... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله

 

  قضايا

   
وزارة حقوق الانسان في العراق تؤيد عقوبة الإعدام

هالة كريم

تاريخ النشر       15/04/2012 06:00 AM


لا يمر يوم أو اثنين دون تنفيذ حكم اعدام بحق مدانين بقضايا مختلفة، وتنفذ جميع الإعدامات في مكان واحد هو سجن بغداد المركزي أو "معتقل أبي غريب" كما يسميه العراقيون حتى اليوم.
عائلة عمار حامد تنتظر في أية لحظة سماع نبأ إعدام ابنها. الوالد الستيني يتحدث بطلاقة عن سبب صدور الحكم وكأنه سبق وروى القصة مئات المرات. لكنه يكرر بين كل جملة وجملة أن "ولدي عمار لم يقصد قتل صديقه"، يقولها بنبرة لا تخلو من مرارة.
العائلة المتواضعة صرفت منذ ثلاث سنوات ولحد الآن أكثر من 20 مليون دينار عراقي (ما يعادل 16 ألف دولار أمريكي) للمحامين الثلاثة الذين تولوا القضية. وعلى الرغم من تحويلها لمحكمة الإستئناف، إلا أن ذلك لم يشفع لعمار في تخفيف العقوبة من الاعدام الى السجن المؤبد.
ويعترف حامد إن ولده شارك في قتل صديقه مع مجموعة تضم أربعة شبّان، لكن "دوره اقتصر على مراقبة المكان ولم يشارك فعليا بإطلاق الرصاص على الضحية".
ورغم مرور خمسة شهور على رد دعوته في محكمة التمييز في بغداد لازال الشاب يأمل في الحصول على فرصة أخرى للعيش، "لكن أملنا يتضاءل يوما بعد يوم"، يضيف الوالد بحسرة.
وبحسب متابعين، فإن إلغاء عقوبة الإعدام ليس بالقضية السهلة في ظل تأييد الأحزاب الحاكمة والمجتمع لتطبيقها على حد سواء.
ويقول حامد إن عائلة المجني عليه "تهدد بقتل ولدي أو أحد أفراد عائلتي إذا ما منحته المحكمة حكما مخففا".
عمار ليس سوى واحد من مئات يعدمون او ينتظرون الإعدام سنويا في سجن أبي غريب غربي بغداد، المكان الذي سجل إعدام 65 شخصا منذ بداية العام الجاري ولغاية أوائل شباط (فبراير) الماضي، بحسب تقرير لمنظمة هيون "هيومان رايتس ووتش" صدر في الشهر نفسه. 
التقرير طالب الحكومة العراقية بالكشف عن أماكن المحكومين بالإعدام ونوعية الجرائم التي أُدينوا فيها، كما لفت إلى قلق المنظمة من قبول المحاكم العراقية لكثير من الاعترافات والأدلة "تم انتزاعها بالإكراه".
هذه التقرير جلب للحكومة العراقية انتقادات دولية واسعة أبرزها على لسان السفير الفرنسي في بغداد دني غوييه قال إن "زيادة اللجوء إلى عقوبة الإعدام أظهر الانحراف المقلق في حماية حقوق الإنسان في البلاد".
وكان الحاكم المدني الأميركي بول برايمر قد علق العمل بعقوبة الإعدام في حزيران (يونيو) 2003 لكن الحكومة العراقية عادت لتفعيلها مجددا في منتصف 2004.
 مصدر من وزارة العدل أبلغ "نقاش" أن 6720 شخصا حكموا بالإعدام منذ إعادة العمل بالعقوبة وحتى انجاز هذا التقرير. لكن الأمم المتحدة تتحدث عن قرابة 1200 وكذلك وزارة العدل التي ذكرت في أحد تقاريرها أن هناك 1145 محكوما بالإعدام من بينهم 39 امرأة.
وتنطلق الحكومة من أن القصاص يسهم في "ردع العناصر الإرهابية"، لكن اللافت أن من يقول ذلك ليس وزارة الداخلية أو العدل، بل وزارة حقوق الإنسان.
هذه الوزارة المعنية بحقوق الانسان العراقي تتمسك بعقوبة الشنق حتى الموت طالما أن "المحاكمات عادلة ومنصفة للمتهمين"، يقول الناطق باسمها كامل امين.
ويؤكد أمين على أن الإعدام "مطلب شعبي" خاصة من ذوي الضحايا الذين قضوا بأعمال ارهابية. ويشير إلى أن "القضاء العراقي يتعامل مع جرائم كبيرة وضحاياه كثر"، وبالتالي فإن حكم الإعدام يمثل بحسب رأيه "أدنى عقوبة ممكنة لإنصاف الضحايا".
لجنة حقوق الانسان في البرلمان العراقي تؤيد هي الأخرى تنفيذ أحكام الموت، وهي اللجنة التي يتوقع منها الناشطون والمنظمات عادة التصرف على العكس من موقفها الحالي.
