... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله

 

  قضايا

   
القاعدة تسرح وتمرح في معاقلها السابقة

حيدر نجم

تاريخ النشر       15/08/2010 06:00 AM


نقاش :
لم يتعرف ذوو الجندي أول جاسم حمدان ندا على رفات ابنهم بسبب التشوهات الكبيرة التي طالت الجزء العلوي منها.

الشاب العشريني الذي لقي حتفه في الساعة الواحدة من ظهر يوم الخميس 29 تموز (يوليو) المنصرم، كانت قد أحرقت جثته إلى جانب جثث زملائه الجنود المرابطين في نقطة تفتيش عسكرية عند المدخل الشرقي لمنطقة الأعظمية، وذلك فور مقتلهم بأسلحة كاتمة للصوت على يد جماعة مسلحة متشددة.

حصيلة القتلى في ذلك اليوم الدامي كانت 16 شخصا بينهم 7 جنود من قوات الجيش وعنصرين من الشرطة، بالإضافة الى 14 جريحا بينهم سبعة من المدنيين.

والد وأشقاء جاسم وقفوا لساعات طويلة، حالهم حال بقية عوائل الجنود الذي تشوهت جثثهم، عند مدخل مستشفى مدينة الطب ببغداد، حتى تعرف الأطباء على هوية القتيل من خلال إجراء فحوص "دي أن أي".

وقبل لحظات من استسلام رفاته الملقاة على حمالات خشبية تابعة لقوات الجيش العراقي، طالب أحد أشقاءه "بالقبض على القتلة وإعدامهم في مكان الجريمة" قبل أن يمنعه بكاء وعويل النساء من متابعة الكلام.

السلطات العراقية فرضت بعد الحادث طوقا أمنيا مشددا لمدة ثلاث ليال حول المنطقة ذات الغالبية السنية، وقامت بحملة مداهمات واعتقالات في مسعى لبسط نفوذها على المنطقة التي سقطت فيها هيبة وسيادة الدولة العراقية لفترة زمنية قصيرة.

فالمسلحون الذين نفذوا العملية قاموا، حسب وصف شهود عيان، بإنزال العلم العراقي من على المركبة العسكرية المرابطة في نقطة التفتيش ورفعوا بدلا عنه راية ما يعرف بـ "دولة العراق الاسلامية" إحدى التنظيمات المسلحة المرتبطة بتنظيم "القاعدة"، وأطلقوا أيضا هتافات تندد بالحكومة المنتهية ولايتها.

هذه الحادثة لم تكن الأولى ولا الأخيرة، ففي الأشهر الثلاثة الأخيرة بات ملحوظا عودة نشاط التنظيمات المتطرفة المرتبطة بـ"القاعدة" مثل "دولة العراق الأسلامية"، التي رفرفت راياتها في مناطق متفرقة من العاصمة بغداد.

وفي أقل من أسبوع على مقتل الجندي جاسم ورفاقه، وقعت حادثة مشابهة في حي المنصور الراقي غرب بغداد، حيث أردى مسلحون بمسدسات مزودة بكواتم صوت خمسة من رجال الشرطة، ثم نصبوا في المكان علم "دولة العراق الاسلامية" وهتفوا بشعارات منددة بالحكومة وفقا لشاهد عيان يمتلك متجر لبيع السلع الغذائية بالقرب من مكان الحادث.

صاحب المتجر الذي عرف نفسه باسم "أبو داود" قال إن "المسلحين كانوا يستقلون سيارتين حديثتين ويرتدون ملابس رسمية وأحدهم يحمل كاميرة تصوير فيديو، ووجوه بعضهم مغطاة وآخرين مكشوفة ويحملون أسلحة متوسطة وخفيفة.. وارادوا إضرام النار في جثث رجال الشرطة بعد ان قتلوهم، لكن تجمهر بعض المارة وأصحاب المحلات المجاورة دفعهم للهرب قبل تنفيذ مأربهم".

بعد حادث حي المنصور بأيام معدودة، حصلت مواجهات بين عناصر الشرطة ومسلحين في مناطق السيدية واليرموك غرب بغداد، وكانتا معاقل شديدة التحصين للجماعات المرتبطة بالقاعدة في سنوات سابقة، راح ضحيتها عدد من رجال الشرطة والجيش بين قتيل وجريح.

