... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله

 

  في السياسة

   
عفوا هل طلبتم إسكات البرلمان؟

سرمد الطائي

تاريخ النشر       02/02/2011 06:00 AM


تعيش المنطقة العربية هذه الايام فورة الجمهور الذي يطلب من الحاكم ان يصغي إليه. كبرياء الشعوب ينتفض في لحظة ويسأل نفسه: لماذا لا ينصت إلينا السلطان؟ وفي العراق هناك من "يفتخر" بين الشخصيات الرسمية بأن التغيير انطلق "من هنا". غير ان الجمهور العراقي هو الآخر يشعر بعمق ان لا احد من الكبار ينصت إليه بطريقة مناسبة.

وهناك من يلتمس ألف عذر في هذا الاطار للقيادات العراقية "المصابة بالدوار" بسبب الارهاب وانهيار الدولة المستمر. لكن الاستقرار النسبي سيأتي بلحظة مختلفة وعلى القيادات السياسية ان تترقب احتجاجات شعبية صعبة بين الحين والآخر في المستقبل، وتستعد جيدا للانصات إليها باحترام شديد، وأن تتدرب على ذلك كثيرا، لأنها غير مهيأة نفسيا بعد لتقبل ذلك كما يبدو. نعم فالقيادات السياسية او بعضها، غير مستعدة ايضا لتقبل صوت البرلمان نفسه. مع ان المفروض ان الانصات للبرلمان اسهل كثيرا من الانصات للجمهور، ذلك ان مجلس النواب لدينا مكون من الكتل الشريكة في السلطة ولم تظهر داخله معارضة قوية او حكومة ظل، والانصات للحلفاء والشركاء امر هين وسهل ويدخل في باب "الحوار الداخلي" في اروقة النظام السياسي.

ففي جلسة الامس كان يجري سماع رأي رؤساء الهيئات المستقلة والنواب في قرار مثير للجدل اصدرته المحكمة الاتحادية الشهر الماضي، والبعض يرى انه يمكن ان ينعكس بشكل خطير على مجالات مالية وانتخابية ورقابية، لكن النواب الحلفاء لرئيس الوزراء "استقتلوا" للاعتراض على مضمون جلسة البرلمان.

وكانت حجتهم ان قرارات المحكمة امر مقدس لا يجوز نقضه، وبالتالي فإن سماع اي رأي معترض عليها داخل البرلمان "مخالف للدستور".

وبذل العديد من الحاضرين جهدا في التأكيد على قدسية قرارات المحكمة، وأن الجدال البرلماني يدور حول استيضاح نتائج القرار وتداعياته وكيفية التعامل معها درءا لخطر محتمل. كما نص رئيس البرلمان على انه شاور رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، بشأن توجيه طلب للمحكمة بتوضيح نقاط وصفت بأنها غامضة في قرارها، وأن ذلك لا يعني طعنا في القضاء.

لكن الامر لم يقنع نواب ائتلاف دولة القانون، بأن من حق البرلمان ان يتساءل، ويستوضح، ويحذر من بعض الاخطار التي يشير إليها مسؤولون كبار، مثل محافظ البنك المركزي او رؤساء مفوضية الانتخابات والنزاهة.

نواب دولة القانون كان في وسعهم ان يقوموا بتوضيح موقف الحكومة ورئيسها بأشد العبارات، ويعيدوا تأكيد محاولته طمأنة تلك الهيئات على استقلالها. لكنهم فجأة تصرفوا بعصبية واضحة وكانوا يطلبون من البرلمان ان يصمت!

كان في وسع حلفاء رئيس الحكومة ان يعترضوا على كل حرف ورأي يعتقدون انه غير صحيح. لكن اعتراضهم على اثارة الموضوع، وطلب ان يصمت البرلمان، امر يحمل دلالات خطيرة للغاية.ولعل النقاش الساخن يوم الثلاثاء، هو اول نموذج لمعالجة قضية جادة ومصيرية داخل البرلمان. ولعل موقف حلفاء السيد رئيس الوزراء، يقدم لدينا فاتحة لا تبشر بالخير في العلاقة بين التنفيذية والتشريعية.

الامر بحاجة الى انتباه من الجميع واعادة اختيار كلمات مناسبة اكثر في التعبير عن المواقف، تتجنب بالمطلق اي اشارة تحاول اسكات البرلمان. فبقدر ماكان القضاء مقدسا، فإن اعلى سلطة تشريعية لا يجب ان تصمت في الحقير او الجليل من الموضوعات.

ولا ادري كيف سينصت الى الشعب وأوجاعه واحتجاجاته، من عجز عن تجرع ساعة من النقاش البرلماني لامر قد يتصل بتصور السيد المالكي لشكل الدولة.

ما حصل الثلاثاء وما سيحصل لاحقا، يكشف ان على القيادات السياسية ان تتدرب كثيرا على الانصات للآخرين. والانصات الجيد للبرلمان هو افضل تدريب على الانصات لاعتراضات الشعب. ومشكلة نظام مثل الذي في مصر او تونس او سواهما، هو انه نجح في تعلم كل شيء، لكنه لم يتعلم ان يصغي لجمهوره بطريقة لائقة.

اي نظام يريد البقاء داخل العصر وداخل الشرعية الدولية، لن يمكنه ان يستمر بدون الاستماع للخصوم. عفوا، هل هناك نظام عراقي يريد ان يتجرأ ويخرج على الشرعية الدولية ثانية؟


رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  سرمد الطائي


 
 

ابحث في الموقع

Search Help

بحث عن الكتاب


انضموا الى قائمتنا البريدية

الاسم:

البريد الالكتروني:

 


دليل الفنانيين التشكيليين

Powered by IraqiArt.com 


 

 

 
 
 

Copyright © 2007 IraqWriters.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
Ali Zayni