هناك نسبة كبيرة، تصل الى نحو 90 من الذين صاروا نوابا، لم يحصلوا في انتخابات 7 آذار على ما يعرف بالقاسم الانتخابي. وهذا القاسم في حالة بغداد، مثلا، هو 37378 ، ولم يحز عليه سوى خمسة من المرشحين، اثنان من العراقية واثنان من الوطني وواحد او وحيد دولة القانون. اما بقية النواب، وهم 61 ، فقد نالوا النيابة على طريقة انجاح جميع الطلاب في بكالوريا احدى سنوات الزعيم عبد الكريم قاسم. وقد سميت هبة الزعيم تلك ب " الزحف". لكن اذا كان القرار بانجاح طلاب تلك السنة عشوائيا، فان زحف النواب جاء وفق القانون. قانون او نظام الانتخابات.

ولن أدوخ بالتفكير في معنى نواب بالزحف، ولكنني اتساءل عما اذا كان رجال ونساء البرلمان الجديد، عموما، سيلعبون دورهم ام سيلعبون علينا؟ هل ستكون عندهم غيرة على المصلحة العامة أم الخاصة ؟

" أظن" بأن غيرة المصلحة الخاصة ستطغى عليهم. وهذا لا يعود اليهم كأشخاص. المسألة هي اننا نحن العراقيين بالجملة، ولأسباب اهمها خوف عميق الجذور، ما ان نمتلك كفاءة او موهبة، ونحظى بفرصة، حتى نستجمع قوانا للنهب، ونشمر عن سواعدنا للسرقة. ان الواحد منا " يفقد" أمام المال وأمام السلطة. يأكل ويأكل لكأن قوت الأرض على وشك النفاد. ويدخل في الانذار جيم لكأن العدو مختبئ خلف الباب وهو على وشك رميه من الشباك. فان انكرنا مواجهة انفسنا بهذه الحقيقة القاسية والرهيبة، فسيبرهن عليها موقعنا المتقدم في قائمة الدول الفاسدة.

والنواب صورة من هذه الحقيقة. لقد تقاضى كل واحد منهم خلال الشهور الخمسة الماضية 200 الف دولار. أما مجموع ما تلقوه من رواتب خلال الفترة نفسها فهو 65 مليون دولار (28 الف دولار راتب النائب وهم 325). وكل العمل الذي قاموا به تحت القبة عبارة عن جلستين استغرقتا معا نصف ساعة حسب احصائية جهاد الخازن. وهم قبل غيرهم متفقون على ان عمل النصف ساعة هذا انطوى على خرق دستوري.

ماذا نسمي هذا؟ كل هذه الاموال تنفق على رجال يقرون بأنهم لم يفعلوا شيئا عدا خرق الدستور؟ كيف يقبلون ذلك على انفسهم؟ هذا مال يمنح على وظيفة او شغل. نواب بالزحف. فهمنا. لكن 65 مليون دولار على لاشيء؟ لقد استمرأوا هذا الحرام وقبلوه على انفسهم قبل الشغل فالى اين سيمضون مع الحرام بعد الشغل؟ ليس صعبا ان "نخمن" الجواب.

على انني سمعت ان بعضهم ينوي اعادة هذه الاموال الى خزينة الدولة ابراء للذمة من مال خارج الاستحقاق القانوني. كما سمعت ان البعض يريد تحليلها من خلال الانضمام الى مبادرة نائب الرئيس عادل عبد المهدي بالدوام تحت القبة احتجاجا على عطالة القبة. وقيل ان الاغلبية " مطنشة". الشائعات كثيرة في البلد. فأي منها ترجح " يا ايها القارئ المرائي، يا شبيهي، يا أخي"؟