عضو اللجنة عن ائتلاف دولة القانون عبد المهدي الخفاجي قال ان البرلمان لا يمكنه "تجاهل دماء الأبرياء من العراقيين الذين سقطوا جراء العمليات الارهابية" التي طالت مناطق عدة في البلاد. مشددا على أن انتقادات المنظمات الدولية ومطالبتها بوقف الإعدامات "غير مبررة" طالما كان الوضع الامني سيئاً.
وبحسب الخفاجي فإن 170 ألف ضحية من ضحايا الارهاب سقطوا منذ عام 2003 وحتى اليوم، ومن الصعب "اقناع أهالي الضحايا بالتخلي عن حقوق ذويهم".
وللأسباب نفسها، تناصر لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي الإبقاء على العقوبة في الوقت الحالي. وبحسب عضو اللجنة قاسم الأعرجي فإن "رفع العقوبة سيؤول الى توترات أمنية كثيرة ويؤثر سلبا على استقرار البلاد".
ويبيح القضاء العراقي تنفيذ حكم الإعدام في نحو 50 جريمة، منها الإرهاب، الاختطاف، القتل والإضرار بالمرافق والممتلكات العامة.
لكن المسؤولين يؤكدون أن الإعدام يطبق فقط على مرتكبي الجرائم الكبرى، ومنهم المشمولين بأحكام المادة 4 ارهاب او 406 التي تتعلق بالقتل العمد مع سبق الاصرار والترصد او جرائم الخطف المقترن بالقتل، وان هناك ضمانات تحفظ نزاهة القضاء.
ويوضح المتحدث باسم الوزارة كامل أمين بأن أحكام الإعدام التي تصدر عن المحاكم ترفع لاحقا الى هيئة الادعاء العام في محكمة التمييز الاتحادية حيث يراجع القضية لجنة من 17 قاضٍ قبل ان تُحال الى الهيئة الجزائية في محكمة التمييز والتي تضم 19 قاضيا "من الصنف الأول" يقومون بالمصادقة النهائية على الحكم.
سلسلة الإجراءات هذه "تضمن المحاكمات العادلة للمتهمين"، حسب أمين، لكن شكوك منظمات حقوق الانسان بنزاهة التحقيقات في مراحلها الأولى، فضلا عن الرفض المبدئي لدى بعضها الآخر لتطبيق عقوبة الإعدام تدفع للمطالبة بوقف العمل بها على الفور.
المحامي حسن شعبان رئيس مركز الحماية القانونية للصحفيين في العراق قال إن "عمليات التعذيب أو انتزاع الاعترافات بالإكراه "لا تحدث في محكمة قاضي التحقيق لوجود ضمانات نسبية للمتهم"، كحق المتهم في توكيل محام يحضر كافة مراحل التحقيق،  لكن شعبان يشير إلى أن "التعذيب أو الإكراه قد يحصل داخل مراكز الشرطة".
من جهتها، تنظر الناشطة هناء ادوارد إلى الأمر من الناحية المبدئية، فهي ترفض انتزاع حق الحياة من أي شخص حتى ولو كان مجرما.
وتقول رئيسة منظمة الأمل إن "الرافضين إلغاء عقوبة الإعدام ينظرون اليها من جانب معاقبة الجاني فقط وليس من مبدأ تخفيف نسبة الجريمة في المجتمع".
وتطالب هذه الناشطة الحقوقية باستبدال السجن المؤبد بعقوبة الموت على غرار دول الاتحاد الاوروبي ودول عديدة في العالم، "فبذلك يُعاقب الجناة على فعلتهم وينصف ذوي الضحايا".
ولا تبدو عملية إيقاف العمل بعقوبة الإعدام أمرا سهلا في الوقت الحالي في ضوء المشكلات الأمنية التي تظهر بين الحين والآخر والناتجة عن نشاطات الجماعات المسلحة.
وتعترف ادوارد بذلك، وتقول "إن تحركات الناشطين والمنظمات الدولية لن تجد آذانا صاغية لدى الحكومة العراقية قبل انحسار دائرة العنف في البلاد".
عن (نقاش)


رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  هالة كريم


 
 

ابحث في الموقع

Search Help

بحث عن الكتاب


انضموا الى قائمتنا البريدية

الاسم:

البريد الالكتروني:

 


دليل الفنانيين التشكيليين

Powered by IraqiArt.com 


 

 

 
 
 

Copyright © 2007 IraqWriters.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
Ali Zayni