... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله

 

  في السياسة

   
تحزبية المساجد و المنابر و تدمير الهوية الإسلامية

إيهاب النقيب

تاريخ النشر       07/10/2007 06:00 AM


إنَ المساجِد و دُور العِبادة هي بُيوت الله في الأرض و هي القِلاع الحَصينة لِلحِفاظ على رَكائِزْ العَقيدة و على فحوى الرِسالات السَماوية و هي الأَداة التي أرادَ اللهُ بِها أن يَزرَع الألفة و الأخوة و السلام بينَ بني البَشَرٍْ.

و لو راجعنا السيرة النبوية العطِرة لوَجدنا أجمَل الصُور الإنسانية و الرَوحانية التي تَجَسدت في مساجِد المُسلمين و إن مِنْ أسمى هذهِ الصُور كانت تتمثل بِما يَقوم بهِ خاتم الأنبياء و حبيب الرُحمن مُحَمَد (ص) حينما يَقطَع خُطبته بالمُسلمين و ينزل مِنْ منبرهِ لِيلتقي أحفاده الصِغار الحسَن (ع) و الحُسين (ع) ليزرع بِداخلهم حُب المسجِد و لِيُظهر للعالَم مكانة الأطفال عند الله من خلال المِسجد و المَنبر بِالذات و قد تُعتبر هذه الحالة رسالة بَليغة عَجَزْ عَنْ إيصالها كِبار المُنَظرين بِمجال الطُفولة.

إن الصُور و الدُروس المفيدة التي إنطلقت مِن المساجد و دُور العِبادة كثيرة و قَد نذكر منها ايضاً ما كان يحصل في زَمن الإمام علي (ع) أيام خلافته و القصة مشهورة يذكرها المبلغين و رجال الدين مِراراً و هي النقاشات التي كانت تدور مع الإمام علي(ع) في خُطَب الجُمعة مِن قِبَل من يَدَّعُون نصرته و يُجاهرونه بأسباب و أعذار غير منطقية لعدم دخول الحروب المفروضة وقتها و هذهِ المواقف تُذكَرْ أغلَبْ الأمرار لتسليط الضوء على ضِعاف النفوس الذين أحاطوا بِالإمام في تِلكَ الفَترات و لكن لماذا لا نُسلط الضَوء على ديمقراطية الإمام علي بالمَسجد و تسامُحَهُ حتى مع أمثال هؤلاءْ فلم نقرأ بِأنه عاقَبَهم أو منَعهم مِنَ العوده إلى المسجد رَغم مُعارضتهم لخليفة الدولة الإمام المعصوم.

إن قُدسية دور العبادة و المساجد بالذات لا تعلوا عليها قدسية (إلا اللهم دماء و كرامة الإنسان) و لم يَدَّخِر الله سبحانه و تعالى وسيلة لإيصال هذه الفكرة لِبَني البَشَرْ مِن خِلال الرُسُل و الكُتُب السماوية و الآيات كثيرة التي تدل على مكانة المساجد و الشعائر و التجمعات الدينية في المساجد فيذكر عز و جل في سورة الجمعة الآية التاسعة *يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْاْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُواْ الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ* من الواضح و مما ليس عليه إختلاف في هذه الآيه هو التبيان لطبيعة التجمع في المسجد و في ذلك اليوم تحديداً من ترك للأمور الدنيوية و التوجه إلى الله بصورة خالصة للتعبد و السمو عن كُلْ ما هو دنيوي و ما في ذلك الرزق.

و من جهه أخرى يذكر الله سبحانه و تعالى ايضاً الوجه الآخر من المساجد التي

تَتَسَتَرْ تحت إسم المسجد و عَباءة الدين من أَجل أهداف مُبَطنة لِتَخريب العقيدة أو مِن أجل مَكاسِب قد تكون سياسية أو مادية أو لأهداف أخرى ففي الآية مئة و سبعة من سورة التوبة يقول الإله سبحانه و تعالى *وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفَنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ* إن قصة هذا المسجد معروفة و الأهداف التي كانت وراء إيجاده أيضاً معروفة و لسنا في صدد نقاشها في هذا المقال و لكن نريد أن نُرَكِزْ على أحد أهداف مسجد "ضِرار" و هو التفريق بين المؤمنين و لو أطلعنا على واقع المساجد اليوم في العالم الإسلامي و بالأخص في العراق لوجدنا إن كثيراً من هذه المساجد يتبع هذه الفقرة أما عن جهل أو عن دراية.

