... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله

 

  نصوص شعرية

   
برق يضيء كرسياً في حديقة

صلاح فائق

تاريخ النشر       04/01/2013 06:00 AM


أجلس مع مصيري على مصطبة
بين أبنية هجرها ساكنوها.
أنا مأخوذ بأشكال المفاتيح
مصيري يبحث عن صفحة مفقودة من
قصيدة.
طويلاً كان خصامي معه
تصالحنا في قارب مهربين.
اليوم لبينا دعوة الى وليمة
من حصان تحمم في بيتي.
[[[
استلقي بين كلمات
هي متاهات طيور:
استظل بمنتظرين وألهو مع الطقس
كي أفهم لماذا يجلس طفل مع فهد
في زورق,
وكيف لي أن أتعلم مغازلة هذه البحيرة؟
[[[
خلع جاري باب بيته
باعه, اشترى حليباً لطفله
فواكه لامرأته
وسكيناً من لص.
[[[
ملأت شبابي بأكاذيب رجل كهل
هو أنا.
شيء ما ينقصني
لأني لا أظهر في أية مرآة.
حكمة حياتي أن أهرب من نفسي
وأصير غيري, مع أن أسناني تصطك
حين أقول ذلك,
ورغم أن أسراري قليلة, أغطيها
ببطانية خفيفة
[[[
أفتح باباً, أرى رجلاً نحيلاً يشبهني تماماً
يجلس عند موقد وأمامه كتاب قديم عن الروح
ـ سمعت عنك شائعات في نومي
ربما تعرف أين حقيبتي التي ضاعت؟
ـ أعرف تلك الحقيبة
أظنها جالسة الآن بين جبلين
وفي بلاد هاجرت, مؤخراً, إلى قارة أخرى.
ـ وهل لحست, في شبابك, طرف جسر من صخر؟
ـ نعم, كنت أنتظر مغنيات, منتشياً
فجاءني مقاتلون هاربون من حرب.
[[[
لا شيء هنا, لا شيء هناك
نعيش بين أسلاك شائكة لا ترى
بينها لا استطيع عناق امرأة عارية
أستطيع, إذا ارتدت قميصاً من حرير
والتقط, بلساني, وردة من بين نهديها:
طويلاً تبادلنا قبلاً بهاتف الجيب.
أسمع آهات من قوارب تبتعد.
[[[
أصدقاء لي ضاعوا في غرفهم
فيها أجد رسائل غرباء احترقوا في فندق
وشوارع ضاعت من عناوين روائيين.
قسوة الظلال عالية في وديان الذاكرة
لأن الذاكرة وديان: أقيسها بأنغام مزمار
بأميال ترتجف تحت يدي
وبصفوف أسرى حول جبين أمهات.
[[[
أعيش في منزل خلف بحيرة
مع سياح ونادلات
ازور إحداهن ليلاً
وأهبط في النهار, بمظلة, الى بئر
يرافقني سياح سكارى
أتركهم هناك, أصعد وحدي
مرتدياً خوذة:
أنضم الى اجتماع صيادين
وصيادلة.
[[[
استعدت إحدى سنوات شبابي
وجدتها ممراً طويلاً يؤدي الى أطنان كتب
وصفحات مكتوبة وأخرى بيضاء.
في رأسي كلمات كثيرة من تلك الكتب والأوراق, ثقيلة
تجعله يتدلى على كتفي.
[[[
أعوام كثيرة من حياتي
ترقد هنا وهناك,
في مرضعات, في عميان
وآخرين.
اختلقت, في البداية, حديقة حول سرتي
تركت صعاليك ليشربوا فيها
ويتجولوا. كنت أحدهم
هاجرت مع ببغاء
وأكلت من خبز فلاحين.
أعاقنا قضاة قذرون في طرقات ودروب
رأيت في أحدها مقبرة تدعو نهراً لزيارتها
وسمعت وأنا في كهف
هواتف ترن ولم يجب أحد
[[[
بعد زمن طويل
أصل الى صورتي التي أردتها.
برق يضيء كرسياً في حديقة:
شاعر غائب.
نهاية كل إعصار أعرفها من عواءات ذئاب
في فنادق الموانئ.
نعم أنا ذلك الشاعر
تهمس لي ستائر من حرير
حين أقف في الشرفة
وأنادي شبابي الذي ضاع.
سعيد في نومي فقط, وفيه
قامتي تتجول من رصيف الى رصيف
في مدينة لم أعد أعرفها.
[[[
خفيفاً أمضي, يتبعني ظلي
وكأنه كلبي.
[[[
أفتح باب قفص, لا يخرج نمري
أريده رفيقاً لي إلى قرية يونانية
يحطم عشاقها نوافذ عشيقاتهم
وهم يرقصون,
عجائز يحرقون صلبانهم كي يتدفأوا
أحصنة تغتسل في جدول
وشاحنة محملة بأكفان موتى
تتجه الى مكائن لغسلها
خلف كنيسة.
[[[
أتذكر مآثر في حياتي, منها قبلات وابتسامات
مع أحصنة, كرسي سرقته من مقهى
مشهد أطارد فيه وعلاً, يقف, يلتفت إليّ
ويسأل: ماذا تريد؟
آلاف أجنحة تخفق وتحوم حول بيتي
ولا أرى حتى جسد طائر واحد فيها,
هواء يختفي حتى يبتعد لص
وأراني واقفاً في شرفة, أشمت صارخاً في شعراء وكتاب
لحسوا أحذية محتل لوطني
فتندفع إيميلي من المطبخ وتسأل:
ـ ماذا حدث, أنت تصرخ؟
ـ لا أصرخ عزيزتي, هذه طريقتي في الغناء,
ثم آدم وحواء أمام بابي, لا أفتحه
لأني أخاف من ثعبان معهما,
أخيراً فلاح يشتم مهندس جداول
لأنه لوث ينبوع القرية.
[[[
أتكئ على سياج حديقة
أظنني لن انتهي أبداً من كتابة
قصيدة واحدة طوال حياتي.
وفي كل يوم اكتشف نباتات غريبة في
حنجرتي.
بينما أفكر هكذا
أرى سماكين في الطرف الآخر
يطرقون باب حانة مغلقة
بمجاذيفهم, وتمر خفافيش سريعة.
بعدي, أسأل نفسي,
من سيفتح نوافذ بيتي, ينظف مرايا
ويرتب كؤوس المائدة؟
أتكئ على سياج حديقة
[[[
في تظاهرة بعد أخرى
كنت محمولاً على أكتاف
أهتف, أصرخ, أشتم
سقطت في إحداها
ما زالت آلام ظهري شديدة.
منذ ذلك اليوم
لم يزرني أحد, هاتفني
سأل عني أو حادثني عبر كومبيوتر.
منذ ذلك اليوم, لا أحد منهم يعرفني
لا أحد.
[[[

من مجموعته الشعرية «في مدن مومياوات» تنشر قريباً


رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  صلاح فائق


 
 

ابحث في الموقع

Search Help

بحث عن الكتاب


انضموا الى قائمتنا البريدية

الاسم:

البريد الالكتروني:

 


دليل الفنانيين التشكيليين

Powered by IraqiArt.com 


 

 

 
 
 

Copyright © 2007 IraqWriters.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
Ali Zayni