... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله

 

  نصوص شعرية

   
الزمن العلقم

عبدالرزاق عبدالواحد

تاريخ النشر       11/09/2007 06:00 AM


لَكَ وَحدَكَ أمِلكُ أن أُرخِصَ نَفسي‏

لَكَ وَحدَكَ أحني رأسي‏

لِجَلالِكَ وَحدَكْ‏

أرفَعُ مَخموراً كأسي‏

مُترَعَةً بِدَمي‏

هذا قَلمي‏

مُمتَلئٌ بكَ حَدَّ الإرهاقْ‏

مَختومٌ باسمِكَ حتى تُرفَعَ هذي الأوراقْ‏

يا هذا السَّاكِنُ في أحداقي‏

يا ذا المَلَكوتْ‏

أنتَ الحَيُّ الباقي‏

باسمِكَ نَبدأْ‏

واسمُكَ آخِرُ ما نَنطِقُ حينَ نَموت‏

باسمِ العراق‏

أُكَسِّرُ الأختامَ عن صَوتي المُدَمَّى‏

بي ما أنُوءُ بِهِ‏

وقد سَمَّيتُ حتى الغَيب‏

لكنَّ الذي بي لا يُسَمَّى‏

غاضِبٌ أنتَ؟‏

مِن أينَ لي بالغَضَبْ؟‏

خائِفٌ؟‏

أيَّ شيءٍ تراني أخافْ؟‏

قد وَرَدتُ الأسى مِن جَميعِ الضِّفافْ‏

وَشَربتُ من الموتِ حتى نَضَبْ‏

مُوجَعٌ؟؟‏

مِن جميعِ العَرَبْ‏

لكنَّني سَأظلُّ أزرعُ كلَّ أسئِلَتي مَرايا‏

لِتَرَي وجوهَكِ يا سَبايا‏

عَلَّ الجباهَ تَنِزُّ مِن خَجَلٍ فَتَغتَسِلُ الخَطايا‏

أهلي ضَحايا‏

أولادُ أولادي ضَحايا‏

وَجَميعُ مَن يَلِدونَ حتى آخِر الدُّنيا ضَحايا‏

وأنا أُهَدِّدُ قاتليهِم أنَّ قَومي يَسمَعونْ‏

فَيَسيلُ طوفانُ المَنَايا‏

ثمَّ التَفَتُّ،‏

رأيتُ قومي يَسمَعونَ وَيَضحَكون..!‏

أيُّها الحُزن‏

إنَّ المروءَةَ تَمنَعُ أن نَتَلَفَّتَ في ساعَةِ الموت‏

لكنَّهُ أسَفٌ لا نُقاومُهُ‏

عُمرَنا لم نَمُنَّ على أَحَدٍ‏

أو نَحَمِّلْهُ وِزْرَ كَرامَتِنا‏

واللهِ، لو إحدى يَدَيَّ تَعَثَّرَتْ‏

بِثيابِها، والموتُ يَقتَحِمُ المَدى‏

لَقَطَعتُها بيَدي وقلتُ لأُختِها‏

الآنَ وَحدَكِ تُقبِلينَ على الرَّدى!‏

أيُّها الزَّمنُ المُرُّ‏

يا أيُّها الزَّمَنُ العَلقَمُ المُرُّ‏

إنَّا احتَمَلناكَ حتى غَدا مُرتَقى الصَّبرِ‏

مُنزَلقاً‏

كلَّ فَجرٍ نُفَتِّحُ أعينُنَا‏

فَنَرى كلَّ أنهارِكَ اختَلَفَتْ‏

كلُّ نَهرٍ يُطَمئِنُ مَجراهُ طولَ النَّهار‏

فإنْ خَيَّمَ اللَّيلُ‏

تَسمَعْ دَبيبَ خُطا الماء‏

وهوَ يُبارِحُ مَوقِعَهُ‏

يا زَمانَ اللُّصوص‏

يا زَمانَ الوجوهِ المُريبَةِ‏

والأعيُنِ الزِّئبَقِ اللا تَقَرُّ مَحاجِرُها‏

إنَّ أرضَ المُرَبِّينَ تُصبحُ أرضَ المُرابين‏

والنَّاسْ‏

تَشرَبُ مِن حَوضٍ مَهدومْ‏

تأكلُ مِن شَجَرٍ مَسمومْ‏

وَتلابَسَتِ الأصواتُ فَما‏

تَعرفُ صَوتَ الظالِم مِن صَوتِ المَظلومْ‏

شُبهَةٌ في الأصابعْ‏

شُبهَةٌ في الشِّفاهْ‏

شُبهَةٌ في العيونْ‏

والذينَ تُحاصَرُهُم نَظَراتُ الخَناجرِ‏

تَلمَعُ مِن فُرْجَةِ الفَمِ وهوَ يُضاحِكُهُم‏

يَعلَمونْ‏

أنَّهُم أُوثِقُوا بِشَرايينِهِم‏

أنَّهُم حُوصِروا بالدِّماءِ التي أُوهِموا أنَّها دَمُهُم‏

أنَّهُم بِمَقاتِلِهِم مُوثَقونْ‏

أينَ تَرحَلُ زَنبَقةُ الأرضِ‏

مَحمولَةً مِن تُرابِ فلسطين فوقَ البَواخِر؟‏

كلُّ البلادِ الغَريبَةِ مُوحِشَة‏

حينَ تَدخلُها لاجِئاً‏

