... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله

 

  أخبار و متابعات

   
صحراء في اليدين والكيد المرتد من الشعر الدانمركي بترجمة جمال جمعة

اسكندر حبش

تاريخ النشر       05/10/2010 06:00 AM


بدون أدنى شك، تأتي محاولة الشاعر العراقي جمال جمعة، بالتعريف الأدب الدانمركي، وعلى الرغم من «جزئيتها» – أيّ إنه لا يستطيع وحده تغطية وترجمة العدد الوافر من الكتب – تبدو محاولة جادة، لا بدّ أن تسدّ ثغرة في المكتبة العربية، التي تعاني على الدوام من نقصان حاد في آداب العالم، ولا سيّما النقص في الكتابات الجديدة بما تمثله من تيّارات ومن تجارب تختلف في جوهرها عمّا عرفناه من الأدب الدانمركي ماضيا، (وهي بدون شك معرفة مبتسرة). لذلك، يشكل أيّ كتاب إضافي، يأتينا من آداب تلك المنطقة بمثابة «اكتشاف» لا بدّ أن يطرح علينا العديد من الأسئلة الأدبية.
من هذه الترجمات التي نقلها جمعة إلى العربية مؤخرا، نجد تنوعا ما بين الرواية والشعر، منها رواية «نظام الأشياء» لمورتن سونجورد (التي سنعود إليها لاحقا) كما ديوان «صحراء في اليدين» للكاتب نفسه، و«الكيد المرتدّ – 100 قصيدة هايكو وهايكو» لبيا تافدروب... بعد أن كان أصدر في وقت سابق من هذا العام ترجمة لديوان نيلس لينجسو «39 قصيدة إلى المكتبة المحترقة»، وقد صدرت جميعا عن «الدار العربية للعلوم ناشرون» بالتعاون مع وكالة الفنون الدانمركية. حول الشاعرين سونجورد وتافدروب هذه المقاربة.
صحراء في اليدين
مورتن سونجورد، وبحسب التعريف عنه وفق النبذة على الغلاف الأخير، هو «شاعر وروائي ومترجم دانماركي ولد عام 1964، أنجز دراسته الأدبية في مدرسة الكتّاب ثم أحرز بعدها شهادته العالية في علم الأدب من جامعة كوبنهاغن عام 1995. أصدر العديد من الدواوين والروايات ويعد اسما بارزا ومجددا في الوسط الثقافي الدانمركي منذ أن أصدر مجموعته الشعرية الأولى «صحراء في اليدين» عام 1992».
يبدو مورتن سونجورد، كاتبا متعدد الاتجاهات، إذ ينتقل من الرواية إلى الشعر كما إلى محاولة البحث عن علاقة الصوت بالكتابة (كما تبدى لي عبر الأمسية الشعرية التي ضمتنا العام الماضي في بيروت) أي ثمة محاولة لأن يكون أيضا «فنانا صوتيا» يحاول أن يجد هذا الرابط ما بين اللغة بصفتها لغة وما بين الصوت الصادر عنها. بهذا المعنى، لا يشكل انتقال مورتن سونجورد بين هذه التجارب المتنوعة، محاولة لكسر علاقته بالكلمة، بصفتها كلمة ولا شيء آخر، بل هي تجربة تشير إلى عدم خوفه من التجريب المستمر، مثلما ترغب من هذه البوليفونية في أن تصبح وسيلة لسبر تعددية المعنى، الذي يمكن له أن يتحول من كلمة إلى صوت.
وبالرغم من هذه التجارب، لا ينسى الكاتب الدانمركي، أنه يمكن للشعر أن يبقى «كلاسيكيا»، وأقصد بهذه الكلمة الكتابة بصفتها الكتابية المعتادة، والمتعارف عليها، وفق ما نراه في كتابه «صحراء في اليدين»، وهي كتابة ترغب في التدخل في هذا العالم المعاصر، لتغتني بالمتخيل، ما يقود الكتابة عنده، لأن تقع على حافة «سوريالية» ما، بالأحرى تقع على ما يمكن لنا أن نطلق عليه ما بعد الواقع، من خلال الصور التي تنبثق من الكتابة ذاتها. أي لسنا أمام شاعر يفتعل الصور، لتقوده إلى غرابة يبحث عنها، بل نحن أمام لغة هي التي تقود الشعر لأن يجد صوره عبر تسلسل البيت الشعري لأن يصل إلى ما يصل إليه.