فضلا عن ذلك، تم استهداف العشرات من الضباط في الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية الحساسة الأخرى في الأشهر الماضية، بقنابل حرارية وعبوات لاصقة صغيرة الحجم توضع في أسفل سياراتهم الشخصية.

أكثر الجنود عرضة للاستهداف كانوا من الفوج الاول التابع للواء 42 ضمن الفرقة 11 للجيش العراقي، التي تقع على عاتقها مسؤولية آمن الاعظمية والمناطق المحيطة بها.

أحد الجنود المستهدفين وهو نائب عريف محمد النعيمي في نهاية العقد الرابع من عمره نجا باعجوبة من محاولة اغتيال بعد أن أطلق عليه مسلح عيار ناري من مسدس كاتم للصوت عندما كا يرابط في نقطة تفتيش في الأعظمية.

النعيمي شرح محاولة أستهدافه قائلا "أثناء تأديتي للواجب في النقطة العسكرية ليلا، مرت من أمامي سيارة نوع بي أم دبليو، وكنت واقفا في نهاية السيطرة..انزل صاحب السيارة الزجاج الجانبي لسيارته وأطلق علي رصاصة من مسدس كاتم للصوت، وفر هاربا".

نجا النعيمي من الموت بعد أن أصابت الرصاصة سطح رأسه، لكن عددا كبيرا من زملائه في الفوج العسكري لقوا حتفهم في عمليات مماثلة لما تعرض له. من بين القتلى كان ابنه أسامة النعيمي الذي كان يعمل عسكريا في نفس الفوج قبل أن يقتل بتفجير سيارة مفخخة في أحد أحياء الأعظمية.

مسؤولية هذه الحوادث أعلنت عنها صراحة جماعات مرتبطة بالقاعدة، لكن حزب البعث المنحل، جناح عزت الدوري (نائب رئيس النظام السابق)، دخل على الخط بتبنيه مسؤولية الاعتداء على نقطة التفتيش العسكرية في الاعظمية في 29 تموز (يوليو) الماضي.

وقال الحزب المحظور في بيان له أن كوادر تابعة للحزب أقدمت على ما وصفها بـ"غزوة" الاعظمية التي صادف حدوثها عشية الذكرى الثانية والأربعين لانطلاق ثورة (17- 30) تموز (يوليو)، التي جاءت بالرئيس أحمد حسن البكر وصدام حسين إلى سدّة الحكم.

في المقابل، ذكر بيان نشرته مواقع متشددة مقربة من تنظيم القاعدة على الانترنت، أنه "بتوجيه من وزارة الحرب بدولة العراق الإسلاميّة.. قام أبطال الإسلام وفوارس بغداد بالنّزول في غزوة جديدة إلى شوارع مدينة الأعظمية الحبيبة في جانب الرصافة من بغداد، وفي أكثر أجزائها تحصيناً".

الخبير في شؤون الجماعات المسلحة، والمحلل الاستراتيجي منتظر السامرائي رجح وقوف تنظيم القاعدة وراء هذه العمليات "التي تعد بمثابة رد انتقامي على اعتقال السلطات الحكومية لقيادات بارزة في دولة العراق الاسلامية".

الجهات الامنية العراقية والامريكية التي اعتادت تحميل "القاعدة" و"حزب البعث" أو ما تسميه "التحالف التكفيري" مسؤولية جميع العمليات الحاصلة، لا تمتلك، وفقا للسامرائي، احصائية دقيقة حول عدد عناصر ذلك التنظيم او المجموعات المرتبطة به، ودائما ما يكتفون

بتصريحات "فضفاضة" عندما توجه الاسئلة بهذا الخصوص، "على الرغم من اعتقالهم قيادات من الصف الأول في تنظيم دولة العراق الإسلامية".

أيا كان الفاعل، فإن هذه العمليات "النوعية" لا يمكن تنفذ، ولا يمكن ان يعبر المسلحون عشرات حواجز التفتيش في العاصمة بغداد من دون وجود خروقات داخل الجهاز الأمني. وهو ما شدد عليه السامرائي الذي اضاف إن "الخروقات هي نتيجة حتمية لتأزم الوضع السياسي وحالة الفراغ التي تعيشها البلاد منذ عدة اشهر، فضلا عن تعدد مراكز القوى الأمنية والسياسية وجهات اتخاذ القرار".

