... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله

 

  قضايا

   
لغم أرضي حصة كل مواطن في كردستان

قاسم خضر حمد

تاريخ النشر       17/02/2011 06:00 AM


عن نقاش:
عملية إزالة الألغام الأرضية هي واحدة من أكثر المهام خطورة في العالم. لكن العاملين في هذه المجال يقولون ان هذا العمل هو "حرفة" أكثر من كونه وظيفة.

قبل أحد عشر عاما، فقد حكمت معروف، والذي يبلغ اليوم أربع وثلاثون سنة من عمره، ساقيه أثناء إزالة الألغام الأرضية في إقليم كردستان العراق. رغم ذلك، لا يشعر حكمت بالندم على عمله في إزالة الألغام ويؤكد "بأنة كان يشعر عند إزالة كل لغم بأنه قد أنقذ حياة شخص ما".

بدأ معروف العمل مع المجموعة الاستشارية للألغام، وهي منظمة دولية غير ربحية تأسست في عام 1993، لإزالة الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة وغيرها من مخلفات الصراعات، والتي ما زالت موجودة في أجزاء كبيرة من إقليم كردستان.

لا يعرف معروف العدد الدقيق للألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة التي فجرها خلال سنوات عمله الطويلة في نزع الألغام. ويقول أن هذا السؤال لا إجابة له، "كأن تسأل شخصا ما عن عدد حبّات (بذور) عباد الشمس التي تناولها خلال حياته".

ويتذكر معروف عمله كعضو من فريق في قرية في دربنديخان. في هذه القرية فجر الفريق 100 طن من قذائف الهاون في غضون ثلاثة أشهر. وكانت هذه الصواريخ من البقايا التي خلفها جيش صدام حسين وراءه.

وفقا للمجموعة الإستشارية للألغام، فإن اقليم كردستان هو واحد من أكثر مناطق العالم التي تعاني من الكميات الكبيرة للألغام المزروعة في أراضيه. وهناك حاليا ما لا يقل عن لغم أرضي واحد لكل شخص يعيش في الإقليم.

فخلال الحرب العراقية الايرانية التي استمرت على مدى ثماني سنوات، قامت الحكومة العراقية السابقة برئاسة صدام حسين بتلغيم المنطقة الحدودية مع ايران لمنع الجيش الايراني من عبور الحدود وليضع جدارا فاصلا بينه وبين متمردي البشمركة الأكراد.

وكان القصد أيضا من نشر الألغام إجبار القرويين الاكراد الذين كانوا يعمدون إلى توفير الملجأ الآمن للمتمردين، على الإنتقال للعيش في المدن.

وعلى مدى السنوات الـ 20 الماضية، قتل الآلاف من الناس وأصيب عدد كبير منهم بعاهات مستديمة بسبب الألغام والذخائر غير المكتشفة. علاوة على ذلك، كان لهذه الألغام الأرضية أثارا مدمرة على اقتصاد الإقليم، لاسيما على الزراعة والبنية التحتية فيه.

وبلغ حتى الآن عدد الألغام التي عمل على إزالتها أشخاص مثل معروف ما يقارب 2 مليون لغم، كما وتم تطهير ما يقرب من مليوني متر مربع من الأراضي من الألغام. وأدى العمل الذي قاموا به إلى حتى الآن إلى إنقاذ حياة الآلاف من الأشخاص ومن الثروة الحيوانية.

يقول معروف أن إزالة الألغام أو الذخائر غير المتفجرة بحاجة الى الكثير من الشجاعة والحذر. وكان الشعار الذي تعلمه في عمله، كما ويتعلمه الآخرون أن "لا مجال للخطأ مع الألغام". إن أي خطأ يرتكب هو خطأ قاتل.

فقد معروف وزملائه العديد من الأصدقاء بسبب انفجار الألغام، وتركت الألغام تشوهات وإعاقات لدى عدد من رفاقه العاملين معه.

