... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله

 

  مقالات و حوارات

   
القصص في الأدب العراقي الحديث

باسم عبد الحميد حمودي

تاريخ النشر       08/08/2007 06:00 AM


يعد كتاب الدكتور عبد القادر حسن أمين الذي صدر عام 1956 أول كتاب في النقد القصصي العراقي الحديث اضافة الى انه اول كتاب منهجي يحمل سمته الأكاديمية في هذا الفن.ومن هنا تتجلى أهمية كتاب (القصص في الأدب العراقي الحديث).
لقد سبقت صدور هذا الكتاب مقالات ودراسات متعددة نشرت في الصحف والمجلات المحلية والعربية كان أبرزها مقالات محمود السيد في الثلاثينيات وإسهامات عبد الصمد خانقاه وعامر رشيد السامرائي ومحمود العبطة وصفاء خلوصي وغيرهم. وبالرغم من دراسة د. سهيل ادريس عن القصة العراقية التي نشرها في الاعداد (2/3/4) من (الآداب) كانت من الدراسات التي اثارت جدلاً واسعاً بين صفوف المثقفين لحيويتها من جانب ولمنهجيتها المتعمدة على الأساس الواقعي للبناء الدرامي من جانب اخر وبالرغم من ان كتاب د. جميل سعيد عن (التيارات الادبية الحديثة في العراق) قد صدر قبل كتاب د. امين الا انه لم يتعرض للقصة موضوعاً مستقلاً بل ناقش بعض رموزها كجهد غير اساسي بذله الى جانب دراساته الأساسية عن الشعر.

