... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله

 

  مقالات و حوارات

   
الوشم البغدادي.. إلى عبد الملك نوري

محمد خضير

تاريخ النشر       08/06/2012 06:00 AM


1. سيدي، عبد الملك نوري، لم أجد طريقة لمخاطبة شبحك القصير، المتطاول على الجدار السردي المتصدع، غير طريقة الرسائل القصيرة، الشعارات المنزوعة عن نسقها الأصلي، الملصقات التي غطت جدار قصتنا القديم. أنت مايسترو هذه الطريقة، طريقة التداعي الحر، بما تنثره من أصوات مشتتة، وهذرمات متواصلة، وبما ترسمه من وشوم على الأجساد المتحللة. رحلتَ عن دنيانا عام 1998. لم أرك ولم أجلس إليك في حياتك، لكن ابتداعك ووشمك وصل إلى جسدي أسرع من سنّ أزميل ظلّ إدغار ألن بو يشهره في وجهي المنهوب بين المؤثرات الأدبية. أعترف بأن شبحك ظلّ أكثر تطاولاً من أشباح بورخس وباسترناك وسالنجر وكونديرا وروب غرييه، وبقية الأشباح التي تنتظر وراء الباب. إني أسمحُ لشبحك بأن يتحدث بضميره الارستقراطي خلال خطابي إليك. فكأني إحدى شخصياتك تتحدث إلى غيرها بضمير المخاطب الذي يعني نفسها. وهذا هو أسلوبك في الاعتراف، أقرّ بتأثيرك عليّ وكأنه تأثير كاتب آخر. أعترف بتأثيرك عند نقطة النهاية، بعد أن انحلّت الروابط الأبوية، وشبّت النصوص بقوتها الذاتية. توقف مونولوج الاعتراف فجأة، ورجع ضمير الخطاب إلى مستقره في الإسطبل البغدادي.
2. اسمحْ لي بأن أقول، الشرط في التأثير أن يكون المؤثِّر لامرئياً. المؤثِّر قد يكون شبحاً، طوطماً، كوكباً عقلياً في مجرّة التأثير الكبرى. اندماجاً كلياً، توازناً لا زمنياً. أو يكون وشماً. حين وقفتُ أمام المرآة مثل (دوريان جراي) رأيتُ وشمك مطبوعاً بأثر مختلف عن الوشوم على خلقتي. زهرة سوداء، حصان، أفعى. كان أكثر تأثيراً من الوشوم التي سبقتك أو التي لحقتك. أصبحتُ منهوشاً، منهوباً، بوشمك. أنت اللامرئي تركتَ أثراً بارزاً على أضلاع سرديتي، علامة ارستقراطية تغادر صورتها متى شاءت وتختلط بعلامات المنهوشين أمثالي، نزلاء الإسطبل.
3. وأقول، إن الشرط في التأثير أن يصعد الخطاب من الأدنى إلى الأعلى، من الإسطبل الذي نسكنه نحن المنهوشين بوشمك، إلى القصر الذي تسكنه أنت وحدك. لكنك عكستَ هذا الاتجاه حين خاطبتَ شخصياتك بلهجاتهم العامية، هبطتَ إلى إسطبلهم فكانت نصوصك خطاباً يعكس ذاتك التنكرية، ويقلب هرم التأثير من الأعلى إلى الأسفل. استعملتَ علامتك الارستقراطية في عبور حواجز المنع والتحريم، مناطق الصراع والتوتر، هبطتَ إلى عالمنا وشربتَ من كأسنا. اخترقتنا بوشمك.
