... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله

 

  أخبار و متابعات

   
سليم السامرائي ..وداعا!

عبد الامير المجر

تاريخ النشر       08/05/2010 06:00 AM


 كواحد من اخبار البلاد المفجعة ، جاء مع صورته متصدراً اعلى الصفحة الاخيرة لاحدى الصحف المحلية الرئيسة يقول:(رحيل سليم السامرائي)!! هكذا جاء عنوان الخبر صادماً لي ، وقبل ان اقرأ المتن القصير الذي تضمن اسطراً حاولت ان تختزل سيرة الناقد والكاتب السامرائي وجدت نفسي عائداً الى الوراء، سنيناً، كنت خلالها وانا في بداية خطواتي باتجاه عالم الادب الذي مازلت مبتدئاً فيه ، ابحث عن المصادر التي تعينني على فهم عالم القصة وابرز روادها وفنون كتابتها ، جرياً وراء نصائح اصدقاء ، قالولي لي اذا اردت ان تعرف فنون القص فأبدأ مع الرواد صعوداً الى المحدثين لكي تكتمل عندك الصورة!

ربما ليس تلك النصيحة وحدها هي التي قادتني الى كتاب (قصاصون من العراق) لمؤلفه سليم السامرائي الذي ابحرت في عوالمه و تعرفت خلالها الى رموز القص العراقي ممن تناولهم السامرائي في كتابه الذي يعد احد المراجع المهمة للباحثين عن تاريخ هذا الفن الادبي الجميل ...لقد قرأت نماذج متعددة لاسماء كثيرة وقرأت ما كتبه سليم السامرائي عنها لتغدو درساً ما احوج المبتدئ اليه وما اسعدني وقتذاك وانا اقرأ ذلك الكتاب الذي مثل بداية تعرفي لسليم السامرائي. قبل ان التقيه ، مثلما تعرفت الى عبد الاله احمد من خلال كتابة الشهير (الادب القصصي في العراق) الذي يعد هو الاخر من اهم المراجع التي ارخت وارشفت للنتاج القصصي العراقي منذ بداياته.

لقد مرت الايام سراعاً وصرت اسمّي نفسي قاصاً بعد ان نشرت عدداً من القصص في الصحف المحلية والعربية في التسعينيات ثم وجدت نفسي اعمل في جريدة (الجمهورية) في قسم التصحيح ليفاجئني القاص زعيم الطائي رئيس القسم بان (سليم السامرائي) سيأتي ليعمل معنا (مصححاً)!!! كانت دهشتي ممزوجة بفرح لاني سألتقي الشخص الذي قرأت له قبل سنين عدة ، وكان اسمه حاضراً في الصحافة الا ان حضوره كان طاغياً في داخلي انا الذي دخلت عالم الادب في زمن الجوع والحرمان زمن الحصار وايامه الجافة القاسية التي ستدفع سليم السامرائي الشيخ الذي لم اكن اعرف انه يعاني كبقية العراقيين من ظروف صعبة ، ستدفعه ليعمل (مصححاً) بعد ان كانت له مكانته المتميزة في الموسسة الثقافية العراقية وسأعرف لاحقاً انه جال معظم دول العالم ، واكتظت ذاكرته بصور لاعد لها لايام جميلة عاشها في زمن سابق ، سيلقي به الى زمن اخر يكون فيه زميلاً لي قبل ان اصبح رئيساً للقسم بمباركته والزميل القاص محمد خضير سلطان ، لتترك تلك الفترة ذكريات رائعة بالرغم من سطوة الحصار على جيوبنا ونفوسنا ، بعد ان اذاقنا اصنافاً من الحرمان الذي تجاوزنا مرارته بالصحبة التي قضينا خلالها اوقاتاً ممتعة لم ولن يطويها النسيان.

لعل من بين ما اذكره عن الراحل سليم السامرائي قوله انه وطيلة حياته لم يتشاجر يوماً مع احد وهذا الكلام يؤكده كل من زامل الراحل السامرائي وعمل معه فخلقه الرفيع واحترامه لنفسه وللاخرين يضعانه موضع الاحترام والتقدير، ناهيك عن تعففه وازدرائه لكل اشكال الصدام وميله الدائم لحياة بسيطة، يملأها بما يجعله منسجماً مع ذاته من دون ان يكون عبئاً على غيره ليكون طيلة حياته التي بدأها في (العمارة) معلماً قبل ان تتناوشه يد الادب وتلقي به في بغداد التي اشتهر منها ناقداً وتبوأ فيها مواقع ثقافية عدة.

في الاعوام القليلة الماضية ضعف بصره وبدا عليه الشحوب وصار مجيئه للاتحاد باوقات متباعدة ولم نعد نراه الا نادراً ، لاسيما بعد ان تحولت بغداد الى غابة من رعب وموت ، ثم انقطعت اخباره في الاشهر القليلة الماضية ، ليظهر لكن على شكل خبر وصورة .. خبر الرحيل وصورة من سنين مضت كان فيها بوسامته وابتسامته الهادئة العذبة وكأنه يقول كم جميلة هي الحياة ، ثم يشير الى متن الخبر الذي يقول .. توفي بعد صراع مع المرض .. او بالاصح مع الحياة التي ما انفكت تصارعنا لتنتزع منا اجمل ما فيها.. الاطمئنان والاحبة الذين يرحلون تباعاً.

سليم السامرائي الذي غادرنا الى الابد ، رحل بصمت ولم يشايع نعشه( قصاصون من العراق ) ولاغير العراق ، لاننا نعيش زمن فقدت فيه الحياة الكثير من قيمها !!


رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  عبد الامير المجر


 
 

ابحث في الموقع

Search Help

بحث عن الكتاب


انضموا الى قائمتنا البريدية

الاسم:

البريد الالكتروني:

 


دليل الفنانيين التشكيليين

Powered by IraqiArt.com 


 

 

 
 
 

Copyright © 2007 IraqWriters.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
Ali Zayni