... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله

 

  مقالات و حوارات

   
لعنة السيَّاب:حكاية موت معلن

حمزة الحسن

تاريخ النشر       14/09/2013 06:00 AM


بما يشبه النعي الوداعي كتب الاستاذ الناقد علي حسن الفواز مقالا بعنوان( ما الذي تبقى من السياب؟) في ذكراه السادسة والاربعين كما لو ان السياب قد استهلك اغراضه كشاعر وعليه أن يتوارى أو نبحث في متعلقاته الباقية ونسأل في غرفة جمع الاسلاب: ماذا تبقى من السياب؟ والكاتب الفواز قد بنى فرضيته بناء على مواقف وردات فعل ورسائل للشاعر السياب في زمن محدد وفي ظروف محددة معروفة، لكن وضع كلمات السياب معزولة عن سياقها العام والظرفي وترك الشاعر يتكلم وحده بصورة الظالم والشيطان والعصابي أمام صمت الاخرين (في المقال) وتحديدا الشيوعيين، وغياب مواقف هؤلاء من السياب الانسان والشاعر، لا تندرج في منهج نقدي يفتح بابا أو طريقا نحو اعادة نظر دقيقة بالسياب: الشاعر السياب عاش مواقف حادة وتحديات خاصة ورد عليها بطريقته الخاصة وبصورة سلمية عن طريق تسجيل سيرته مع الشيوعيين، فهل يصح بعد كل تلك العقود أن نحاسبه على ذلك من دون وضع الذات في موقف مماثل، وأن نسعى الى دفن السياب، ميتاً، في لحظة حرجة من تاريخنا تتطلب احياء السياب الظاهرة الشعرية والاخلاقية والادبية، وفكرة المغامرة الابداعية، والحداثة، في هذا الموج الأصفر الكريه كما لو ان فائض الموتى اليوم لا يكفي ولم يبق الا السياب الذي كانت حياته وليمة كحكاية بطل رواية ماركيز( حكاية موت معلن) الذي كان الجميع على علم بساعة مقتله ولم يتحرك احد لمنع الجريمة بل التفرج؟

لم نقرأ كلمة واحدة ولم نطلع على موقف واحد من المواقف الكثيرة التي قام بها الشيوعيون الادباء وغيرهم ضد السياب في خضم تجربة صعبة في ساعة منعطف ادبية وشخصية في حياة الشاعر والبلاد، كما لو ان السياب، في مقال الاستاذ الفواز، ظهر كشيطان في مواجهة ملائكة، حتى الندم المزعوم في سرير المرض هو ندم ليس على مواقف بل على الاستدارج  بالقوة الى مواقف أصغر من قامة  السياب حتى لو كان على خطأ أو صواب، خاصة وان السياب على سريره الاخير عرف موقعه في تاريخ الشعر والادب وبدا له الانجرار خلف تلك الخصومات الضحلة والتافهة عملا حزينا، وليس لأنه ارتكب اخطاء في حق الشيوعيين و(ظلمهم) على مواقف باطلة اثبتت الايام ان مواقفه كانت سليمة ونقية حتى لو تطرف بها في الشتم لأن الشتيمة بتعبير سارتر هي سلاح الاعزل.

ماذا كان يستطيع ان يفعل رجل مريض في قالب جص شبه محنط باعتراف مرافقه محمد الماغوط أمام موجات من الاعتداء والضرب والتشهير وصلت الى دمج السياب في وكالة المخابرات الامريكية ثم سرقة حافظة نقوده الشحيحة المخصصة للعلاج من قبل كتاب وادباء معروفين؟ يعلق الماغوط على تهمة السياب في المخابرات الامريكية ساخرا:” لا استطيع تخيل السياب يجلس على كرسي في مقهى بنظارات سود ويراقب المارة”. كان السياب يحترق بنار ثورة شعرية لم ولن تنطفيء، وكان هؤلاء يجرونه كل مرة نحو معركة خارج تربيته وطاقته الخلاقة واصوله الريفية هو القادم من الغابات النقية البكر الى عاصمة في لحظة تحول ومنعطف ولم يكن يعرف بحكم النشأة والطبيعة والشخصية كيف يتعامل مع هذا الصنف من الابالسة لأن غابات “السيبة” خالية من هذا النوع من الاعداء الملثمين وكان يستطيع عبور ساقية بويب بقفزة واحدة ولكنه صُدم من تماسيح السياسة والثقافة في بغداد.

