... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله

 

  مقالات و حوارات

   
في رحاب ( كنزا ربّا ) – الكتاب المقدس للصابئة المندائيين - 2

بشار حربي

تاريخ النشر       23/09/2007 06:00 AM


( التوحيد هو الجواب الأكيد )

 ((يا جميع الذين تستمعون الى نداء الله * تقومون وحين تقعدون * حين تذهبون وحين تؤوبون * تأكلون أو تشربون * أو في مضاجعكم ، أو وأنتم تعملون * أذكروا الله وسبحوه كثيرا ))

ليست حياة الأنسان على الأرض سوى ومضة من الزمن ، نبدأها صغارا ً بلا وعي ، ونختمها كباراً بوعي، وفي قوس الحياة هذا تبدأ أسئلتنا المشتركة ، صغيرة فطرية ساذجة ، لتكبر على مر السنين ، فتدخل حقل الفلسفة والعلوم الأخرى ، ثم نفيق على حقيقة كبرى ، وهي أن الجواب الأكيد والوحيد على كل أسئلتنا هو الله ، منبع المعرفة والأرادة ومحط الثناء والأشادة .. المعين الذي لاينضب ، والقدرة التي لاتتعب . ولقد حار الفلاسفة والعلماء في سر الوجود ، فأنكر بعضهم المعبود ، وثنّوه ، ثم نفوه ، حتى جاءهم الموت ، ونفذ الصوت ، وتبخر الخلود ، فأصبحوا عن سعيهم قعود ، تضمهم اللحود ، وهم على حيرتهم شهود ، وتنطفيء شعلة حياتهم ، كالشمعة في ظلام دامس لتبدأ شمعة أخرى وأخرى نفس المشوار ، ويبقى السؤال الدوار ، ما سرّ الحياة ؟ وما الموت ؟ ولمن الخلود ؟ وهل الخالق موجود ؟ .

وإذ يبتعد المتهكمون على الدين عن الطريق السالك لأبهى الممالك ، مملكة الله في سناه .. فيحارون ويتمنطقون ، وعن الأجابة يعجزون ! ، يرى المؤمنون الأجابة في لوحة المهابة ، بين أسطر الكتابة في السفر المبين ، وعمود الدين ، ( كنزا ربا ) .

((الله * هو الجلال والأتقان . هو العدل والأمان . هو الرأفة والحنان * الأول منذ الأزل . خالق كل شيء * ذو القوة التي ليس لها مثيل . صانع كل شيء جميل. ))

فالأنسان والحيوان والطير والشجر والماء والثمر والهواء ، تشكل جميعها سمفونية الحياة الجميلة التي عجز ويعجز الأنسان أن يأتي بمثلها أو ذرة منها (( ويل لمن يغفل عنك ياسيدي . ويل لمن تشغله عنك زينة الحياة الدنيا * أيها الحق الذي لا ضلال فيه ))

وقد ميّز آدم ، رأس السلالة البشرية الخالق ، فعبده وأطاعه وحصل على ثنائه ورضاه ، فذهب الى عالم الأنوار ، ولأنه ميّز الله ، فقد ميّزه الله .

((طوبى لمن عرفك * طوبى لمن تحدث بعلم منك * طوبى لمن ميّزك * طوبى لمن تميّز لديك )) . فآدم ( الأنسان ) خليفة الله في الأرض ، ذو النفحة الألهية ، يحمل في كينونته جزءاً من عالم الأنوار السني ، عالم المعرفة والكمال والبهاء والجلال ، لم يك آدم أبكم ، وهو أول الخلق ، ولم يشأ الله أن يخلقه جاهلا لايعلم ، بل زوِّدَ بمعرفة ربانية ، ولذا فقد طاعه وبجّله .(( ونهض آدم . ركع وسجد والحي القدير مجّد . ومجّد أباه إد كاس زيوا (1) . وشهد بأسم الحي والمانا (2) العظيم الذي منه أنبثق ))

ولم يك آدم بسيط الوعي والمعرفة ، ودليلنا في هذا ، صحفه وتعاليمه وتكوينه للأسرة الأولى ، وكذلك معرفته التي لا تُحَد بالذات الألهية ، وآدم هو الذي بنى هرم المعرفة من قمته ، ليتسع بمرور الزمن وتتسع قاعدته ، فيكون آدم بعلمه ، رأس الحكماء ونحن بمعرفتنا الواسعة اليوم نتسلق الهرم إرتفاعا ً لنصل إليه .