فرضية تقصير المؤسسة العسكرية المسؤولة عن توفير الأمن أكدها المتحدث باسم عمليات بغداد اللواء قاسم عطا، بالقول "نعم هناك هناك تقصير من قبل القوات الامنية ..اذا ما علمنا ان المسلحين يستغلوا عدم يقظة القوات الامنية عند تنفيذ عملياتهم الاجرامية"، مشيرا الى أن القيادات العليا أمرت بفتح تحقيق موسع لكشف ملابسات الحادث.

مصادرعسكرية في الفوج الأول التابع للواء 42 ضمن الفرقة (11) للجيش، كشفت لـ "نقاش" أن "السلطات عزلت آمر الفوج الأول وهو برتبة عقيد وجمدت صلاحياته، كما قامت بنقل ضابط استخبارت الفوج وهو برتبة نقيب الى قيادة عمليات نينوى".

ضابط عسكري برتبة كبيرة يعمل في مقر أستخبارات قيادة عمليات الرصافة الجهة المسؤولة عن التحقيق في حادث الاعظمية، أكد لـ "نقاش" ان التحقيقات التي يشرف عليها مكتب رئيس الوزراء بشكل مباشر وصلت الى خيوط تورط "جهات سياسية" في هذه الحوادث.

وقال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن أسمه، كونه غير مخول بالتصريح أن "الكاميرات التي صورت حادث الأعظمية في 29 تموز يوليو وروايات شهود عيان أكدت على أن إحدى السيارات المستخدمة كانت نوافذها مظللة وتحمل لوحة أرقام حكومية وهو ما يرجح فرضية وقوف جهات سياسية او حزبية وراء عمليات استهداف العناصر الامنية التي ارتفعت حدتها مؤخرا".

واشار الضابط أن "السيارات المظللة تستخدمها الاحزاب السياسية في البلاد حيث يمتلكون التراخيص التي تسهل مرورهم من خلال نقاط التفتيش".

انتصار علاوي، المتحدثة باسم حركة الوفاق العراقي بزعامة رئيس الوزراء الأسبق أياد علاوي أكدت أعتقال السلطات العراقية لعشرة كوادر ينتمون إلى حركتها أثناء حملة مداهمات واعتقالات نفذتها السلطات في منطقة الاعظمية، لكنها وضعت ذلك في سياق "حملة التصفية التي تنفذها الاجهزة الحكومية بحق الخصوم السياسيين".

أما اللواء قاسم عطا المتحدث باسم قيادة عمليات بغداد، فقال ردا على علاوي أن "الحملة التي ينفذها عناصرالقوات الامنية هدفها إلقاء القبض على عدد من المطلوبين وفق مذكرات أعتقال اصولية". مؤكدا ان عناصر الامن يواصلون البحث عن مشتبه بهم.

ومع قرب موعد انسحاب القوات الامريكية نهاية الشهر الجاري تتصاعد تحذيرات المراقبين من المزيد من حالة الفلتان الامني، قد تشهدها بغداد.

ويقول خبير الجماعات الارهابية منتظر السامرائي أن "الترهل والتفكك على صعيد الاجراءات المتبعة من قبل مؤسسات الدولة وسيما العسكرية منها، ستزيد من احتمالات تصاعد أعمال العنف".

أما اللواء قاسم عطا، فنفى وجود خشية لدى القيادات العسكرية العليا من عودة القاعدة إلى معاقلها القديمة مع اقتراب موعد انسحاب القوات الامريكية، مشيرا الى أن قوات الجيش والشرطة "تسيطر تماما على الوضع في البلاد".


رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  حيدر نجم


 
 

ابحث في الموقع

Search Help

بحث عن الكتاب


انضموا الى قائمتنا البريدية

الاسم:

البريد الالكتروني:

 


دليل الفنانيين التشكيليين

Powered by IraqiArt.com 


 

 

 
 
 

Copyright © 2007 IraqWriters.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
Ali Zayni