هذا هو مصدر ندم السياب على تلك المعارك التي كان ضحيتها واصحابها تواروا منذ صار الشاعر مدرسة شعرية عربية تجاوزت الشعر الى الادب والى نظام الكلام وطريقة الحديث والكتابة ورسائل العشق والحلم والرواية والرسم والمسرح ولذلك لا يصح السؤال عن هذا الشاعر بهذه الصورة (ما الذي تبقى من السياب؟) بناء على مواقف شخصية خارج نطاق الادب والشعر والثقافة لأن السياب موجود في نصوصه وليس بائع عربة وجد ميتا تحت جدار ليلي متهدم في ظلام المطر.

حين يكون الناقد علي حسن الفواز في مقاله( ما الذي تبقى من السياب؟) قد طرح مثل هذا السؤال، فكان الأمر يتطلب تقديم رؤية نقدية بديلة تكشف لنا عن معنى هذا السؤال أو أن الكاتب قد وصل الى استنتاجات جديدة ومغرية تبرر هذا الطرح، ولكن قراءة المقال لا تدل على ذلك مع الاسف وكنا سنكون سعداء لو ان قراءة نقدية منصفة وعميقة قد حفرت عميقا في عالم السياب تعطي هذا السؤال معنى وتوغل في قلب الشاعر الطفل الذي قرأه الناقد قراءة اجتماعية سياسية حين وضع( العقل) السياسي العراقي في تلك المرحلة في مواجهة( الجنون) السيابي، وهي قراءة من خارج حقل النقد الادبي بل أقرب الى البلاغ السياسي.

نحن في مرحلة أحوج ما نكون فيها الى اعادة اكتشاف السياب من جديد خاصة في هذا المد الأصفر والكريه. الموتى كثيرون يفيضون عن مساحة الصحراء ولسنا بحاجة الى العودة الى ما تبقى من رموز مضيئة لدفنها من جديد، لأن في السياب الكثير مما يحتاج الى قراءة معمقة ومتروية ومنصفة وبصورة خاصة روح المغامرة الابداعية والشعلة واللهب والحافز نحو التخطي والتجاوز والخلق( أليست هذه أخلاقا؟) وهي شعلة غير قابلة للانطفاء، واصداء الموجة السيابية تتردد لدى اجيال كثيرة عراقية وعربية، كما أن فكرة قلب نظام اللغة والثورة على الشكل التقليدي في مجتمع تقليدي محافظ أبوي، في مرحلة ركود سياسي واجتماعي، هو عمل ابداعي كبير يستحق لوحده التوقير المطلوب، وحياة السياب بما فيها من بؤس وشجاعة ومرض وقوة وارادة تستحق ان تكون درسا بحاجة الى بحث واثارة وسؤال لكي يتقدم النموذج المشع على الطوفان الجارف من جنون الابتذال والزيف والعنف.

حياة الشاعر القاسية وطبيعة الخصوم(تواروا اليوم، خجلاً) والفقر وظروف السياسة والصراعات كان يمكن أن تجعل منه قاطع طريق أو تصنع منه لصا أو انتهازياً يحاول استرضاء هذا الطرف أو ذاك على حساب كل القيم الادبية والاخلاقية، لكن رد السياب الوحيد على كل تلك الظروف والخصوم والاوضاع كان ردا (سلميا) وهو الكتابة وبصورة خاصة سيرته مع الشيوعيين التي حولها السيد الفواز الى تقرير طبي عن عصاب نفسي خفي: هل نتحدث بالمكشوف ونذكر اسماء الكتاب الذين ضربوه واعتدوا عليه في بيروت وسرقوا حافظة نقوده وهو شبه محنط؟ والذين طاردوه في كل مكان وحرضوا عليه يوسف الخال الشاعر النجيب الذي طلب من محمد الماغوط مرافقته والعناية به، وكان الشاعر الشقي المسكون بنار الشعر والخلق يتجاوز حريق الجسد الى الشعر والكلام حتى ان الماغوط يقول ان السياب كان ينسى كل شيء حين نتمشي ويندمج في الحديث وكثيرا ما يدخل هذا الباب أو ذاك وأضطر الى سحبه من ياقته لأن السياب كان يتصور، في غمرة الكلام والاعياء، ان أبواب المنازل المفتوحة هي مداخل شوارع.

