... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله

 

  قضايا

   
25شباط.. مجرد بداية

حيدر نجم

تاريخ النشر       26/02/2011 06:00 AM


نقاش:
يخيّل للحكومة الجديدة التي لم يمض على تأليفها سوى شهرين، أن ينتهي جحيم الاحتجاجات الشعبية، في يوم الجمعة المقبل، والذي سيصادف تاريخه 25 شباط/ فبراير الجاري. لكن تصريحات النشطاء المدنيين، تشير إلى أن المسألة لن تتوقف عند هذا الحد.

فالاعتصام المرتقب في ساحة التحرير في قلب بغداد التجاري ما هو وفق الداعين له من نشطاء مدنيين ورجال دين وشخصيات ليبرالية ومستقلة، إلا مجرد "بداية فعلية" لسلسلة تظاهرات حاشدة قادمة يراد بها الإطاحة برؤوس الفساد في مؤسسات الدولة ومن يحميهم من أحزاب وجهات سياسية.

"إنها البداية والقادم أعظم" هكذا يعلق عبدالله الشمري، منسق شباب 25 شباط كما عرف نفسه لـ "نقاش".

ويقول الشمري وهو شاب في منتصف العشرينات من عمره ويلفت النظر اليه من خلال حماسته والشعارات التي يرددها على مسامع المعتصمين في ساحة التحرير منذ أيام "لقد خرجنا في الاسابيع الماضية في مسيرات وتظاهرات احتجاجية عفوية جابت شوارع ومناطق مختلفة من العاصمة بغداد.. لكن من الان فصاعدا سيكون هناك تنسيق وترتيب لأي تظاهرة أو إعتصام محتمل حتى تحقيق المطالب المرجوة".

وانطلقت قبل أكثر أسبوعين دعوات تحض على المشاركة بكثافة في التظاهرات الحاصلة في مناطق متفرقة من العراق، وتطالب السلطات وقوى الأمن بالعمل على ضمان سلامة المحتجين، صدرت عن مراجع ورجال دين المح بعضهم الى إمكانية المشاركة بنفسه كما هو الحال مع المرجع الديني الشيخ قاسم الطائي، وهو كثير الانتقاد وباستمرار للعملية السياسية القائمة في ظل الاحتلال.

المطالب الآنية لجموع المتظاهرين الذين ينتمون لشرائح مجتمعية مختلفة، تركزت على ضرورة إصلاح نظام الحكم الطائفي، ومعالجة التدهور الخدمي، وإطلاق الحريات العامة، والقضاء على الفساد والبطالة، والتعهد من قبل الدولة بتنفيذها على وجه السرعة.

وقد ذهب البعض بعيدا ورفع سقف مطالبه ودعا الى المطالبة في تغيير النظام القائم وإسقاطه، مثلما كان عليه الحال في الإنتفاضات الشعبية التي حدثت في تونس ومصر وتجري الآن في البحرين وليبيا.

ويؤكد الشمري أن ثورة 25 كانون الثاني/ يناير الماضي التي شهدتها مصر وأسقط فيها رأس النظام الحاكم في ذلك البلد العربي الهمت الشباب العراقي من امثاله، ودفعتهم للمطالبة بالتغيير والثورة على الفساد.

ويقود الشمري ومجموعة من النشطاء مجموعات وروابط على موقع الفيسبوك الذي يعتبر المحرك الرئيسي للثورات الشعبية العربية.

ويشارك مع قرابة 13 ألف من نشطاء الانترنت، في مجموعة تم تأسيسها تحت مسمى "ادعم انتفاضة الشباب العراقي في ساحة التحرير يوم 25 فبراير 2011".

دوائر المراقبة للشأن السياسي في البلاد، ترى أن هناك إمكانية لمزيد من التصعيد في مطالب المتظاهرين إذا ما استجدت أمور وحصل ما لا يحمد عقباه من استهدافات للمتظاهرين يوم الجمعة القادم.

