... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله

 

  قضايا

   
الموصل: يوم الطلاق بين الحكومة والجيش

عادل كمال

تاريخ النشر       09/03/2011 06:00 AM


نقاش :
ستة قتلى، وثمانية عشر جريح، كانت حصيلة تظاهرة "يوم الغضب" في مدينة الموصل، فضلا عن إحراق مبنى مجلس المحافظة وتدمير محتوياته. لكن التطور الأبرز كان إعلان القطيعة الكاملة بين السلطتين الفعليتين في نينوى: الحكومة المحلية، والجيش.

وفي أول ردة فعل له على تظاهرات يوم الجمعة 25 شباط فبراير، اتهم محافظ نينوى أثيل النجيفي، قائد الفرقة الثانية في الجيش العراقي اللواء ناصر الغنام، بتغيير مسار التظاهرة والتسبب في وقوع قتلى.

وحسب قول المحافظ، بدأت المظاهرات بالتنديد بالانتشار العسكري والاعتقالات العشوائية التي يمارسها الجيش من دون مذكرات قبض قضائية، وطالبت بانهاء احتلال العراق، واقالة حكومة المالكي، لكنها انتهت بالتهجم على الحكومة المحلية المنتخبة.

وصرّح النجيفي في مقابلة مع "نقاش" ان "عجلات عسكرية تابعة للفرقة الثانية جرى تصويرها بكاميرات الفيديو، حملت متظاهرين من المكان المخصص للتظاهرة الأصلية في الجانب الأيسر لمدينة الموصل، ونقلتهم الى الجانب الأيمن حيث مبنى المحافظة".

ولفت المحافظ إلى أن الخطة التي وضعتها قيادة العمليات الأمنية، تقضي بمنع انتقال المواطنين يوم التظاهرة من جانب إلى آخر، وذلك من خلال غلق الجسور الواصلة بين الطرفين بشكل كامل لكن "قيادة العمليات لم تلتزم بالخطة التي وضعتها بنفسها".

وتنتشر في الجانب الأيمن من المحافظة المفصول بنهر دجلة عن الأيسر، مجموعة من الدوائر الحكومية من بينها مجلس المحافظة وقيادة الشرطة ومحاكم نينوى والبنك المركزي، ودوائر التامين والضمان الاجتماعي وبلدية الموصل ومركز الإحصاء وغيرها.

ونفى المحافظ في تصريحات لـ "نقاش" أن يكون حراس مبنى محافظة نينوى، وهم بمجملهم من عناصر الشرطة المحلية، قد أطلقوا النار على المتظاهرين، وأشار إلى أن "الشرطة المحلية قبضت على عناصر من الجيش يرتدون الثياب المدنية".

وأكّد على أن القتلى والجرحى سقطوا في أماكن بعيدة عن مبنى المحافظة، وان معظم الإصابات كانت في الرأس، معتبراً ذلك دليلاً واضحاً على أن "هناك من كان يتربص بالمتظاهرين بهدف خلط الأوراق، وتحييد المظاهرة عن مسارها".

وتفرض الفرقة الثانية سيطرتها الكاملة على القسم الأيسر لمدينة الموصل، ومناطق واسعة في الجانب الأيمن، ويخضع لقائدها فعليا 22 ألف جندي.

في حين أن شرطة نينوى التابعة للحكومة المحلية تفرض سيطرتها على جزء صغير فقط من الجانب الأيمن وتحديدا ضمن منطقة يطلق عليها مجمع الدوائر الحكومية، حيث أبنية الحكومة المحلية مع دوائر أخرى.

رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي، الذي كان متواجدا مع شقيقه الأصغر أثيل النجيفي محافظ نينوى في مبنى المحافظة لحظة أن اقتحمه المتظاهرون، قال أن الأوامر صدرت لأفراد الحماية "بعدم التعرض لأي من المتظاهرين، رغم أنهم بدؤوا بأعمال حرق وتخريب ونهب لمحتويات المحافظة".

وأضاف رئيس مجلس النواب بأنه "شاهد كسر أبواب المحافظة من قبل عجلات الجيش، وقد تسبب ذلك بدخول المتظاهرين ومعهم عناصر مسيئة قامت بحرق المبنى بعد سرقة وتحطيم الكثير من محتوياته".

ورأى أن الاعتداء على المتظاهرين كان "عملية منظمة" الغرض منها إعادة محافظة نينوى إلى ما كانت عليه في عام 2004، من انهيار للسلطة، وفرض أحكام عسكرية من قبل الجيش.

وطالب رئيس مجلس النواب العراقي باقالة قائد الفرقة الثانية للجيش العراقي، المتورط حسب قوله بـ "انتهاكات لحقوق المواطنين، كان آخرها اعتقال شخص يدعى خالد من دون مذكرة قضائية ووفاته في إحدى سجون الفرقة الثانية متأثراً بجروح أصيب بها بعد تعذيبه".

من جهته، نفى اللواء الركن ناصر الغنام قائد الفرقة الثانية للجيش العراقي، اي تدخل من قبل قواته في مظاهرات يوم الجمعة.

وحذر من أن المحافظة "تقوم حاليا بتحضير صور ملفقة لعجلات تابعة للجيش العراقي تنقل مواطنين، بغية عرضها خلال يومين او ثلاث" وقال بأن "هذه الصور قديمة، كانت فيها عجلات الجيش تنقل مواطنين اثناء الانتخابات البرلمانية السابقة إلى مراكز الاقتراع، أو تنقل مواطنين إلى مراكز عبادة في مناسبات دينية".

كما نفى قائد عمليات نينوى اللواء الركن حسن عبد الكريم خضير، "بشكل قاطع" اي تدخل لقطعات الجيش في نقل المتظاهرين، او التسبب باصابات في صفوفهم.

