ديوان شعر أقرب للوحات فنية رسمتها دنى غالي

المقاله تحت باب  أخبار و متابعات
في 
27/01/2015 06:00 AM
GMT



 تمتد جغرافيا ديوان (تلك المراوح التي تلوح من بعيد) للشاعرة والروائية العراقية دنى غالي من مدينة البصرة لأقصى الشمال الأوروبي في ما يشبه لوحات تشكيلية تتعانق فيها الألوان والروائح والمقاهي والطرق وغيرها من تفاصيل يومية صغيرة تجعل القارئ في عمق اللوحة.

وفي تجربة غير تقليدية تجعل الشاعرة عنوان القصائد -التي تزيد على 40 نصا- جزءا من متن القصيدة وليس منفصلا عنها بما يوحي بالاتصال واعتبار العنوان ليس مدخلا للنص ولا سبيلا إليه بل وحدة عضوية لا تكتمل القصيدة إلا به.

ففي قصيدة/مشهد بعنوان (في المنام) وهي من أقصر مشاهد/قصائد الديوان تقول.. "في المنام-كنت حارسي-ونومي كان هانئا-ولو انحنيت وقبلتني-ما كنت أمانع."

وعنوان الديوان نفسه (تلك المراوح التي تلوح من بعيد) هو السطر الأول من قصيدة تقول "تلك المراوح التي تلوح من بعيد-تقاوم الماء-مراوح في صيف طويل-مغموسة بالفضة-تدعي الزهد‭ ‬والملل-تستغل الريح-وتدور على مهل."

والديوان الذي يقع في 104 صفحات متوسطة القطع أصدرته دار (سنابل للكتاب) في القاهرة بالتزامن مع انطلاق معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي ستفتتح دورته السادسة والأربعون يوم الأربعاء.

ودنى غالي التي تقيم في الدنمرك لها ثلاث روايات ومجموعتان قصصيتان وديوان شعر صدر عام 2007 بعنوان (حديقة بعطر رجل).

وفي إيجاز شديد تعنى قصائد الديوان الجديد (تلك المراوح التي تلوح من بعيد) برسم تفاصيل العيش والأفكار التي تبدو بسيطة وغير لافتة والطريق إلى المنزل كما في قصيدة (أن تمر كل يوم بالأمكنة المعتادة) وتقول فيها..

"أن تمر كل يوم بالأمكنة المعتادة-ولا تتعرف على المكان-أن يكمل المصعد انطلاقته بك إلى أعلى خارج المبنى-أن تسقط آخر قطعة ورثتها نثارا-أن تباغَت ذات صباح ساكن-كأن يرفض عصفور دخل من الشباك المغادرة".

وتميل بعض القصائد إلى المفارقة وهي ترسم مشهد الاستحالة كما في نص "اشتهيت هذا الصباح-أن أشتري لك وردا-بلون المرجان-لكنك من دون طاولة-وستبدو باقتي- حين ألقي بها-في منتصف البحر-تشييعا لغريق".

وفي مدن الشمال الأوروبي مثل كوبنهاجن تكون الأنفاق والجسور مثقلة "بأطنان مضاعفة من الصمت والكتمان" وفيها أيضا تفاصيل يومية أخرى.. "لي في مواقف الباصات-شواهد على ضحكة في السر-على فكرة مجنونة أتركها-مع نصف سيجارة-شيء غير قابل للسحق-قبل أن أصعد".

وفي المقابل تبدو مدينة البصرة الجنوبية وجها آخر للذكرى كما في نص (من قال إننا نحن الجميلات) حيث تضيع كلمات أغاني الحب مع ما ومن ضاع "على الحدود-ورسم الغمامة-ومن نام ووجهه في التراب-ومن عبر وإلى اليوم لم يصل. البصرة سفن غرقى-وهم صدأ الشظايا-في القاع-للسمك ينتف الطحلب من حولها-وهم ما تبقى من الألوان-من براءة تحرشوا بظلالها-في زقاق الظهيرة".