مثل هذا السؤال لم يُطرح في كل الاداب العالمية عن شعراء وروائيين وفلاسفة كبار بناء على مواقف شخصية وخصوصية وعلى سببل المثال لا الحصر: ديستوفسكي كان مقامرا وسكيرا، التوسير قتل زوجته، نيتشة وحياته الملتبسة، ميشيل فوكو المثلي، دريدا المصاب بالعصاب النفسي، الروائية النمساوية الحائزة على نوبل 2004 الفريدي إلينيك كانت مصابة بفوبيا الخوف من الناس ولم تحضر حفل نوبل، بيكاسيو وزوجاته الخمس أو أكثر؟، شوبنهاور الذي كان لا ينام إلا ويضع مسدسا تحت وسادته ظنا منه ان هناك من يطارده ولا يسكن في طابق ثالث ورابع خوفا من الحريق… الخ: اذا حدث وطُرح ذلك السؤال، فيطرح في سياق الكتابة عن سيرة ذاتية شاملة، منصفة، وموضوعية، من دون بترها عن المنجز الادبي والفكري والشعري وهو الأصل ـ نحن نعجب بنصوص سومرية وبابلية من دون معرفة كتّابها لأن النص هو كل ما يهم القارئ في النهاية.

بصرف النظر عن سلوك الشاعر اراغون مثلا قبل التعرف على الزا وكان سكيرا وبوهيميا متسكعا في الشوارع أو الشاعر رامبو وصاحبه فرلين وعلاقتهما المنحرفة أو الشاعر بريتون الذي كان يأخذ مجموعة من الشعراء السرياليين الى مقابر الكنائس للتبول على قبور الرهبان، أو الروائي الامريكي ارنست همنغواي السكير والداعر ومصارع الثيران والمقامر والملاكم وزبون الحانات، لم يقل ناقد فرنسي أو أمريكي واحد ولا قارئ ايضا ماذا تبقى من هؤلاء بناء على هذه التصرفات لأن نصوص هؤلاء هي التي تستحق هذا السؤال الموجه نحو السياب بصورة غير صحيحة.

في دراسة ممتعة للكاتب هاشم صالح(بين العبقرية والجنون) يذكر كثيرا من هذه الحالات نذكر أشهرها:(ـ الشاعر جيرار دونرفال: انتحر بعد اصابته بتهيج دوري كان سبب ابداعه ـ بودلير، هولدرين، انطونيو أرتو،كافكا، لوتريامون، ديكارت، الشاعر الالماني نوفاليس، غوته، فولتير وبلزاك وفلوبير كانوا يشربون أكثر من خمسين فنجان قهوة في اليوم، بودلير مخدرات وكحول، أدغار الان بو، شوبنهاور وعقدة الاضطهاد والمطاردة، جان جاك روسو وعقدة الاضطهاد وكان يغير سكنه من مطاردة وهمية، كونراد، موبسان، البير كامو والانتحار، بيتهوفن والسوداوية والكآبة العميقة، الرسام كلود مونيه والانهيار النفسي والتوتر المستمر، فيرجينيا وولف، الموسيقار الالماني شومان كان جالسا مع اصدقائه في جلسة سمر في بيته وفجأة يترك الزوار ويخرج  واعتقدوا انه خرج لقضاء حاجة ولكنه القى بنفسه في نهر الراين لكن صيادين انقذوه( قد يكون تشاجر معهم لهذا السبب) ـ الفيلسوف اوغست كونت كان على حافة الجنون، غوته رغم جنونه الدوري الا انه استطاع ان يجعل بطل روايته ـ الام فارتر ـ هو الذي ينتحر وكالة عنه، فرويد نفسه كان مصابا بالعصاب النفسي، كيركغارد والمرض النفسي، الشاعر ريلكه اعترف انه لم يكتب قصيدة الا من خلال القلق والعذاب النفسي، سارتر اعترف ان الكتابة حررته من الجنون والعصاب النفسي …الخ).