4. الشرط في التأثير، أن يتغير المؤثِّرون ويتوالون تباعاً، أن تتعدد علامات الوشم، أن تتمزق الخلقة المعكوسة في المرآة وتتحلل صورتها. لكني أحاول أن أفرز وشمك باعتباره وشماً أصلياً لا يتغير. تمزقه التجارب بحوافرها وأسنانها، فيبرز ثانية ويسطع بغموضه الخفيّ. استقرّ وشمك إلى جانب الوشم الهندي، الذي طبعه طاغور بعمق في اللحم السردي المتحلل، كأفعى لا تهدأ عن الرقص والتناسخ. إني أحاول فرز هذين الوشمين باعتبارهما مؤثرين أصليين متناسخين، بين المؤثرات العابرة التي يدوس بعضها بعضاً ويزول أثرها بعد حين. كانت علامتك معبراً لخطابات التجريب والتحديث التي أقلقتْ هدوء الإسطبل، وافتراقاً عن نصوص فترة التأسيس العشرينية بعد الاحتلال البريطاني عام 1914، ونصوص فترة الصعود بعد الحرب العالمية الثانية. عبرنا التقرير التسجيلي، والشعار السياسي، في خطاب النخب الثورية المؤسسة والصاعدة، وخرجنا من الإسطبل لنجرب طريقة تيار الوعي. لفظتنا الثورة على النظام الملكي، مع نصوص نزار عباس ومحمد روزنامجي ويحيى جواد، عند سواحل الليل الموحشة، وهناك التقينا، وسط الفوضى اللاحقة، بتجريبية الفرنسيين الجدد، فسحبنا أعنتها إلى إسطبلنا. اهتدينا بعلامتك، كنتَ دليلنا على ذلك التحول من عمارة الجدار المتصدع، وخيبة الشتات الثوري، ودخولنا تجربة النصوص المهاجرة الجديدة. تداعى قصرك الأبوي الكبير، وانطمست العلامات تباعاً، وانقطع شبحك القصير المحبوب عن زيارة إسطبلنا. حدثتْ آنذاك موجةُ الهجرة الأولى، تزامناً مع انقلاب شباط 1963، وظهر علينا وشم آخر.
5. والشرط في التأثير، أن يكون باعثاً على القلق وعدم الاستقرار. وأعجبُ لانتقال قلقك التجريبي وسكنه روحاً شابة في مقتبل التجربة والمعاناة. كان (قلق التأثير) عاصفاً، جامحاً، قادماً من إسطبل العاصمة إلى أطراف الجمهورية البعيدة. ثم أدركتُ أن هذا الجموح جزء من غيمة تسري كأفراس سماوية وتغطي أرجاء العراق. احتلّت الغيمة المدارس ودور السينما والمسارح والمقاهي، ولم يتخلص مولود جديد من آثارها. عبأتْ ثورة 14 تموز 1958 ثياب الفتية والفتيات بغيمات مايكوفسكي القرمزية، ونقلت أشعارُه إلينا عدوى الجنون البولشفي. أخذتُ حصتي من هذه الغيمة وذهبتُ بها إلى الأرياف، وتركتها ترعى هناك مع شياه تلاميذي الهادئين. هدأ قلقي، ورحتُ أرعاه في منأى من الزحف الجماعي، الذي أحسستَ أنت بقدومه في قصتك (نشيد الأرض) قبل الثورة. بعد سنوات من تبدد الغيمة التموزية، صببتُ أفكار قصتك (الرجل الصغير) في وعاء قصتي (نافذة على الساحة) وكانت هذه العلامةَ التناصية الأولى لتأثير وشمك المدني على خطابي القلق، بعد تأثير الطبيعة الريفية على خلقتي المنهوشة.
