... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله

 

  في السياسة

   
خرافة المعارضة في النظام السياسي العراقي

د. يحيى الكبيسي

تاريخ النشر       10/10/2010 06:00 AM


بني النظام السياسي في العراق على أساس نموذج "أكثروي" ـ نسبة إلى الأكثرية ـ، وحيث ان الأحزاب والتجمعات السياسية الرئيسية في العراق تقوم على أسس إثنية ومذهبية، وحيث إن نتائج الانتخابات الأخيرة كشفت بوضوح تحكم العامل الطائفي السياسي (الإثني والمذهبي) بالسلوك الانتخابي للناخب العراقي، فإن التشابك بين "الأكثرية السياسية" و"الأكثرية الديمغرافية" يبقى قائما، ولا إمكانية للفصل بينهما.

إن هذا النمودج يطيح بشكل عملي بمقولة "التعددية" التي روج لها بعد لحظة نيسان 2003، ويطيح عمليا بالمادة الثالثة من الدستور، التي أشارت إلى العراق بوصفه "بلد متعدد القوميات والأديان والمذاهب". فاستقصاء لآليات التصويت في مجلس النواب يبين اننا عمليا أمام خمسة أشكال للتصويت:

أولا: التصويت بأغلبية الثلثين، وترد في المواد(52/أ) البت في صلاحية عضوية مجلس النواب، 61) تاسعا) الموافقة على إعلان الحرب، ( 65) إنشاء مجلس الاتحاد، (70/أولا) انتخاب رئيس الجمهورية، ( 92) تشكيل المحكمة الاتحادية، ( 136) حل هيئة دعاوى الملكية، ( 138) انتخاب مجلس الرئاسة الانتقالي.

ثانيا: التصويت بالأغلبية المطلقة، وترد في المواد ( 75) انتخاب رئيس مجلس النواب، (61/خامسا) الموافقة على تعيين قضاة بناءا على اقتراح من مجلس القضاء الأعلى، (61/سادسا) مساءلة رئيس الجمهورية، (61/ثامنا) سحب الثقة من أحد الوزراء، (61/ثامنا/بـ/3) سحب الثقة من رئيس الوزراء، (61/ثامنا/هـ) إعفاء مسؤولي الهيئات المستقلة، (64/أولا) حل مجلس النواب، (76/رابعا) المصادقة على الوزارة ومنهجها، (135) حل هيئة اجتثاث البعث ( بعد انتهاء مهمتها).

ثالثا: ثلاثة أرباع أعضاءه، وترد في المادة (138/ثانيا/ج) إقالة عضو من أعضاء مجلس الرئاسة.

رابعا: ثلاثة أخماس أعضاءه، وترد في المادة (138/خامسا/ج) في حالة عدم مصادقة مجلس الرئاسة على القوانين للمرة الثانية لقرارها من المجلس.

خامسا: الأغلبية البسيطة، وترد في مادة عامة عن طريقة اتخاذ القرارات في مجلس النواب، حيث تنص المادة (59) على: (( تتخذ القرارات في جلسات مجلس النواب بالأغلبية البسيطة بعد تحقق النصاب، ما لم ينص على خلاف ذلك)).

وهذا يعني أن الأغلبية البسيطة يمكنها ان تمرر غالبية القرارات في مجلس النواب من دون الالتفات إلى أية معارضة محتملة، حتى لو وصلت هذه المعارضة إلى نسبة 162 صوتا في مقابل أغلبية 163 صوتا. فالقراءة الدقيقة للآليات السابقة تبين بوضوح ان بعضها انتهت عمليا، لأنها تتعلق بمجلس الرئاسة الذي لم يعد قائما. وبعضها الآخر تم تجاوزه في الدستور نفسه، كما في حالة انتخاب رئيس الجمهورية، إذ إن شرط الثلثين ينتفي في حالة عدم حصول أي من المرشحين عليها، ويتم انتخاب الرئيس في الاقتراع الثاني بالأغلبية البسيطة من الاصوات.

كما كنا عمليا طوال السنتين الماضيتين امام إطاحة صريحة ببعض هذه الآليات من خلال احتكار السلطة التنفيذية، وتحديدا رئيس الوزراء، لصلاحيات مجلس النواب. فقد تم إعفاء أغلب مسؤولي الهيئات المستقلة (هيئة النزاهة، هيئة الاعلام والإتصالات، هيئة دعاوي الملكية) وتعيين آخرين، أوإصدار قرارات إعفاء لم تنفذ (ديوان الوقف السني)، من دون العودة إلى مجلس النواب أصلا!

قلنا في مقال سابق إن الخلافات بين الكيانات السياسية/الكتل النيابية تتمحور حول ثلاث قضايا أساسية:

الأول، الموقف من إرث الدولة العراقية الحديثة منذ العام 1921 إلى لحظة سقوطها عام 2003. يشمل ذلك الموقف من عقيدة الدولة، والجيش، وحزب البعث.

الثاني، رؤيتها للنظام السياسي الخاص بالعراق، ويشمل ذلك بالأساس الموقف من الدستور.

الثالث، رؤيتها لمستقبل الدولة العراقية.

لسنا هنا بإزاء خلافات سياسية، بين كيانات سياسية. وإنما بإزاء خلافات أكثر عمقا تعكس انقسام الذاكرة، وانقسام الرؤى، بين كيانات سياسية تستمد وجودها وديمومتها من الولاءات الأولية، وربما استطاعت احتكار تمثيلها. ومن ثم بإزاء مطالب يراد لها أن تعكس المطالب الأثنية والمذهبية، بل وحتى التاريخية والشخصية!

في ظل هذه الوقائع، لن يتم التعامل مع أي معارضة "مفترضة" في مجلس النواب العراقي إلا وفق التصنيف الهوياتي البحت. وسيتم مقدما اتهام "المعارضين"، أيا كانوا، بصفتهم الهووية وليست السياسية، وتسويق هذه المعارضة بوصفها سنية أو شيعية أو كردية، ليسهل إهمالها وتجاوزها.

وهذا يعني في النهاية أن دور المعارضة المفترضة، سيظل في حدود "الظاهرة الصوتية" ولا يمكن أن يكون له أي تأثير حقيقي في مسار العملية السياسية أو بناء الدولة.


رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  د. يحيى الكبيسي


 
 

ابحث في الموقع

Search Help

بحث عن الكتاب


انضموا الى قائمتنا البريدية

الاسم:

البريد الالكتروني:

 


دليل الفنانيين التشكيليين

Powered by IraqiArt.com 


 

 

 
 
 

Copyright © 2007 IraqWriters.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
Ali Zayni