عن نقاش 

 رغم عودته من منطقة حرب لكنه يفزع لمجرد قرع باب منزله، إذ كان ينتظر كل لحظة أن تداهمه قوة أمنية من الآساييش وتعتقله.

أبو بلال هو الاسم المستعار للشاب الكردي الذي ذهب إلى سوريا بحجة (الجهاد) وانضم إلى جبهة النصرة وعاد إلى إقليم كردستان منذ شهرين.

المعلومات التي حصلت عليها "نقاش" من مصادر مختلفة تشير إلى مغادرة 250 شخصاً من مدن أربيل والسليمانية ودهوك وكركوك إلى سوريا منذ اندلاع الأزمة قُتل منهم عشرون شخصاً فيما عاد أكثر من 33 منهم اإلى إقليم كردستان.

ويقول مسؤول أمني رفيع المستوى في الإقليم إن الذين يعودون من سوريا يخضعون للمراقبة بدقة وإن الجهات المختصة هي بصدد غلق الأبواب التي يذهب منها الشباب إلى الجهاد.

أبو بلال توجه إلى سوريا منذ شهر تموز(يوليو) من العام الماضي ويقول "أخبرت عائلتي انني ذاهب إلى تركيا مع مجموعة من أصدقائي للاستجمام ثم غادرت بالفعل إلى تركيا عن طريق مطار السليمانية وبقيت هناك ليلة واحدة وبعد ذلك ذهبت إلى سوريا، حيث توجهت مع مجموعة شباب إلى مدينة أورفا على الحدود مع سوريا وهناك دلّنا بعض الأشخاص على تل ابيض التابعة  لمدينة حسكة وذهبنا اليها معا".

ابو بلال كان يتصفح عدداً من الصور التي التقطها في تركيا حيث يظهر فيها بلحية طويلة وهي أحد شروط الانضمام إلى تلك الجماعات.

ويقول "يوجد على الحدود التركية السورية أشخاص يستقبلون من يذهبون إلى سوريا للجهاد. ويروي إنه عندما وصل إلى الحسكة تم استقباله من قبل مسلحين من جبهة النصرة وأخذ استراحة لمدة ثلاثة أيام وبعد ذلك انضم للاكراد الذين التحقوا بالجماعة قبله.

ويؤكد أبو بلال إن عدداً كبيراً من الأكراد اللذين التحقوا بجبهة النصرة وداعش تراجعوا عن قرارهم ويخشون العودة إلى إقليم كردستان لذلك فهم أما أن يحاربوا هناك حتى يُقتلوا أو يتوجهون نحو تركيا ولبنان وإن لم يعد لهم خيار فسيعودون إلى الإقليم.

مسؤول أمني في إقليم كردستان قال إن طرق ذهاب الشباب الأكراد إلى سوريا مختلفة لكن أبرزها طريق تركيا حيث يذهبون بالطائرة أو بالسيارة إلى تركيا ومن هناك إلى سوريا، يأتي بعدها طريق محافظتي الأنبار والموصل الحدوديتين.

ويسلِّم بعض الشباب الأكراد اللذين يعودون من سوريا أنفسهم إلى القوى الأمنية أما البعض الآخر فيتخفون وأبو بلال هو أحد اللذين سلموا أنفسهم إلى الآسايش، فبعد اعتقاله لمدة تم إطلاق سراحه وهو اليوم تحت المراقبة المستمرة ويتوجب عليه أن يذهب اسبوعياً اإلى الآسايش ليوقع على وجوده في المدينة.

ورغم ان معظم اولئك الشباب يسلمون انفسهم إلا أن الأجهزة الأمنية تخشى من أن تكون عودتهم خطة لتشكيل خلايا نائمة داخل إقليم كردستان والبحث عن فرصة ينفذون فيها ضربتهم خصوصاً وإن لدى بعضهم خلفية الجماعات الإسلامية المتطرفة وقد تعهدوا في الماضي بأن لا يتورطوا في أية أعمال غير قانونية.

ويرى مختص في مجال تحرُّك الجماعات الإسلامية إن ذهاب أولئك الشباب إلى سوريا يمثل خطراً على الوضع الأمني للإقليم لكنه يعتقد بأن تحركهم يجري في نطاق ضيق حتى اليوم ويمكن التعامل معه.

وقال عبدالله ريشاوي المختص في مجال التيارات الاسلامية لـ"نقاش" إن "معظم أولئك الشباب اللذن يذهبون باسم الجهاد إلى سوريا يتراجعون ويريدون العودة".

ولكن المسؤولين الأمنيين لهم رأي مختلف حيث قال مسؤول أمني في إقليم كردستان لـ"نقاش" طلب عدم ذكر اسمه إن الأكراد الذين ينضمون إلى صفوف الجماعات الإرهابية دُربوا على المتفجرات واستخدام الأسلحة وعند عودتهم إلى الإقليم يبقى لديهم اتصال بتلك الجماعات وقد ينفذون التفجيرات في كردستان".

وفي التاسع عشر من شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي قامت قوات الآسايش بحملة مداهمة لعدد من المساجد وأعلن المسؤولون لاحقاً إنهم وجدوا العديد من الأدلة الخطيرة التي لها علاقة بالجماعات الإسلامية في سوريا.

 ويقول المسؤول الأمني إن عدداً من المساجد يُستخدم لتشجيع الشباب للالتحاق بالجماعات المتطرفة السورية ومن هناك تُفتح لهم قنوات اتصال.

 شوان قلعة دزائي عضو المكتب السياسي للحركة الاسلامية وهي أقدم قوة إسلامية مسلحة في إقليم كردستان قال لـ"نقاش" إن "الحركة الاسلامية ايةليس لها أية صلة بذهاب شباب الإقليم إلى سوريا رغم انهم لا يعترضون على ذلك.

 وبالعودة إلى قصة أبو بلال يقول الشاب الكردي إنه لم يعد هناك اتصال بينه وبين تلك الجماعات ويرى إن معظم الشباب الآخرين العائدين قد سئموا من أوضاع تلك الحرب لذلك لن يشكلوا خطراً على الإقليم لكن الأجهزة الأمنية تشك في هذا الكلام.