6. كان الإسطبل الحكومي في (باب المعظم) رمز بغداد الملكية. كانت بغداد مدينة الخيول، عربات (الربل)، سباقات (الريسز)، الحوذيين المفضلين لدى قصاصي بغداد. كنتَ هاوياً للخيول، وربما أهداك أبوك عبد اللطيف نوري، وزير الدفاع في حكومة بكر صدقي عام 1936، حصاناً لتتدرب على ركوبه. كنتَ صديقاً لسُوّاس أبيك في الثكنة العسكرية، وبعد الثورة ستظهرك إحدى الصور على صهوة جواد خلال عملك الدبلوماسي في اندونيسيا واليابان، مبعوثاً للزعيم عبد الكريم قاسم عام 1962. تغيرت الأحوال، إلا أن حوافر الإسطبلات ظلت محفورة في مخيلتك. ختم ذاكرتي مشهدُ ثلاثة خيول ضخمة في قصتك (الرجل الصغير) تصهل و(تطربك) وتغيب في الظلام. ضلَّ عباس الصغير الطريق إلى بيت أخته مسعودة، حين ظهرت لعينيه الخيول فجأة في أحد الأزقة الضيقة المظلمة، رهيبة بأجرامها الراكضة، الواحد وراء الآخر، فالتصق بحائط أحد بيوت الزقاق. نظر حصان بعين واحدة مخيفة، ونفخ في وجهه بضع نفخات، ثم غاب في الظلام. قلدتُ ضياع عباس الصغير في أكثر من قصة قصيرة ضائعة، لكني لم أجرؤ على نقل مشهد الخيول الراكضة في الزقاق. وأحسب أن نصف قصص مجموعتي الأولى (المملكة السوداء) المطبوعة عام 1972، قد خرجت من إسطبلات بغداد.
7. كيف وصل تأثيرك إلى سكنانا في أقصى مدن الجنوب؟ لا عمارات ولا إسطبلات، وإنما غابات كثيفة من النخيل، ومساحات شاسعة من الأهوار. كانت شمس الثورة ما تزال تشوي ظهور كائناتها الفلاحية بشواظها. خلال الأعوام 1964 ـ 1968، كنا مطرودين إلى أبعد أطراف الجمهورية المنكوبة، وكان تيار الوعي قد خالط نشأتنا الموشومة بالعلامات التأسيسية. كنتُ آنذاك معلم أرياف (وأتذكر كافكا طبيب الأرياف) أضعُ على رف غرفتي الملحقة بالمدرسة الابتدائية، طبعة مجموعتك (نشيد الأرض) الأولى الصادرة عام 1954. كان المصباح النفطي (الفانوس) يلقي بنوره الراعش على صفحات المجموعة المبقعة بدمائي التي امتصها البعوض ليلة بعد ليلة خلال قراءتي.
8. كانت متعتنا أن نستغل عطلة نهاية الأسبوع في ركوب القطار من محطة (أور) في الناصرية، والنزول في محطة غربي بغداد، حيث تلوح للمسافر قبة مرقد (زمرد خاتون) المخروطية، ونسير على طول الرصيف بين المحطة والمتحف، قبل أن ننعطف إلى زقاق (السرايا) للبحث عن طبعات الكتب القديمة التي سرّبتها للسوق أشباحُ الإسطبل البغدادي. أي متعة، وأي تأثير للأغلفة والعناوين والصور والملاحظات الهامشية، تتحول فوراً إلى سكنى وتجوال ونظر. كان ضياع زوار الجنوب بين العباءات وكعوب الأحذية وقصّات الشعر القصيرة والفساتين الطويلة، هو الموضوع الشهير في خطاب قصاصي بغداد. كنتُ واحداً من هؤلاء الغرباء الذين يختلسون النظر عبر واجهة المقهى البرازيلي في شارع الرشيد إلى مجلس النخبة البغدادية الموكلة بمراقبة الرصيف الذي يعج بالوجوه الضالة. كنتُ أجرّبُ الوقوف عند الأماكن الحقيقية لقصصك، وأعكسُ النظرة الفاحصة لسكان الإسطبل عبر زجاج المقهى. ما كان هدفي أن ألمحك أو أجلس قبالتك، فقد استقرّ عندي أنك من أشباح الإسطبل اللامرئيين، ذلك كي يزيد تأثيرك حضوراً في أحلام السطوح، مع نخبة المقهى البرازيلي.
