... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله

 

  نصوص شعرية

   
أنا والإمام الحسين

مسار رياض

تاريخ النشر       10/09/2007 06:00 AM


تلمست ماء الفراتْ

تلمست في وجهه ألف وجه نبي

تفضفض في زبد الماء أحزانها

وألف انكسار لقلب السماء بموجاته المتعباتْ

أحس . . .

كأن المياه تحاول شيئا

وأن النخيل على الضفتين يخبأ شيئا

أرى أن موج الفرات

يثور على الجرف في كل مد

ويخمش خديه في كل جزر

فيرسم قصة حزن قديم

أيجري هو الماء ؟ ؟

أم يلتوي . . .

كمن غص بالسم

أو بوجوه الضحايا تطارده في لحظات السبات

أراقب هذا وعيناي مغلقتان

ولكن قلبي يراه

وأسمع هذا النشيج بلا كلمات

أنا لا أحب الكلام

ولم يتكلم

أتى يطلب الماء بالعين –حين أتى –

وإذ تنطق العين تشطب كل اللغات

وظنوك مت

ومن قال مت توهم جدا

ففي قمة الرمح موتٌ يعيش

ورأسك فوق الرماح تسامى

فمعناه انك فوق الممات

+ + +

رأيتك في كل شئٍ جليّ

تنقّط أحرفنا بالدماء لكي تولد الكلمات

فكم اخرساً فيك ينطق - إنّ الحسين جميع اللغات –

رأيت اتساعك في الناس رغم انحسار المياه عليك

رايتك في كل شئٍ جليّ

تخطب

فالناس شقان

موسى عصاه لسانك عند الكلام

رأيت عليّ

وجزئك ذاك النبي

فكم واحدا أنت ؟؟

أشخصاً وحيداً ؟! فهذا هو المستحيلُ

لأني أحسك حين تصولُ

أنا لا أراك فأنت اضطرابٌ يجولُ

أنوف السيوف تشمّ دماء الضحايا

وأنت تصولُ تجولُ

الروح أمر يمينك . . . والسيف عزرائيلُ

أتضرب فيه أم ذاك جيش بيمناك يحصد حين تقولُ :

" الموت أولى من ركوب العار والعار أولى من دخول النار "

وتحفر في كل شبر علامة ( لا )

و (لا) عندنا علامة نصر محال عليه يزولُ

وتمتد فوق الخيول هجوماً

فينبت مابين موت وشخص قتيلُ

وتدخل فيهم

فتهتز من أولّ الكون أرضٌ وأنت ثبات على الاهتزاز يطولُ

فإن زلزلت الطف زلزالها

وأخرجت الأرض أثقالها

يقول الطواغيت ما بالها

تحدث للناس أخبارها

بأن دماءك أوحت لها

وجهٌ صغيرٌ طوى في ظله القلقا

إنّ اليتامى عيونٌ تثقب الافقا

وظهر شيخٍ . . زمانٌ وانحنى تعباً

فكلُّ شئٍ - سوى آلامه – انزلقا

سربٌ من الوجع المنساب يحمله

صوتٌ , على كل شئٍ ظلّ ملتصقا

مازال يبحث عن موت يفسره

وصرت أنت لسانا فيه قد نطقا

وأنت تجمع من كل حكايته

حتى امتلأت سماءا خبأت غرقا

وكان صبرك دهراً أنت حائكه

ولامسته دموع الضيم فانفتقا

+ + +

ومازال يمسكني كف ماء الفرات

وألمح مابين مدٍ وجزرٍ

سؤالا يعومُ - لماذا الحسين ؟ ؟ ؟ -

أنا لست أعرف . . .