ويعلق الناصر دريد وهو اكاديمي وباحث في الشؤون السياسية، على احتمالية حدوث مثل هذا التحول، قائلا "مثلما بدأت الثورات التونسية والمصرية بمطالب مجتمعية وتحولت بعدها لاسقاط النظام وهو ما تحقق لها في نهاية المطاف، فمن الممكن جدا أن يحدث الامر نفسه في الثورة العراقية المحتملة".

ومنذ أيام لا صوت يعلو في العاصمة بغداد وعدد من المحافظات الأخرى فوق صوت مظاهرة الجمعة التي يقدر لها أن تكون "مليونية" الحشود، وفق توقعات رئيسة منظمة الأمل هناء أدور وعدد من نشطاء المجتمع المدني الذين كانوا يلتفون حولها في ساحة التحرير ببغداد.

وكان رئيس الوزراء نوري المالكي قد تبرأ بشكل مسبق من مسؤوليته عن أي أعمال عنف قد تحصل في التظاهرات، وحذر "من إمكانية استهداف المتظاهرين من قبل عناصر مندسة ترتدي زي الشرطة".

وبدأ أصحاب المتاجر القريبة من مكان الحدث المحتمل، بنقل محتويات محلاتهم من بضائع وغيرها من موجودات إلى أماكن آمنة تحسبا لأي طارئ أو أعمال شغب قد تحدث.

وأشار هؤلاء في أحاديث مقتضبة لـ "نقاش" إلى أنهم يعتزمون عدم فتح متاجرهم في يوم التظاهر، الذي يعد بالنسبة إليهم يوم رواج تجاري.

وتنتشر في ساحة التحرير والمناطق المحاذية لها، باعتبارها القلب التجاري للعاصمة، عدد من المحلات التي تباع فيها الأجهزة والمعدات الكهربائية والتكنولوجية وأدوات التصوير التقني، ومختبرات فنية لطبع وتحميض التصوير، فضلا عن محلات بيع الملابس المستوردة، وسلسلة من الفنادق والمطاعم ذات الدرجات السياحية المختلفة، وبعض دوائر الدولة.

ويتوقع لتظاهرة يوم الجمعة أن تحظى بتغطية إعلامية محلية كبيرة، وبتواجد عسكري كبير أيضا ستخصصه السلطات لـ "حماية المتظاهرين" على حد قولها.

وبدأت القنوات المحلية منذ أيام تبث تقارير عن انتهاكات جسدية تعرض لها معتصمو الأيام السابقة على يد من وصفوهم بـ"البلطجية"، بعد انسحاب القوات الامنية التي كانت ترابط الى جانبهم، بشكل مفاجئ.

وفي رد بليغ على هذه الاعتداءات أكد بعض الشباب ممن لا يزالون معتصمين في ساحة التحرير منذ نحو أسبوعين، أن زملاء لهم من محافظات مختلفة سيلتحقون بهم مطلع يوم الجمعة رغم التضييق الذي تمارسه السلطات بحقهم، حيث تمنعهم من اقامة مخيمات لايوائهم في ساعات النهار والليل، كما تماطل في منح الاجازات الرسمية للتظاهرات.

وأعلنت الحكومة على نحو متكرر ضمانها امن وحرية التظاهرات، الا أن المتظاهرون يقولون أن الحكومة تسعى إلى عرقلتهم.

وأصدر محافظ بغداد صلاح عبد الرزاق وهو من المقربين من المالكي، تعليمات وصفت بـ"التعجيزية" لترخيص المظاهرات، أبرزها التقدم قبل نحو أسبوع بطلب الترخيص، وتحديد مكان المظاهرة والخط المحدد لسيرها، وتوقيت بدئها وانتهائها، والعدد المتوقع للمشاركين فيها، فضلا عن تعهدات واستمارات متعددة على مقدمي الطلب ملئها.

لكن هذا الأمر الإداري لم يلق آذان صاغية من قبل الكثيرين ممن يعتزمون التظاهر في "جمعة الغضب" أو "ثورة الكرامة" وغيرها من التسميات التي يطلقها المنظمون.