9. كان عصياً عليَّ اختراق حلقة رواد المقهى البرازيلي، وكان الاندماج بحلقات العاصمة القصصية من جيل ما بعد الرواد دون طموح غيمتي المسافرة. ولكي أرتفعُ فوق إسطبل الأشباح، صعدتُ بغيمتي فوق سطوح الفنادق المصطفة في شارع الرشيد، مصطحباً معي شخصياتك النادرة الوجود. بعد تجوال لا ينقطع في نهار صيف قائظ ، ترفعني غيمة العطر البغدادية المشبعة بعرق الجلود الناعمة عند المساء، فوق سطح فندق يُشاع النوم فيه على أسرّة مصفوفة بلا تخصيص. كانت أرض السطح ملطوشة ومرشوشة، وكان الفندق يستقبل النزلاء الليل بطوله، يصعدون متى يشاءون ويستلقون بثيابهم الداخلية على أي سرير يشاءون، وكنتُ أتوقعُ أن يجاور سريري سرير شخصيتك الأثيرة (ستار بن صالح جربزة) فيروي على مسامعي المرهفة قصة بحثه عن ابنه السجين. كنتُ أحلم بالجدران الصمّ للسجون والإسطبلات والبيوت التي تؤوي وراءها رجالاً بلا نساء، ونساء بلا رجال، مثل بائع الصحف الصغير (ألجرذي) وصديقته عاملة المقهى، وكلتاهما شخصية أشعرتنا قصتك (العاملة والجرذي والربيع) بامتهانها وحرمانها وبؤسها. ليل متسع، تتصاعد منه الآهات الممدودة في مقام بغدادي، يبلغ طوره وذروته أعلى السطوح. أتساءل عن كثرة النساء في قصصك، النساء اللواتي أردتُ امتصاص تأثيرهنّ لكي ألصقه بأجساد نسائي الجنوبيات المغطيات بالسواد. لا أصدق ما يقال عن مراسك الصعب، وعزلتك الجنسية، فقد أمدّني إسطبلك بقصص نساء لا عدّ لهن، ولا شفاء لعواطفهنّ، تركهن رجالهن العابثون لوحدتهنّ القاتلة. ربما كان صديقك فؤاد التكرلي أكثر حظاً مني حين جمع نساء بغداد في (الوجه الأخر) لامرأة عمياء. كان التكرلي صديقك، صلة الوصل بيننا، حين كان يسرّب تأثيرك الشبحي الغامض عبر نسائه الفريدات. أردتُ بهذه الملاحظة أن أنبه إلى معلومة عن تناصّ قصة التكرلي (بصقة في وجه الحياة) المكتوبة عام 1948، مع قصتك (جيف معطرة) المكتوبة في العام ذاته. كان ذاك زمن المؤثرات العظيم.
10. الوقت الآن يقارب الثالثة صباحاً، فترة جديدة من انقطاع التيار الكهربائي عن البيوت، وابتداء هجمة مسعورة للبعوض، نفذ من شبكة حماية النوافذ. تحتوي مفكرتي الريفية على مقطع مؤرخ بليلة من ليالي 1962 في قرية قريبة من مدينة سوق الشيوخ بمحافظة الناصرية، ليلة انتهاء الموسم الدراسي، واقتراب الرحيل من بيت المدرسة الملحق والعودة إلى بيت العائلة في البصرة. سجّلت المفكرة تفاصيل غزوة بعوض الأهوار على استحكامات ناموسيتي البيضاء في ليلة الوداع الأخيرة. امتصّ البعوض ما يكفي لتحويلي إلى مصّاص نصوص، وكانت قصصك هدف حملتي المبكرة. اختلطت دماء الفلاحين الفاترة، ودماء الإسطبل الراكدة، بدمائي الفوارة ، الباحثة عن مؤثر مدني يسحبني إلى مركز التفاعلات الكبرى، في عاصمة الموضات والأغاني والنصب الجدارية والأفلام، وإلى نخب المقاهي والصحف ومعارض الرسم. احتوت مفكرتي الريفية على أشعار وأوصاف لمواسم الحصاد وتخطيطات لوجوه التلاميذ، رميتها وتحركتُ نحوك. كان تأثيرك جديداً، راديكالياً، ينزع إلى امتصاص تيار الوعي من رؤوس المنهوشين، بشهية البعوض الذي ما زال يفترسني ويستطعم دمائي.
