... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله

 

  في السياسة

   
من اعلام تاريخ العراق المجهول: خلف شوقي الداودي الكردي

احسان الجرجفجي

تاريخ النشر       05/08/2007 06:00 AM


{عراق شلون اسويك ترقي؟}، سؤال سأله البابو جتربنا رجي “احد الاسماء المستعارة لخلف شوقي الداودي” قبل ثمانين عاماً. سؤال حير وما يزال يحير المفكرين ومراكز البحوث وصناع القرار في مشارق الارض ومغاربها، لكن الاجابة على هذا السؤال لم تكن ابدا بظرافة الطروحات التي قدمها الداودي بلهجة بغدادية “مكسرة” على لسان هندي جاء مع الاحتلال البريطاني بعد الحرب العالمية الاولى.

في حياة الداودي القصيرة “1896 – 1939” عبرة للشباب، بل للعراقيين من كل الاعمار، فهو يمثل بحق الطيف العراقي بكل مكوناته ونموذجاً يحتذى به في الهمة والمثابرة.

ولد في بغداد من اصول كردية من عشيرة الداودة، ترعرع في الصويرة والحلة. عمل في الصحافة في البصرة وبغداد، اصدر في البصرة مجلة شط العرب وبعد ان اغلقت، عاد فأصدر جريدة في بغداد بنفس الاسم. انخرط في سلك الخدمة المدنية في الحكومة العراقية وتدرج في الوظائف حتى رقي الى منصب السكرتير المالي لوزارة الاقتصاد والمواصلات.

كتب القصة القصيرة حتى اعتبر من روادها، وكتب المقالة الهزلية الساخرة حتى عد من اعلامها جنباً الى جنب مع نوري ثابت وميخائيل تيسي وعبدالقادر المميز. اجاد اللغات التركية والفارسية والهندية والانكليزية بالاضافة الى الكردية والعربية، ومن اللغة التركية ترجم مجموعة من القصص القصيرة حتى استحق الثناء على قدراته في تطويع اللغة العربية للغة الحوار التركي وقيامه بنقل روح القصص بحيث لا يجد القارئ فيها أي تكلف او ابتذال. كان من اوائل الكتاب العراقيين المهتمين بالقضية الفلسطينية بالاضافة الى اهتمامه بالشؤون العراقية، وفوق كل هذا وذاك فان ما يستحق الاشادة بجهود طيب الذكر هو كتاباته عن تاريخ اللغة الكردية والشخصيات التاريخية الكردية.

وفاء لهذا الكاتب الكردي العراقي، اصدر الباحث زين النقشبندي كتاب “خلف شوقي الداودي، من اعلام اليقظة الفكرية العراقية”، وقدم للكتاب المؤرخ الكبير الدكتور كمال مظهر احمد. يقع الكتاب في 252 صفحة مقسماً الى اربعة فصول، يتناول الفصل الاول العوامل التي ساهمت في تكوين شخصية الداودي الادبية والصحافية، بينما يورد الاستاذ النقشبندي في الفصل الثاني نماذج من اعمال الداودي القصصية المؤلفة والمترجمة. يحتوي الفصل الثالث على نماذج من مقالاته المنشورة في جريدة شط العرب.

اما الفصل الرابع فانه يحتوي على بعض المقالات المنشورة في مجلتي لغة العرب ودياري كردستان والتي يعرف فيها الداودي ببعض جوانب تاريخ اللغة الكردية والشخصيات الكردية.

يمثل الاستاذ الباحث زين النقشبندي المدرسة الحداثوية في دراسة التاريخ، فالتاريخ بالنسبة له هو ليس تاريخ الدول والوزراء فقط، ولكنه تاريخ العلماء والكتاب والفنانين.. تاريخ عامة الناس، ولهذا كان الباحث الفاضل حريصاً على توثيق تاريخ المطابع والمكتبات، كما قام في كتابه {مباحث في تاريخ اوائل المطبوعات والمكتبات البغدادية}، والمقاهي، كما فعل في {تاريخ مقاهي بغداد القديمة}. بذل المؤلف الفاضل جهداً يستحق الثناء في جمع مادة كتابه عن الداودي بالرغم من ان فيه الكثير من التكرار والهوامش التي لا علاقة لها بمادة الكتاب، كما ان هنالك اقتباسات مطولة من كتب اخرى وبصورة خاصة من كتاب جعفر الخليلي الموسوم {القصة العراقية قديماً وحديثاً}.

يذكر الاستاذ الفاضل في خاتمة الكتاب {ان الكثير من تاريخ العراق ومازال بكراً}.. {اننا كل يوم نكتشف فيه كتاب جديد (..) او مقالة او مخطوطة او معلومة او دراسة جديدة لم نطلع عليها او لم يتم الاشارة اليها او الى مؤلفها، يغير الكثير من القناعات والاستنتاجات التي كنا قد توصلنا اليها او توصل اليها قبلنا اساتذة باحثين، ومما يؤسف له اننا لاحظنا ان كثيرا من باحثينا الاكاديميين “ومنهم طلبة الماجستير والدكتوراه” يعتبرون ما ذكره وما توصل اليه صاحب هذه الدراسة والذين من قبله من المسلمات التي لا نقاش فيها..}. يجد كاتب هذه السطور متفقاً تمام الاتفاق مع ما تقضل به الاستاذ النقشبندي، فبالرغم من كثرة الاطاريح والدراسات عن تاريخ العراق الحديث، فان الجل الاكبر منها هي عبارة عن اقتباسات من كتب واطاريح قديمة ومن دون العودة الى المصادر والمنابع الاصلية وهي الوثائق والملفات الرسمية والصحف والمجلات والمقابلات الشخصية، ومما يزيد في الصعوبات التي تعترض دارسي تاريخ العراق الحديث هي النظرة الدونية التي ينظر بها عامة الناس لتاريخ ولذواتهم، واستهانتهم بالكتب والوثائق، كما شهدت احداث السنين الاخيرة.

لقد استطاع المؤلف في دراسته التي يصفها بـ “المتواضعة” ان يكشف ان جريدة “شط العرب” الصادرة في بغداد استمرت بالصدور احد عشر شهراً وليس ستة اشهر، كما يذكر مؤرخ العراق الراحل السيد عبدالرزاق الحسني في كتابه “تاريخ الصحافة العراقية”، وان العدد الاول من الجريدة صدر في 27 آذار 1924 وليس في 2 آب، كما ورد في الكتاب المذكور اعلاه. كم من “المسلمات” ستتغير لو استطعنا جمع مقالات الاستاذ خلف شوقي الداودي المنشورة في العشرات من الصحف العراقية والعربية؟ كم من “القناعات” ستتغير لو استطعنا الاطلاع على كتبه المطبوعة والمخطوطة؟


رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  احسان الجرجفجي


 
 

ابحث في الموقع

Search Help

بحث عن الكتاب


انضموا الى قائمتنا البريدية

الاسم:

البريد الالكتروني:

 


دليل الفنانيين التشكيليين

Powered by IraqiArt.com 


 

 

 
 
 

Copyright © 2007 IraqWriters.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
Ali Zayni