... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله

 

  قضايا

   
مناهج العراق الدراسية تنتظر تغييرا شاملا

خلود رمزي

تاريخ النشر       10/06/2010 06:00 AM


نقاش :

فوجئت سهر لوقا التي تخرجت توا من مرحلة الخامس الاعدادي، وتستعد لخوض امتحانات البكالوريا العام المقبل، بصدور قرار وزارة التربية العراقية تغيير منهج الرياضيات للفرع العلمي إلى اللغة الانجليزية بدلا من اللغة العربية.

لحسن الحظ، كانت سهر قد أعفيت من أداء الامتحانات النهائية لمرحلتها هذا العام بعد حصولها على معدلات تراوحت بين ( 75- 100) في جميع المواد. وقد اتاح لها نظام الاعفاء المعمول به منذ زمن قديم في العراق، وقتا للالتحاق في أحد صفوف الدروس الخصوصية لتدريس الطبعة الجديدة لكتاب الرياضيات الذي سيتم تطبيقه في المدارس ابتداءا من العام الدراسي المقبل.

ورغم كونها تجيد اللغة الانجليزية بشكل متوسط، لكن "إتقان النظريات الهندسية والمعادلات الجبرية التي يحتويها كتاب الرياضيات بهذه اللغة يبدو أمرا صعبا، سيما وان هذه التجربة ستطبق للمرة الاولى في مرحلة السادس الاعدادي في العراق" تقول سهر.

وتضيف سهر لموقع "نقاش" إنها وصديقاتها يعيشون ارباكا وخوفا كبيرين بسبب هذا التغيير المفاجئ في المنهج، وإن طلبة البكالوريا للعام المقبل سيكونون بمثابة "كبش الفداء للمراحل اللاحقة كونهم اول دفعة تدرس هذا المنهج باللغة الانجليزية".

التعديل في المناهج الدراسية ليس الأول من نوعه منذ عام 2003. فقد بدأ بشكل تدريجي مع الأعوام الأربعة الأولى من سقوط النظام السابق، ليشهد ثورة متسارعة في العامين الماضيين.

ففي مجال الفروع العلمية، ألغت وزارة التربية في العام الماضي كتاب مادة العلوم الذي يشمل الفيزياء والكيمياء وعلم الأحياء، وأدخلت هذه المواد في المرحلة الأولى من التعليم المتوسط كل منها في كتاب منفصل.

ومن بين المناهج الاخرى التي شهدت تغييرا في العام الماضي هي التربية الاسلامية التي تدرس منذ دخول الاطفال الى المرحلة الابتدائية إلى حين انهائهم المرحلة الثانوية، وتعد واحدة من الدروس التي يعتمد عليها الطلبة في الامتحانات العامة "البكالوريا" لرفع معدلاتهم النهائية بسبب سهولة مفرداتها.

وطاولت معظم التغييرات مراحل التعليم الإبتدائي والثانوي في العراق بشكل رئيسي، وقاد بعضها الى ارباك الطلبة والمعلمين الذين اعتادوا على أنظمة تعليم مختلفة لأكثر من عشرين عاما مضت.

ويقول سلام العاني، وهو مدرس بيولوجيا أن بعض التغييرات التي طرأت على الكتب لا سيما كتابي التاريخ والتربية الاسلامية كانت متوقعة "الا ان هناك تغيرات أخرى أجريت بشكل مفاجئ على الكتب العلمية التي وجد الطلبة صعوبة في تقبل بعضها فلجأوا الى الدروس الخصوصية لاستيعاب مفرداتها"، لافتا إلى أن بعض المدارس "ستواجه مشكلة في تأمين أساتذة لتدريس بعض المواد".

أما القائمون على المناهج الدراسية في وزارة التربية، فيعتقدون ان إصلاح المناهج التعليمية يتناسب مع مرحلة التغيير السياسي الذي شهدته البلاد عقب سقوط نظام صدام.

ويرى تحسين عامر أحد أعضاء اللجنة المشرفة على تغيير المناهج الدراسية في وزارة التربية ان التغيير بات "أمرا حتميا" في هذه المرحلة.

وقال لموقع "نقاش" ان "المناهج الدراسية لا سيما العلمية منها عانت من الرتابة لسنوات طويلة، وان "انغلاق البلاد علميا بعد عام 1990 أدى الى انقطاعه عن التطورات الحاصلة في ميدان طرق التدريس" مؤكدا ان وزارة التربية وضعت خططا وأصدرت قرارات لتأهيل الأساتذة والطلاب للمرحلة المقبلة.

من بين هذه القرارات التي اصدرتها لجنة المناهج، والذي استقبته اوساط التعليم بايجابية، قرار يقضي بتدريس اللغة الانجليزية في المرحلة الثالثة للمدارس الابتدائية بدلا من نظام التدريس السابق الذي يبدأ فيه الطالب بالتعرف على اللغة في الصف الخامس الابتدائي.

في المقابل، شاب بعض التعديلات على نظام التعليم "الارتجال والتسييس" كما يوضح سلام العاني وعدد من زملائه المدرسين.

ففي العام 2007 فوجئ طلبة البكالوريا بسؤال خارجي لم يكن له اجابة في منهج التربية الاسلامية. وجاء في نص السؤال "وضح بالتفصيل المسيرة النضالية للسيد محمد باقر الحكيم في مقارعة النظام السابق، لحين عودته الى العراق بعد سقوط نظام صدام حسين".

وكان هذا السؤال، يقول العاني، سببا في خفض معدلات الطلبة في التربية الاسلامية في ذلك العام، مثلما كان سببا في تغيير المنهج لاحقا.