تأليف: عبد القادر حسن أمين
لقد ظل جهد القصاصين والنقاد في الخمسينيات وما سبقها جهداً تبشيرياً بجديد القصة ومزاجياً في احيان كثيرة، ذلك ان مراجعة لكتابات عبد الملك نوري (صور خاطفة) وحسين مردان عن عبد الرزاق الشيخ علي وقصة الأخير عن مردان (شاعر العصر) ومقالة صفاء خلوصي عن القصة العراقية في الاداب التي تناسى فيها جهد عبد الملك نوري تثبت صحة هذا الرأي.
من هنا جاء كتاب د. امين كتاباً متخصصاً في القصة العراقية وموضحاً الوجه التاريخي لهذا الفن في قطرنا خلال فترة الدراسة التي تنتهي عام 1954.
احتوت مراجع الكتاب الانكليزية على سبعة مصادر ثلاثة منها عن ادب جيمس جويس لكلبرت وسنارث وسيون كفر وتندال . اما المصادر الباقية فهي كتاب والترالن عن الرواية الانكليزية المطبوع عام 1954 وكتاب مكنهايم الصادر بعنوان (عشر روايات ومؤلفوها) بالإضافة الى استعانته بفقرة جويس عن الاسكلوبيديا البريطانية.
ان هذه المراجع تعكس اهتمام الدارس بأدب جويس الذي اثر في مجموعة مهمة من كتابنا بعد فترة التأسيس الأولى ومن اهم هؤلاء عبد الملك نوري وفؤاد التكرلي ومحمد رونامجي وعبد الله نيازي وغانم الدباغ اما مراجع الكتاب العربية فقد تضمنت ثلاثة وخمسين مصدراً اولياً قوامها مقدمات بعض المجاميع القصصية مثل (رنة الكأس) التي كتبها مرتضى فرج الله لرواية علي الشبيبي القصيرة ومقدمتي دز ناصر الحاني ود. صفاء خلوصي لمجموعة (تثنية الاقاصيص) لصلاح الدين الناهي.
الى جانب ذلك، نقرأ إشارات الى مجموعة من الرسائل التي أرسلها ثلاثة من القصاصين الى د. محمد يوسف نجم وهو يؤلف كتابه عن (القصة في الأدب العربي الحديث) بينهم عبد الوهاب الامين وأيوب، ورسالة منشورة لنهاد التكرلي وجهها الى أخيه فواد عن قصة (العيون الخضر) ثم رسالة موجهة للدارس من عبد المجيد لطفي ودراسة د. ادريس عن القصة العراقية ومناقشات الكتاب حول عدد من المجاميع التي صدرت قبل صدور الكتاب، اضافة الى استعارات من اقوال الكتاب العرب والأجانب عن القصة والرواية ومفاهيمها.
واذا كانت هذه المراجع غير كافية اليوم للإحاطة بالصورة الاشمل للقصة والرواية العراقية آنذاك (وهي الفترة من 1913- 1953) لتوفر دراسات ومراجع اكبر في المراحل اللاحقة فان هذا العمل النقدي البكر يعتبر أول توجه جاد لدراسة هذا الفن وتحويل الخواطر والنقاشات والمقدمات اضافة الى التقريضات وكلمات النعي الى فصول ودراسات منهجية عن القصة والرواية.
يتوزع الكتاب الى مقدمة وتمهيد وخاتمة وثلاثة ابواب يبدأ الدارس بحثه بعد المقدمة الوصفية لمتاعب البحث بتمهيد عن حركة الادب العراقي الحديث.
يتألف التمهيد من فصول ثلاثة هي العوامل المؤثرة في نشوء القصص ومؤثرات اجنبية وحركة الترجمة، ويبدو التداخل شديداً بين هذه الفصول القصيرة، ومن الممكن اعادة طرحها على الوجه التالي:
1- عوامل التأثير المحلية لبروز فن القص.
2- عوامل التأثير العربية.
3- عوامل التاثير الأجنبية.
ان د. امين يجد في عوامل التأثير المحلية وتأخر الاهتمام بالكتابة القصصية في العراق عنه في الاقطار الاخرى مثل مصر ولبنان امرين منطقيين به لضعف المستوى الثقافي المحلي وقوة الصحافة العربية وانتشارها خلال الحرب الأولى وبعدها.
ويشير الناقد الى ان هذه الصحف والمجلات لم تستطع ان تقوم برسالتها على الوجه الصحيح رغم افساحها المجال لنشر القصص والمواد الأدبية الأخرى لأسباب عديدة.
اما المؤثرات العربية فتتمثل في رواج المطبوعات العربية وتوزيعها المنتظم ومشاركة العراقيين في الكتابة فيها وما حملته هذه المطبوعات من تأثيرات الآداب العربية المهاجرة- كالرابطة القلمية والعصبة الاندلسية، وقيام الكتاب والمترجمين العرب بنقل التجارب والانماط والمدارس الأدبية الحديثة ترجمة واقتباساً مثل البرناسية والطبيعية تدعو الاهتمام باللغة واصولها مما سبب ثورة على أساليب الكتابة القديمة، واهتمامها بالشكل المسجوع أو الحامل لصورة البيان الشكلية دون المضمون الجيد.
ويؤكد عبد القادر حسن امين تأثيرات المدرسة الرومانسية على القصة العراقية وعلى قصاصين بالذات امثال محمود السيد وصلاح الدين الناهي وعبد الله نيازي رغم اختلاف المدى الزمني، ولكنه يقف عند تأثيرات موبسان وزولا وبلزاك على محمد ومحمود تيمور ومحمد حسين هيكل من العرب اعتماداً على بحوث، وهو بذلك يداخل بين تأثيرات هؤلاء على الكتاب العرب والعراقيين واضعاً موضوعة الترجمة من اللغات الاخرى في فصل مستقل رغم ان هذا الموضوع يتداخل في جزء كبير من جسم الفصل الثاني.
ويشير الدارس الى جهد ايوب في ترجمة الادب الروسي عن الانكليزية ود. صلاح خالص في ترجمة مسرحيات جان كوكتو وجهود عبد الوهاب الامين واحمد الدباغ وعبد الستار فوزي وشاكر خصباك ونعمان ماهر الكنعاني وغيرهم.