ويطلق على أضعف لغم مزروع في كردستان اسم إم 14. وهو مصنوع في الولايات المتحدة، ويحتوي على 29 غراما من مادة تي ان تي، ويؤدي إنفجاره إلى بتر الأطراف ما أن تطأ عليه القدم.

أما أكثر الألغام المضادة للأفراد فاعلية فهو "الفالمارا" المصنوع في ايطاليا. وقد تسبب هذا اللغم في بتر أطراف معروف في 20 حزيران يوليو 2000 ، في الساعة الثامنة صباحا في حقل موجود في قرية أحمد كلوان في منطقة بنجوين.

ويغطي حقل الألغام مساحة 54000 متر مربع، وكان هذا الحقل من أولويات المجموعة الاستشارية للألغام، لقربه من المناطق السكنية ولإصابة ثلاثة قرويين من قرية أحمد كلوان بجروح في هذه المنطقة. وقد أمضى معروف وفريقه ثلاثة أشهر في العمل في نزع ألغام هذا الحقل.

ويقول معروف الذي تخرج من معهد الرياضة وكان لاعب كرة قدم "أن الألغام قد غيرت جميع أحلامه". فقد خضع إلى 26 عملية جراحية، 20 منها في كردستان و6 منها اجريت في ألمانيا.

ويشغل معروف نفسه اليوم بحملة لتحسين حياة ضحايا الألغام الأرضية وحياة المعوقين في العراق. فها هو يقوم، مع آخرين من ضحايا الألغام، بتأسيس منظمة للضغط على الحكومة العراقية كي تلتزم بالاتفاقات الدولية بشأن الألغام وحقوق المعوقين.

وفي عام 2006، وقعت الحكومة العراقية اتفاق أوتاوا لحظر الألغام الأرضية ولتطهير العراق منها.

ونظرا للصعوبة الكبيرة التي يعاني منها المعوقين في العراق في الحصول على وظائف، يطالب معروف الدولة بفرض كوتا قدرها 5% لتوظيف المعوقين في شركات القطاع الخاص التي تستثمر في كردستان .

ومن المطالب الرئيسية الأخرى التي ينادي بها معروف أن تراعي الحكومة والقطاع الخاص احتياجات المعوقين عند تصميم المباني في المدن والبلدات.

ويقول معروف أنه "لا يستطيع الذهاب إلى الكثير من الاماكن العامة مثل دور السينما والمسارح والعيادات والمطاعم لأن تصاميم البناء ليست مناسبة للأشخاص المعوقين".

ويضيف، "لقد عشت في ألمانيا لمدة ثلاث سنوات وذهبت إلى كل مكان دون أي مشكلة أو مساعدة. شعرت بأنني إنسان طبيعي لأن المدن في ألمانيا مصممة لتناسب احتياجات جميع أنواع البشر. ولكن البناء هنا في كردستان مصمم ليناسب الأقوياء والأصحاء جسديا فقط."

حتى الآن، استطاع معروف إقناع خمسين جهة في مدينة السليمانية توفير تسهيلات للمعوقين الذين يستعملون الكراسي المتحركة. وتشمل هذه الجهات مطاعم وفنادق ومؤسسات الحكومية، إضافة إلى المدرسة التي يعمل فيها.

وبالإضافة إلى دروس الكمبيوتر التي يدرسها في المدرسة، يدير معروف أيضا موقعا للمعوقين على شبكة الانترنت [kemendaman.com]يقدم لهم من خلاله أحدث المعلومات عن العلاجات الصحية والتكنولوجيا الجديدة التي تسهل لهم حياتهم.


رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  قاسم خضر حمد


 
 

ابحث في الموقع

Search Help

بحث عن الكتاب


انضموا الى قائمتنا البريدية

الاسم:

البريد الالكتروني:

 


دليل الفنانيين التشكيليين

Powered by IraqiArt.com 


 

 

 
 
 

Copyright © 2007 IraqWriters.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
Ali Zayni