وقال إن "الشرطة المحلية وبطلب من ادارة المحافظة هي من كانت تتحمل مسؤولية الأمن في المكان". مضيفا أن "محافظ نينوى يرمي أخطاءه وفشله في إدارة أعمال المحافظة على شماعة الجيش".

الصراع الدائر بين القيادات العسكرية ومحافظ نينوى لم يكن خافيا على أحد قبل أحداث "يوم الغضب"، فهو يعود إلى أكثر من سنتين، لكنه وللمرة الأولى يبرز إلى السطح على شكل مطالبات رسمية بالإقالة.

فمنذ أن فازت قائمة الحدباء بزعامة أثيل النجيفي في الانتخابات المحلية في مطلع العام 2009، بدأ الصراع بينها وبين الجيش المنتشر في المحافظة التابع لرئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي.

وكثيراً ما تبادل الطرفان الاتهامات بتدخل احدهم في شؤون الآخر. فالجيش يقول بأن الحكومة المحلية لا تتعاون معه من الناحية الأمنية كما يجب، ولا تنفذ تعليماته الأمنية.

أما المحافظ فيعتبر قيادات الجيش منتهكة للحقوق المدنية، من خلال غلق الطرق وتطويق الأحياء السكنية واعتقال المواطنين بطريقة عشوائية، وتعذيبهم في معتقلات خاصة يشرف عليها.

ويقول أن قائد الفرقة الثانية، ومعه قائد عمليات نينوى لا يشركانه بالخطط الأمنية التي يضعانها.

ويرفض رئيس مجلس النواب، وشقيقه المحافظ، إجراء أي تحقيق من قبل قيادة العمليات بشان ما حدث في التظاهرة، لأنها "جهة غير موثوقة" على حد تعبيرهما.

وبالفعل، تم تشكيل أكثر من لجنة تحقيق، من بينها واحدة شكلها رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي وأخرى من قبل رئيس الوزراء نوري المالكي.

وبعد ساعات من تظاهرة الموصل، طلب رئيس الوزراء نوري المالكي من رئيس مجلس النواب العراقي التدخل من اجل إقالة شقيقه محافظ نينوى.

وبحسب مصادر مقربة من رئيس البرلمان، فإن "أسامة النجيفي طالب بدوره من المالكي إقالة قائد الفرقة الثانية، فوافق رئيس الوزراء شرط أن يستقيل المحافظ أولاً".

وعقب اندلاع المظاهرات، عقد رئيس مجلس النواب مؤتمرا صحفيا في مقر المجلس، قال فيه ان "المحافظ منتخب، ولا يمكن الرضوخ لطلب عدد بسيط من الأشخاص بإقالته".

ودعا إلى إعادة انتخابات محلية مبكرة في عموم محافظات العراق خلال فترة لا تتجاوز أربعة اشهر، "يستطيع خلالها المواطنون انتخاب من يمثلهم بشكل حقيقي، وبطريقة شرعية ودستورية، ومن سيحصل على الأغلبية سيحكم المحافظات".

وفي سؤال لمحافظ نينوى أثيل النجيفي حول المطالبات باستقالته، قال لـ "نقاش" بانه غير متمسك بالمنصب، لكنه لن ينسحب "بينما النار تحترق في المحافظة". وأضاف أنه سيترشح فيما لو حدثت انتخابات مبكرة لمجالس المحافظات لأنه "واثق من الفوز مجددا".

وكانت شخصيات عديدة قد طالبت باستقالة المحافظ بعد اندلاع الأحداث، من بينها محمود السورجي، وهو قيادي كردي ضمن مؤتمر القوى السياسية في نينوى، والذي يتألف من خمسين حزبا وكياناً سياسيا معارضاً للحكومة المحلية في نينوى.

وأكد السورجي الذي تحدث باسم تنظيمه على أن "التظاهرات ستستمر في نينوى لحينأقالة المحافظ، بعد ان ياس الناس من الادارة الحالية".

لكن اللافت في أحداث نينوى الأـخيرة، هو عدم صدور أي تصريح من ممثلي قائمة نينوى المتاخية الكردية، وهي الخصم اللدود والتقليدي لقائمة الحدباء.

ويقول الكاتب السياسي شعلان خالد أن "هناك التزام من قبل القائمة المتآخية بالتهدئة مع قائمة الحدباء الوطنية، وكذلك لكي لاتبدو هي من تحرك الاحداث في الموصل او تتهم بذلك كما حدث في السنوات السابقة".

ويرى خالد أن مظاهرتين اثنتين حدثتا في الموصل يوم الجمعة، إحداها سلمية، رفعت فيها شعارات تطالب الحكومة المركزية من خلال وزاراتها بجملة من الطلبات والاحتياجات العالقة بشكل مزمن، والأخرى "دموية ومسيّسة" تستمر تداعياتها من خلال الانقسام الواضح في نينوى بين مؤيد للجيش، وآخر مؤيد وموالي للحكومة المحلية.

كل هذا يجري في ظل صمت شبه تام لممثلي نينوى في البرلمان العراقي وعددهم (34) نائباً، وغض الحكومة المركزية بصرها، والاكتفاء بإرسال لجان تحقيقة "ربما لن تتوصل إلى شيء" على حد قوله.


رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  عادل كمال


 
 

ابحث في الموقع

Search Help

بحث عن الكتاب


انضموا الى قائمتنا البريدية

الاسم:

البريد الالكتروني:

 


دليل الفنانيين التشكيليين

Powered by IraqiArt.com 


 

 

 
 
 

Copyright © 2007 IraqWriters.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
Ali Zayni