... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله

 

  مقالات و حوارات

   
الصورة اللغوية في نصوص آمنة عبد العزيز

د.ثائر العذاري

تاريخ النشر       20/10/2007 06:00 AM


مع تقدم الزمن كانت الصورة الشعرية تكتسب أهمية متزايدة بوصفها واحدة من أهم تكنيكات شعرية النص ، حتى اذا جئنا الى الشعر المعاصر وجدنا الصورة تتربع على قمة وسئل البناء الشعري وتشغل الحيز الأكبر من ذلك البناء.

غير أن الصورة لما تزل عصية على التعريف، وكما يقول سي دي لويس ان بامكاننا التعرف عيها ولكن ليس بالامكان تعريفها. وتتأتى مشكلة التعريف من كون الصورة لا تبنى بطريقة محددة ولا يعتمد بناؤها على ناصر بعنها، بل ان الطريقة والعناصر ذاتها موضوعات ابداعبة.

تمثل الشاعرة العراقية آمنة عبد العزيز نموذجا جيدا في الإخلاص لنوع معين من الصور الشعرية، فهي تبني صورها اعتمادا على اللغة وانزياحاتها حسب، فالصورة الشعرية في نصوصها قارة في لغة النص ولا يمكن وجودها خارج النظم اللغوي ، فهي ليست صورا حسية أو مستمدة م الخيال، بل قائمة على العلاقات اللغوية لا غير.

في نصها (امرأة من تفاح وطين):

هناك امرأة من ورق ..

الجرائد ..

وأخرى من رخام ..

وثالثة من حديد صلب ..

ورابعة من نار ..

وبينهما امرأة من جليد ..

و أخرى من إعصار ..

أنا أمرأة مخلوقة ..

منك ..

هنا سلسلة من الصور المتداخلة القائمة على التشبيه التقليدي، بيد أن الصورة الكلية لا تكتمل الا عندما نقرأ كلمة (منك)، فالصورة تقوم لى المفارقة اللغوية التي تؤدي بالقارئ الى هزة مفاجئة، كل الصور الجزئية كانت تقرن المرأة بجمادات (رق جرائد، رخام، حديد صلب....)لكن كلمة (منك) تؤدي الى تحول جذري في البناء بشكل مفاجئ، وهكذا توضع المرأة المخلوقة (منك) قبالة كل نساء الجمادات السابقة لتبني المفارقة اللغوية الصادمة.

وفي (حلم لا يحتمل التأويل) نجد أنفسنا أمام تكنيك آخر من لبناء الصورة اللغوية:

حفرت قبري بمعول الحب ..

وأكفاني صبح انتظارك ..

خضبت جسدي برائحة النعناع ..

وارتميت على شاهد لا يحمل عنوانك ..

أمسك بيدي أطراف الوهم ..

أمرر راحتي فوق جسدك الهلامي ..

أمطره حزنا لفراقك ..

(آه) تبقى معلقة تحت أنيني..

تحت أجنحتي المتكسرة ..

وأرشف شوقا سرابا ..

أنتظر قدومك ..

 

تبنى الصور في هذا النص،على غير المعتاد، على الأسماء فقط، ولا نجد دورا للأفعال في البناء التصويري ، فالصورة تبنى باضافة اسمين الى بعضهما من غير علاقة واقعية بينهما (معول الحب، صبح انتظارك، أطراف الوهم.......) أو بالنعت غير المتوقع (شه لا بحمل عنوانك، جسدك الهلامي...).

وفي ( الولادات بالمصادفة):

الأيام تترى ثقال ..

والأنتظار حكمك المؤبد ..

الأطماع تفقأ عين اللحظات ..

صوب بين عيني نظرة

الحب الأخيرة ..

لعلي أحضى بسلام أبدي..

توظف الشاعرة تعبيرا شائعا بعد ازاحة معناه الى ناحية أخرى، فالتعبير (صوب بين عيني ) معروف في العراق لوصف جرائم القتل اليومي ، اذ تصوب الطلقة الأخيرة بين العينين لتكون الرصاصة القاتلة ، لكن الشاعرة باستبدالها كلمة طلقة أو رصاصة بتعبير (نظرة الحب) حرفت التعبير الشائع ليتحول من عبارة مرعبة الى صورة شعرية، وهذا التكنيك ليس الا لعبا باللغة وتفجيرا لامكاناتها.

ويمثل نصها (شبعادك) نموذج لتكنيك لغوي آخر:

بعض منه أنا ..

وكلي أنا بعض منه..

حكايتي إبتدأت مع هذا الرجل

زرعني في توهان عشقه ..

أنبتني في روحه حلما ..

أخذني إليه قبل ولادتي ..

تكونت به صبحاَ ..ومساء

كنت أعرف أنه هناك !

مقيما في مملكة أور..

إنتظرته وأنا أتسربل بتأريخه ..

كتبته بأول أبجديات حروفي ..

لأعلن به أول أمجادي ..

يتمثل تكنيك بناء الصورة الشعرية هنا بانشاء جملة فعلية فعلها مادي محض لكنها تجعل له فاعلا معنويا ، فالأفعال (زرع، أنبت، أتسربل) لا يمكن أن يقع كل منها في اللغة الطبيعية الا على وسط مادي ، غير انها توقعها على (توخان عشق، روحه، تاريخه) لتنتج تركيبا لغويا جديدا يستمد شعريته من جدته وغرابته.

في الواقع تمتلك الشاعرة آمنة عبد العزيز احساسا ميزا باللغة يعطيها قدرة مثيرة على التصرف باللغة واعتمادها وسيلة رئيسة لبناء الصورة الشعرية.


رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  د.ثائر العذاري


 
 

ابحث في الموقع

Search Help

بحث عن الكتاب


انضموا الى قائمتنا البريدية

الاسم:

البريد الالكتروني:

 


دليل الفنانيين التشكيليين

Powered by IraqiArt.com 


 

 

 
 
 

Copyright © 2007 IraqWriters.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
Ali Zayni