ولتدارك هذا الخطأ، أضافت اللجنة المشرفة على تطوير المناهج في وزارة التربية في العام الماضي، مبحثا في كتاب التربية الاسلامية عن سيرة حياة السيد محمد باقر الحكيم مؤسس حزب المجلس الاعلى الاسلامي الذي اغتيل في انفجار سيارة مفخخة بعد خروجه من صلاة الجمعة في النجف عام 2004، لمرحلة السادس الاعدادي في العام الماضي.

لكن العاني يقول أن "الخطأ تم معالجته بخطأ آخر، فالمرجع الحكيم رحمه الله كان يقود في تلك الفترة اتجاها سياسيا، ومن الأفضل ادراج سيرته في مباحث التاريخ السياسي لا في كتب التربية الإسلامية".

تعديلات أخرى أجريت على المناهج الدراسية استجابة للتغير السياسي الحاصل بعد 2003، وسيطرة الاحزاب الشيعية على الحكم.

ففي منهج التربية الإسلامية أيضا، تم حذف مجموعة من الاحاديث النبوية غير المتفق عليها بين الشيعة والسنة وتمت اضافة أحاديث جديدة عدها القائمون على المنهج اكثر مصداقية من حيث الراوي.

من جانب آخر لم تجد الوزارة بديلا لطلبة الأديان الأخرى غير الاسلامية كالمسيحيين والصابئة واليزيديين، سوى توزيع درجة التربية الإسلامية على جميع المقررات العلمية الأخرى واستثنائهم من تقديم امتحانات المادة.

فالتربية حافظت بذلك على قرارات النظام السابق في اعفائهم من المادة، لكنها لم تستحدث مناهج دينية خاصة بهم. وبقي هؤلاء الطلبة يدرسون منهج دينهم في الكنائس ودور العبادة الخاصة بهم بعيدا عن المدرسة.

ويطالب بعض الطلبة وأولياء امورهم من الديانات الاخرى بإنصافهم في هذا الجانب. ويقول سليم كامل وهو من الطائفة الصابئية ان ابنه حصل على معدل 85 % في السادس الاعدادي للعام الماضي بسبب صعوبة الأسئلة وعدم وجود مادة مساعدة مثل التربية الاسلامية تسهم يرفع معدلاته موضحا أن "درجات المادة تم توزيعها على مواد اخرى أكثر صعوبة".

ويحرص كامل ومعه العديد من أتباع الديانات "السرية" أو "الباطنية" على عدم المطالبة بتدريس ديانتهم "فهناك ديانات لا يحق للصغار الاطلاع على تفاصيلها قبل وصولهم إلى سن الشباب والنضوج" حسب قوله و"كل ما نريده هو اقرار مادة توازي التربية الاسلامية من حيث سهولة المنهج وتدريسها للطلبة غير المسلمين في المدارس لتساعدهم في رفع معدلاتهم".

بعض التغييرات في مناهج التعليم، عكست بشكل واضح قطيعة العراق مع المرحلة البعثية السابقة، و أظهرت الصورة الجديدة لموقع العراق إقليميا.

وعلى سبيل المثال رفع فصل كامل يتكون من 23 صفحة من كتاب التاريخ لمرحلتي الخامس الابتدائي والسادس الاعدادي يتعلق بالحرب العراقية – الايرانية وكان الفصل يحمل عنوان "قادسية صدام".

مثلما تغيرت بعض المصطلحات التي شاع استخدامها في الكتاب ذاته في عهد نظام صدام حسين مثل عبارة "العدو الفارسي" التي استبدلت بـ "جمهورية إيران الاسلامية"، وعبارة "الكيان الصهيوني" التي أصبحت في الكتب الحديثة "اسرائيل". والغت وزارة التربية تدريس مادة الوطنية في جميع المراحل التي تسبق الجامعة.

أما بالنسبة للتعليم الجامعي، فإن التغيير الوحيد الذي طاول المناهج اقتصر على حذف مادة الثقافة القومية من المنهاج العام للجامعات، وتدريس مادة الديموقراطية وحقوق الانسان بدلا عنها في جميع المراحل الجامعية.

وكانت مادة الثقافة القومية تركز بشكل اساس على منهج حزب البعث المنحل ومسيرته في العراق، فضلا عن تخصيصها بعض المباحث عن شخصية الرئيس السابق صدام حسين بطريقة مدح الملوك السائدة في البلدان الشمولية.

وكانت تلحق بالمادة المذكورة كتيبات صغيرة عن وصايا خاصة للأخير اثناء كلماته وخطبه، وكانت هذه المادة منفذا لرفع معدلات الطلبة الذين حفظوا اسئلتها عن ظهر قلب طوال السنوات التي سبقت سقوط نظام صدام حسين.

ويؤكد هاشم رضا عضو لجنة التربية والتعليم في البرلمان العراقي لـ"نقاش" ان اللجنة وضعت خطة لتغيير المناهج الدراسية في المدارس الابتدائية والمتوسطة والاعدادية بالتعاون مع مديرية المناهج في وزارة التربية.

وقال هاشم "بدأت الخطة بتغيير منهج اللغة الانجليزية والرياضيات والدروس العلمية والتربية الإسلامية، وستشمل مجموعة من الدروس الادبية مثل التاريخ الاوربي والاسلامي والجغرافية العامة في المراحل الثانوية". مشيرا إلى أن " التحديث شامل، ويطال بشكل تدريجي كافة المناهج".


رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  خلود رمزي


 
 

ابحث في الموقع

Search Help

بحث عن الكتاب


انضموا الى قائمتنا البريدية

الاسم:

البريد الالكتروني:

 


دليل الفنانيين التشكيليين

Powered by IraqiArt.com 


 

 

 
 
 

Copyright © 2007 IraqWriters.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
Ali Zayni