... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله

 

  في السياسة

   
مكتبة

احمد السعداوي

تاريخ النشر       22/11/2010 06:00 AM


ظروف خاصة دفعتني الى نقل مكتبتي الشخصية من مكان الى آخر، وكانت هذه فرصة على ما يبدو لاكتشاف أشياء كثيرة بين تلك الكتب، ما يعنيني منها في هذا المقام هو انتباهتي الى أن أكثر الكتب العراقية التي تحويها مكتبتي الشخصية صادرة عن دور نشر عربية، والسؤال الذي تبادر الى ذهني سريعاً هو الى متى يستمر هذا الأمر كنسق ثابت، لماذا تشير كل العوامل الى استمرار الضعف في صناعة الكتاب العراقي (داخل العراق)؟

الشيء الذي يكاد يجمع عليه العديد من المثقفين العراقيين انه لا توجد صناعة كتاب حقيقية في العراق، ليس الآن، وانما الأمر يمتد الى العقود الأولى من القرن العشرين، فترى أبرز الأسماء في الثقافة العراقية صدّرت نفسها الى العالم العربي (والى العراق!) من خلال دور نشر عربية، لبنانية بالذات او مصرية، كما هو حال السياب والبياتي وغائب طعمة فرمان وفؤاد التكرلي والكثير من الأسماء اللامعة في سماء الثقافة العراقية.

يخرج الأديب والمثقف بمشروعه الى العواصم العربية، لإعادة توظيبه ضمن ماكنة الصناعة الثقافية ثم يعود الى بلده محمولاً على أكتاف مطبوعات دور النشر العربية الشهيرة. وهذه الصورة بلغت قمة التضاد الحاد في عقد التسعينيات من القرن الماضي الذي كانت تخيم عليه أجواء العقوبات الاقتصادية الدولية، فكانت العديد من المؤلفات لمثقفين عراقيين، بعضهم معارض للنظام القائم آنذاك، تدخل كنسخ محدودة الى العراق ثم يعاد استنساخها بالفوتو كوبي لعشرات او مئات النسخ وتنتشر بسرعة في كل مكان.

ويبدو ان زمام المبادرة في الصناعة الثقافية، وبالذات صناعة الكتاب العراقي مازالت خارج الحدود. فاذا أجرينا استطلاعاً حول أبرز عشرة مؤلفات عراقية صدرت خلال الأعوام القليلة الماضية فسنرى أنها كلها صدرت عن دور نشر عربية.

وتبرز المفارقة بحدة أكثر حين نشاهد طبعات أنيقة لمؤلفات عراقية كلاسيكية شهيرة، مثل مؤلفات عالم الاجتماع العراقي الكبير الدكتور علي الوردي او كتاب حنا بطاطو عن تاريخ العراق او كتاب أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث لستيفن همسلي لونكريك وغيرها من المؤلفات التي لا تستغني مكتبة أي مثقف عراقي عنها، نجد هذه المؤلفات الأنيقة صادرة عن مطابع إيرانية، ويجري هذا الأمر، في أغلب الأحيان، ضمن إطار القرصنة، حيث لا حقوق لورثة المؤلف ولا عناية بالقوانين المنظمة لعمل النشر، ويكون الهدف الأساسي هو الربح، وبعضهم يعمد الى التجاوز على المؤلف فيحذف فقرات او أسطر لا تعجبه او لا تتماشى مع قناعاته الفكرية، وهذا الأمر دفع العديد من المثقفين الى البحث عن النسخ القديمة من ذات الكتب، حتى وإن كانت مصورة بالفوتو كوبي، ضماناً لعدم التلاعب بالكتاب.

لماذا لا يجري التفكير جدياً بإعادة طبع كلاسيكيات الثقافة العراقية وبطبعات أنيقة ورخيصة الثمن لتدعيم المكتبات الشخصية وكذلك المكتبات العامة ومكتبات الجامعات والمؤسسات العلمية. ولماذا يظل الارشيف الإبداعي العراقي موزعاً بين مخازن دور النشر العربية، إن كانت تلك التي تعمل في العالم العربي او في أوروبا. لماذا يظل المشروع الثقافي العام هو حصيلة اعتباطية لجهود فردية مع غياب او عدم وضوح السياسات الحكومية او الرسمية بهذا الصدد؟


رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  احمد السعداوي


 
 

ابحث في الموقع

Search Help

بحث عن الكتاب


انضموا الى قائمتنا البريدية

الاسم:

البريد الالكتروني:

 


دليل الفنانيين التشكيليين

Powered by IraqiArt.com 


 

 

 
 
 

Copyright © 2007 IraqWriters.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
Ali Zayni