من هذه النقطة، تنبع قصائد «صحراء في اليدين»، وهي قصائد تشهد على قابلية ما للتأثر بمحيطها، أي تتأثر بهذه الانطباعات غير المعتادة، وذات المعاني المختلفة. ربما لأن ذلك كله عائد إلى هذه العلاقة الضيقة بين الأشياء التي نعرفها، بالأحرى التي نعرفها في وجه من وجوهها المعروفة، لكنها تملك في العمق وجوها أخرى غير مرئية، غير معروفة. من هنا تقودنا اللغة، على عملية بحث عن هذا الوجه الخبيء الذي نجهله.
إزاء ذلك، تتأتى كتابة مورتن سونجورد، من عملية طرحه الأسئلة على سبب وجودنا الذي نحن عليه، أي ثمة فكرة أساسية، لا تتوقف عن العودة، من قصيدة إلى أخرى، ولو جاءت أحيانا بشكل موارب، وتتلخص في كيفية نجاحنا في التفاهم والتصالح مع هذا الوجود.
الكيد المرتدّ
يعرف الناشر بالشاعرة بيا تافدروف على الشكل التالي: «شاعرة دانمركية بارزة، ولدت العام 1952 ونشرت باكورة أعمالها في عام 1981 ومنذ ذلك الحين أصدرت 12 مجموعة شعرية ورواية إضافة إلى مسرحيتين. ترجمت قصائدها إلى أكثر من ثلاثين لغة وحازت جوائز عديدة أهمها جائزة «المجلس الأدبي الاسكندنافي» عام 1999 وجائزة «الأكاديمية السويدية» عام 2006».
وبعيدا عن هذه النبذة، يقف شعر تافدروب على تقاطع من شعر زميلها، فعبر ما نكتشفه من قصائدها المترجمة إلى العربية، (وهي تنحو فيها إلى كتابة قصيدة الهايكو على الطريقة اليابانية)، ثمة أسئلة عن هذا «الإيغو» (تضخم الأنا) الذي تحاول أن تطرحه عبر الصورة الشعرية الطافية.
بداية ثمة اختلاف في الهايكو، فإذا ما كانت القصيدة اليابانية، تحاول أن تطرح الأسئلة، عبر التجائها – بشكل أساسي – إلى الفصول الأربعة، نجد أن الكاتبة الدانمركية تبتعد عن التقيد بهذا الأمر، وإن كان لا يخلو فضاؤها الشعري أحيانا من إشارات فصلية، بل تلجأ أكثر إلى إشارات مناخية، إذا ما جاز القول.
قصائد تافدروب، في بحثها عن الما وراء، تبدو كأنها تبحث عن ذاتها، أي ثمة تطور، تأخذ به الكتابة، انطلاقا من الجسد ليحاول أن يبحث عن التاريخاني والكوني، وما ذلك إلا هذا المبرر الذي تبحث من خلاله عن تفاصيل الحياة المحيطة بها. من هنا، نجد أن ما ينساب أمامنا هو هذه الصور المرئية التي تشكل تناسقا لعالم قد يبدو مشتهى أكثر مما يبدو عالما واقعا بالفعل.
صوتان شعريان، يأتيان من تلك البلاد «الهاملتية» (نسبة إلى هاملت)، وهما يقوداننا في تدرجات مختلفة، وفي فضاءات ومناخات ولغات شعرية قد يكون من المفيد أن نطلع عليها، إذ ثمة مقتربات للقصيدة، تشدنا إلى رحلة، لا بد أن تترك عندنا انطباعات إيجابية.


رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  اسكندر حبش


 
 

ابحث في الموقع

Search Help

بحث عن الكتاب


انضموا الى قائمتنا البريدية

الاسم:

البريد الالكتروني:

 


دليل الفنانيين التشكيليين

Powered by IraqiArt.com 


 

 

 
 
 

Copyright © 2007 IraqWriters.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
Ali Zayni