هؤلاء اليوم جزء من الهوية والذاكرة والحداثة والتقاليد الثقافية والتراث القومي والانساني: من يتذكر او يهتم بليلة الموسيقار شومان والانتحار في نهر الراين وترك الاصدقاء في منزله في حين تصدح مقطوعاته اليوم بابلونز وكرنفال وسمفونية أتيودي في الصالات الاوروبية الكبيرة بكل احترام وتوقير، ومن يهتم لجنون نيتشة اليوم في حين ان كتبه “القدر والتاريخ” و”أفول الاصنام” و”قضية فاغنر” وغيرها تعاد قراءتها بكل الاحترام والاعجاب والدهشة لرجل قال عن نفسه (ان رجلاً يعاد اكتشافه بعد الموت) وقد صدق القول، في حين ان كتّاباً وشعراءً يموتون، أحياءً، ومن يصغي اليوم لحكاية المشاجرة بين ماريا فارغاس يوسا وماركيز واللّكمة من الأول للثاني في حين نقرأ رواية (حفلة التيس) لماريا و( مائة عام من العزلة) لماركيز بمتعة كبيرة؟ ومن يعرف الشاعر السومري المجهول صاحب اول قصيدة في التاريخ( مرثية أور) أو نشيد الانشاد السومري لأننا نتعامل مع نصوص وحسب؟ وماهي قيمة كوابيس شوبنهاور الشخصية ومسدسه الجاهز أو كلبه “أطما” الذي يعني روح العالم  أو الروح الكلي الذي عاش معه بلا صديق ولا زوجة لكن لا يمكن نسيان كتابه “الارادة والطبيعة”؟ وماذا تعنينا فناجين قهوة بلزاك الخمسين اليوم ولكن من يغفل عن قراءة الكوميديا الانسانية؟ وماذا يهمنا موت فوكو بالآيدز نتيجة ممارسة منحرفة في السويد أكثر ما يهمنا كتابه المرجعي الكبير( تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي)؟ ومن يتذكر خلاف السياب مع هذا أو ذاك وينسى انشودة المطر وهو تنزل فوق بيوتنا الطينية حتى صرنا ننظر للمطر بفرح؟

هؤلاء( المجانين) أسسوا للعقلانية الاوروبية وللقوانين والحداثة، وجعلوا المواطن يصنع من النفايات أدوات منزلية لخدمة الانسان في حين حوّل( عقلاء) العالم العربي الانسان نفسه الى نفاية، والتفسير الاخلاقي السريع غير قادر على تحليل تصرفاتهم.كان عالم هؤلاء بعيدا ونائيا وعميقا ومن الصعب فهمه من نافذة قطار سريع أو يُقرأ قراءة اجتماعية وسلوكية، ومن غير الصحيح وضع(جنونهم) في مواجهة( عقل) عصرهم، وأدق تعبير هو قول الشاعر جيرار دونرفال قبل أن يدخل الانهيار الاخير:( أخشى أن يضعوني في بيت العقلاء ـ المصح) لأنه يعتبر ان الناس في الخارج كلهم مجانين: لم يكن السياب مختلفا عن هؤلاء العباقرة المجانين ولكن سوء حظه انه ولد في مناخ شرقي يضع هذا (الجنون) المبدع في مواجهة( العقل) السائد الذي هو التعبير الدقيق عن الخبل.

يمكن ذكر مئات الاسماء لموسيقيين ورسامين ومخرجين وعباقرة علماء وروائيين كان طراز حياتهم مختلفا( فان غوغ مثلا حاول قتل غوغان في ليلة الميلاد المشؤومة) ومع ذلك فإن أحدا لم يطرح مثل هذا السؤال بناء على ذلك، بل ان الروائي ماريا فارغاس يوسا حين وقف في زقاق الخطيئة  في مرسم  الميدي جنوب فرنسا حيث ماخور وحانة راحيل عشيقة فان غوغ وسبب كارثة قطع الاذن شعر بالغصة والالم في حين بكى انتوني كوين وهو يجلس على الكرسي المخلع الشهير في غرفة الفنان البائسة خلال التحضير لفيلم عن غوغ . ماذا فعل السياب على هذا المستوى لكي نصفي متعلقاته بهذه الصورة القاسية؟ مقارنة بهؤلاء كان سلوك السياب نقيا ونظيفا ومحتشما وبريئا.