إذن فقد بدأت معرفة الخالق متكاملة وواضحة وجلية ، وجهدنا اليوم في هذا الأطار هو محاولة الوصول الى نقطة البداية ، (( قل لآدم لا إنسان منك أحكم وربّك أعلم )) ، وكما تعرّف آدم مباشرة الى الحي العظيم وما كان محتاجا ً لأن يفلسف الأشياء ويدرك كنهها ، فقد عَلمَ وتعلم ، أن من يملك هذا الجبروت وهذه القدرة أي ( الله ) ، لابد أن يمتلك الحلم الكامل ، فيكون بذلك أحق أن يُرتجى ويُتكلُ عليه .

((بأسم الحي العظيم

أسبّحك ربي بقلب ٍ طاهر

أيها الحي العظيم

المتميز عن عوالم النور

الغني عن كل شيء

العلي فوق كل شيء

نسألك الشفاء والظفر

وهداية الجنان

وهداية السمع واللسان

ونسألك الرحمة والغفران

آمين

يا ربنا يا رب العالمين )) .

إن كنزا ربّا ( صُحُفُ آدم ) ، كِتابُ السلالة الروحية ( الصابئة المندائيين ) ، بأعجازها العلمي والفلسفي الكوني الدقيق ، وتشريعاتها المتكاملة ، تجعل من آدم النبي ، رأس سلالة المعرفة للذات الألهية في تاريخ الأنسان على الأرض .

((إنزل يا صورييل(3) الى عالم الشر والنقصان

نادِ آدم وعلـّمه الحكمة والأحسان

قل له : كنت أخرس فأنطقناك وأصمّ فأسمعناك وجاهلا ً فعلـّمناك ومستوحشاً فآنسناك ))

والمندائيون اليوم ، أتباع آدم (ع)، يتعرفون على الله الواحد الأحد ، بنفس النظرة الأيمانية لآدم ، والتي سطـّرها لنا كتابنا المقدس ( كنزا ربّا ) ، والمندائيون يتوصلون الى فهم الخالق الجليل ووحدانيته من خلال الأستدلال العقلي والتبصّر الواعي بقوة الترابط بين فحوى الأشياء في الطبيعة ورقيّها وتخصصها وتكامل خواصها منفردة ، وتكاملها مجتمعة . وترى صلاتهم تبدأ ب ( بشميهون إد هيي ربي – بأسماء الحي العظيم ) ويختمونها ب ( للحيّ سجدنا وللرب عارف الحياة سبّحنا ولهذا السيماء العظيم الموقـّر الذي من نفسه تكوّن ) ، والصلاة دعاء المؤمن .. والأنسان يسمو على عالم الأشياء ، وبالتوحيد يعي كرامته السامية الى ذروة الأنسانية ، فالله فوق القيم كلها .

((بأسم الحي العظيم

مسبّح ربّي بقلب نقي

هو ملك النور السامي

هو الله)).

( وللحديث صلة )

الهوامش :

(1) إد كاس زيوا : كائن نوراني ، وهو آدم الخفي البهي

(2) مانا : عقل ، وعاء ، وتعني أحيانا النفس ، وتأتي بمعنى ملاك ذو

مرتبة سامية .

(3) صورييل : ملاك نوراني ، ويسمى سورييل شارويا

 


رجوع


 
 

ابحث في الموقع

Search Help

بحث عن الكتاب


انضموا الى قائمتنا البريدية

الاسم:

البريد الالكتروني:

 


دليل الفنانيين التشكيليين

Powered by IraqiArt.com 


 

 

 
 
 

Copyright © 2007 IraqWriters.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
Ali Zayni