الناشطة المدنية هناء أدوار، التي لا تترك مظاهرة إحتجاجية الإ وتشارك فيها، ترد على تعليمات المحافظ، فتقول إن "ثورة العراقيين ضد الفساد والمفسدين ستستمر رغم محاولات العرقلة، ورغم التضييق والقمع الذي تمارسهما السلطات الأمنية بحق المتظاهرين، وحملات التشويه المتعمدة لهذه المسيرات الاحتجاجية".

وتضيف ادوار التي ترأس واحدة من أكبر شبكات الدفاع عن حقوق المرأة في العراق "لن تتوقف الاحتجاجات والفعاليات المجتمعية ما دام هناك نفس اصلاحي تولد لدى غالبية الشعب بمختلف شرائحه.. فمنذ ثمان سنوات والفساد مستشري ويتفاقم يوم بعد آخر بشهادة المعنيين داخل الطبقة الحاكمة وحاشيتهم من النواب والساسة".

وبعد ثمانية سنوات على غزو الأمريكي للعراق، ما زالت الكهرباء في معظم المناطق تأتي لمدة لا تتجاوز الساعتين يوميا، فضلا عن ترهل كامل في البنى التحتيتة وشبكة المواصلات، وأزمة حادة في مياه الشرب والصرف الصحي.

كما يتصدر العراق قائمة الدول الأكثر فسادا في العالم حسب تقرير منظمة الشفافية الدولية ومقرها في برلين للعام 2011، حيث حل في المرتبة 175 من بين 178 دولة شملتهم القائمة.

ويعتقد القاضي رحيم العكيلي رئيس هيئة النزاهة، الجهة المسؤولة عن التحقيق في قضايا الفساد المالي والاداري، ان "التظاهر هو السلاح الأقوى في مواجهة فساد الحكومات ومؤسساتها" مبدعيا دعمنه لمطالب المتظاهرين.

الحكومة من جهتها، استبقت المظاهرة "المليونية" المرتقبة، في جلسة استثنائية عقدتها يوم 20 من الشهر الجاري، واتخذت خطوات مفاجئة في مقدمتها تعليق العمل بقانون التعرفة الجمركية الذي كان من المقرر سريان العمل به مطلع الشهر القادم، حتى إشعار آخر، وغيرها من القرارات التي تم اتخاذها على وقع الاحتجاجات المستمرة.

ويعلق الناصر دريد، استاذ العلوم السياسية في جامعة صلاح الدين، على الاجراءات الحكومية المتخذة، بالقول "على ما يبدو ان السلطات تخشى أن يؤدي ارتفاع أسعار السلع الناجم عن تطبيق قانون التعرفة الجمركية إلى مفاجآت غير سارة، فعمدت الى اتخاذ سلسلة إجراءات ترقيعية". وسبق لرئيس الحكومة أن أصدر توجيها بتخفيض مرتبه الشهري إلى النصف، وإعادته لحساب خزينة الدولة، اعتبارا من شهر شباط (فبراير) الجاري، ليعود مرة جديدة ويخفض راتبه على وقع التظاهرات المتفرقة في البلاد. كما وعد بإجراء إصلاحات دستورية تتضمن عدم التمديد لرئيس الوزراء لأكثر من فترتين متتاليتين.

إلا أن هذه الإجراءات لن تكفي وحدها لتلبية طموح المتظاهرين كما يقول الناشط عبدالله الشمري، مضيفا أن "الشعب العراقي يريد أن يرى أن مطالبه تحققت على الأرض، لا من خلال التصريحات والبيانات الكلامية


رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  حيدر نجم


 
 

ابحث في الموقع

Search Help

بحث عن الكتاب


انضموا الى قائمتنا البريدية

الاسم:

البريد الالكتروني:

 


دليل الفنانيين التشكيليين

Powered by IraqiArt.com 


 

 

 
 
 

Copyright © 2007 IraqWriters.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
Ali Zayni