... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله

 

  قضايا

   
محطة نفايات بين أربعة مستشفيات في الموصل

عادل كمال

تاريخ النشر       03/04/2011 06:00 AM


 نقاش :
وقفت الحكومة المحلية في نينوى عاجزةً إزاء انبعاث الروائح الكريهة من منطقة الطمر الصحي (النفايات) في حي العربي شمال الموصل.

فالحكومة كانت قد استنفذت كافة إجراءاتها، وقامت بغلق المكان بعد ان ردم بالتراب في تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2010. لكن الحي السكني الملاصق ما زال يواجه تداعيات تفسخ النفايات التي جمعت ودفنت قريبا منه طوال عقدين.

مشهد بات يتكرر في أنحاء متفرقة من مدينة الموصل التي تحاول الخروج من أزمة أمنية عصفت بها طوال سبع سنين مضت، وهي تجد نفسها اليوم، إزاء أزمة جديدة تتمثل بتردي الواقع الخدمي، وعدم مقدرة بلدية الموصل على تداركه.

وحسب تصريحات مسؤولين في بلدية الموصل فإن المصاعب ليست فقط فيما يخص جمع النفايات من المئات من الاحياء والمناطق السكنية في ظل الافتقار الى الايدي العاملة، والالات اللازمة، وانما في التخلص من تلك النفايات.

التقديرات السكانية الرسمية تشير إلى نحو مليون وأربعمائة ألف مواطن يعيشون في مدينة الموصل مركز محافظة نينوى، وهذا يعني بحسب مدير بلدية الموصل عبد الستار الحبو "طرح نفايات بين 1200 و 1500طن يومياً، هذا بحساب 900 غرام من النفايات يطرحه كل شخص يومياً، والكمية ترتفع وتنخفض حسب الموسم والحالة الاقتصادية لكل حي سكني".

لذلك والكلام للحبو، أقدمت محافظة نينوى على تبني مشروع لإدارة النفايات الصلبة، تقوم بتنفيذ أولى خطواته حالياً، بقيمة إجمالية تبلغ 100 مليون دولار، وعلى شكل اربعة مراحل ، مقسمة بالتساوي على جانبي مدينة الموصل.

لكن المشروع يلاقي اليوم احتجاجات واسعة في مدينة الموصل، لان الجزء الأول منه، وهو محطة وسيطة لجمع النفايات، تشيد وسط حي سكني في منطقة حي الرفاق في الجانب الأيسر لمدينة الموصل، قريبا من أربعة مستشفيات.

"نقاش" التقت بمواطنين يسكنون بالقرب من هذه المحطة التي يجري تنفيذها على قدم وساق، فذكر أحدهم وهو مروان خليل، أن سكان الحي الراقي والهاديء "متخوفون من الروائح التي ستنبعث من هذه المحطة، او الحشرات والقوارض التي ستعشش في المكان". لذلك فقد قدموا شكاوى عديدة الى محافظة نينوى ومجلسها، اضافة الى بلدية الموصل وغيرها من الدوائر المعنية، دون ان يجدوا آذانا صاغية.

في حين اكد المهندس المتقاعد ياسين شامل، وهو من سكان الحي ايضاً، أن "هكذا مشروع يستلزم ضوابط وشروط معينة قبل تنفيذه، اولها البعد عن التجمع السكني، والذي قدره القانون بـ 300 متر، وعن الشارع العام ب 100 متر، وان لا يكون في منطقة معرضة لهبوب الرياح".

لكن واقع الحال يشير الى ان هذه المحطة تبعد فقط 25 متر عن الحي السكني، و6 أمتار عن الشارع العام.

وبما أن المنطقة محاطة بأربعة مستشفيات وحيين سكنيين، لذا فالريح ستنقل الروائح في كل الاتجاهات حسب خبراء بيئيين، هذا إضافة إلى أن عمق المياه الجوفية في المنطقة هو بحدود 1،5 متر فقط، بمعنى ان انشاء هذا المشروع يهدد بالخطر الأهالي بشكل عام.

غانم عايد، أحد مواطني الحي اتهم حكومة نينوى المحلية بـ "سوء التخطيط"، لانها "بدلاً من انشاء متنزه، او مدرسة، تبني مجمعا للنفايات وسط حي سكني، واربعة مستشفيات تعج على الدوام بالمراجعين من مختلف الأنحاء".

وأكد عايد على أن "أهالي الحي والأحياء المجاورة، يفكرون الآن بتقديم شكوى رسمية إلى الحكومة المركزية لوقف تنفيذ هذا المشروع، بعد ان تجاهلت محافظة نينوى طلباتهم المتكررة".

زهير حازم عضو مجلس قضاء الموصل، ورئيس لجنة الخدمات فيه، اقرّ في حديث لـ "نقاش" إن سبب اختيار تنفيذ القسم الأول من المشروع داخل حي سكني، هو "أننا لم نجد مكاناً آخر، وتخوفنا من أن يخسر المشروع التبرعات التي تقدمت بها الجهات المانحة".