11. طلع الفجر، وكلام الليل يمحوه النهار. وما استقويتُ به من إستراتيجية البعوض، زحفتْ عليه إستراتيجية (العصا المبصرة) بتعبير الناقد حاتم الصكر. العميان، المتخلون عن تأثير الوشم، قد يستدلون على طريقهم في أكثر من إحساس ودليل. السفن الجانحة إلى الساحل، دليل على اتساع البحر، وطول السفر. البحر السردي أوسع من أن يحصره وشم، فنار مطفأ، إسطبل مهجور. عفوك، سيدي عبد الملك، أنتَ لا تحبّ هذا النوع من السرد، فقد كنتَ تعرف هدفك جيداً. كان في متناول يدك، لكنك أبيتَ أن تطوّعه لبنانك. تخليتَ عن كل سعي لا يقرّبك من دستويفسكي وجويس. وكان هذان الكاتبان أبعد من متناول وشمك. لا تحبّ أن يذكّرك أحد بهذه المأساة. لنعدْ إلى بداية خطابنا.
12. بين الوشم البغدادي والوشم الهندي سنوات من التعثر والتيه. لعنة الرحيل إلى نصوصك ستلاحقني كغيمة بعوض مسعور. انتظرتُ تحلل الغيمة لكي أسقط في حديقة التخلّي، فسقطتُ في حديقة الوشوم. هذا قدري، وخلقتي الأولى تتحلل تحت تأثير وشمك الأصلي. أحاول الانفصال عن صورتك، والرحيل عن إسطبلك، وأصل إلى نهايتي. نهايتي الآن وشم على وشم، وعظم على عظم، في مقبرة النصوص المتحللة. أنفاسي تتقطع لهذا الانفصال والتحول. سأسرد ما تبقى من خطابي، نهايتي أو نهايتك.
13. هدأ قلقي، نأى أثرك، بهتَ وشمك. بعد تحلل خلقتي صرتُ شفافاً، لا تلبث الوشوم أن تتحول إلى غيمة تناصية تمطر ذكراها أحلاماً شتى على سطوح مرفوعة على تاريخ الإسطبل القديم. هذه هي النهاية، ولا أظنها نهاية، حتى تسوق غيمتي التناصية مطرها إلى بقعة أخرى. قد تنعقد الذكرى على وشم أسحم لمجموعة نساء في مأتم، لكنها قد تتحرك إلى ذكرى غيرها. يبرز وشمك كلما قرأتُ قصة قصيرة تضخّ أثرها المنفرد بقوة أثر قصصك، وسرعان ما ينأى الوشم، لأن أثر القصص الجديدة يتعدد في أكثر من شكل وطريقة. لا أثر أقوى من أثرك البغدادي، لكن لا جدوى من حبسه في بنية مسافرة عبر تاريخ الإسطبل القديم. هذه هي النهاية. اسمحْ لي أن أعيد ضمير الخطاب إلى مستقره.

البصرة / مايس 2012


رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  محمد خضير


 
 

ابحث في الموقع

Search Help

بحث عن الكتاب


انضموا الى قائمتنا البريدية

الاسم:

البريد الالكتروني:

 


دليل الفنانيين التشكيليين

Powered by IraqiArt.com 


 

 

 
 
 

Copyright © 2007 IraqWriters.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
Ali Zayni