسلت نسخة من هذا المقال الى الصديق مهند هادي فأرسل لي توضيحا مفاده ان ما وصفته (ابيض) هو في المسرحية (اصفر). هل أخطأت؟ كيف حدث انني رأيت الابيض "أصفر"؟ هل كتبت انطلاقا من رؤية خاصة بي ام من ادراك بصري خاطئ؟ أفهمني الصديق انها الاضاءة وليس بصري. لقد طمأنني . الا انني اعترف بوجود اسقاط نفسي – بصري ادى بي الى تبني اللون الابيض ، كشارح ، كرامز ، كواصف، للموت . إن علامات الموت لا ترتبط  مباشرة بالتجربة. كثيرا ما يوصف الموت بالاصفر او الاسود. إن هذه اصطلاحية تقع بين البصر والتفسير. إذا فكرنا بالالفاظ (سميولوجيا) فلا ارى هذين الوصفين يصفان موتا يمشي على الاقدام ويسحب حقيبة ويبحث عن ضحاياه. لكن حتى وصفي يمكن ادراجه بينهما. وعلى وجه التحديد يمكن ادراجه بين مستويات ما بين الرمز والتأويل الرؤيوي والبصري. إذا تسنى البحلقة بانفجار في لحظته ، وعن قرب ، حيث يترابط الصوت المخيف بالعصف الضوئي الهوائي لوجدنا ان هناك لحظة بيضاء كاسحة معربدة تغلق الرؤية بهذا اللون المعمم مع الحس بالذعر (عمى ساراماغو الابيض الحليبي!)، تتحول هذه اللحظة الى حمراء مع درجات من الاصفر والبرتقالي والاسود وثقوب هوائية بيض.

رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  سهيل سامي نادر


 
 

ابحث في الموقع

Search Help

بحث عن الكتاب


انضموا الى قائمتنا البريدية

الاسم:

البريد الالكتروني:

 


دليل الفنانيين التشكيليين

Powered by IraqiArt.com 


 

 

 
 
 

Copyright © 2007 IraqWriters.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
Ali Zayni