ما الذي سوفَ تُصبِحُ يا وَطني؟‏

مُلصَقاً لِلدِّعايَةِ فوقَ زُجاجِ الحَوانيتِ؟‏

ثَرثَرةً في المَقاهي؟‏

مَعرَضاً‏

يَقِفُ العابرونَ بِساحَتِهِ لحظَةً‏

رُبَّما لاتِّقاءِ المطَرْ؟!‏

أفَتَحملُ نَفسَكَ يا وطني كلَّما ضاقَت الأرضُ‏

تَبحَثُ عن مَلجأٍ؟‏

مَن يُلَملِمُ في مَهجَر وَطناً؟!‏

يا بلادي التي..‏

كيفَ أحملُ شمسَ شتاتِكِ بغدادُ نَحوَ المَهاجِرْ؟‏

إنَّ طَلْعَ النَّخيلِ لهُ مَوسِمٌ للِطفولَة‏

مِن أينَ أبدؤهُ؟؟‏

أيُّها الحامِلونَ غُبارَ حَقائِبكِم‏

هل حَمَلتُم بها وَطناً؟!‏

إنَّ كلَّ المَحَطَّاتِ حُزنٌ تُلَوِّحُ فيهِ المَناديلُ‏

والقاطِراتُ تَصَفِّرُ راحِلةً..‏

وَطني..‏

أيُّها الفَرحُ اللا يُسافِرُ‏

يا أيُّها الوَجَعُ اللا يُسافِرُ‏

قد تَكسرُ الضِّلعَ‏

لكنَّ حُبَّكَ يُمسِكُهُ أن يُمَزِّقَ لي رئتي‏

ولهذا أموتُ لأجلِكْ!‏

أيُّها الحامِلونَ بَنادِقَكم في سطوحِ البَواخِرِ‏

إنَّ المُحيطاتِ تَخشَعُ أجمَعُها إذ يَمُرُّ خَيالٌ‏

لِساقيَةٍ في فلسطين‏

يَملؤهُ عَبَقُ البرتُقالِ‏

وَتَرجيعُ زَيتونةٍ تَتأرجَحُ فيها العصافير..‏

هل يَقتُلُ النَّاسُ أوطانَهُم؟؟‏

مَن يُحاكِمُ هذا الطَّعينَ الذي دَمُهُ فاضَ حتى طغى؟‏

مَن يَلومُ الذي يَتَلَفَّتُ في لحظة الزَّلزَلهْ‏

فَيَرى نَفسَهُ وَحدَهُ في دُجى المَوتِ لا عَونَ لَهْ؟‏

مَن يَقولُ لهُ لا تُكابِرْ‏

عندَما تَتَجَرَّدُ وَحدَك لِلمُستَحيلْ‏

قاتِلاً أو قَتيلْ؟‏

تَتَحَمَّلُ وِزْرَ ثَباتِكَ وَحدَكْ؟‏

لِيَقُمْ هَولُ كلِّ القياماتِ بَعدَكْ‏

فالمَراكِبُ تَعلَمُ أنَّ حمولَتَها عَلقَمٌ‏

أنَّ مُتَّكأً لِلجَريمةِ هَيَّأهُ أهلُنا‏

أنَّ كلَّ المِدى شُحِذَتْ‏

والأكُفُّ التي لَوَّحَتْ لِلمَراكِبِ‏

قد لا تُلَوِّحُ ثانيَةً‏

لَكأنِّي أُبصِرُ تَلَّ الزَّعتَرِ يَبكي‏

ألمَحُ صَبرا تَقطَعُ كلَّ جَدائِلِها وَتَصيحْ‏

أسمَعُ صَوتَ الرِّيحْ‏

يا أطفالَ فلسطينْ‏

إنَّ سكاكينَ عُمومَتِكم آتيَةٌ‏

مُدُّوا الأعناقَ بِصَمتٍ‏

فَقلوبُ الأعمامِ رِقاقٌ‏

إنْ يَصرَخْ أحَدٌ منكم‏

تَبْكِ..!‏

الوَيلُ لكُم‏

يا آكِلي أثداء أُمَّهاتِكُم‏

يا وائِدي بَناتِكُم‏

لأنَّهُنَّ لا يَعرِضْنَ ثَديَهُنَّ لِلدَّخيلْ‏

مِن بَعدِ ألفِ جيلْ‏

تُنشَرُ مِن قبورِها العِظامْ‏

وَتُسألُ الرَّمامْ‏

مِنْ بَعدِ ألفِ جيلْ‏

يَستَنطِقُ الآتونَ حتى حَجَرَ المَقابِرْ‏

ويَومَها تُسألُ حتى الضِّحكَةُ اللئيمَهْ‏

مَن فَمُها؟!‏

سيَدفَعُ الأولادُ عنكم ديَةَ الجَريمَه‏

سيَدفَعُ الأولادُ عنكم ديَةَ الجَريمَهْ‏


رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  عبدالرزاق عبدالواحد


 
 

ابحث في الموقع

Search Help

بحث عن الكتاب


انضموا الى قائمتنا البريدية

الاسم:

البريد الالكتروني:

 


دليل الفنانيين التشكيليين

Powered by IraqiArt.com 


 

 

 
 
 

Copyright © 2007 IraqWriters.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
Ali Zayni