لكن أظن

لأنك في الناس ( عينْ )

و(عين ) إذا شئت فسر

فللنائمين : ( العيون ) كوابيس مفتوحة في الظلام

وللقاعدين : القيام

وللقائمين : بلاغٌ . . . إذا الأمر بين يديك استقام

فلا تنس أن هنالك عين

وللفقراء (عيونٌ ) بمرآتها يجبن الأثرياء

و(عينٌ) بعين اليتامى . . . تبادلها الدمع كي تتفتح في ثغر كل يتيم ورود الرغيف

وعيدا يؤجله الجوع فتحضره (العين) بالابتسام

وللعابدين : ( عيون ) تعلم كيف يكون الإمام

وللمعوزين : تمام

وللساكتين : الكلام

ولليل : مئذنة لا تنام

وللشهداء : السماء ومعراجها والصلاة وأحكامها والسلام

وللشرفاء النصيحة في كلمتينْ

- أنا لا أساوم –

وللثائرين : ( عيونٌ ) من الانفتاح البهي

وتلك عيون الإمام الحسينْ

فمن أين اذهب ؟؟ . . .

وكل طريقٍ إلى الله عينك أنت

وكل طريقٍ إلى الحق أنت

ولا زلت تبدأ في كل طفٍ

ولست بماضٍ

لكي أتكلم عنك بـ ( كنتَ )

وفي كل طفٍ جديد

أبعثر كل الذي كنت اكتب عنك

فأنت مزيد

أنا لا أحيد

فكل طريق سواك طريقٌ (يزيد)

وأنت حضورٌ بهيٌ

ففي أي شي تحط

يخضّر شئٌ شهيد

+ + +

أرضٌ مالحة ٌ

واللونُ الأبيضُ منتشرٌ في كل مكان

أتحسس شعرَ الأرض الأشيب من سنوات الملح

الملح وقار الأرض

وجدي كان وقورا

كنت صغيرا . . .

وكنت أراه كبيرا جدا

أتذكر لون الصمت المتشعلق في عينيه

أتذكر لحيته

طاقيته

ودعاء الصبح ينقط من كفيه

كان حزيناً دوماً

أتسائل هل كان صغيرا مثلي ؟ !

وكانت تأتي تلك الأيام

فيصطبغ الشارع بالأسود

- وجدي بالملح على خديه -

حيطانٌ سوداء

أعلامٌ سوداء

وثياب النسوان السوداء

ومواكب سوداء

حتى العاب الأطفال غدت سوداء

وتحس بان عيون صغار الطف انتشرت كالعطر بكل مكان

يصحبني لمواكبه

وأرى جدي يبكي محترقاً حزناً - والقارئ يقرأ –

وأنا بين دموع الجد وحسرته

أتباكى , كي أصبح مثل الناس كبيرا

لم اك اعرف ما يبكيه

كنت صغيرا

وكان الملح يصير كثيرا تلك الأيام

وكذلك كان الفقراءْ

ودموع الفقراءْ

الدمع المالح : دمع الحزن

والدمع المالح جداً : دمعٌ عاشوراءْ

جدي عاش فقيراً – يرحمه الله – ومات فقيرا

وخطوط الملح بصورته ما زالت من تلك الأيام

و الآن كبرت

وأنا امسح ظهر النهر

فتصحو ذاكرة الملح بكفي

عرفت الآن لماذا

كانت لحية جدي اجمعها بيضاء

ولماذا كان حزيناً دوماً

جدي كان حسينياً جداً

وفقيراً جداً

ولذلك كانت كل الأيام لجدي عاشوراءْ

فعاشوراءْ:

يومٌ تكور فيه الموتُ . . كيف ترى

خرجتَ من رحمِ التكويرِ لي قمرا

وكيف أنجبتَ من يومٍ لنا زمناً

وكيف يعجن عاشوارئك القدرا

خرجتَ . . ألفُ سماءٍ حولك اجتمعت

وألفُ ألفُ انفجارٍ فيك قد حشرا

ما أنت في الطف فرداً واحداً , أبداً

بل أنت موتٌ جماعيٌ لهم ظهرا

مررت بالماء ما أعطاك من يده

وقيل ( يصطره )[1]العباسُ . . فـ(انصطرا )