الانجاز السيابي الذي كان يجب أن يكون محور السؤال الاصلي والاخير، يتجاوز الشعر الى نظام الكلام كما قلنا، وبفضل السياب نتكلم اليوم. لقد غير طرائق الكتابة والكلام والحديث واحدث ثورة في الشكل اللغوي التقليدي، وتجاوز رهبة الجمع بين اللغة والمقدس، وعدّل من طرائق التفكير والحلم والتخيل والامل، وأشعل لهب التجديد وزرع فكرة الحداثة مبكراً، وبعد السياب لم تعد اللغة حقل بحث بل صارت احتمالا، ولم تعد بؤرة بل صارت تشظيا، وصارت وحدة الموضوع انتشارا بعد ان كانت سبيكة متراصة، وبعده أيضا لم تعد الكتابة امكانية تجاوز بل صارت تجاوزا وعبورا، وباختصار: بعد السياب صرنا ننظر الى الكتابة واللغة والشعر والتخيل بطريقة تختلف عن ما قبل السياب وهذا هو الانجاز الادبي والشعري والاخلاقي ايضا للسياب: الابداع الحقيقي هو شكل جوهري من اشكال الاخلاق وهدم الشكل الشعري التقليدي هو هدم لنظام تخيلي ولغوي واخلاقي، أما شعلة التجاوز والتجديد والعبور التي صارت تقليداً في الشعر العراقي خاصة وفي الادب عامة، فهي لوحدها قيمة أخلاقية كبرى اضافة الى قيمتها الادبية المعروفة.

أما محاولة اختزال السياب في موقف خاص زُجَّ فيه وحُشر فيه، فهو عمل بحاجة الى مزيد من التريث والقراءة والبحث والانصاف. كما ان السياب ليس الشاعر الوحيد الذي وجد نفسه في ورطة الصراع مع الشيوعيين، ومن النادر في مجد الاحزاب الشيوعية ان نجد شاعرا او رساما او روائيا لم يدخل مع الشيوعيين في معركة: الروائي بوريس باسترناك، الشاعر مايكوفيسكي أنهى حياته، منتحرا، بعد صراع مع النخب الحزبية رغم تدخل لينين وطلبه من هؤلاء ترك مايكوفيسكي لأن المناخ الذهني للفنان يختلف عن السياسي، والروائي كافكا كانت رواياته ممنوعة في كل الدول الشيوعية وكذلك اعمال همنغواي وكامو وسارتر ومالرو واعمال بكاسيو وكلود مونيه وسيزان وغيرهم.

وضع السياب في مواجهة الشيوعيين وحذف الظروف والنظم الثقافية السائدة والصراعات وبدون فتح السجلات كاملة ومن زوايا مختلفة، لا يختلف عن الكلام عن شخص يشتم المارة أو أشباحا يراها هو من دون التطرق ولو من بعيد الى ان هذا الرجل يحترق وهناك من يصب الزيت على جسده وان هذه اللعنات هي انعكاسات لآلام فوق الاحتمال: يبدو ان لعنة السياب مستمرة، وهي ليست طريقة عادلة في كتابة التاريخ النقدي لشاعر كان شعره يتجاوز طاقته الجسدية ويمتصها كما تمتص النحلة الرحيق كما تجاوزت ثورته الشعرية المضيئة العصور كبريق قبة ضريح، تحت القمر، تبرق من حافة صحراء موغلة في البعد.

hamzaalhassan@hotmail.no


رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  حمزة الحسن


 
 

ابحث في الموقع

Search Help

بحث عن الكتاب


انضموا الى قائمتنا البريدية

الاسم:

البريد الالكتروني:

 


دليل الفنانيين التشكيليين

Powered by IraqiArt.com 


 

 

 
 
 

Copyright © 2007 IraqWriters.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
Ali Zayni