وشرح حازم لـ "نقاش" التفاصيل الكاملة حول مشروع ادارة النفايات الصلبة في مدينة الموصل.

وأشار إلى أن تحلل المواد العضوية في مناطق الطمر الصحي (طمر النفايات) والغازات التي تنبعث منها، دفعت بلدية الموصل الى الاستنجاد بجامعة الموصل لوضع دراسة كاملة عن مشروع للتخلص من هذه المشكلة بتدوير النفايات ومعالجتها، غير أن الأخيرة طلبت مبلغ 204 مليون دينار (حوالي 170 ألف دولار أمريكي)، عجزت خزائن البلدية عن الايفاء به، فلجات محافظة نينوى الى مدينة اسطنبول، التي ساهمت بتقديم الدراسة مجاناً.

وتابع حازم قائلا إن قيمة المشروع وفق الدراسة الموضوعة تبلغ 100 مليون دولار، تبرعت الأمم المتحدة بـ 48 مليون دولار، والحكومة العراقية بمبلغ 35 مليون دولار، وجهات داعمة أخرى بـ 17 مليون دولار، وتمت المباشرة بالمشروع في 2010، ومن المؤمل انجازه في غضون أربعة أعوام.

وذكر بان "المشروع مقسم إلى أربع محطات (وسيطة)، اثنتان في كل جانب من المدينة، مع معملين لتدوير النفايات، وتبلغ قيمة انشائها لوحدها نحو 56 مليون دولار"، أما الـ 44 مليون دولار الباقية، فستصرف على شراء الآليات والمكائن وبعض التجهيزات التقنية الأخرى التي ستربط بين المحطات والمعامل.

مطمئنا الأهالي أن المشروع "يدار بتكنولوجيا عالية جدا وبأنظمة مراقبة عن طريق الأقمار الصناعية، وبالتالي لن تنتشر الروائح والقوارض والحشرات في الأحياء السكنية أو في المعمل".

مصدر بيئي ذكر لـ "نقاش"، بان مديرية بيئة نينوى رفضت اعطاء الاذن بتنفيذ المشروع، "والبدء بتنفيذه مخالفة قانونية واضحة، تكتمت عليها الحكومة المحلية في نينوى".

وأضاف "كان الأولى ببلدية الموصل أن تستقدم اليات جديدة، بدلاً من الوسائل البدائية التي تنقب فيها النفايات في كثير من مناطق الموصل، مع تشديد الرقابة على الاحياء السكنية التي تعبث قطعان الماشية في ازقتها دون رادع، حتى تحولت المدينة إلى قرية كبيرة".

أما مدير هيئة استثمار نينوى موفق يونس، فقد ذكر بأن الأرض التي ينفذ عليها مشروع محطة النفايات الوسيطة، كانت مخصصة لإنشاء مستشفى استثماري للولادة، والاطفال الخدج، منحت هيئته الرخصة بشانها الى شركة أجنبية، بقيمة إجمالية تبلغ 50 مليار دينار عراقي (حوالي 41.7 مليون دولار).

وأضاف "لقد فوجئت بسحب هذه الارض من قبل الحكومة المحلية دون مبرر يذكر".

علي مجيد، مهندس سابق في بلدية الموصل، بين لـ "نقاش" أن هذا المشروع لن يكتب له النجاح على المدى المنظور لعدد من الاسباب أهمها حسب رأيه أن "إنشاء المحطة الوسيطة لتجميع النفايات يتم قبل معامل التدوير والمعالجة، اي ان مشكلة النفايات وكيفية التخلص منها ستظل قائمة، فأين ياترى ستذهب معامل تدوير النفايات بإنتاجها؟ والغير قابل للتدوير كيف سيتم التخلص منه؟ أليس بالطمر مجدداً؟".

وأوضح المهندس مجيد أن قرب هذه المحطات من نهر دجلة سيؤدي إلى أن تنساب إليه المياه المتخلفة عن النفايات أو عن تعقيم الآليات.

وحذر من أن "انتقالها إلى النهر يعني نقل الضرر البيئي الى المدن جنوبي مدينة الموصل، حسب خط سير النهر الذي يمتد الى البصرة حيث شط العرب".

وأضاف مجيد "ان نجح القائمون على المشروع في منع انسيابه الى النهر القريب، فمن المؤكد انه سيختلط مع المياه الجوفية، القريبة من السطح في عموم مدينة الموصل، أي أن المشكلة ستتفاقم".


رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  عادل كمال


 
 

ابحث في الموقع

Search Help

بحث عن الكتاب


انضموا الى قائمتنا البريدية

الاسم:

البريد الالكتروني:

 


دليل الفنانيين التشكيليين

Powered by IraqiArt.com 


 

 

 
 
 

Copyright © 2007 IraqWriters.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
Ali Zayni