وما هويتَ لطعنٍ تحتهم , أبداً

وما سكنتَ لسيفٍ فيك إذ نحرا

لكن تجمّعتَ عن عمدٍ لتذهلهم

ثمّ اشتعلتَ بجسمِ الظلم فانفجرا

يا كم أحبك . . يا نوراً يلامسه

قلبي . . وأنتَ ضريحٌ فيك كم سكرا

أتيتُ يحملني عمري وينقصني

عمراً حسيناً . . ولا عمراً سواك أرى

+ + +

والماء في شفة الفرات ينمُّ عن صفين يجتمعان

من أول التاريخ يلتقيان

جيشان

ذا ملحٌ أجاج وأخرٌ عذبٌ فرات

لا شك أنك صاحب الملح الأجاج

فأنت مرُّ . . . والحق حنظل يا حسين

جيشان

جيش أنت فيه

وفيه للجوعى وللأيتام والفقراء والقران والإنجيل والرفض المدمى من دمى هابيل

والمحراب يسأل عن صلاة الليل والقهر المعشش في عيون اللاهثين بلا مكان

جيش برايته يفوح العنفوان

ويهيم بينكم الغبار

وأشم ثأراً راكباً فوق الوجوه . . .

نفس الوجوه يقودها قابيلُ

يتبعه المقاول والمتاجر والمداهن والمخاتل والذي

تتبارك الأحزاب بين يديه هجرتها على (اللنجات)[2]في عرض الخليجْ

ومن تعود أن يرى في الحق عاصمة الضجيجْ

ومن يبيع على العقول مبرهنات تدعي :

أن الحقيقة ليس ينقصها شهيد

فلم الخروجْ ؟ ؟

تسعيرة التجار من اجل السكوتْ

ذلٌ و قوتْ

وغراب قابيل يطمطم عورة الأحزاب عن عين الصغار

فلم القتال ؟

إن كان يؤخذ ما تريد بلا قتال

لا شئ بعد حكومة الدولار يعرف بالمحال

لا صلح طبعاً

إنما , إن شئت تنزع ما نشاء من الخصال

انزع سلاحك أولا

وانزع حسينك عنك

وانزع عنك صفنات العيال

مستضعفين الأرض دعهم

و اطفئ الغضب المؤجل في عيونك

لا تنقهر من اجل غيرك

لا شئ يقتل مثل قهر لا يقال

وإذا قبلت فذاك ليس تخاذلا

بل سمه محض انتقال

فالناس من حال لحال

تلك النصيحة يا حسين

وأنت تسمع ثم تسمع ثم تسمع

ثم يسمعني الفراتُ أجبتَ كيف السائلا

جمّعت كل الموت ثم مزجته في مقلتيك

فصرت ( لا )

حتى تسامت خلف رفضك روحُ

فانساب منها . . قبة ٌ وضريحُ

ودخلت حضرتك البهية . . دامياً

إذ أنت أنت الشاهد المذبــوحُ

دخلتُ عليك

وجئتُ إليك

أنا واحدٌ صفرٌ

واحدٌ ميتٌ

واحدٌ لا شئ

غير ما ركعتين

أصليهما خاشعاً – أقصد الله –

عند ضريح الإمام الحسينْ

هنالك تأخذني رجفة ٌ من ضياءْ

وأشعر أن الإمام

يمد يديه إلينا

ويخرج من شيبه شعرةً خضبتها الدماءْ

ويرفعها لنا

فتضئ السماءْ

فأدرك أن الرجولة اكبر من كلمات البكاءْ

و لا شئ اكبر من كربلاءْ



[1]يصطره : مفردة من اللهجة العامة العراقية تعني يضربه ضربة قوية

[2]اللنج : نوع من المراكب البحرية يستخدم عادة لأغراض تهريب المشتقات النفطية في العراق


رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  مسار رياض


 
 

ابحث في الموقع

Search Help

بحث عن الكتاب


انضموا الى قائمتنا البريدية

الاسم:

البريد الالكتروني:

 


دليل الفنانيين التشكيليين

Powered by IraqiArt.com 


 

 

 
 
 

Copyright © 2007 IraqWriters.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
Ali Zayni