... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله

 

  في السياسة

   
ساسة لا يغارون

سرمد الطائي

تاريخ النشر       01/12/2010 06:00 AM


شعبنا يغار من جيرانه، بل ان الغيرة تنهش قلبه. لكن ساستنا لا تبدو عليهم علامات هذه "الغيرة" في ادارة الدولة. ومع مرور الاعوام لا تسعفنا كل التأملات في التعرف على الخلل.

نتجول في عالم الواقع او عبر شاشات التلفاز، بين الدول المجاورة بل وحتى في مدن كردستان العراق، لنرى النظافة والتنظيم والتقدم النسبي المتاح لمعظم الجيران. ونظل نتحسر ونسأل انفسنا ألف مرة: ماذا ينقصنا كي نكون مثلهم رغم اننا بين الاكثر ثراء؟

هذا ما نشعر به كمواطنين شأنهم التحسر. اما شعور الساسة حين يلاحظون الفرق فعاجز عن تصوره. المهم انهم لا يشعرون بأي لون من الغيرة او الحسرة، وعلى السادة ان يصححوا لنا لو اخطأنا في هذه النقطة.

يتربع مسؤولونا على عرش دولة تنفق نحو ثمانين مليار دولار سنويا. وبمقارنة عدد السكان فإننا الاكثر انفاقا بين دول المنطقة اذا استثنينا رفاه دول الخليج المميز. ومع ذلك فإن مسؤولينا لم يشعروا بأي غيرة من الاردن البلد الفقير والمنظم، او لبنان الفقير والمليء بالصراعات.

ننفق ثمانين مليار دولار سنويا، دون تحقيق تقدم حتى في مستوى نظافة شوارعنا من الزبير الى ربيعة.

المسؤول العراقي يقول انه يطالب بخروج العراق من العزلة الدولية. مسؤولنا يقول انه "يغار" من الدول التي لا تخضع للبند السابع. لكنني اشك في ذلك. فمسؤولنا نفسه يقوم بعزل البلاد ألف مرة عبر سياساته التي تخفق ثم تخفق.

لاحظوا اننا معزولون في ألف ملف قبل ان نكون ضحايا العزلة السياسية. نحن البلد الذي يمتلك أكثر الشوارع قذارة في المنطقة، والبلد الذي يسجل اعلى درجات الفوضى في الشرق الاوسط. بلادنا الخارجة من كابوس صدام حسين "الفاشي والذي يدوس الحريات بحذائه"، تذهب الى صناديق الاقتراع كي تصوت لساسة "يدوسون الحريات بأحذيتهم" ايضا.

العزلة عن العالم لا تكون فقط عبر منعنا دوليا من شراء الاسلحة او التحليق بحرية بطائراتنا. العزلة التي نفرضها على انفسنا وبسياسات الادارة التي تحكمنا بالفشل، هي الاكثر خطورة من كل قرارات مجلس الامن الدولي.

مسؤولنا لا يغار من تقدم الآخرين. كما انه لم يتعلم شيئا طيلة ثمانية اعوام مضت، سوى انه بات محترفا في استعراض الاعذار وصياغتها.

التذرع بالانهيار الامني لم يعد مجديا ونحن نشاهد العنف يتخندق في بغداد وقسم من الموصل وديالى. وكل المناطق الامنة أسوأ من بغداد في تقدمها. بل ان مجالس المحافظات لم تنجح لا في تسلم موازناتها المالية ولا انفاقها، حسبما يعترف لنا السادة المحافظون انفسهم.

ساستنا لا يغارون حتى من كردستان التي تسبقنا بكل شيء. وحين تسألهم: لماذا سبقكم الاكراد، يقول بعض مسؤولي المحافظات: لقد حصل اهل الشمال على الفدرالية بينما لم نحصل عليها. امنحونا الفدرالية وستلاحظون تقدمنا!

بينما المثير للسخرية ان الاحزاب التي تهيمن على المركز المتهم بأنه يظلم الاطراف، هي نفسها التي تهيمن على تلك الاطراف. ويصعب علينا ان نفهم ان حزب الدعوة في بغداد يريد ظلم حزب الدعوة الذي يدير عدة محافظات عربية على سبيل المثال. وهكذا بشأن باقي احزابنا. هل تظلمون بعضكم داخل الحزب الواحد يا جماعة؟ إصرار الساسة على إدارة الامور بهذه الطريقة يجعلنا نطلق تفسيرات قاسية، عليهم ان يسمعوها منا طويلا.

من لا يغار من جمال التنظيم والحداثة، يشعر برعب من جمال العالم الحديث ورفاهيته. نعم فبين ساستنا من يخاف الجماهير حين تشبع. وبينهم من يشعر بالرعب من شباب يتاح لهم ان يعيشوا بطريقة حديثة، مثل شباب اسطنبول او بيروت.

بعض المسؤولين يشعر ان في وسعه ان يبقى معزولا عن الدنيا، ملتذا أشد لذة بها وبقرار "رئاسي". كي يقيم "مملكته" بأحلامه هو وكما يشاء هو. انه يشتهي منازلة "العولمة" التي تفترس كل شيء يقف في طريقها.

وحتى تقوم هذه "العولمة" بتعديل أمزجة هذا النوع من "أولياء الأمر" فإننا سندفع الثمن غاليا، وتظل الغيرة تنهش قلوبنا.


رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  سرمد الطائي


 
 

ابحث في الموقع

Search Help

بحث عن الكتاب


انضموا الى قائمتنا البريدية

الاسم:

البريد الالكتروني:

 


دليل الفنانيين التشكيليين

Powered by IraqiArt.com 


 

 

 
 
 

Copyright © 2007 IraqWriters.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
Ali Zayni