ان ذلك لا يمنع من القول ان حركة الترجمة عن اللغات الاخرى الى العربية في العراق كانت ضعيفة جداً ومن الممكن عدها على أصابع اليد في السنة الواحدة، وان تأثيرات المترجمين العرب كانت اكبر واشمل في عموم الكتاب والشعراء العراقيين.
ان دراسة د. عبد الاله احمد عن (نشأة القصة) قد حوت صورة ادق لمؤثرات بزوغ فجر القصة في العراق (ص92 ط2) ويبدو دور د. امين ملخصاً لهذه المؤثرات التي وقف عندها د. احمد طويلاً ليكشف عن (حقائق) اوسع سمحت له بها غزارة المادة الاولية التي جهد في الحصول عليها.
ان نهاية هذا التمهيد تضعنا امام الباب الأول الذي حمل عنوان (الاقصوصة العراقية بين الحرمين) حيث يبدأ بمقدمة عن المحاولات البدائية ويضع الفصل الأول للسيد والثاني لايوب والثالث للطفي ويخصص الرابع لآخرين هم سليم بطي وعبد الوهاب الامين وخلف الداودي وعبد الحق فاضل ويوسف رجيب وجعفر الخليلي وغيرهم.
ومن الواضح ان الناقد يسمى القصة القصيرة بـ (الاقصوصة) تفريقاً لها عن القصة التي تعتمد النفس الروائي، حيث انه وضع عنواناً للباب الثاني هو (الاقصوصة بعد الحرب الثانية) ليضع الفصل الأول عن عبد الملك نوري ويخصص جزءاً كبيراً منه لشرح وترجمة تجربة جيمس جويس ثم يكون الفصل الثاني محوراً لدراسة قصيرة عن فؤاد التكرلي قبل صدور مجموعته (الوجه الاخر) فيما تخصص فصول أخرى لعبد الله نيازي ونزار سليم وشاكر خصباك واقرانهم ويضع فصلاً آخر لقصاصين آخرين اعتبرهم أقل اهمية آنذاك وهم محمد روزنامجي والصقر وكارنيك جورج وخالد الدرة.
ويخصص الباب الثالث لدراسة فن الرواية وهو يسميه هنا (فن القصة) حيث يدرس فيه ذو النون ايوب في (الدكتور ابراهيم واليد والارض والماء) وجعفر الخليلي في خالد، وعبد الحق فاضل في (مجنونان) وحمدي علي في (شيخ القبيلة) وعبد الله نيازي في (نهاية حب) وعلي الشبيبي في (رنة الكأس) وخالد الدرة في (افول وشروق) ليضع بعد ذلك خاتمة الدراسة.
الامر المهم هنا ان الناقد قد درس جهد الكتاب حتى عام 1954 تبعاً لما نشروه وان الكثير منهم قد اختلقت صورته داخل الواقع الادبي فلم يعد روزنامجي والصقر كاتبين ناشئين، واتضح جهد نوري والتكرلي الريادي في فترة التأسيس الثانية بعد السيد ويوسف متي، واختفت اسماء أخرى قامت بجهدها ثم افسحت الطريق لغيرها.
ويتضح كذلك ان مصادر دراسة د. احمد ومن تبع دراسة د. امين كانت اشمل لاتضاح ملامح الصورة الفنية الجديدة للقصة لكن كل الدراسات التي اعقبت دراسة امين تجمع على ريادة محمود السيد الفنية.
واذا كان جهد د. امين جهداً استقرائياً يعتمد التلخيص ومناقشة المبنى والمعنى والدلالات فانه قد وضع في حقل النقد القصصي أول بيئة علمية تستحق التقدير وان شابها مثلما شاب الريادة من نواقص، فاذا كان قد التفت لادب الرؤيا وسماه بالمحاولات البدائية فانه لم يتوسع فيه كما فعل د. احمد الذي كشف لنا عن دور عطا امين الذي طور هذا اللون الى المرحلة الانتقالية بين الرؤيا والقصة القصيرة، فهو اذ يسمي الادب المهجري بالأدب الأمريكي فانه كان اقل دقة من باحثين آخرين، واذا كانت مراجعاته القليلة نسبياً للفترة ذاتها قد جعلته يكتب دراسته هذه فوق سياقها الذي ظهرت به فهو يعتذر بانه حذف الكثير منها لظروف لا يوضحها في وقت اغتنت فيه الدراسات الاخرى بمراجع اشمل عن الفترة ذاتها ومنها دراسات د. الطاهر ود. احمد ود. الموسوي وباسم حمودي.
ان اهم ما يقال هنا ان دراسة د. امين التي جاءت عام 1956 كاول دراسة نقدية عن القصة العراقية قد فتحت الدرب عريضاً امام دراسات أخرى منها دراسة باسم حمودي الصادرة عام 1961 ودراسة جعفر الخليلي الصادرة عام 1962 ودراسة د. احمد الصادرة عام 1969 ومقدمة د. الطاهر المهمة لمختاراته في القصص العراقي المعاصر عام 1967، اضافة الى دراساته عن محمود السيد ودراسة محمود العبطة عن السيد ايضاً، تأتي بعد ذلك دراسات الاساتذة ياسين النصير وفاضل ثامر ود. شجاع مسلم العاني ود. محسن الموسوي ود. باقر الزجاجي (حسب تواريخ انجازها).
وقد اخترنا من جهد د. امين هنا الفصل الثالث من الباب الثاني وهو دراسة في فن القصة الطويلة التي يسميها الناقد بـ(القصة) تمييزاً لها عن الاقصوصة.


رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  باسم عبد الحميد حمودي


 
 

ابحث في الموقع

Search Help

بحث عن الكتاب


انضموا الى قائمتنا البريدية

الاسم:

البريد الالكتروني:

 


دليل الفنانيين التشكيليين

Powered by IraqiArt.com 


 

 

 
 
 

Copyright © 2007 IraqWriters.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
Ali Zayni