إن من أخطر ما يَمُر بالعراق اليََوم هو التَحزُبية الخَطيرة للمساجِد و لِمنابر الجُمعة و للخطباء الذينَ حادوا عَن واجبَهُم الآلهي لِيُصبحوا أداةً بِخدمة الأحزاب التي تَمُن عليهم بالمقسوم في نهاية الشهر و هذه ظاهرة مُدَمرة تَلقي بِسلبِياتها على الدين و على المُتدينين قَبل أي طَرف آخر.

إنَ هذهِ التَحزُبية و فَرض الأفكار السياسية و التوجُهات الأيديولوجية على رُواد المساجد تُعتبر إِعتداء صارِخْ على الحُرية الفِكرية لِمُرتاد المَسجِدْ و ليسَ هذا فَحسب بل إن هذا التوجه فيه إعتداء على حُرُمات الله من خلال إستخدام بيوتَه لأغراض دنيوية رخيصة.

عندما نُشاهد مقتطفات مِنْ صلاة الجُمعة في أماكن مُتعددة مِنْ العِراق نرى خطيب الجامع و هو يتحدث بكل وقاحة عن رُؤية حزبَه الذي يَنتمي إليه و يَقول نحنُ في الحزب الفلاني هكذا وجهتنا و آخر يجيب نحن في المدرسة الفلانية هذا توجهنا و يستمر برنامج غسيل المخ إلى أن وصلنا لأحداث كأحداث جُند السماء و ما جرى مؤخراً في كربلاء و ذلك لأن العقيدة الدينية إرتبطت بالحزب السياسي و لم ترتبط بالله.

إن جُل ما يُصيب العِراق اليوم من أمراض إجتماعية و فِكرية هو بِسبب هذا التَوجُه الأهوج من قِبَلْ الأحزاب السياسية التي وضَفت الدين لاهدافها الحزبية دون التفريق بين مصلحة العقيدة و المصلحة الذاتية الضيقة, فنرى المواطن العراقي اليوم في دوامة مع نفسه لما يتعرض له من جلسات غسيل مخ تهدف إلى جعل الإنسان سليب العقل و الإرادة ليصبح تابعاً لهذه الأحزاب لا أن يكون متبوعاً مِنها كما الحال في الدول الديمقراطية المتطورة.

لابد لهذه الحالة المُشوهه أن تتوقف و لابد من وضع ضوابط و قوانين تضمن حقي كمواطن أن أذهب للتعبد دون أن تفرض علي أفكار سياسية قد تتعارض كليا مع توجهاتي السياسية كفرد. إن الواجب الآن يقع على عاتق المرجعية الرشيدة المتمثلة بآية الله العظمى السيد علي السيستاني لوضع ضوابط شرعية تمنع مثل هذه الممارسات التي أسائت للدين و للعلماء و للمؤمنين و للمجتمع بصورة عامة و أيضا يجب على الدولة و على الأوقاف الدينية من وضع خطوط حمراء لا يجوز تجاوزها من قبل الخطباء و لكن مما لا يتعارض مع ما يقره الدستور العراقي لضمان حقوق المواطن العراقي في ممارسته لشعائره الدينية بدون ضغوط و أيضاً لحماية الدين من سمسرة السياسيين.


رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  إيهاب النقيب


 
 

ابحث في الموقع

Search Help

بحث عن الكتاب


انضموا الى قائمتنا البريدية

الاسم:

البريد الالكتروني:

 


دليل الفنانيين التشكيليين

Powered by IraqiArt.com 


 

 

 
 
 

Copyright © 2007 IraqWriters.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
Ali Zayni